News:

أوصيكم بتقوية الهمة لنيل المعالي وهي سلامة الدين والتمكن من ذلك، وأحذركم من الركون إلى زخارف الدنيا وشهواتها، وأوصيكم بالقناعة بالقليل من الرزق

Main Menu

شرح منظومة الإمام البيقوني -أقسام الحديث

Started by alsunna, 03, 21

Previous topic - Next topic

alsunna

بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القوي المتين المغيث، الذي خلق فينا نصرَ الحق والتعقبَ الحثيث، والصلاة والسلام على من يشفى به كل سقيم ويحلو بذكره الحديث، وبعد

فهذا شرح متوسط لمنظومة الإمام البيقوني وأسأل الله أن يجنبني الخطأ والزلل وأن يثبتني على خير الملل، جعلته خالصاً لوجهه الكريم وحسبي قول ابن الوردي:

والناس لم يصنـّـفوا في العلم ِ ---- لكي يصيروا هدفـًـا للذمّ ِ
ما صنـفوا إلا ابتغاء الأجر ِ ---- والدعواتِ وجميل ِ الذكر ِ
_______________________

قال الإمام البيقوني في منظومته:

أبدأ ُ بالحمدِ مصلـّـيا على ----  محمدٍ خير ِ نبيّ ٍ ا ُرسِلا
وذي من أقسام ِ الحديثِ عِدّه ----  وكلُّ واحدٍ أتى وحدَّه
أولـُها الصحيحُ  وهو ما اتصلْ --  إسنادُه ولم يَـشذَّ  أو يُعَـلْ
يرويهِ عدلٌ ضابط ٌ عن مثلِهِ  ---- معتمَـدٌ في ضبطِه ونقلِه ِ


الشرح: قوله: (أبدأ بالحمد .......... إلى ءاخره)

أي أبدأ بحمد الله تعالى عملا بالحديث الذي حسنه ابن الصلاح من رواية أبي داود: كل أمر ذي بال لم يبدأ فيه بحمد الله فهو أقطع. أي ممحوق البركة أي ناقصها.
ثم أتبعها بالصلاة على رسول الله سيد العالمين صلى الله عليه وسلم لقوله تعالى: إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما. صدق الله العظيم

قوله: (وذي من أقسام .....)

أي هذه أقسام عديدة من الحديث بين المرتبة أي الصحيح والحسن والضعيف لأن الحديث ينقسم إلى هذه المراتب عند أهل الحديث، وبين اللقب كالمرفوع والموقوف والمعضل وهكذا. وكل واحد من هذه الأقسام أتى في النظم مذكورا مع حده أي التعريف الذي يجعله مميزا عن غيره. والحد: هو اللفظ الجامع المانع أي الجامع لأفراده أي ما هو داخل تحته المانع لما ليس منه من الدخول فيه. والمؤلف رحمه الله لم يفِ بما وعد هنا فقد ذكر بعض الأقسام بالمثال كقوله: معنعن كعن سعيد عن كرم، وهذا ليس حدا للمعنعن إنما مثال عليه ولكنه يفهمنا أن ما كان كذلك فهو معنعن فكأنه كما قال العلامة الزرقاني: استغنى بالمثال عن الحد.

قوله: (أولها الصحيح ..... إلى قوله.... في ضبطه ونقله)

