:: عودة للمكتبة
أحكام التجويد
فتح الأقفال بشـرح تحفة الأطفال
فتح الأقـفال بـشـرح تـحـفـة الأطــفـال
في هذا الشرح:
4-) فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال.
6-) أحكامُ النونِ الساكنةٍ والتنوين.
7-) فائدة: الراء لها ثلاثة أحكام: التفخيم و الترقيق و جواز الوجهين.
8-) زيادة تنبيه من مدرّس الشرح.
9-) أحكام النون والميم المشددتين.
11-) فى المثلين والمتقاربين و المتجانسين.
15-) قراءات القرءان التى يقرأ بها فى الصلاة عشر قراءات.
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين و أصلى و أسلم على سيدنا محمد و على ءاله و أصحابه الطيبين الطاهرين و أسأل الله عز و جل أن يجعل نياتنا جميعاً خالصةً لوجهه الكريم وأن يحسن لنا الختامَ بجاه النبى عليه الصلاة والسلام.
هذا الكتاب اسمه تحفة الأطفال، تحفة الأطفال هو كتاب فى أحكام التجويد، أحكام النون الساكنة و التنوين و المدود و الميم، كيف يلفظُ كل حرفٍ من هذه الحروف ونحوَ ذلك فى أثناء قراءة القرءان.
التجويدُ فى لغةِ العرب هو التحسين جود الشىءَ معناه حَسَّنَهُ جعَلَه على حالٍ حسنة. واصطلاحاً إخراجُ كلِّ حرفٍ من مخرَجِهِ، مِنْ غَيْرِ إصرَافٍ و لا تَفْرِيطٍ و لا تَعَسُّفٍ ولا تَكَلُّف بل كما ينبغى أن يُلْفَظَ الحرف من غيرِ زديادَةِ تشديد فى غير موضعه و لا تراخى فى غير موضعه بل يُلْفَظُ الحرفُ كما ينبغى، و إعطاءُ الحروفَ حَقَّهَا ومُسْتَحَقَّهَا، يعنى إعطاء الحروف الصفات اللازمة لها و ما ينشَأُ عن هذه الصفات من ترقيقٍ وتفخيمٍ وما شابه ذلك كترقيق المُسْتَفِل وتفخيم المستعلِى وما أشبه ذلك ، هذه الأمور يمر معنا إن شاء الله تفصيلُها.
وتعلُّمُ أحكامِ التجويدِ هذه فرضُ كفاية هذه التفاصيل تعلُّمُهَا فرض كفاية، أما قراءةُ الفاتحةِ صحيحةً فلا بد أن يأتى بها كلُّ إنسانِ لتصحَ صلاتُهُ. وطريقُه يعنى كيف يُتَعَلَّم التجويد كيف تتعلم إخراجَ الحروف من مخارجها صحيحةً، طريقُ ذلك الأخذُ من أفواهِ المشايخ الذين هم عارفون بطُرُقِ الآداء، الذين يعرفون كيف تُخْرَج هذه الحروف من مخارجها و كيف تُلْفَظُ هذه الحروف بِحَسَبِ أحكامِ التجويد، و هذا يَحْتَاجُ إلى أن يَتَعَلَّم القارِئُ مخارجَ الحروف وصفات الحروف، و أين يَحْسُنُ الوقف عند القراءة وأين يَقْبُح، و أن يعرف كيف هى الكتابة فى المصحف كيف تقرأ الكلمات بحسب كتابة المصحف إذا أراد القراءةِ بالنظر فى المصحف، هذا كلُّه ذكره الشيخ زكريا الأنصارى رحمه الله، هذا الشيخ زكريا الأنصارى من مشاهير فقهاء الشافعية. كان فى مصر منذ نحو أربع مائة سنة، قَدِمَ إلى مسجد الجامع الأزهر ليتعلم علم الدين من شدة محبَّتِه لعلم الدين كان فقيراً جداً فقدم إلى الجامع الأزهر ليتعلم فكان حتى لا يترُك العلم حتى لا ينشغل بطلب المعيشة عن تحصيل العلم كان يأكل قشر البطيخ يقتاتُ بقشر البطيخ حتى لا يترك تعلُّم العلم، قشر البطيخ الذى يرميه الناس كان يأكُلُه حتى يصرِفَ وقتَه فى التعلم ولا ويشغَلُ قسماً منه فى طلب المعيشة، ويَحْكِى عن نفسه أنه يوماً فجأة جاءه إنسان لا يَعْرِفُهُ وقال له لا تنشغل عن طلب العلمِ بشىء وأنا أعطيكَ فى كلِّ يومٍ كذا فصار يعطيه كلَّ يومٍ شيئاً يَكفيه ثم بعدما مضت مدة من الزمن جاء فقال له: اصعد إلى أعلى هذا السُّلَّم ثم قال له: انزل ثم بعد ذلك ذهبَ وما عاد رءاه. ثم بعد ذلك الشيخ زكريا الأنصارى صار له جاهٌ كبير جداً فى بلادِ مصر، و طالت حياتُه حتى إن القضاةَ كلَّهم فى مصر وأئمة المساجد والمدرسين كلُّهم كانوا من تلاميذه إلى هذا الحد، وله كتابٌ فى التجويد شَرَحَ فيه المُقَدّمَة الجَزَرِيَّة اسمه شرح المقدمة الجزَرية، فى هذا الشرح ذكر هذا الكلام.
ولا يُكتفَى لتعلم هذا العلم بمجرد القراءة فى كتب التجويد، و لا بمجرد القراءة فى المصحفِ من غير الأخذ على المشايخ، إِذِ العلمُ لا يؤخذ إلا بالتلقى ممن جمع بين المعرفة والعدالة، وقد قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: [إنما العلم بالتعلم] رواه الطبرانىّ. وذكر بعضُ السلف أن من يكتفى بالمطالعة فى الكتب يقال له صِحفى ولا يقال له عالم لأنه لم يتلقَ من أهل العلمِ، وأنَّ الذى يكتفي بالنظر فى المصحف ليقرأ من غير أن يكون أخذ ذلك عن المشايخ يقال له مُصْحَفِى ولا يقال له قارئ ولا مقرئ يعنى لا يقال له عالم فى قراءة القرءان يقال له مصحفى يعنى يكتفى بمجرد النظر فى المصحف.
و رتبةُ هذا العلم أنه من أشرف العلوم لأنه متعلقٌ بكتاب الله عز وجل و بحديث الرسول صلى الله عليه وسلم، لأن العلماءَ قالوا شىءٌ حَسَنٌ مراعاةِ أحكامِ التجويد فى قراءة القرءان وفى ذكر أحاديث الرسول عليه الصلاة والسلام. واستمدادُه -يعنى من أين أُخذ هذا العلم- استُمِدَّ من القراءة التى تلقاها الخلف عنالسلف التى تلقاه المسلمونَ جيلاً عن جيل حتى يصلَ الأمرُ إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وغايَتُهُ صَوْنُ اللسانِ عن الخطأ فى القرءانِ الكريم. وفضلُهُ أنه يُعَلّمُ التلاوة على الوجه الذى أُنْزِلَ به الكتاب وفائدَتُهُ عظيمُ الثواب لمن أَخْلَصَ وشرفُ الدنيا والآخرة.
وأما كلمةُ الترتيلِ فهى فى اللغة مصدرٌ من رَتَّلَ فلانٌ يُرَتِـّلُ ترتيلاً، تقول رَتَّلَ يرتّلُ ترتيلاً الترتيلُ مصدر كما تقول قام يقوم قياماً جلس يجلس جلوساً درس يدرس درساً، قياماً وجلوساً ودرساً يقال له مصدر كذلك الترتيل مصدر من فعلِ رتل فلانٌ كلامَه إذا أَتْبَعَ بعضَه بعضاً على مُكْثٍ يعنى صار يتلفظ بالكلام الكلمة بعد الأخرى لكن من غير سرعةٍ كبيرة كلما أنهى كلمة ابتدأ بالثانية على مكث لكن من غير سرعة كبيرة ليس حدراً ليس بسرعةٍ كبيرة إنما على مكثٍ.
واصطلاحاً ترتيب الحروف على حقها فى التلاوة بتلَبُّثٍ فيها أما فى اصطلاح علماء التجويد معناه أن يلفِظَ الحروف كما ينبغِى من غير إسراعٍ كثير على تلبُّثٍ فيها كلما أنهى حرفاً جاء بالذى بعدَه من غير أن يُسْرِعَ كثيراً فى الأمر مع الإتيان بالحرف كما ينبغى الإتيان بحقه عند تلاوته هذا فى اصطلاح علماء التجويد معنى الترتيل.
وليعلم أن اللحنَ فى القرءان أى أن يغلَط الإنسان فى قراءة القرءان حرامٌ ما لم يكن على وجه سبق اللسان، سواءً كان يخل بالمعنى أو لا يخل بالمعنى هل يتغير المعنى أو لا يتغير فى الحالين حرام هذا الغلط هل يغير المعنى أم لا فى الحالين حرام، أما الإخلال عدم الإتيان بالترقيق والتفخيم والمدود الزائدة عن المدّ الطبيعة والغنة وما شابه ذلك هذا ليس حراماً إذا الإنسان لم يأتِ به قرأ الحروف صحيحةً والكلمات صحيحةً من غير لحن لكن ما أتى بهذه الأشياء لا يكون عليه ذنب، لأنه إذا قلنا يجب ذلك على كلِّ إنسانٍ يقرأ القرءان هذا فيه حرج والله ما جعلَ فى دينِنَا حرجاً.
أما تكريرُ الراءات فلا يُطْلَقُ القول بأنه ليس فيه إثم، إذا إنسان عندما يلفظُ حرف الراء لا سيما عندما يكون مشدداً قد يميلُ الشخص إلى تكريره إلى إخراج أكثر من حرف معاً أكثر من مرة حرف الراء هذا ينبغى أن يتحرَّز الإنسانُ منه.
لذلك ينبغى أن لا يفعل ذلك، أن ينتبه أنه عندما يلفظُ حرفَ الراء يخرجُهُ حرفاً واحداً ليس عدة حروف متتابعة لا سيما عند الشد عند الشدة قد يميل الشخص إلى إخراج عدة حروف، مثل عند قول الله أكبر أحياناً بعض الناس يكررون الراء هذا لا ينبغى يخرجون أكثر من حرف ليس حرف راءٍ واحداً بل أكثر من واحد.
وقبل قراءةِ شئ من القرءان يستحب الإتيان بالإستعاذة مستحب سنة أن يقول الإنسان أعوذ بالله من الشيطان الرجيم هذا سنةٌ وليس فرضاً وليس هناك خلافٌ بين العلماء فى الإتيان بالبسملة فى أولّ كلِّ سورة ما عدا سورةِ براءة، فليس فى أولّها بسملة، هى السورةُ الوحيدةُ فى القرءان التى ليس فى أولّها بسملة.
الآن نبدأ بسرد أبيات المنظومة إن شاء الله مع شرحها هى أبيات من الشعر تتعلق بأحكام التجويد نبدأ إن شاء الله بسرد الأبيات مع شرحها، هو أُلّفَ شعراً ليسهُلَ حفظُهُ.
الحمد لله الذى نزل الفرقان على عبده تنزيلا وقال فيه: {ورتل القرءان ترتيلا} سورة المزمل/4. والصلاة والسلام على سيدنا محمد المنزل عليه: {ن، والقلم وما يسطرون} سورة القلم/1-2 الذى نونت له الغزالة بصوت رخيم سمعه الحاضرون وعلى ءاله وأصحابه الممتدين منه بتحفة الأمداد وعلى أتباعه الذين اتبعوه ففازوا بكل المراد صلاة وسلاما دائمين متلازمين إلى يوم التناد، وبعد. فقد طلب من بعض الأحباب أن أعمل شرحا لطيفا مختصرا على نظمى المسمى بتحفة الأطفال فأجبته بذلك بأحسن جواب راجيا من الله أن يوفقنى أحسن التوفيق، و أن يهدينى به لأقوم طريق وجعلت أصله شرح ولد شيخنا الشيخ محمد الميهى نظر الله إلينا وإليه، و اعتمدت فيما تركته من هذا الشرح عليه لأنى اقتصرت فيه على مجرد شرح الأحكام مريدا بلوغ المرام وأن ينتفع به الخاص و العام. وسيمته.
4-) فتح الأقفال بشرح تحفة الأطفال
و قلت مستعينا بالقدير السميع العليم.
قال المؤلف رحمه الله:
بسم الله الرحمن الرحيم.
الشرح: أى أنظم الأشياء الأتية متبركا باسم الله الرحمن الرحيم وابتدأت بالبسملة والحمدلة كما يأتى إقتداءً بالكتاب العزيز وذلك أن كل سورة من القرءان تبدء بالبسملة سوى سورة براءة، وعملا بالأحاديث الواردة. ولا يخفى ما فى البسملة والحمدلة مما لا ينطق بذكره إقتصارا على ما ذكره فى الأصل ولذلك درج السلف والخلف على ابتداء رسائلهم بالبسملة.
قال المؤلف رحمه الله:
يقـولُ راجِى رحمةِ الغفــور. دومـاً سليمانُ هـو الجمزورِى
الحمـد لله مصلياً علـى ... محـمّـدٍ وءالــه ومـــن تـــلا
الشرح: أى يقول مؤمل إحسان ربه الغفور أى الكثير المغفرة أى الستر على الخطايا فلم يؤاخذ عليها دائما. مؤلف هذه المنظومة هو الشيخِ سليمانَ بنِ حسين بن محمد الجمزورى (بالميم بعد الجيم كما ذكره الشعرانى المشهور بالأفندى فى طبقاته)، الجمزورىّ نسبةً إلى جمزور قرية فى مصر يقال لها جمزور، و هى قربَ مقام السيدِ أحمد البدوىّ فى طنطا رحمه الله، ولِدَ الشيخُ سليمان فى (طندتا) طنطا فى ربيعٍ الأول سنةَ بضعٍ وستين ومائةٍ وألف يعنى ألف ومائة وبضع وستين من الهجرة النبوية. كان شافعىَّ المذهب، شاذلِىَّ الطريقة، دَرَس على مشايخ عديدين، وتلقى التجويد وقراءات القرءان من شيخ مشهور بهذا الأمر فى ذلك العصر يقال له النور المَيْهِىّ (نور الدين الميهى). وشُهِرَ الشيخُ سليمان بلَقَبِ الأفندى، و هى كلمةٌ تركية تستعمل لتعظيم الإنسان. له عدة تآليف منها تحفة الأطفال هذا الكتاب وشرحٌ له وهو شرَحَهُ أيضاً وكتابٌ ءاخر اسمه الفتح الرحمانِى فى قراءات القرءان.
(الحمد لله) أى الثناء الحسن الثابت بالإختصاص له تعالى، (مصليا) أى طالبا من الله أن ينزل رحمته المقرونة بالتعظيم على سيدنا محمد وعلى ءاله الأولين و الآيلين. والمراد بهم هنا الذين ءامنوا به فيعم الصحب ومن تلا أى تبع النبى و أصحابه.
قال المؤلف رحمه الله:
و بعد هذا النظم للمريـد ... فـى الـنـون و التنوين و المــدود
الشرح: أى و بعد ما تقدم من حمد الله الأتم والصلاة والسلام على النبى الأعظم صلى الله عليه وسلم فهذا النظم أى المنظوم جمعه للمريد أى الطالب وهو فى أحكام النون الساكنة والتنوين وفى أحكام المدود وغير ذلك من أحكام الميم الساكنة ولام التعريف و لا الفعل.
قال المؤلف رحمه الله:
سـميتـه بتحفة الأطـفــال ... عن شيخنـا الميهى ذى الكمال
الشرح: سمّى هذه المنظومةَ تحفةَ الأطفال أى أَتْحَفَهُم بالشىء الحسن الهدية التى تَسُر، يقال أتحَفْتُه بكذا إذا أعطيتُه شيئاً يُسَرُّ به له قيمة وقدر هذا معنى تحفةَ. الأطفال أى هذا الشىء قدَّمه للأطفال قصدُه المبتدئين فى هذا الفن إذاً معنى اسم المنظومة تحفة الاطفال هذا الشئ الذى له قيمة الذى أتحف به المبتدئين فى هذا الفن من لم يبلغ درجة عالية فى هذا الفن و إن كان محتلما. وقد نقل ما ذكره من الأحكام عن الشيخ الإمام العلامة الحبر الفهامة سيدى و أستاذى نور الدين علىّ بن عمر بن حمد بن عمر بن ناجى بن فُنَيش الميهى أدام الله النفع فى علومه. درس فى الأزهر مدة ثم رحل إلى طندتا فدرس فى الجامع الأحمدى بها إلى أن توفى سنة أربع و مائتان من الهجرة النبوية.
قال المؤلف رحمه الله:
أرجو به أن ينفع الطلاب ...و الأجــر و الـقـبول و الثـواب
الشرح: أى أنه يأمل من الله تعالى أن ينفع بهذا النظم الطُلاب (بضم الطاء جمع طالب) أو طَلاب مبالغة فى طالب، و الطالب يشمل المبتدأ الذى لا يستقل بتصوير المسائل ولا يقدر على إقامة الأدلة، و يشمل المنتهى الذى أحاط بغالب الفن و أقام الأدلة عليه، والمتوسط بينهما وهو المريد المتقدم.
و قبل أن نشرعَ بذكر أحكام النون الساكنة والتنوين وما شابه، من المهم أن نبدأ بذكر مخارجِ الحروف. ليُعْلَم أنه عند التحقيق عند التدقيق فى الأمر كلُّ حرفٍ له مخرَجُه الخاص، لكن من حيث التقريب مخارجُ الحروف سبعةَ عشرَ مخرجاً، فإذا أردتَ معرفةَ مخرج الحرف أَدخِل عليه يعنى الفُظْ قَبْلَه همزةً وسَكّنهُ الموضع الذى ينقطعُ فيه صوتُ الحرف هناك يكون مخرجُه، مثال ذالك التاء حتى تعرف مخرجها تقول "أَتْ" فانظر أين انقطع الصوت هناك مخرج الحرف، إذا أردت أن تعرف مخرج الحاء تقول "أَحْ" أين انقطع الصوت هناك مخرجُه، إذا أردت مثلاً أن تعرف مخرج الشين تقول "أَشْ" يظهر لك بهذه الطريقة من أين يخرج الحرف، ومثلاً الهاء تقول "أَهْ" إذا لاحظتَ ذلك مثلاً تنتبه للفرق مثلاً "أَبْ" تلاحظ أن الباء تخرج من مكان أما لما تقول "أَهْ" تلاحظ أن الهاء تخرج من مخرج ءاخر بهذه الطريقة يتبينُ لك من أين يكونُ مخرجُ كلِّ حرفٍ. ويحصر أنواع المخارج الجوف والحلق واللسان والشفتان والخيشوم.
المخرج الأول يقال له الجوفُ، الجوف هو هذا الفراغ الداخل فى الفم والحلق، والجوفُ يخرج منه ثلاثةُ حروف يقال لها حروفُ المد، و هى: [الألف اللينة، والواو والياء الساكنتان المجانس لهما حركة ما قبلهما بأن انظم ما قبل الواو وانكسر ما قبل الياء نحو: [بَا، بِى، بُو] و هذه الحروف الثلاثة يقال لها حروف حلق و لين.
1-) الحرف الأول من حروف الجوف هو الألف يعنى التى قبلَها فتحة مثل: [قَا، مَا، بَا، تَا] هذا المد (الألف) التى تخرج من الجوف المد الذى فى الحرف، هناك فرق بين أن تقول "ت" وبين أن تقول "تا" الثانى ممدود ممطوط -المد معناه المط- هذا المدُّ يخرج من الداخل لاحظ حين تقول "ما" أخرجت الميم من مخرجِها من الشفتين ثم بعد الميم هذا المد يخرج من الداخل "ما" من داخل الفم ما عدت تطبق الشفتين بالأول أطبقت ثم بعد ذلك فتحت فمك هذا المد يخرج من الجوف هذا يقال له الألف اللينة يكون قبلَها فتحة.
2-) الحرف الثانى من حروف الجوف هو الواو المضموم ما قبلَها الواو التى عليها سكون والحرف الذى قبلَها مضموم مثل: [مُوْ، بُوْ، حُوْ] هذا يقال له الواو اللينة هذا المدُّ أيضاً (الواو) التى هى حرف مد تخرج من الجوف أيضاً.
3-) والحرفُ الثالثُ من حروف الجوف هو الياء، يعنى الياء الساكنة التى قبلَها كسرة مثل: [بِى تِى سِى] هذا المدُّ. (الياء) تخرج من الجوف أيضاً. إذاً أحرُفُ الجوفِ ثلاثة الألفُ والواو والياء هذه هى أحرف المد.
المخرج الثانى هو الحلقُ، ويحوِى ثلاثةُ مخارج ويخرجُ منه ستة حروف من كلِّ مخرجٍ من هذه الثلاثة يخرج حرفان، إذاً ستةُ حروف تخرج من ثلاثة مخارج.
1-) فمن أقصاه يعنى من أبعده عن المخرج إلى الداخل من أقربِه إلى الصدر يخرج حرفان [الهمزةُ و الهاء] إذا قلت: [أَأْ و أَهْ] تلاحظ أنهما يخرجان من أقصى الحلق.
2-) ومن الوسط حرفان [العين و الحاء] تقول: [أَعْ و أَحْ] يخرجان من الوسط.
3-) ومن الأدنَى - من الأعلى إلى فوق [الغين و الخاء] إذا قلتَ: [أَغْ و أَخْ] تلاحظ أنهما يخرجانِ من أدنى الحلق من أقربِه إلى المخرج من الجهة العليا منه. إذاً تكلمنا عن الجوف هذا مخرج و عن الحلق هذه ثلاثة مخارج الآن نتكلم عن الحروف التى تخرجُ من اللسان.
مخارج اللسان:
1-) المخرج الأول من مخارج اللسان هو مخرج [القاف] من أقصى اللسان من ءاخره من عند اللهات يخرج حرفُ القاف، إذا قلت: [أقْ] يظهرُ لك أنه يخرج من أقصى اللسان مع ما يحاذِيه من الحنك الأعلى هذا مخرج.
2-) المخرج الثانى من مخارج اللسان هو مخرج [الكاف] وهو قريبٌ من مخرج القاف من أقصى اللسان لكنَّه يليه بعدَه إلى جهة الخارج، أى واحد إذا قال "أَقْ" ثم قال "أَكْ" يلاحظ أن كليهِما من أقصى اللسان لكن الكاف أقربُ إلى الخارج.
3-) المخرج الثالث من مخارج اللسان هو وسطُ اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى، يخرج منه [الجيم ثم بعدها الشين ثم بعدَها الياء] فتقول "أَجْ" ثم "أَشْ" ثم "أَىْ" الثلاثة من وسط اللسان مخرجها، الجيم من بينها هو الأقرب إلى الداخل ثم بعدَه الشين ثم الياء. والثلاثة من وسط اللسان مع ما يحاذيه من الحنك الأعلى.
4-) المخرج الرابع من مخارج اللسان هو حافة اللسان طرف اللسان وهو مخرجُ [الضّاد] حرف الضاد حتى يخرجَ صحيحاً لا بد أن يَلصُقَ حافةُ اللسان بالأضراس أن تلصق حافةُ اللسان إلى الأضراس الحافة اليسرى أو اليمنى. وأكثرُ الناس يخرجونَها من الجهةِ اليسرى ومنهم من يخرجُها من اليمنى ومنهم من يستطيع من الجهتين لكن هذا نادر، و هذا الحرف أكثرُ حرفِ يعسُرُ على غير العرب النطقُ به لكن من تدرب على ذلك يسهُلُ عليه، لأنه لا يوجد فى اللغات الأخرى.
5-) المخرج الخامس من مخارج اللسان و هو مخرج [اللام] و هى تخرج من أول حافة اللسان مع ما يليه من الحنك الأعلى، و مخرجُ اللام بعد مخرج الضاد أدنى إلى الخارج.
6-) ثم بعد ذلك [النون] و هى تخرج من طرف اللسان أيضاً.
7-) وكذلك من طرف اللسان [الراء] لكن مخرجُ الراء قريب من مخرج النون لكنه أدخلُ قليلاً.
8-) المخرج الذى يلى ذلك من مخارج اللسان هو مخرج [الطاء والدال والتاء] وهذه تخرج من طرفِ اللسان مع أصول الثنايا العليا مع ما يلى ذلك من الحنك الأعلى، إذا قلتَ: [أَطْ – أو – أَدْ – أو - أَتْ] تلاحظُ ذلك، فى لغة العرب ما يسمى الثنايا هى الأسنان المتقدمة اثنتان من فوق و اثنتان من تحت هذه يقال لها الثنايا.
9-) المخرج الذى يلى ذلك هو مخرج [الصاد والزاى والسين] تخرج من طرف اللسان أيضاً مع ما بين الثنايا العليا والثنايا السفلى، لما تقول [أَسْ] يظهر ذلك السين تخرج من طرف اللسان مع ما بين الثنايا العليا والثنايا السفلى، أو لماّ تقول [أَزْ] من طرف اللسان مع ما بين الثنايا العليا و الثنايا السفلى.
10-) أما ما يخرج من طرف اللسان والثنايا العليا فهى [الثاء والظاء والذال] [أَثْ - أَظْ - أَذْ]. إذاً مخارج اللسان عشرة يخرج منها ثمانيةَ عشرَ حرفاً وذكرنا قبلَها ثلاثة مخارج للحلق وواحد هو الجوف، فمجموع ما ذكرنا إلى الآن أربعةَ عشرَ مخرجاً بقى ثلاثة.
11-) المخرج الخامسَ عشر هو مخرج [الفاء] والفاء تخرج من بطن الشفة السلفى مع الثنايا العليا، الثنايا العليا تأتى إلى بطن الشفة السفلى تقول [أَفْ] هكذا تخرج الفاء.
12-) المخرج السادسَ عشر هو مخرجُ [الواو والباءِ والميمِ] كما إذا قلتَ [أَوْ - أَبْ – أَمْ] أى من بين الشفتين لكن فى الواو ينفَتِحُ ما بينهما، أما فى الميمِ والباء ينطبق ما بينهما تنطبق الشفتان فتقول [أَمْ – أَبْ] الشفتان مطبقتان أما عندما تقول [أَوْ] الشفتان منفتحٌ ما بينهما.