أي أن الحديث الصحيح لا بد فيه من هذه الشروط وهي أن يكون السند متصلا والاتصال يكون بأن يكون كل راو روى عمن فوقه بلفظ يدل على السماع كـ: حدثني أو سمعت وما كان في هذه الدرجة، ولا يكفي قوله – عن فلان – ليكون سماعا، مع تفصيل في هذه المسألة. (يرويه عدل ضابط عن مثله) لابد من العدالة في كل طبقة من طبقات السند، والعدل هو المسلم البالغ العاقل الذي أدّى الواجبات واجتنب الكبائر ولم يصرَّ على الصغائر لأن الإصرار على الصغيرة ينقلب إلى معصية كبيرة فيصر الفاعل على هذه الصغيرة حتى تغلب حسناته سيئاته كما ذكر ذلك الإمام السيوطي، وكذلك يكون الراوي سلم من خوارم المروءة كصحبة الأراذل والبول في الطريق، قال الزرقاني:فلا يختص بالذَكَر والحُرّ. أما الضبط فهو نوعان:ضبط صدر وهو أن يحفظ الراوي في صدره ما سمعه بحيث يتمكن من استحضاره متى شاء، وضبط كتاب وهو أن يصون الراوي ما سمعه في كتابه إلى أن يؤدي منه بحيث يأمن عليه من التـحريف والزيادة وما أشبه ذلك،والمراد بالضبط هنا تمام الضبط وهو المراد عند الإطلاق في حد الصحيح لذاته، وهو ما وُجِدَت فيه الشروط الأربعة التي ذكرها المؤلف.
أما الصحابة فلا يُسأل عن عدالتهم في الرواية فلو علمنا أن هناك صحابيا حتى ولو لم يشتهر عندنا لا نبحث في كتب الحديث أو الجرح والتعديل هل كان ثقة أم لا لأن الصحابة عدول أي ثقات في الرواية ولكن يجوز عليهم الوقوع في المعصية، بعض كتاب الوحي ارتدوا فمات اثنان منهم على الكفر ورجع واحد منهم إلى الإسلام ذكره الحافظ العراقي في ألفية السيرة، أما الشذوذ فالمعتمد فيه أنه مخالفة الراوي الثقة لمن هم أو هو أولى منه بالحفظ والضبط، ليس كما قال الحافظ الخليلي في الارشاد أنه مجرد انفراد الراوي بحديث يكون شاذا، لا، وليس كما قال بعضهم مجرد المخالفة ولو كان المخالف ضعيفا، لا، بل المعتمد في تعريف الشاذ ما ذكر وهو ما صححه شيخ الاسلام أمير المؤمنين في الحديث ابن حجر العسقلاني رضي الله عنه في شرح النخبة. والعلة قسمان: علة ظاهرة وعلة خفية، فالعلة الظاهرة كانقطاع السند كأن يقول ابن حبان مثلا: قال ابن عمر أو قال نافع عن ابن عمر، فهو لم يسمع من نافع ولا من ابن عمر الصحابي رضي الله عنهم، والعلة الخفية هي كون الإسناد سالما أي مقبولا من حيث الظاهر لكنه حقيقة ليس كذلك لأمر يعرفه أهل هذا الفن كأبي حاتم الرازي والبخاري إمام المحدثين والدارقطني وأمثالهم.
فالحديث إذا توفرت فيه هذه الشروط فهو الصحيح لذاته أي صحيح في نفسه ليس لأنه صح بأمر ءاخر كأن يتقوى بإسناد ءاخر كما سيأتي، بل هو في نفسه صحيح، وهذا حد الصحيح المجمع عليه كما نص عليه العلامة الزرقاني.

alsunna

و الحسن المعروف طرقا وغدت ------ رجاله لا كالصحيح اشتهرت                  

هذا تعريف الحديث الحسن، والمراد به الحسن لذاته، وعند التحقيق في قواعد علم الحديث نرى أنه كالصحيح يشترط فيه اتصال السند وعدالة الرواة والسلامة من الشذوذ والعلة إلا في أمر الضبط. لهذا قال رحمه الله بأن رجال الحسن لم يشتهروا اشتهار رجال الصحيح.

فالحديث الحسن شروطه مثل شروط الصحيح ولكن يفترق مع الحديث الصحيح في تمام الضبط كما ذكر ملا علي القاري في شرح شرح النخبة (شرح نزهة النظر) ، راوي الحسن ضابط لكن ضبطه أخف من ضبط راوي الصحيح، يعني يروي الحديث ويكون له أخطاء لكن مازال يقال عنه ضابط، لا يكون فاحش الغلط أو مغفلا أو سيء الحفظ . فراوي الحديث الحسن يكون ثقة ضابطا لكن ضبطه أخف.
والحديث الحسن إذا روي من وجه ءاخر أي إسناد آخر حسن أو صحيح يرتفع إلى درجه الصحيح لغيره، فذات الإسناد ليس صحيحا لكن صار صحيحا بغيره أي بسبب تقويه بإسناد آخر ، فإذا لم يكن هناك إسناد آخر يقويه فهو حسن لذاته. وقد يرتفع إلى الصحيح لغيره بورود بعض الأسانيد الضعيفة ضعفا خفيفا.