13-) المخرج الأخير هو الخيشوم، الخيشوم هو أقصى الأنف الموضع الداخل ليس المِنْخَر وهو مخرَجُ الغنة، الغنة صوتٌ لطيف يكون مع النونِ والميم ليس صوتاً يخرج بمفرده إنما يكون مع النون والميم، إذا قلت [أَنْ] هناك شىءٌ يحصل صوت يخرج وكذلك إذا قلت [أَمْ] الميم والنون معهما هذا الشىء الذى يسمى الغنة لكنه فى النون أكثر ظهوراً، مخرجُ الغنة هو الخيشوم لذلك لو أَمْسَكْتَ الأَنْفَ الغنة لا تخرج. هذه هى المخارج السبعةَ عشر، ينبغى مراجعتهم جيداً لأن هذا أصل لما بعدَه إذا لم يُتْقِن الإنسان أصلَ الحرف كيف يُحسن ما بعد ذلك إذا أصل الحرف لم يأتِ به؟! لذلك اعتنوا بمراجعة هذا الدرس وبالتدرب على إخراج الحروف من مخارجها صحيحةً.
6-) أحكامُ النونِ الساكنةٍ والتنوين
قال المؤلف رحمه الله:
للنـونِ إنْ تسكـن و للتنوين ... أربعُ أحكامٍ فخذ تبـيني
الشرح: أن هذا الفصل معقود لبيان أحكام النون الساكنة والتنوين. النون الساكنة معناها النون التى لا حركةَ لها مثل [مِنْ] ما قلتَ [مِنَ] ولا [مِنِ] ولا [مِنُ] قلت [مِنْ] أو [عنْ] أو [أنْ] هذه النون يقال لها النونُ الساكنة لا تكون فى أول الكلام لأن كلماتِ العربية لا تُبْتَدَأ بساكن، إذا أردت أن تقول كلمةٍ ابتداءً ليس لك أن تسكن فى العربية لا تَبتَدِأ الكلمة بحرف ساكن فى الإنكليزية تبتدأ بحرف ساكن أما بالعربية لا تبتدأ بحرف ساكن، فتكون النون الساكنة فى وسط الكلمة وفى ءاخر الكلمة وتثبت فى الخط واللفظ، وتكون فى الأسماء والأفعال والحروف، أما التنوين فهو نون ساكنةٌ أيضاً تكون فى ءاخر الكلمة لفظاً لا خطاً يعنى لا تُكتَب لكن تُلفَظُ لفظاً، مثال ذلك أنك تقول [دار] فإذا أردت أن تُنَوّن تقول [دارٌ] فهناك فى ءاخر الكلمة نون ساكنة [دارٌ] أو [داراً] أو [دارٍ] هناك نون ساكنة لكن هذه النون فى الكتابة لا تظهر لا نكتُبُهَا إنما نلفِظُهَا لفظاً فقط هذا يقال له تنوين، فهذه النون الساكنة نون التنوين لا تظهر فى الخط ولا تظهرُ إذا وقفنا على الكلمة كما إذا قلت [اشتريتُ] أو [دخلتُ] أو [رأيتُ داراً كبيرةً] فإذا أردت أن تقف على [دار] تقول [اشتريت دارا] من دون تنوين، فهنا التنوين ما ظهر إذا وقفت على الكلمة نون التنوين لا تظهر وإذا كتبتَ نون التنوين لا تظهر أما فى اللفظ إذا لم تقف فالنون تظهر هذا يقال لها التنوين إذاً باختصار التنوين نون ساكنة تلحَقُ ءاخر الكلمة تظهَرُ فى اللفظ لكن لا تظهر فى الكتابة ولا عند الوقف، علامَتُها فى رسم المصحف ضمتان أو فتحتان أو كسرتان حيث وجدتَ تلك العلامة فإذاً هنا يوجد تنوينٌ. ولا يكونُ التنوين إلا فى ءاخر الكلمة لا فى أولها ولا فى الوسط إلا فى ءاخرها، فالخلاصة أن النونَ الساكنة والتنوين كلاهما فى اللفظ نونٌ ساكنة ولهما أربعةُ أحكام.
قال المؤلف رحمه الله:
فالأول الإظهار قبل أحرف ... للحلق ست رتبت فلتعـرف
همز فهاء ثـم عـيـن حـاء ... مهملـتـان ثــم غـيـن خـاء
الشرح: أن الحكم الأول الإظهار، فى اللغة الإظهارُ معناه البيان أظهرتُ كذا معناه أى بَيّنْتُهُ ففى اللغة الإظهارُ هو البيانُ، و حروفُه ستة التى هى حروف الحلق وهى الهمزة والهاء من أقصاه والعين المهملة والحاء المهملة من وسطه والغين المعجمة والخاء المعجمة من أدناه، هذه الحروف الستة التى تسمى حروفَ الحلق إذا وقع قبلَها نون ساكنة أو تنوين فحكم النون الساكنة والتنوين الإظهار نُبَيّنُهُمَا. ثم إعلم أن النون الساكنة تقع مع حروف الإظهار تارة فى كلمة وتارة فى كلمتين. مثال ذلك أننا نقول: {مِنْ إِله} انظر كيف أظهرنا النون ما قلنا [مِى إله] ولا [مــــن إله] بإظهار غنة للنون، قلنا [من إله] فأظهرنا النون الساكنة لأنها وقعت قبلَ حرفٍ من حروف الحلق هذا يقال له الإظهار. والأمرُ عينُهُ فى مثل قوله تعالى: {رسُولٌ أمين} لا نقول [رسولو أمين] ولا [رسولٌ أمين]، بإظهار غنة للتنوين، إنما [رسولٌ أمين] بإظهار التنوين تماماً. كذلك: {ينأون} لا ثانى لها فى القرءان لم يرد ذكرها إلا مرة واحدة فى القرءان. و{من ءامن} و{جنات ألفافا} و{منها} و{مَنْ هَاجَرَ} و{جُرُفٍ هَارٍ} و{أنعمت} و{مِنْ عِنْد} و{أَجْرٌ عَظِيم} و{تنحتون} و{مِنْ حَكِيمٍ حميد} و{وَخَيّرَاتٍ حِسَان} و{فسينغصون} ولا ثانى لها فى القرءان. و{مِنْ غِلٍّ} و{مَآءٍ غَيرِ} و{المنخنقة} و{مِنْ خَوْفٍ} و{نِدَاءً خَفِيَّاً} تُظهِرُ النون الساكنة والتنوين هذا هو الحكم الأول يسمى الإظهار.
قال المؤلف رحمه الله:
والثانـى إدغام بستَّـة أَتَـت .. فى يرملون عندهم قد ثبتت
الشرح: أن الثانى من أحكام النون الساكنة والتنوين الإدغام وهو لغة إدخال شئ فى شئ ءاخر أَدْغَمْتَ الشيئَينِ أى أدخلتَ أحدَهُما فى الآخر، وفى الاصطلاح الإدغامُ هو النطقُ بحرفين متتاليين أحدُهُما بعد الآخر النطق بهما كحرفٍ واحد مشدّد يرتفع عنه اللسان ارتفاعةً واحدة ليس كحرفين هما حرفان لكن عند النطق يُنطَقُ بهما كحرفٍ واحد مشدد يتحرك به اللسان حركةً واحدة كأنهما ليسا حرفين بل حرف واحد مشدد، مثال ذلك نحن لا نقول فى قراءةِ القرءان [مَن لَّم] بل نقول [مـنْ لّم] وكأنك تقول [ملَّم] النون هنا ما أظهرناها ما لفظناها إنما أدغمناها فى اللام فصار كأنه مكتوب [ميم - لام عليها شدة – ميم] [مَلَّم] النون كأنها غيرُ موجودة هذا يقال له الإدغام أدخلت حرفاً فى حرف ءاخر وتلفظت بهما وكأنهما حرف واحد لكن هذا الحرف مشدّد، إذاً الإدغام هو التلفظ بحرفين متتاليين كأنهما حرف واحد مشدد كالثانى منهما، هناك ستة حروف أيضاً إذا وقع قبلَها نونٌ ساكنة أو تنوين تُدغم النون الساكنة أو التنوين فى هذا الحرف لا نَلْفِظُهَا، هذه الحروف الستة مجموعةٌ فى كلمةِ [يرملونَ] إذاً هى: [الياء المثناة تحت والراء والميم واللام والواو والنون] فإذا وقعت النون الساكنةُ أو وقع التنوين قبلَ أى حرفٍ من هذه الستة لا تُظهَر النون بل تدغم فى هذا الحال، مثال ذلك: {مَنْ لَم} لا نقول [منْ لَم] بفك الإدغام بل نقول [مَلّم] أدغمنا النون فى اللام لأن اللام من هذه الحروف الستة، كذلك مثلاً: {مِنْ مَاءٍ} لا نقول [منْ ماء] بفك الإدغام، إنما ندغمُ النون فى الميم فنقول [مِمّاء] كأن النون غير موجودة كأنها ميم بعدها ميم مشددة ثم ألف و همزة [مِمّاء] والإدغام له قسمان مع غنة أو بغير غنة، الغنة تكلمنا عنها تخرج من الخيشوم هذا الصوت الذى يرافق النون والميم و يخرج من الخيشوم.
قال المؤلف رحمه الله:
لكنها قسمان قسم يدغمَا ... فـيـه بـغـنـة بـيـنـمــو علـمـا
الشرح: أن الأحرفُ التى تدغم فيها النون بغنة أربعة مجموعة فى كلمة [ينمو] من بين الستة هناك أربعة تدغم فيها النون الساكنةُ والتنوين بغنة هى: [الياء المثناة تحت و النون و الميم والواو] مثال ذلك: {مَنْ يَقُوم} لا نقول [منْ يقوم] بإظهار النون ولا نقول [من يّقوم] بترك غنة النون.
النون ما تلفظنا بها لكن لا نترك غُنَّتَهَا أيضاً يبقى منها أثر الغنة، [من يقوم] ما لفظنا النون وما تركنا الغنة وشددنا الياء فهى ياء مشددة مع غنة، الإدغام بغنة جميل. ومثل: {برقٌ يّجعلون} و{مِنْ نّعمة} و{حِطةٌ نّغفِر} و{مِنْ مّآء} و{مثلا ما} و{مِنْ و رآئِهم} و{هُدَىً ورَحْمَةً} إذاً هى ستة حروف للإدغام [الياء المثناة تحت والراء والميم واللام والواو والنون] أربعة حروف منها الإدغام فيها بغنة وهى [الياء المثناة تحت والنون والميم والواو].
قال المؤلف رحمه الله:
إلا إذا كـانـا بكلمـةٍ فـلا ... تدغم كدنيا ثم صنـوانٍ تـلا
الشرح: أى إذا كانت النون الساكنة فى وسط الكلمة و بعدَها حرفٌ من حروف الإدغام لا ندغم لا يُطَبَّق هذا الحكم هنا، لأن الكلمة عند ذلك تختلط علينا وعلى السامع بكلماتٍ أخرى، مثال ذلك كلمة {صِنوان} لا تقول [صِوّان] أى بإدغام النون فى الواو. يختلط هذا عند ذلك بكلماتٍ أخرى حتى لا يظن السامع أن الكلمة ليس فيها نون بالمرة فهنا فى هذه الحال نظهرها، مثل: {دنيا} لا نقول [دُ يّا] بإدغام النون بالياء. و{قنوان}.
قال المؤلف رحمه الله:
و الثانـى إدغـام بغير غـنـةٍ ... فى اللام والـرا ثـم كـررنـه
الشرح: القسم الثانى من ادغام النون الساكنة والتنوين بغير غنة فى الحرفين الباقين من (يرملون) وهما [الراء و اللام] يجمعهما قولك [رل] إذاً الإدغام مع الراء واللام يكون بغير غنة، النون الساكنةُ لا نُظهِرُها لا هى ولا صفتَها التى هى الغنة، مثلاً: {مِنْ رَّبـّكُم} من غير إظهار النون ولا إظهار غنَّتها، و{مُحَمَّدٌ رَسُولُ الله} لا تقول [محمدٌ رسول الله] بإظهار التنوين، تقول [محمد رّسول الله] إدغام بلا غنة. كذلك: {مَنْ لَم} و{هُدىً لّلمتقين} والإدغام لا يكون إلا من كلمتين تكون النون الساكنة أو التنوين فى ءاخر الكلمة الأولى وحرفُ الإدغام فى أول الكلمة الثانية من الحروف الستة، و وجه الإدغام فيهما بدون غنة التخفيف إذ فى بقائها ثقل.
وبقى الإشارةُ إلى أمر وهو أن الراء إذا شددت ينبغى الانتباه إلى إخفاء تكرارها أن لا تتكرر، لأن الرّاء المشددة إذا كُرّرَت يحصُلُ منها عند التكرير عدة حروف، و إذا لم تكن الراء مشددة فكررتها يخرج حرفان راءان و هذا فى كل الأحوال غلط، فينبغى أن يتنبه الإنسان لذلك، مثلاً إذا أراد يُدغِم النون السكنة بالراء فى قوله: {مِنْ رّبـّهِم} لا تُكَرَّر الراء عند ذلك لأننا قلنا تُلفَظُ مثل الثانى مشدداً -الإدغام- فإذا كرر الراء تحصَّلت عدة حروف من هذا التكرار وليس حرفاً واحداً وهذا غيُر صحيح تكرير الراء فى القرءان هذا أحياناً يكون فيه إثم. حرف الراء عند لفظه اللسان يضرب بالحنك الأعلى.
7-) فائدة: الراء لها ثلاثة أحكام: التفخيم و الترقيق و جواز الوجهين
الحكم الأول التفخيم:
* تفخم الراء إذا كانت مفتوحه نحو: {ربنا ءاتنا}
* أو إذا كانت مضمومة نحو: {ينصرون}
* أو إذا سكنت و كان قبلها ضم أو فتح نحو: {مُرضعة} و{العرش}
* أو إذا سكنت وكان قبلها كسر عارض أى غير لازم نحو: {لمنِ ارتضى} و{أم ارتابوا} و{اركعوا} و{ارجعوا}
* أو إذا سكنت و كان قبلها كسر أصلى أى لازم و بعدها حرف استعلاء غير مكسور نحو: {قرطاس} و{بالمرصاد}
* أو إذا سكنت وقفا و كان قبلها ساكن قبله فتح أو ضم نحو: {والعصر} و{الشكر}
الحكم الثانى الترقيق:
* ترقق الراء إن كسرت نحو: {فى الرقاب} و{الغارمين}
* أو سكنت و كان قبلها كسر أصلى نحو: {فرعون} و{مرية}
* أو سكنت و كان قبلها ياء ساكنة نحو: {خبير} و{خير}
* أو سكنت وقفا و كان قبلها ساكن و قبله كسر نحو: {السحر}
جواز الوجهين: يجوز فى الراء التفخيم والترقيق إذا سكنت وكان قبلها كسر أصلى وبعدها حرف استعلاء مكسور نحو: {فِرْقِ}
قال المؤلف رحمه الله:
والثالث الإقلاب عند الباء ... ميماً بغنة مع الإخفاء
الشرح: أن الحكم الثالث من النون الساكنة والتنوين هو الإقلاب، الإقلابُ لغةً تحويلُ الشئ عن وجهه أو تحويلُه ظهراً لبطن - كما يقال فى اللغة العامية [قلبت الصفحة أو قلبت الثوب] وهو تحويل الشئ عن وجهه أو تحويلُه ظهراً لبطن هذا هو الإقلاب فى اللغة. فى الاصطلاح معناه جعلُ حرفٍ مكانَ حرف ءاخر بطريقة معينة، وحرف الإقلاب هنا مع النون الساكنة والتنوين حرف واحد، حقيقة الإقلاب أن النون الساكنةَ والتنوين إذا وقعتا قبل حرف الباء لا نلفظ النون نوناً بل نَقْلِبُهَا ميماً مثلاً لا نقول: {أنبياء} بإظهار النون تماماً من غير إقلاب، إنما نقول: {أنبياء} بقلب النون ميماً وكأنها تكتب [أمبياء] النون هنا ما لفظت نوناً إنما لفظنا النون هنا ميماً قلبنا النون ميماً، الإقلاب هو أن تقع النون الساكنة والتنوين قبل الباء فتُقلبُ ميماً، سواءً كانت النون مع الباء فى كلمة واحدة أو فى كلمتين. والتنوين لا يكون إلا من كلمتين، هذا الإقلاب يكون فى اللفظ لا فى الكتابة، و تكون الميم معها غنة [هى الغنة دائماً تلازمُها] ومخفاةً لا نقول [أنبياء] من دون غنة وكأنها ميم ظاهرة، ولا نلغيها بالمرة إنما هى حال بين الحالين لا نقول [أبياء] ولا نقول [أمبياء] نقول [أنبياء] بقلب النون ميماً مع غنة، فى حال لفظ الميم وأنت تلفظها تهيئ مخرج الباء مع الغنة. مثالُ ذلك فى القرءان: {أنبئهم} و{أن بورك} و{مِنْ بَعْدِ} و{عَلِيمٌ بِذاتِ الصدورِ} ولا تشديد فى ذلك لأن الإخفاء فيه يدل على أن فيه غنة لأن الميم الساكنة من الحروف التى تصحبها غنة وذلك إجماع من القراء.
قال المؤلف رحمه الله:
و الرابـع الإخـفاء عند الـفاضل ... مـن الحروف واجب للفاضل
فى خمسةٍ من بعـد عَشرٍ رَمْـزُهَـا ... فِى كِلْمِ هذا البيتِ قد ضمنتُها
صف ذا ثنا كم جاد شخص قد سما ... دم طيّـباً زد فى تقًى ضع ظالما
الشرح: أن القسم الرابع من أحكام النون الساكنة التنوين هو الإخفاء. الإخفاءُ فى اللغة معناه الستر أخفيت كذا أى سترتُه، و فى الاصطلاح هو إخراج الحرف بصفةٍ بين الإظهارِ وبين الإدغام بينهما من غير تشديد [عند الفاضل] أى مع باقى الحروف، [واجب للفاضل] أى للشخص الفاضل الكامل الزائد على غيره بصفة الكمال. والباقى من الحروف خمسة عشر لأن الحروف ثمانية وعشرون ذكرنا أن ستة منها تكون حروفَ إظهار، و ستة تكون للإدغام، وواحد للإقلاب، فبقى خمسةَ عشرَ حرفاً، إذا وقعت النون الساكنة أو التنوين قبلَها نُخفيها، وذلك بأن نلفِظ النون بحالة بين الإظهار والإدغام من غير تشديد ومع الغنة، مثال ذلك: {مِنْ شَرِّ} لا نقول [منْ شرِّ] بإظهار النون ولا نقول [مِشّـرّ] بإدغام النون بالشين بعدم لفظ النون بالمرة، بل نقول [من شر] نخفى النون نخفِى النون ونخرج غنَّتَهَا ونهيئُ للتلَفُظِ بالشين عند إخراجِ غنةِ النون فنقول [من شر] الغنة مقدارُها حركتان، والحركةُ هى مقدارُ طَىِّ الإصبع أو فتحِه عندما يعبرون بالحركة طى الإصبع أو فتحه فإذا أردتَ إخراج الغنة فى حرف الغنة تستمر فى إخراجِها مقدار حركتان كيف تعرف الحركتين؟ سهل كيف تقول [قَالَ] مدة هذا المد الألف هذا حركتان لا تقول [قَلَ] تقول [قال] هذا المد مقدارُه هو حركتان كذلك تقول [من شر] بمد مقدار حركتين و هذا شئ يعرف بالسماع و التلقِى، دائماً الغنة مقدارها حركتان حيثما كانت. وهذا الإخفاء يكون كما قلنا قبل خمسة عشر حرفاً، وهى [الصادُ المهملة والذال المعجمة والثاء المثلثة والكافُ والجيمُ والشينُ المعجمة والقاف والسين المهملة والدال المهملة والطاءُ المهملة والزاى والفاء والتاء المثناةُ من فوق والضاد المعجمة و الظاء المُشَالة] من كان يعتنى بضبط الكلام تماماً عندما يذكرون الحروف يذكرون إن كانت معجمة أم مهملة فى بعض الأحيان وذلك لأنك إذا كتبت كلمة [ذال] [ذال ألف لام] فكيف تفرق بين [الذال و الدال] فإن أخطأت فى نقطة ضاع المعنى تغير فالعرب لذلك يضبطون أكثر فى الكتابة يقولون الذال المعجمة يعنى التى لها نَقِط، حتى لو نسِيت أن تكتب النقطة عندما ترى كلمة المعجمة بعدَها تعرف أن المقصود [الذال] وليس [الدال] كذلك كلمة [ياء و باء و تاء] متشابهة كلها تكتب بنفس الطريقة لكن يختلف موضع النقط فإذا كنت تحب أن تكتب بغير نقط أو إذا أخطأت أو إذا أخطأ الكاتب لزيادة الضبط يكتبون الياء المثناة من تحت يعنى ليس تاء ولا باء أو التاء المثناة من فوق أو الباء الموحدة يعنى لها نقطة واحدة وهكذا لذلك يذكرون هذه الأمور. الإعتناء بمثل هذا شئ حسن وهذا الخطأ يحصل.
و الإخفاء يكون فى كلمة واحدة و فى كلمتين، يعنى مثل: {عند} النون الساكنة هنا فى وسط الكلمة وبعدَها [دال] تخفى ليس فقط إن كانت فى ءاخر الكلمة إن كانت فى وسطِها أو فى ءاخرها يُطَبَّقُ حكمُ الإخفاء، مثال ذلك: {أنثى} الثاء فى وسط الكلمة نُخفى لأن النون الساكنة تبعها [ثاء] والثاء هى من حروف الإخفاء، ليس هناك إدغام إنما إخفاء مع غنة كل حروف الإخفاء مع الغنة، ومثال ذلك أيضاً: {من جوع} كذلك: {إن شاء} هذه الحروف تُعْرَفُ من أوائل كلمات البيت الذى ذكرناه أول حرف فى كل كلمة من البيت الذى ذكرناه للتسهيل على الحفظ:
صف ذا ثنى كم جاد شخص قد سما ... دم طيباً زد فى تقىً ضع ظـالما
الذى يحفظ هذا البيت أول حرف من كل كلمة فيه هى حروف الإخفاء.
امثلة على الصاد: {أن صدوكم} و{ينصروكم} و{ريحا صرصرا}
امثلة على الذال المعجمة: {من ذكر} و{منذر} و{سراعا ذلك}
امثلة على الثاء المثلثة: {من ثمرة} و{منثورا} و{جميعا ثم}
امثلة على الكاف: {من كان} و{أنكحوا} و{عادا كفروا}
امثلة على الجيم: {أن جاءكم} و{فأنجيناه} و{شيئاً جنات}
امثلة على الشين المعجمة: {من شاء} و{ينشئ} و{عليمٌ شرع}
امثلة على القاف: {ولئن قلت} و{منقلبون} و{شئ قدير}
امثلة على السين المهملة: {أن سلام} و{منسِأته} و{عظيم سمّاعون}
امثلة على الدال المهملة: {من دابة} و{أندادا} و{قنوان دانية}
امثلة على الطاء المهملة: {و إن طائفتان} و{فانطلقا} و{قوما طاغين}
امثلة على الزاى: {فإن زللتم} و{أنزلنا} و{يومئذ زرقا}
امثلة على الفاء: {إن فاتكم} و{ انفروا} و{عمىٌ فهم}
امثلة على التاء المثناة فوق: {من تحتها} و{إنتهوا} و{جناتٍ تجرى}
امثلة على الضاد المعجمة: {إن ضللت} و{منضود} و{قوما ضالين}
امثلة على الظاء المشالة: {إن ظنا} و{ينظرون} و{قوما ظلموا}
8-) زيادة تنبيه من مدرّس الشرح
قال مدرِّس الشرح: أريد أن أوجه أنتباهكم إلى أمرين اثنين، الأمر الأول أنا أعرف أن هذا تلقيه للمرة الأولى على قسم منكم ليس شيئاً هيناً للفهم لكن هذا لا ينبغى أن يضعِفَ همَّتَكُم فى حضور الدرس ومحاولة فهمه، مجالس العلم فيها أسرار فيها بركات، الواحد منا ليس هو الذى يخلقُ الفهم فى نفسه إنما الذى يخلق فيه الفهم هو ربنا عز و جل بمنه وكرمه، الواحد قد يحضُر مجالس فى علمٍ معين مائة مرة ثم لا يفهم إلا القليل ثم فجأة ينقلب حالُه فصير يفهم وهذا ببركة حضوره ومثابرته لمجالس العلم. كان رجل من العلماء مات رحمه الله حكى عن نفسه شيئاً أبوه كان من أهل العلم وعائلتُهم عائلة علم أيضاً فهو نشأ فى هذا الجو ودرس فى بلده علمَ الدين ثم أرسلَه أبوه إلى موضع ءاخر ليدرُسَ عند بعض العلماء فكان من بين الدروس التى يحضُرُها درس فى النحو قال فبقيت ستة أشهر لا أفهم شيئاً مما يقال فأرسل رسالةً إلى والده قبل أن تمضى هذه الأشهر الستة يقول له هل أسعى خلف مدرس خصوصى يدرسُنى هذا العلم ولا أحضُر الحلْقة العامة فقال والده لا تفعل بل ثابر على حضور هذه المجالس ففعل ثم فجأة بعد ستة أشهر صار يفهم بسرعة ثم بعد ذلك صار من العلماء المشهورين حتى ألف بعض التآليف فى هذا العلم علم النحو، هذا الأمر ينبغى أن يتنّبه له كل واحد منا لأن الشيطان له مَداخِل ليحرِمَ الإنسان من الفوائد، جاء فى الحديث أنه إذا قعد قومٌ فى بيت من بيوت الله فى مسجدٍ يذكرون الله تبارك وتعالى نزلت عليهم الرحمات وغشِيَتْهُم السكينة إلى غير ذلك أمور أخرى ذُكرت فى الحديث تحصل لهم من البركة، فقال إنسان للنبى عليه الصلاة والسلام الشخص الذى لا يكون منهم لا يكون قعد معهم ثم جاء وهم قاعدون يذكرون ثم هو دخل و جلس معهم هل يُصيبُه ما يصبُهم هل يحصل له منافع بذلك؟ فقال له النبى عليه الصلاة والسلام: [هُمُ القومُ لا يَشْقَى بهم جليسُهُم] يعنى هؤلاء هم القوم الذين يحبُّهم الله تبارك وتعالى فمن جاء وجلس معهم لا بد أن ينال فائدةً من ذلك لو لم يكن هو منهم فى الأصل هذا عن المسلم الذى يدخل و يجلس بالتأكيد، ينبغى علينا الاعتناء بهذه الأمور والحرص على تحصيل المنافع مثل صلاة الجماعة الإعتناء بذلك لأن فيها ما ليس فى صلاة المنفرد فلا ينبغى أن نفوتها. بعض السلف يُروى أنه أربعين سنة ما فوّت التكبيرة الأولى خلف الإمام فى المسجد، كذلك ينبغى أن لا نفوت حِلَق العلم مثل هذه التى تكون فى جماعة، لو كان الإنسان يعرف ما يقال بحضوره يستفيد، يستفيد من حيث الثواب ويستفيدُ من حيث تأديبُ نفسه ويستفيد حتى من حيث العلم يستفيد، لو أن واحداً منكم الآن قام فذكر ما ذكرناه فى هذا الدرس وجلستُ أنا لأستمع لاستفدت حتى من حيث العلم لاستفدت على الأقل إن لم يُفدنِى بمعلومة جديدة أستفيد من طريقة شرحه للأمر. حياة الواحد منا تمضى الأيام تمضى مسرعةً فينبغى على كل واحدٍ منا أن يستعملها فى الطاعات، ولا يضيع فرصة إن استطاع لنيل الخير، و كذا كل اجتماع على الخير فيه فوائد. والأمر الثانى أن لا تهملوا المراجعة والتمرن على كيفية النطق بالحروف لأمر التجويد لإحسانه لإتقانه، بعض العلماء قال:
و ليس بينه و بين تركِه ... سِوى رياضةُ امرِئٍ بفكه
يعنى ليس بين الإنسان وبين إتقان هذا الأمر إلا أن يُمرّنَ فكه، فإذا أهمل ذلك لا يتقنه وإذا مرن فكه يتقنه.