ههنا مسألة مهمة: سبب نزول الحديث الحسن عن رتبة الصحة أن هناك خوفا من كون راويه صاحب الضبط الخفيف لم يضبط هذه الرواية فإذا روي من وجه أو وجوه أخرى مثله نعلم عندها أن ما كنا نخشاه من ضبطه قد زال بثبوت ذلك من رواية غيره فيرتفع إلى الصحيح لغيره لأنه لا داعي بعد بيان ضبطه أن يبقى حسنا لذاته فقط.

والحديث الحسن حجة عند كافة العلماء يجب العمل به كما يجب العمل بالحديث الصحيح بإجماع الصحابة وتواترت الأخبار بوجوب العمل بخبر الواحد الثابت ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: فليبلغ الشاهد منكم الغائب. رواه البخاري، فلو لم تكن الحجة قائمة لما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم بالتبليغ، ذكره الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه في كتاب الرسالة. أما الإجماع فنقله أيضا الإمام الشافعي حكى هذا عنه الإمام الأسنوي في نهاية السول شرح منهاج الأصول.

alsunna

وكل ما عن رتبة الحسن قصر------- فهو الضعيف وهو أقساما كثر

كل حديث قصر أي نزلت مرتبته عن الحسن فهو الضعيف لأن الحديث ثلاثة أقسام صحيح وحسن وضعيف فإذا كان أنزل درجة من الحسن فهو من باب أولى أنزل درجة من الصحيح وإذا كان أقل من الصحيح والحسن فهو الضعيف وهو أقسام كثيرة.

بعض أسباب ضعف الحديث :
من شروط الصحيح أن يكون متصل السند وكذلك الحسن في الأصل، فإذا لم يتصل السند فهو ضعيف – مع تفصيل في المرسل يأتي لاحقا - لأننا لا نستطيع أن نحكم بصحته ونحن لا نعرف الساقط من الإسناد، فيـُحكَم على الحديث بالضعف، ولكن ليس قطعا لأنه جائز أن يكون من قول النبي ولكن نحكم بالظاهر ولم يظهر لنا صحته.
أو أن يكون فيه راوي غير معروف عند أهل الحديث روى عنه واحد ولم يقل أحد أنه عدل ثقة في الحديث ولا جرحه أحد ولا عدله أحد ، جرحه أي كشف عيوبه في الحديث ، عدله أي بيّن أنه ثقة في الحديث. فإذا فقدت العدالة لا يحكم على الحديث بأنه صحيح أو حسن.

وهذا يأتي فيما بعد مفصلا إن شاء الله

alsunna

ههنا فوائد نفيسة تساعد في وجود مَلـَكة التدقيق في هذا العلم:
1- القول السالم من الاعتراض في تعريف الضعيف كالتالي:
الحديث الضعيف هو ما فقد شروط القبول.

2- قال الإمام السيوطي في تدريب الراوي: قال الخطابي في معالم السنن - وتبعه ابن الصلاح -  الحديث ينقسم عند أهله على ثلاثة أقسام صحيح وحسن وضعيف ((( لأنه إما مقبول أو مردود ))) والمقبول إما أن يشتمل من صفات القبول على أعلاها أو لا، والأول الصحيح والثاني الحسن والمردود لا حاجة إلى تقسيمه لأنه لا ترجيح بين أفراده، واعتـُرض بأن مراتبه أيضا متفاوتة فمنه ما يصلح للاعتبار وما لا يصلح كما سيأتي، فكان ينبغي الاهتمام بتمييز الأول من غيره.
وأجيب بأن الصالح للاعتبار داخل في قسم المقبول لأنه من قسم الحسن لغيره وإن نظر إليه باعتبار ذاته فهو أعلى مراتب الضعيف. انتهى

أقول: نعم، إقرار الإمام السيوطي للاعتراض صحيح في محله، فإن الضعيف ينقسم إلى ضعيفٍ ضعفا خفيفا ومتوسطـَ الضعف وشديدَ الضعفِ وإلى ما دونه وهو الموضوع، ويسمى الموضوع حديثا من باب المجاز وإلا فالثابت أنه مكذوب فليس حديثا.

أما تقسيم الضعيف إلى مراتب فهذا هو المعمول به في كتب الأئمة وهذا ما تلقيناه، فإننا نجدهم وصفوا الحديث بالنكارة - أي منكر- لسوء حفظ الراوي وتارة يصفونه بأنه متروك لأن راويه شديد الضعف كأن كان متهما بالكذب، وفيه يقول الحافظ السيوطي في الألفية:
وسَـمّ بالمتروك فردا تصبِ --- راو ٍ له متهم بالكذبِ
أو عرفوه منه في غير الأثر.

فالضعيف أيضا درجات، لكنه واحد من حيث المقابلة للحسن والصحيح، أي جنسٌ أنواعه عديدة، كما نقول: الحيوان جنس وأنواعه كثيرة كالإنسان والغزال وغيرهما.

alsunna

وما أضيفَ للنبيْ المرفوعُ ----- وما لتابعٍ هو المقطوعُ

يعني رحمه الله أن الحديث الذي تضيفه للنبي صلى الله عليه وسلم يسمى مرفوعا، وهو يشمل كل قول وفعل وإقرار للرسول صلى الله عليه وسلم.

فالمرفوع القولي كأن يقول الصحابي سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول كذا، أو: قال كذا. وكذلك مَن دون الصحابي كالتابعي وسيأتي حكمه أو من دونه كأن يقول البخاري: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم كذا وكذا فهذا معلق من البخاري لكنه مرفوع.

والمرفوع الفعلي كأن يقول الصحابي، قام رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفعل كذا. وكذا من دون الصحابي كما مر

والمرفوع الإقراري كأن يفعل أحد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم شيئا فيقره ولا ينكره، فهذا يسمى إقرارا.

ويدخل في المرفوع المرفوع الحكمي، كأن يقول الصحابي ما لا مجال للرأي والاجتهاد فيه كالإخبار عن الجنة ونعيمها وما شابه هذا، فهذا لا بد من أن يكون الصحابي سمعه من الرسول صلى الله عليه وسلم.

وأما ما كان من قول التابعي أو فعله فيسمى مقطوعا وهو من لقي الصحابي وكان مسلما - وهذه مسألة فيها تفصيل كثير والحاصل أنه لا بد من كونه مسلما وأن يموت مسلما - لأن الاتباع كما قال العراقي مقيد بالاتباع بإحسان وكذا قبله ابن الصلاح رضي الله عنهما -

alsunna

والمسندُ المتصلُ الإسنادِ من ---- راويهِ حتى المصطفى ولم يَبـِنْ

الشرح: الحديث المسند فيه ثلاثة أقوال:
الأول كما قال الحاكم: هو ان يرويه المحدث عن شيخ يظهر سماعه منه لسن يحتمله وكذلك سماع شيخه من شيخه إلى أن يصل الإسناد إلى صحابي مشهور إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. ورجحه في شرح النخبة، وقال السيوطي في تدريب الراوي: إنه الأصح.

الثاني: قول الخطيب البغدادي وهو الاتصال ولو مع الوقف لكنه قال: إن ذلك يأتي لكن بقِلـَّـة. ونقله عن المحدثين
ويؤيده رواية الإمام أحمد في مسنده أحاديث موقوفة مع أنه أدخلها في كتابه (المسنَد) وقد يُرَدّ ذلك بأن ذلك لا يخرجه عن موضوعه وهو مرويات الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم وإيراد ذلك بقلة لا يضر في إلزامه إدخال ما ليس منه.

القول الثالث: قول ابن عبد البر بأنه هو المرفوع، لكن رده شيخ الاسلام ابن حجر في شرح النخبة بأنه يصدق على المرسل والمعلق والمعضل ولا قائل به.

فالصحيح في تعريف المسند هو المتصل المرفوع كما مر
ومعنى قول البيقوني رحمه الله "ولم يبن" أي لم ينقطع وصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم

alsunna

وما بسمع كل راوٍ يتصلْ ----- إسنادُهُ للمصطفى فالمتصلْ

الشرح: أن المتصلَ هو ما ثبت فيه سماعُ كلِّ راوٍ مِمّن فوقه  وذلك بصيغة تدل على السماع والتلقي كسمعت وقال لي وحدثني الخ وصولا إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى صحابي، وهنا تفصيل:

المتصلُ خصّه الناظمُ بما اتصل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وهذا ليس على إطلاقه عند الأئمة.