9-) أحكام النون والميم المشددتين
قال المؤلف رحمه الله:
و غنَّ ميماً ثم نوناً شدّدَا ...و سمِّ كُـلاً حرف غنةٍ بـدا
الشرح: أن النون والميم المشددتين لهما حكمٌ واحد فقط وهو إظهارُ غنَّتِهِما يعنى النون المشددة والميم المشددة فيهما غنة وغنـتُهُما ظاهرة. النون والميم لا تخلو من غنة لكن عند التشديد نُظهِرُها أكثر مقدار حركتين كما ذكرنا، فالغنة لازمة لهما متحركتين أو ساكنتين أو ظاهرتين أو مدغمتين. غاية الأمر أنهما إذا شددا يجب إظهارهما كما مر ويسمى كلا منهما حرف غنة مشددا أو حرفا أغن مشددا، لكن الغنة فى الساكن أكمل منها فى المتحرك، وفى المخفف أكمل منها فى المظهر، وفى المدغم أكمل منها فى المخفى.
وفى اللغة الغنةُ معناها الترنُّم، الترنم هو نغمة يقولهُا الإنسان يُسر فيها، أما فى الاصطلاح فهو صوتٌ مركبٌ فى جسم النون والميم صوتٌ يلازم حرفا النون والميم يخرج من الخيشوم، إذا كانت النون مشددةً أو الميم مشددة نظهر هذه الغنة تكون ظاهرة أكثر من الحال التى لا يكون هناك شدة، تقول مثلاً: [أشهد أنَّ محمَّداً رسول الله] نغن النون المشددة والميم المشددة، كذلك [محمداً رسول الله] عندنا هنا تنوين على [الدال] وبعدها [راء] فى كلمة [رسول] فندغم النون فى [الراء] مثال ذلك أيضاً قول الله تعالى: {مِنَ الجـنَّـة و النَّاس} و{من نذير} و{ثم} و{لماّ} و{ما لهم من الله} للتمرن على غنة النون المشددة سورةُ الناس فيها عدة نونات مشددة.
الأمر الثانى الذى سنتكلم فيه هو أحكام المميم الساكنة، هذه الأحكام مرت معنا خلال الكلام عن الأحكام السابقة لكن فى الإعادة إفادة.
قال المؤلف رحمه الله:
و الميم إن تسكن تجِى قبل الهجا ... لا ألـِفٍ لـيّـنة لذى الحجا
أحكامـُهـا ثـلاثـة لـمن ضـبط ... إخفاء إدغام وإظهار فقط
الشرح: أن الميم الساكنة تأتى قبل كل حروف الهجاء ما عدا الألِف اللينة نحو: {أنعمت} و{تمسون} و{ذلكم خير} أما ألف المد لا تأتى قبلَها لأن الألف اللينة دائماً ما قبلَها يكون مفتوحاً تقول [قال – مال – جال – حال – نال] دائماً ما قبلَها يكون عليه فتحة أما كل باقى الحروف تقع الميم الساكنة قبلها، و قوله [لذى الحجا] بكسر الحاء المهملة معناه لصاحب العقل هذا لتكملة البيت. وأحكامُ الميم الساكنة ثلاثة الإخفاء والإدغام والإظهار كم ذكرنا تعريفها من قبل.
قال المؤلف رحمه الله:
فالأولُ الإخفاء قبل الباء ... و سـمّـه الشفْـوِىَّ للـقـرّاء
الشرح: أن الحكم الأول من أحكام الميم الساكنة هو الإخفاء، إذا وقعت الميم قبل الباء نخفيها وهذا تكلمنا عنه عندما قلنا بأن النون الساكنة قبل الباء تقلب ميماً مخفاة نخفيها مع الغنة كذلك لو كانت ميم فى الأصل كذلك تكون مخفاةً مع الغنة. إذاً الميم الساكنة إذا وقعت قبل الباء نخفيها مع الغنة، مثال ذلك: {تَرْمِيهِم بِحِجَارة} و{ومن يعتصم بالله} و{إليهم بهدية} لا نقول [ترميهم بحجارة] بإظهار الميم والباء، ولا نقول [ترميهبحجارة] بإدغام الميم بالباء بإخفاء الميم بالمرة. إنما بينهما إخفاء مع الغنة وهذا تكلمنا عنه قبل، و{إليهم بهدية} وهذا الإخفاء إخفاء الميم قبل الباء يسمى الإخفاء الشفوى لأنه ما خرج إلا من الشفتين.
قال المؤلف رحمه الله:
و الثان إدغام بمثلها أتى ... و سمِّ إدغاماً صغيراً يا فتى
الشرح: أن الميم الساكنة إذا وقع بعدَها ميم متحركة ندغمُهُما مع شدة و غنة، مثال ذلك: {أم من يجيب المضطر} و{لكم ما كسبتم} و{لهم مغفرة} الحرف الأول ميم ساكنة والحرف الثانى ميم متحركة عليها فتحة وقلنا أن الحرف المشدد عبارة عن حرفين أولُهُما ساكن والثانى متحرك وهنا عندنا نفس الحرف ميم الأول ساكن والثانى متحرك إذاً نلفِظُهُما حرفاً واحداً مشدداً مع الغنة فيصير {لهمّ مّغفرة} ويسمى هذا الإدغام الإدغام الصغير لأن هناك إدغاماً كبيراً سنتكلم عنه.
قال المؤلف رحمه الله:
والثالث الإظهار فى البقـيـة ... مـن أحـرف وسّمـها شفويـّة
واحـذر لـدا واوٍ وفا أن تختفى .. لـقـربهـا والاتـّحاد فاعرِفِ
الشرح: أن الميم الساكنة قبل الباء تخفى مع الغنة والميم الساكنة قبل ميمٍ متحركة تدغم مع الغنة وكل الحروف الباقية تُظْهَر، مثال ذلك: {ذلكم خير لكم عند بارئكم فتاب عليكم} و{أنعَمْتَ} هنا الميم ساكنة قبل التاء نظهِرُها لا ندغم ولا نخفِى، كذلك: {تُمْسونَ} الميم ساكنة بعدها سين نُظهر لا ندغم ولا نخفِى، وهنا من المهم التنبيه إلى شىء وهو أن الميم الساكنة مخرجها قريبٌ إلى مخرج الفاء، عندما تكلمنا عن مخارج الحروف قلنا أن الميم من الشفتين تخرج والفاء من الشفة لكن الفاء من بطن الشفة السفلى مع الثنايا العليا أما الميم من بين الشفتين فمخرجهما قريب فانتبه لا تُخفى الميم الساكنة قبل الفاء لأن المخرج قريب، لقرب المخرج قد يميل بعض الناس إلى إخفائها ليس حكمها هنا الإخفاء بل هنا ننتبه إلى إظهارها، إظهارُها أشد كقوله: {و هم فيها} كذلك الواو مثلُ قوله: {عليهِمْ وَلا} ميم ساكنة بعدها واو و مخرجهما واحد من بين الشفتين فقد يظن بعض الناس لذلك أنها تخفى قبل الواو و ليس كذلك بل هنا هى أشد إظهاراً.
الآن نتكلم إن شاء الله عن حكم [اللام] التى فى [أل] التى تدخل قبل الكلمات، تقول [بيت – البيت]، هذه هى [أل التعريف] و لها أحكام خاصة.
قال المؤلف رحمه الله:
للام أل حالان قبل الأحرف ... أولاهُـمـا إظـهـارهـا فلتعـرف
قبل اربعٍ مع عشرةٍ خذ علمه ... من ابغِ حجك و خف عقيمه
الشرح: أن [لام أل] إذا وقعت قبل حروف المُعجم قبل حروف العربية لها حالان الإظهار والإدغام لا غير.
الحكم الأول هو الإظهار يعنى نلفظها ظاهرة، و هذا إذا وقعت حرفٍ من أربعةَ عشر حرفاً، المؤلف جمعَها فى أحرفِ هذه الشطر من البيت (ابغِ حجك و خف عقيمَهُ) يعنى ابغ أن لا يكون حجك حجاً مقبولاً ولا يكون حجُك حجاً غيرَ مقبول بالجدال والفسق ونحو ذلك هذا معناها من حيث اللغة أما هو أوردها لأن كل حرف فيها هو من الحروف التى تُظهَر اللام قبلها وأنه ركب جملة من هذه الحروف التى تُظْهَر اللام قبلها، يعنى الألف والباء الموحدة والغين المعجمة والحاء المهملة والجيم والكاف والواو والخاء المعجمة والفاء والعين المهملة والقاف والياء المثناة تحت والميم والهاء هذه الحروف الأربعة عشر، إذا وقعت [أل] قبل أى واحد منها اللام نظهِرُها، مثال ذلك: {الأيات} لا نقول [أأيات] نظهر اللام لا ندغمها بالألف، {البصير} و{الغفور} و{الحليم} و{الجليل} و{الكريم} و{الودود} و{الخالق} و{الفتاح} و{العليم} و{القديم} و{اليقين} و{الملك} و{الهادى} وهنا تنبيه إلى أمر وهو أن حرف الجيم بعض الناس لا يظهر اللام قبله لا يقولون الجبل بعضهم يقول أجبل و كأنه لا يوجد لام هذا غلط.
قال المؤلف رحمه الله:
ثانيهما إدغامها فى أربعِ ... و عشرة أيضاً ورمزها فعِ
الشرح: يعنى يقول أنها تدغم فى أربعة عشر حرفاً، و[رمزها فع] يعنى انتبه كن واعياً الآن لك ما هو رمزها فكن واعياً.
قال المؤلف رحمه الله:
طب ثم صل رحماً تفز ضف ذا نعم ... دع سوء ظنٍ زر شريفاً للكرم
الشرح: أن الحكم الثانى من أحكام [لام أل] هو الإدغام، و هى تُدغم فى أربعة عشر حرفاً، أيضاً لحفظها ذكر المؤلف بيت شعر وجعل أول حرف من كل كلمة منه هو الحرف المقصود: [طب] يعنى كن طيباً [ثم صل]، [رحماً تفز] صل رحمك تكن فائزاً [ضف ذا نعم] إذا أردت أن تنزل ضيفاً انزل عند من يكرمُك [دع سوء ظنٍ] أى لا تسئ الظن [زر شريفاً] زر إنساناً شريفاً للكرم. إذا نظرت أوائل كل كلمة هذه الحروف التى فى أول كل كلمة هى الحروف التى لا تُظْهَر اللام أمامَهَا، وهى: [الطاء المهملة والثاء المثلثة والصاد المهملة والراء والتاء المثناة والضاد المعجمة والذال المعجمة والنون والدال المهملة والسين المهملة والظاء المشالة والزاى والشين المعجمة واللام] فإذا وقعت [أل] قبل كلمة تبتدأ بأى حرف من هذه الأربع عشر لا نظهر اللام بل ندغمها فى الحرف الذى بعدها، مثال ذلك: {الطـَّــآمَّة} حرف اللام وقع بعدَه الطاء عندما دخلت اللام على الطاء اللام التى فيها لا نلفظها لا نظهرها ندغمها فى الطاء، لا نقول [الـطامة] أى بلفظ اللام ظاهرة تكون ثقيلة فلا نظهر اللام، مثال ذلك أيضاً: {الثواب} و{الصادقين} و{الراكعين} و{التائبون} و{الضالين} و{الذاكرين} و{الناس} و{الدين} و{السائحون} و{الظالمين} و{الزجاجة} و{الشياطين} و{الليل}
قال المؤلف رحمه الله:
واللام الأولى سمها قمْرِية ... واللام الأخرى سمها شمسية
الشرح: أن اللام من [أل] فى الحالة الأولى أمام الحروف الأربعة عشر الأولى نسميها [اللام القمرية] لأنها مثل لام كلمة [القمر] فى الظهور، والقسم الثانى من الحروف اللام التى تدخل عليها تسمى [اللام الشمسية] يعنى هى مثل اللام فى [الشمس] مدغمة ليست ظاهرة، وقال بعض العلماء مثل ابن الجزرى رحمه الله: [أن الحروف تسمى قمرية أو شمسية التسمية للحروف ليست للام] وهذا اختلاف فى الاصطلاح فقط ليس الاختلاف فى الحكم، الحكم واحد.
قال المؤلف رحمه الله:
وأظهرن لام فعل مطلقا ... فى نحو قل نعم وقلنا والتقى
الشرح: أن اللام فى الأفعال إذا كنت تلفظ فعلاً من الأفعال فانتبه لإظهار اللام لا تخفها هذه ليست مثلَ [لام أل] كلامُنا عن [لام أل] أنها تدغم فى بعض المواضع ونحو ذلك. أما [لام الفعل] فاظهرها عندما تقول [قل نعم] لا تقول [قُنَّعم] مع أن النون حرف شمسى وتقول [قلنا] لا تقول [قُـنـَّا ] و[والتقى] ليس [واتقى) واتقى غير والتقى، إنما ذلك الحكم لّلام فى [أل التعريف] وليس فى [لام الفعل]. لام الفعل حكمُها الإظهار سواءً كان الفعل ماضيا أو أمراً وتلحق الماضى فى أخره ووسطه وفى أخر فعل الأمر كالأمثلة المذكورة فى البيت، باستثناء حرفين اثنين وهما اللامُ والراء، فإذا وقعت اللامُ ساكنة فى ءاخر الفعل وجاءت بعدَها كلمة تبتدأ بلامٍ أو براء ندغم ولا نظهر، مثال ذلك: {وقُلْ رَبّى} هذه لام ساكنة تبعتها راء هنا ندغم [اللام بالراء] يعنى اللام لا نظهرها بل ندغمها بالراء مع شدة، ومثال ثانى: {قلْ لاَ أجد} لام ساكنة بعدها لام ندغمُهُما مع الشد.
11-) فى المثلين والمتقاربين والمتجانسين
قال المؤلف رحمه الله:
إن فى الصفات و المخارج اتفق ... حرفان فالمِثلان فيهما أحق
الشرح: أنه إذا اتفق الحرفان فى المخرج والصفات يعنى يكون الحرف هو نفسه مثل [باء تتبعُها باء] [دال تتبعُها دال] [سين تتبعُها سين] هذان يقال لهما مثلان الحرف عينُه واحد يتبعُ الآخر، فإذا انتهت الكلمة بحرف وابتدأت الكلمةُ الثانية مثلاً بحرف هو نفس الحرف الذى انتهت به الكلمة التى قبلها، [انتهت الكلمة الأولى بباء وابتدأت الكلمة الثانية بباء] [انتهت بدال وابتدأت الكلمة التى بعدها بدال] هذا يقال له حكم المثلين هنا نُطّبق حكمَ المثلين هذان حرفان مثلان نفس المخرج ونفس الصفات، هناك حالاتان إما أن يكون الحرف الأول ساكناً والثانى متحركاً أو أن يكون الحرفان متحركان، المثال الأول: {اضربْ بِعصاك} الكلمة الأولى تنتهى بباء والكلمة الثانية تبدأ بباء. الباء الأولى ساكنة والباء الثانية متحركة هما كلمتان تنتهى أولاهما بحرف وبنفس الحرف تبدأ الثانية، لكن الأول ساكن والثانى متحرك. والحال الثانية أن يكون الحرفان متحركان مثال ذلك: {الرَّحيمِ مالكِ} [الرحيم] الكلمة الأولى تنتهى بميم عليها كسرة و[مالك] تبدأ بميم متحركة.
فى الحالة الأولى ندغمُهُما فيصيران حرفاً واحداً باء مشددة فنقول [اضرب بعصاك] باء مشددة، كذلك: {قَدْ دَخلوا} هنا دال ساكنة بعدها دال متحركة ندغمهما فيصيران [دالاً مشددة]، كذلك: {إذْ ذَهبوا} الذال الأولى ساكنة والثانية متحركة ندغمُهما فيصيران [ذالاً مشددة]، هذا الحكم الأول من حكم المثلين نسميه الإدغام الصغير لأنه يخرج بلا مشقة لأن هذا الذى يطاوعُه لسانك إذا أردت أن تقول [اضرب بعصاك] أى بلفظ [باء] اضرب وبلفظ [باء] عصاك، ثقيل على اللسان.
أما الحالة الثانية وهى عندما يكون حرفان متماثلين لكن كلاهما متحرك، يجوز أن تقرأهما: {الرحيم مالك} أى من دون إدغام، و يجوز أن ندغمهما، نسكن الأول وندغمهما فنقول [الرحيــمْ مّالك]، بإدغام الميم فى الميم، هذا يقال له الإدغام الكبير لماذا؟ لأنك عَمِلتَ فيه أشياء أكثر تسكن الأول ثم تُدْغِم ، هذا حكم المتماثل.
قال المؤلف رحمه الله:
و إن يكونا مخرجاً تقاربا ... و فى الصفات اختلفا يلقبا
الشرح: أن الحرفين إذا تقاربا فى المخرج مخرجَهُما متقارب واختلفا فى الصفات ليسا من نفس الصفات لكن مخرجهما متقارب يقال عنهما متقاربين، مثال ذلك [الدال والسين]، مخرجهما قريب لكن صفَتُهُما تختلف، لأن الحروف لها صفات، هذان الحرفان مع اختلاف الصفات لكن مخرجُهُمَا قريب، هناك حروف مثلاً يقال لها حروف الصفير لأنه يخرج معها صوت يشبه صفيرَ الطائر وهى [الصاد السين و الزاى] هذه صفة، وهناك حروف تسمى حروف الهمس لأن النفس يخرج معها عند التلفظ بها مثل [أف] لأنه يخرج معها النفس، وهناك حروف لا يخرج معها النفس عندما نتلفظ بها إلى غير ذلك. فإذا كان الحرفان مختلفين فى الصفات لكن مخرجُهما متقارب يقال عنهما متقاربين، مثلاً [السين] من حروف الهمس النفس يخرج معها. أما [الدال] ليست كذلك لما تقول [أد] لا يخرج معها النفس فهنا صفاتُهما مختلفة لكن مخرجُهُما قريب فيسميان متقاربين، والأمر نفسه ينطبق على [الدال مع الجيم]، وكذلك [الذال مع التاء]، وكذلك [التاء مع الطاء]، مثال على ذلك: {قد سمع} يجوز أن تدغم بينهما حرفان متقاربان فى المخرج مختلفان فى الصفات أولُهما ساكن والثانى متحرك يجوز أن تُدغِم بينهما تقرأ: {قد سمع} من غير أن تُظهر [الدال] وهذا يقال له إدغام المتقاربين، كذلك: {لقد جائكم} يجوز أن تقرأ بإظهار [الدال] وكذلك يجوز أن تدغم [الدال فى الجيم]، وكذلك الذال: {إذ تأتيهم} يجوز أن نظهر [الذال] ويجوز أن ندغمها بالتاء، هنا الإعمال خفيف الأول ساكن والثانى متحرك فندغمهما، أما فى المثال قوله تعالى: {والصالحاتِ طُوبَى} التاء متحركة والطاء متحركة هنا يجوز أيضاً الإدغام لكن هنا الإعمال أكثر لأننا نسكن الأول ثم ندغم فنقول: {والصالحاتْ طُوبا} كأنه بعد الألف طاء مشددة كأنها هكذا [والصالحاطُّوبى] كأن التاء غير موجودة، هذا حكم المتقاربين، هذا يسمى الإدغام الكبير لأن الإعمال أكثر.
فى قراءة حفص لا يكون الإدغام إلا بحرف ساكن مع متحرك فإن تحرك الأول فلا إدغام عنده.
ويجوز حفص إدغام المتقاربين فى [القاف مع الكاف] نحو: {}، وفى [اللام مع الراء] نحو: {وقل ربى زدنى علما}. و قسم يدغمون المتحرك بالمتحرك بتسكين الأول كما مر.
قال المؤلف رحمه الله:
متقاربين أو يكونا اتفقا ... فى مخرجٍ دون الصفات حققا
الشرح: يعنى أن الحرفين إذا اتفقا فى المخرج مخرجهما واحد ليس متقارباً بل واحداً لكن اختلفا فى الصفات يسميان متجانسين حرفان متجانسان، مثلاً: {اركبْ مَعنا} [الباء والميم] مخرَجُهُما واحد بين الشفتين [أبْ – أمْ] من نفس المخرج، فهنا يجوز أن ندغم [الباء فى الميم] فتقول: {اركب معنا} مع عدم إظهار [الباء]، كذلك: {يتبْ فَأولئك} [الباء والفاء] كلاهما من الشفتين الأول ساكن والثانى متحرك صفاتهما مختلفة لكن مخرجهما واحد، يجوز أن ندغمَهُما، هذا يقال له إدغام صغير لأن الأول ساكن والثانى متحرك ليس فيه إعمال كثير. أما فى قوله تعالى: {يعذبُ مَن يشاء} [الباء متحركة و الميم متحركة] فيجوز أن نقرأ و كأنها [يعذمَّن يشاء] بإدغام [الباء فى الميم] وهذا يسمى الإدغام الكبير.
و هذا أى اختلاف القراءات متى ندغم ومتى لا ندغم ونحو ذلك فى المتجانسين وفى المتقاربين هذا يعرف بالدراسة على المشايخ يدرس دراسة ليس بالتشهي. تطبيق حكم المتجانسين والمتقاربين عند قراءة القرءان فيه اختلاف من قراءة إلى قراءة أخرى نحن ذكرنا القاعدة أما تطبيق القاعدة يُدرس عن المشايخ ليس بالتشهى، لأن تطبيقها يختلف من قراءة إلى قراءة، قاعدة الإدغام فى المتجانسين والمتقاربين ذكرناها لكن تطبيق ذلك يختلف من قراءة إلى قراءة، فيَحتاجُ الإنسان أن يدرُس عند أهل العلم حتى يعرف كيف يطبق هذه الأحكام، لأن القرءان أُنزل على النبى على عدة قراءات، هناك عشرُ قراءات يجوز أن يقرأ بكلٍ منها فى الصلاة هذه كيف يعرفُها؟ بالتلقى من المشايخ من أهل العلم.
المتجانس عند حفص الثاء والذال، والتاء والطاء، والدال والتاء، والذال والظاء، وحكمه الإدغام نحو: {يلهث ذلك} و{قالت طائفة} و{قد تبين} و{إذ ظلموا}.
قال المؤلف رحمه الله:
بالمتجانسين ثُــَّم إن سَـكَـن ... أول كـلٍ فالصغير سمين
أو حرك الحرفان فى كل فقل .. كل كبيٌر وافهمنه بالمثل
الشرح: [المُثل] جمع مثال يعنى الأمثلة التى ذُكرت تبين ما هو الإدغام الصغير وما هو الإدغام الكبير، فى كل مرة إذا سكن الأول وتحرك الثانى يكون الإدغام صغيراً. وفى كل مرة إذا تحرك الأول و تحرك الثانى يكون الإدغامُ الكبير.
أقسام المد
المد لغةً هو المطُّ، و فى اصطلاح القرّاء إطالةُ زمن صوت الحرف تقول [ءْ] و عند المد تقول [ءا] فقد أَطَلْتَ صوت الحرف فى الاصطلاح هذا هو المد أو الزيادةُ فى ذلك لأجل سببٍّ يطرأ، مثلاً تقول [قال] هذا مدٌّ بزمن حركتين وتقول [سماء] فهنا زدتَ فى المد لماذا؟ لسبب طرأ. فالمدُّ فى اصطلاح القراء هو إطالةُ زمنِ صوت الحرف أو الزيادة فى ذلك لسبب يطرأ. لسبب موجود، السبب هو شيئان الهمزةُ والسكون. وضعه القراء ليدل على حروف المد واللين وليس بحركة ولا حرف ولا سكون.
قال المؤلف رحمه الله:
و المـدُّ أصلى و فرعىٌّ لـه ... و سـمِّ أولاً طبيعياً و هـو
ما لا توقـف له على سـبـب ... و لا بدونـه الحروف تجتـلب
بل أى حرفٍ غير همزٍ أو سكون ... جا بعد مدٍ فالطبيعى يكون
الشرح: أن المد قسمان مدٌّ أصلى و مدٌّ فرعى ، الأصلىُّ هو ما لا يتوقف على سبب من همزٍ أو سكون ليس المدُّ لأجل الهمز أو لأجل السكون و لا تقوم ذاتُ الحرف إلا به يعنى الحرف لا يحصل إلا معه أصل الحرف ذات الحرف لا يحصل بدونِه هذا يقال له المد الأصلى ، المد الأصلى هو الذى لا يحصلُ الحرفُ بدونه و ليس بسبب همز أو سكون ، مثال ذلك:{ قال.} هذا لا يحصلُ ذاتُ الحرف بدونه إذا ألغيت المد تقول [ قَلَ ] ألغيت حرفاً من الكلمة و تغيرت الكلمة ، حرفُ الألف لا يحصل بدون هذا المد الكلمة تتغير إذا ألغيته. هذا يقال له المد الأصلى نحو:{ صراط.} و { الرحمن.}. هذا المدُّ إذا ألغيتَه تتغير الكلمة [ الرَّحمن ] إذا ألغيت المد يصير [ الرَّحْمَنْ ] ذاتُ الحرف ذهب ، حرف [ الألف ] ذهب ، هذا يقال له مدٌّ أصلىّ ، و المد فيه يكون قدرَ [ الألف ] يعنى قدر حركتين المد الطبيعى يكون حركتين.
قال المؤلف رحمه الله:
و الآخر الفرعـىٌّ موقوف على ... سببْ كهمزٍ أو سكون مسجلا
الشرح: أن المد الآخر هو المد الفرعى و هو مدٌّ زائد على المد الأصلى نمد المد الأصلى ثم نزيد فى المد هذه الزيادة هى مد فرعى هو زائد على المد الأصلى بسبب الهمزةِ أو السكون، مثال ذلك كلمة: {سماء} لو قلناها {سماء} من دون مد نكون ممدنا مقدار حركتين وهى صحيحة لكن هنا بسبب الهمزة من أحكام التجويد أن نمدَّها أربعاً. فإذاً هذا المد هو زائد على المد الأصلى لو ألغيتَه الكلمة لا تصيرُ كلمة أخرى تبقى نفس الكلمة لكن أخلّلت بحكم من أحكام التجويد فهذا يقال له المد الفرعى ، لذلك كلمة: {الضالين} فى الفاتحة نمد ستَّ حركات و لو قلتَ {الضالين} من دون مد ست حركات لكان صحيحاً لكن تكون أخللت بحكم من أحكام التجويد، وسيأتى تفصيل ذلك. إذاً المد نوعان أصلى و فرعى، الأصلى ما يقوم به ذاتُ الحرف ليس بسبب همزٍ أو سكون، أما المد الفرعى فهو مد زائد على الأصلى لسبب همزة أو سكون.
قال المؤلف رحمه الله:
حروفه ثـلاثـة فـعـيـهـا ... من لفظ واى وهى فى نوحيها
و الكسر قبل اليا و قبل الواو ضم ... شرط و فتح قبل ألف يلتزم
الشرح: أن حروفَ المد ثلاثة يجمعُها لفظُ {واى} وهى: [الواو و الألف و الياء]، بشرط أن يكون ما قبلَ [الواو مضموم] مثل: {مغضوب} و{ءامنوا} وأن يكون ما قبل [الياء مكسور ي مثل: {الرحيم} و{الذين}. وأما الألف فلا يكون ما قبلَها إلا مفتوحاً مثل: {إيَّاك} و{عفَا} كلمة [المغضوب] [الواو] هى حرف مد و قبلها [ضاد] عليها ضمة فيصير اللفظ [ضُو] هذا يكون مَدٌّ، فى كلمة [الرحيم] [الياء] حرفُ مد لأن قبلها حرفٌ عليه كسرة، [إياك] [الألف] حرف مد و قبلَه حرفٌ عليه فتحة فيصير [إياك] نمُدُّه.
إذاً حروف المد ثلاثة [واوٌ مضموم ما قبلَها، وياءٌ مكسور ما قبلَها، وألف مفتوح ما قبلَها]، وهى مجموعة بشروطها فى قوله تعالى: {نوحيها} هذه الكلمة من القرءان تجمَعُ أحرُفَ المدِّ الثلاثة، [نـوحيـهـا].
قال المؤلف رحمه الله:
و الَّليُن منها اليا و واوٌ سكنا ... إن انفتاحٌ قبل كلٍّ أعلنا
الشرح: عندما تضيف تقول حروف الّـِلين (بالكسر) أما إذا لم تضف كما فى مثل هذا الموضع هنا بالفتح تقول [الَّلين] لأن [الَّلين] معناه اللِين، كما تقول [ميْت و ميّت] تقول [لَيّن ولِيْن] فهنا الَّلينُ منها يعنى الحروف اللينة منها كذا وكذا أما عندما تضيف تقول حروف الّـِلين. هناك شئ يقال له حروفُ الّـِلين، سُمّيت حروفَ لِين لأنها تخرُج بسهولة بدون تَكَلُّف، وهما حرفان [الواو إذا كانت ساكنة وسبقتها فتحة، والياء إذا كانت ساكنة وسبقتها فتحة]، فإن تحركا فليسا بحرفى لين و لا مد ، فعلم أن الواو و الياء لهما ثلاثة أحوال:
1) مد و لين إن سكنا و انظم ما قبل الواو و انكسر ما قبل الياء.
2) لين فقط إن سكنا و انفتح ما قبلهما.
3) أما إن تحركا فلا يقال فيهما حرفا مد و لا حرفا لين بل حرفا علة.
وأما الألف فلا تكون إلا حرف مد ولين لأنها لا تتغير عن سكونها ولا يتغير ما قبلها عن المجانسة لها. من أراد أن يتمرن على حروف اللين ليتمرن على قراءة سورة قريش. مثال ذلك كلمة:{بَيْت} وكلمةُ: {خَوْف} كلمة {خوف} على حرف الواو سكون وقبلَه حرف عليه فتحة فعندما نلفظ هذه الواو الساكنة نمدُّ مقدار حركتين فنقول مثلاً: {وءامنهم من خوف} نمد مقدار حركتين لو قلت خوف من دون مد صحيح لكن نمد مقدار حركتين، وكذلك الحال فى كلمة: {بيت} نمد مقدار حركتين، ومثل ذلك: {قريش} كذلك: {عليهم} الياء ساكنة وقبلَها فتحة فنمد مَدَّ اللين حركتين، كذلك {غيــر} و يجوز فى هذا المد القصر مقدار حركتين أو التوسط كأربع حركات أو المد كست حركات.
قال المؤلف رحمه الله:
للمـدِّ أحكام ثلاثـة تـدوم ... و هى الوجوب و الجواز و الـُّلزوم
فواجب إن جاء همزٌ بعد مد ... فى كلـمـة و ذا بـمتـصلْ يُـعَـدّ
الشرح: أن المد له ثلاثةُ أحكام، هناك مد لازم لا بد منه، و مد واجب، ومد جائز.
الأول: الواجب هو إذا وقعت فى نفس الكلمة همزة بعد حرف المد والّلين فهذا يجب مده ويقال له متصل لاتصال الهمزة بحرف المد فى نفس الكلمة فيسمى مدا واجبا متصلا، وله محل اتفاق القراء على اعتبار أثر الهمزة من زيادة المد، أى أن القراء اتفقوا على مده زيادة عن المد الطبيعى لا يعرف عنه خلاف، ومحل الخلاف هو تفاوتهم فى الزيادة. فالمد عند ابن عامر والكسائى مقدار ألفين، وعند عاصم ألفين ونصف، وعند ورش وحمزة مقدار ثلاث ألفات. مثال ذلك: {جَاءَ} [ألف] قبلَها فتحة وبعدَها همزة فنمدُّها زيادة على المد الأصلى أربع حركات أو خمسة، كذلك: {السُّوء} فى هذه الكلمة [الواو] قبلَها [سين مضمومة] وبعدَها [همزة] فتُمَدُّ أربع حركات أو خمسة، كذلك: {سِىءَ} [ياء] قبلَها كسرة وبعدَها همزة فتُمَد أربع حركات أو خمسة.
إذا كان حرف المد والهمزة فى كلمة واحدة هذا مدٌّ واجب يعنى إذا أخل به الإنسان يعتبرونَه أخطأ فى القراءة، إذا مَدَّ فقط حركتين الكلمة صحيحة لكن غلط فى أحكام التجويد.
أما إذا كان المدُّ فى ءاخر كلمة والهمز فى أول كلمة ثانية هذا يقال له المدُّ المنفصل، الأول متصل لأنهما فى كلمة واحدة، أما هذا الثانى يسمَّى مدًّا منفصلاً لأنهما ليسا فى كلمة واحدة، هنا يجوز فيه أن تمدَّ مقدار حركتين و يجوز فيه أربع حركات أو خمس فتقول مثلاً: {بما أنزل} الكلمة الأولى تنتهى [بألف] وتبتدأ الثانية [بالهمزة] فهما فى كلمتين لكن هناك مد بعدَه همزة بسبب ذلك يجوز أن نمُدَّ إلى أربع حركات أو خمسة كما لو كانا فى كلمة واحدة وبسبب أن كُلاًّ منهما فى كلمة يجوز أن نَمُدَّ حركتين فقط، فيجوز أن نقرأ: {بما أنزل} بمد حركتين و يجوز أن نقرأ: {بما أنزل} بمد أربع حركات، أو خمس حركات.
قال المؤلف رحمه الله:
و جائزٌ مدٌّ و قصرٌ إن فصل ... كل بكلمةٍ و هذا المنفصل
الشرح: القسم الثانى من أقسام المد مع الهمزة أن يكون حرف المد فى ءاخر كلمة و الهمزة أول الكلمة التالية يجوز عندئذٍ فيه القصر أى عدم الزيادة فى المد، و يجوز الزيادة فيمد أربع حركات أو خمساً. ويسمى مدا منفصلا لانفصال المد و الهمزة، نحو: {قوآ أنفسكم} وهذا يجوز مده و قصره، وفيه خلاف فعند ورش وابن عامر وعاصم والكسائى وحمزة يثبتونه بلا خلاف بينهم، فيمد حركتين وأربعاً وستاً ويسمى المد المنفصل.
قال المؤلف رحمه الله:
و مثل ذا إن عرض السكون ... وقـفـاً كتعلمـون نسـتـعيـن
الشرح: أن هذا مثل المد المنفصل فى جواز القصر والتوسط والطول. فيجوز مده مقدار ألف أو ألفين أو ثلاث ألفات.
المدُّ العارض للسكون أى إن عرض السكون لأجل الوقف أو الإدغام بعد حرف المد واللين. ومثاله للوقف: {تعلمونْ} و{نستعينْ} و{جنتانْ} ومثاله للإدغام: {يقولُ ربَّنَآ} فى قراءة أبى عمرو من رواية السُّوسِـىّ.
قال المؤلف رحمه الله:
أو قدم الهمز على المد و ذا ... بدل كآمنوا و إيماناً خذا
الشرح: لكن إذا توقفنا فى القراءة عند هذه الكلمة فنسكن الحرف الأخير. هكذا العرب يفعلون عند الوقف، يسكنون ءاخر حرف فى الكلمة فيصير عندنا بسبب التوقف حرفُ مدٍ بعدَه سكون، هنا يجوز أن نبقَى على المد حركتين ويجوز أن نمد أربعاً ويجوز أن نمد ستاً، فيجوز أن نقول مثلاً: {بسم الله الرحمن الرحيم} بمد حركتين أو أربعة أو ستة، كلمة: {الرحيم} فيها [ياء] حرف مد بعدها [ميم عليها كسرة] [الرحيمِ فى الأصل] لكن لأننا نتوقف عليها نسكن الميم التى هى ءاخر حرف، عند ذلك لأجل هذا يجوز لنا أن نمد حركتين أو أربعة أو ستة، لأن السكون هنا ليس أصلياً فى الكلمة بل هو عارض عرض لها بسبب الوقف، فيجوز أن نمد حركتين أو أربعة أو ستة.
و أما إذا قُدّمت الهمزة على الألف إذا جاءت الهمزة قبل [الألف أو الياء أو الواو] الهمزة قبل حرف المد، مثال ذلك: {إيماناً} همزة بعدها ياء للمد هنا نمد حركتين، لكن فى قراءة ورش يجوز المد حركتين أو أربع حركات أو ستة، وكذلك: {ءامنوا} بعد الهمزة أتى حرف مد الألف فنمد حركين.
قال المؤلف رحمه الله:
و لازم إن السكون أصلا ... وصلاً و وقفاً بعد مد طولا
الشرح: أنه إذا كان حرفُ مد بعده سكون فى الكلمة لكن هذا السكون أصلى ليس بسبب التوقف بل هو أصلىٌّ فى الكلمة ماذا يكون الحكم؟ مثال ذلك: {الضالّـِين} هناك حرف مد هو [الألف] بعدَه حرف عليه شدة كما ذكرنا الحرف المشدد هو حرفان أولُهما ساكن والثانى متحرك، فإذاً صار عندنا حرفُ مد بعدَه حرفٌ ساكن فى نفس الكلمة وهذا السكون ليس بسبب التوقف بل هو أصلى فيها، فهنا نمُدُّ ست حركات عند كل القراءات وعند بعضهم يُمَدُّ خمسَ حركات، كذلك فى قوله تعالى: {الصــــاخة} عندنا مد للألف بعده خاء مشددة فنمُدُّ ستَّ حركات. فتلخص مما ذكرناه أن أحكامَ المدِّ ثلاثة [الوجوب، والمد الجائز، والمد اللازم يعنى الذى يكون دائماً ملازماً لهذا الشئ. إذاً تلخص عندنا أن المدَّ ثلاثة أنواع:
1) النوع الأول مد واجب وهو عندما يكون حرف المد بعده همزة فى نفس الكلمة، مثال ذلك: {السماء} نمد أربع حركات أو خمسة.
2) النوع الثانى هو المد الجائز و له ثلاثة أحوال.
أ) الحال الأولى إذا كان حرف المد بعدَه همزة لكن فى كلمةٍ ثانية كل منهما فى كلمة حرف المد ءاخر أول كلمة والهمزة أول الكلمة الثانية، يجوز أن تكتفِىَ بمد حركتين ويجوز أن تمد زيادة إلى أربع حركات أو خمس حركات.
ب) الحال الثانية عندما يكون حرف مد بعدَه حرف غير ساكن لكن نقف عليه، فنُسكّـنُه للوقف فيصيرُ عندنا حرفُ مدٍ بعده حرف ساكن، عرض السكون له لأجل الوقف، ليس السكون أصلياً فيجوز أن نمدَّ حركتين فقط وأن نمدَّ زيادةً على ذلك إلى أربعة أو ستة.
ج) الحالُ الثالثة إذا كانت الهمزة بعدَها الألف بعدها حرف المد هنا نمدُّ حركتين، لكن فى قراءة ورشٍ يجوز أن نزيد إلى أربعة أو ستة.
3) القسم الثالث من أقسام المد هو المد اللازم، و هو إذا كان حرفُ المد بعدَه حرف ساكن، سكونُه أصلى ليس السكون عَرَضَ له بسبب الوقف.مثلاً: {الطامَّة} نمدُّ ستَ حركات لأن حرفَ المد [الألف] تَبِعَهُ حرفٌ مُشَدَّد أى هو فى الأصل حرفان أولُهُما ساكن والثانى متحرك فصار عندنا حرفُ مد بعدَه حرفٌ ساكن فيُمَدُّ إلى ستِّ حركات.
قال المؤلف رحمه الله:
أقسامُ لازم لـديهم أربعة ... و تلك كلـمىٌّ و حرفـىٌّ معه
كلاهما مُخفَّـفٌ مثـقَّـلُ ... فهذه أربعة تُـفَصَّـلُ
الشرح: أن المد اللازم ينقسم إلى قسمين وكل قسم بدوره ينقسم إلى قسمين:
قال المؤلف رحمه الله:
فإن بكلمةٍ سـكونٌ اجتمع .. مع حرف مد فهْو كلمى وقـع
الشرح: النوع الأول هو [المد الكلمى] وهو [المد اللازم الكلمى]، إذا كان حرف مدٍ بعدَه سكون أصلى فى كلمة واحدة، يعنى أنه [مد لازم كَلمى] يعنى وقع فى كلمة ليس فى حرف نحو: {الصآخة} و{الطآمة} و{دآبة}
قال المؤلف رحمه الله:
أو فى ثلاثى الحروف وجدا ... و المد وسطه فحرفى بدا
الشرح: النوع الثانى هو إن اجتمع السكون المذكور و المد فى [حرف] هجاؤه على ثلاثة حروف والأوسط منها حرف مد فهو [مد لازم حرفىّ] نحو: {ن} و{ص}
قال المؤلف رحمه الله:
كلاهما مثقل أن أدغما ... مخفف كل إذا لم يدغما
الشرح: أى أنه إذا أدغم كل من [المد اللازم الكلمى] و[المد اللازم الحرفى] فهو مثقل، وإن لم يدغم كل منهما فهو مخفف.
فمثال [المد اللازم الكلمى المثقل] نحو: [الصآخة] و[الطآمة]. مد بعده حرف مشدد، قلنا الحرف المشدد هو حرفان أولهما ساكن والثانى متحرك، فإذا صار عندنا مد و بعده سكون نمد ست حركات.
ومثال [المد اللازم الكلمى المخفف] سمي مخفف لأنه لا يوجد عليه شدة. نحو: [ءالآن] المستفهم بها فى موضعي [يونس] فتمد ست حركات لأن فيها [همزة استفهام]. وذلك للتفريق بين [همزة الاستفهام] و[الهمزة الأصلية] ويسمى مد التفريق.
و مثال [المد اللازم الحرفى المثقل] نحو: [لـ] إذا و صلت بـ[ميم] من [الم] و[س] إذا وصلت بـ[ميم] من [طسم].
ومثال [المد اللازم الحرفى المخفف] نحو: [ص] و[ق].
قال المؤلف رحمه الله:
و اللازم الحرفى أول السور .. و جوده و فى ثمان انحصر
يجمعها حروف كم عسل نقص ... و عين ذو وجهين و الطول أخص
و ما سوى الحروف الثلاثى لا ألف ... فمده مدا طبيعيا ألف
و ذاك أيضا فى فواتح السور ... فى لفظ حي طاهر قد انحصر
الشرح: أي اللازم الحرفى بقسميه يكون فى فواتح السور. أنتم تعرفون أن بعض سور القرءان تبتدأ بحروف مثال ذلك: {ن} هذا الحرف [نون] نلفِظُه مدٌّ بعدَه سكون، لفظُنا له مد بعدَه نون ساكنة، إذا أردت أن أكتب كيف يلفظ هذا الحرف بالعربية أكتب [نون - واو نون] فيصير عندنا [الواو] التى هى حرف مد بعدَها حرفٌ ساكن فنمُدُّ سِتَّ حركات، كذلك مثلاً أول سورة البقرة: {الم} ابتداء هذه السورة بثلاثة حروف [ألف و لام و ميم]، هذه ليست كلمة هذه ثلاثة حروف نقرأوها فى القرءان على أنها ثلاثة حروف، الحرف الأول [ألف] لفظُه ليس فيه مد لا نَمد، لكن فى الحرف الثانى والثالث هناك مد، الحرف الثانى [ل]، هذا الحرف الثانى لفظُه [لام] هناك مد بعده سكون عندما نلفظه هنا نَمُدُّه سِتَّ حركات، وكذلك [م] مدٌّ بعده سكون نلفِظُه [ميم]، وهذا الحرف [ميم] عندما نلفِظُه نمده، مد ثم بعده سكون فنمد ست حركات أيضاً، هذا هو النوع الثانى من أنواع المد اللازم الذى هو المد الحرفى لأنه فى حرف، و هو أيضاً مخَفَّف و مثقل، لأننا عندما نقول [نون] مد بعده سكون من غير شدة فهو خفيف، أما عندما نقول [ألف لام ميم] كلمة [لام] ءاخرها [مْـ ] وكذلك كلمة [ميم] أولهُا أيضاً [مـ] فصار عندنا [ميمان] الأولى ساكنة والثانية متحركة يصير كأنه عندنا شدة، [ميم مشددة] فيصير مداً لازماً حرفياً مثقلاً بسبب الشدة. والحروف التى هى فى القرءان فى فواتح السور تُمَدُّ مداً لازماً هى ثمانية حروف يجمعُها قولُك: [كَمْ عَسَلٍ نَقَصَ] أو العبارة المشهورة: [نَقَصَ عَسَلُكُم] هذه هى الحروف الحروف الثمانية هى: [ن، ق، ص، ع، س، ل، ك، م] هذه الحروف الثمانية فى أوائل السور يُمَد كلٌّ منها ستَ حركات ، الحرف الأول يلفظ [نون] والثانى [قاف] والثالث [صاد] والرابع [عين] والخامس [سين] والسادس [لام] والسابع [كاف] والثامن [ميم] ما عدا [العين] يجوز أن تُمَدَّ أربعاً أو ستاً. أما باقى الحروف التى هى فى أوائل السور فى فواتح السور فإنها تُمَدُّ حركتين اثنين ما عدا [الألف] فلا مدَّ فيها، بقية الحروف مجموعةٌ فى كلِمَتَى [حَىٍّ طَاهِر] كلها تمد حركتين إلا [الألف] فلا مد فيها، الحرف الأول يلفَظُ [حا] والثانى [يا] والثالث [طا] والرابع [ألف] ليس فيها مد، والخامس [ها] والسادس [را]. عند قراءة القرءان فى فواتح السور نلفظها هكذا. إذاً إذا أردنا أن نلخص ما ذكرناه عن الحروف التى فى فواتح السور نقول هى على أربعة أقسام.
1) القسم الأول ما يُمَدُّ ست حركات و هى المجموعة فى: {نقص عسلُكم} ما عدا [العين].
2) القسم الثانى هو ما يمد حركتين و هى المجموعة فى: {حىٍ طاهر} ما عدا [الألف]
3) القسم الثالث ما يجوز أن يمد أربعة و ستة وهو [العين]
4) القسم الرابع ما لا يُمَدُّ أصلاً و هو الألف.
قال المؤلف رحمه الله:
و يجمعُ الفواتِحَ الأربع عَشَرْ ... صِلْهُ سُحَيراً مَنْ قَطَعْكَ ذا اشتَهَرْ
و تمَّ ذا النَّظـم بِحَـمد الله .... عـلى تـمامه بــلا تـنـاهى
أبياتـه نـدٌّ بـدا لذِى النُّـهى .... تـاريخها بشرى لمن يتقنها
الشرح: أن الحروف الأربعةَ عشر مجموعة فى هذه الكلمات: {صله سحيراً من قطعك} ثم أنهى أبياتَه بحمدِ الله عزوجل وذكر أن أبيات هذه القصيدة [نَدٌّ بَدَا] شبهَهَا بالنبات الطيب الرائحة، وأراد من ذلك شيئاً أخر، ليس مجرد التشبيه، بل أراد ذكر عدد أبيات القصيدة، لأن كلمة [ند بدا] بحساب الجُمَّل تُعطِى [واحداً و ستين]، هناك فى العربية حساب يقال له [حساب الجمل] بدل أن تضع حروفاً تذكر كلمات تدل هذه الكلمات على رقم معين، حتى يُحْفَظوا:
[أبجد هوز حطى كلمن سعفص قرشت ثخذ ضغظ] على هذا الترتيب.
أبجد هوز حطى:
[ أ= 1] و[ ب= 2] و[ ج= 3] و[ د= 4] و[ هـ= 5] و[ و= 6] و[ ز= 7] و[ ح= 8] و[ ط= 9] و[ ى= 10].
كلمن سعفص: [ك= 20] و[ ل= 30] و[م= 40] و[ن= 50] و[س= 60] و[ع= 70] و[ف= 80] و[ص= 90].
قرشت ثخذ ضغظ: [ق= 100] و[ر= 200] و[ ش= 300] و[ت= 400] و[ث= 500] و[خ= 600] و[ذ= 700] و[ض= 800] و[غ= 900] و[ظ= 1000].
الشرح: فإذا كتبنا [ند بدا] كما قال المؤلف [فالنون تساوى خمسين] و[الدال تساوى أربع] و[الباء تساوى اثنان] و[الدال تساوى أربع] و[الألف تساوى واحد]. فصار عندنا [واحد وستون] فبدل أن يقول أبات القصيدة واحد و ستون بيتاً، قال أبياتُها [ند بدا] فوصَفَها بوصف جميل وأعطى فى الوقت نفسِه عدد الأبيات. ثم قال: {تاريخها بشرى لمن يتقنُها} يعنى هنيئاً لمن حفظها، وهذا أيضاً بيان فى أيةِ سنة نظم القصيدة، لما قال: {تاريخُها} يعنى تاريخ هذا النظم {بشرى لمن يتقنها} إذا جمعت [بشرى لمن يتقنها] يعطيك متى نظم هذا النظم، [فالباء تساوى اثنان] و[الشين تساوى ثلاثمائة] و[الراء تساوى مائتان] و[الياء تساوى عشرة] و[اللام تساوى ثلاثون] و[الميم تساوى أربعون] و[النون تساوى خمسون] و[الياء تساوى عشرة] و[التاء أربعمائة] و[الخاء تساوى مائة] و[النون تساوى خمسون] و[الهاء تساوى خمسة] و[الألف تساوى واحد]. فيكون المجموع ألف ومائة وتسعة وثمانون، بعض الشعراء أذكياء جداً بسرعة يعطونك بيتاً جميل المعنى وفى نفس الوقت عدد الحروف يعطيك التاريخ بواسطة هذه الطريقة.
قال المؤلف رحمه الله:
ثـم الصـلاة و الـسـلام أبـدا ... على ختام الأنبياء أحمد
و الآل و الصحب و كل تابعى ... و كل قارئ و كل سامع
الشرح: يعنى وكل قارئٍ للقرءان وكل من يستمع للقراءة. بهذا نكون أنهينا شرح تحفة الأطفال بفضل الله عز و جل و منه.
فائدة: فى حكم لفظ الجلالة {الله}
الشرح: أن اللام من لفظ الجلالة {الله} تفخم إن وقعت أول الكلام نحو: {الله لا إله إلا هو الحي القوم}.
* أو بعد فتح أو ضم نحو: {ومَا الله بغافل عما تعملون} و{يدُ الله فوق أيديهم} وذلك لمناسبة الفتح والضم التفخيم المناسب للفظ الجلالة {الله}
* وترقق اللام إذا وقعت بعد كسرة ولو منفصلة أو عارضة نحو: {لله} و{أفي الله شك} وقد ترقق إذا كان قبلها إمالة كبرى وذلك فى قراءة السوسي فى أحد الوجهين نحو: {نرى الله}.
15-) قراءات القرءان التى يقرأ بها فى الصلاة عشر قراءات
1) القراءة الأولى تسمّى قراءة نافع، و هو الذى نشر هذه القراءة وهو من التابعين كان من أهل المدينة.
2) القراءة الثانية تسمى قراءة ابنِ كثير وكان مكياً.
3) القراءة الثالثة قراءة أبو عمرو بنُ العلاء وهو من أهل البصرة.
4) القراءة الرابعة قراءةُ عبد الله بنِ عامر وهو من أهل الشام.
5) القراءة الخامسة هى قراءة عاصم ابنُ أبِى النَّجُود، وهذه القراءة هى أكثر القراءات انتشاراً أغلب المسلمين يقراؤن بحسب هذه القراءة وكان من أهل الكوفة.
6) القراءة السادسة قراءة حمزة بنِ حَبيب وهو من أهل الكوفة.
7) القراءة السابعة قراءة الكِسَائىِ وهو من أهل الكوفة ومن كبار أئمة اللغة، هذه القراءات السبعة متواترة لها مزية من بين قراءات القرءان كلها متواترة كل واحدة منها متواترة.
8) القراءة الثامنة قراءة أبى جعفر وكان من أهل المدينة.
9) القراءة التاسعة قراءة يعقوب بنِ إسحاق وكان من أهل البصرة.
10) القراءة العاشرة قراءة خَلفِ بنِ هشام وكان من أهل بغداد.
هؤلاء العشرة من أكابر علماء القراءة بين المسلمين، لكن هذه القراءات كلها مأخوذة عن النبى عليه الصلاة و السلام، لكن سميت باسم فلان وقراءة فلان لأن كل واحد منهم اشتهر بتدريس هذه القراءة. والله سبحانه وتعالى أعلم وأحكم وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على سيدنا محمد سيد الأولين و الآخرين.
:: عودة للمكتبة
تم بحمد الله