لهذا لم يأخذ الشارح العلامة الزُرقاني بظاهر كلامه وإطلاقه فقال شارحا: أو لصحابي موقوفا عليه، وكذا غيره من أئمة الحديث المصنفين في هذا الباب.

هذا يسمى المتصلَ والموصول والمؤتصل.

وأجاز الأئمة أن يقال: هذا إسناد متصل، إذا أضيف لتابعي، لكن مع التقييد، فتقول: هذا متصل إلى سعيد بن المسيب وهكذا.

فليست عبارة الناظم على إطلاقها وظاهرها

alsunna

مُسَـلسَـلٌ قل ما على وصفٍ أتى ---- مثلُ أمَا واللهِ أنباني الفتى

كذاك قد حدّثـنِــيـهِ قائما ---- أو بـعـدَ أن حدّثـني تـَـبَـسّما


الشرح: الإسنادُ المسلسلُ هو ما اتفقت فيه الرواة على هيئةٍ واحدةٍ في كل الإسناد أو غالبـِهِ.

وهو أقسام:

1- المسلسل القولي كالمسلسل بقول "إني أحبك"، فإنه لما قال صلى الله عليه وسلم لمعاذ: (إني أحبك، فقل في دُبُر كلِّ صلاةٍ: اللهم أعِنـّـي على ذكرك وشكرك وحسنِ عبادتِك) تسلسل بعد ذلك بقول الرواة "وأنا أحبك فقل ... الحديثَ.

2- المسلسلُ الفعلي كالمسلسل بشبك الأيدي، كما فعل صلى الله عليه وسلم مع أبي هريرة، قال أبو هريرة رضي الله عنه: (شبك بيدي أبو القاسم صلى الله عليه وسلم وقال: خلق الله الأرضَ ....... الحديث)، وتسلسل تشابك الأيدي فيما بعد.

وقد يجتمع التسلسل القولي والفعلي كما في حديث: (لا يجدُ العبدُ حلاوةََ الإيمانِ حتى يؤمن بالقدر خيره وشرّه حلوه ومرّه) قال أنس: وقبض رسول الله صلى الله عليه وسلم على لحيته وقال: "ءامنتُ بالقدر" فتسلسل قبض الرواة على لحاهم مع قولهم "ءامنتُ بالقدر"

وهناك صورٌ أخرى للمسلسل ليس هذا موضعَها.

فائدة: أشهرُ المسلسلات الحديث المسلسلُ بالأوّلِـيّة يعني أنه أولُ حديثٍ سمعه فلان من فلان وهكذا.

والتسلسلُ فيه إلى سيّدنا سفيانَ بن ِ عيينة فقط، ومن رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقد وهم كما أفاده الحافظ ابن حجر.

فائدة: مِن أصحّ المسلسلاتِ المسلسلُ بقراءة سورة الصفّ، فقد تسلسل الحديث بقراءتها كما هو مبسوط في محله.

alsunna

عزيزُ مروِيْ اثنين أو ثلاثه ---- مشهورُ مرويْ فوق ما ثلاثه

الشرح: أن الخبرَ العزيزَ هو ما رواه ما لا يقلّ عن اثنين عمّـا لا يقل عن اثنين، وهذا يُفهم أن الزيادة على اثنين في بعض المواضع أحسن ومن باب أَوْلـَى.

وقوله: (اثنين أو ثلاثه) يدل على التخيير، وهو كذلك عند ابن منده وغيره وعليه مشى الإمام ابن الصلاح ومن تبعه إذا كان من روى الحديث اثنين أو ثلاثه عن إمام من الأئمة المشهورين الموصوف بأنه (يُجمَـعُ حديثـُه) لجلالته كالإمام الزهري.

وخالفهم الإمام الحافظ ابن حجر محرّرُ هذا العلم وقيّد العزيز بما ذكرته فوقُ وصولا إلى من عليه مدار الحديث وهو الصحابي، وإن روى الحديث صحابيان فهو عزيز عن النبي صلى الله عليه وسلم.

والمشهور ما رواه ما لا يقل عن ثلاثة عمّـا لا يقل عن ثلاثة من دون أن يبلغ حدّ التواتر وسيأتي ذكر المتواتر في فصل مستقل لأهميته.

فائدة: سُمـّـي العزيزُ بذلك إما لعزّته أي لقلة وجوده - خلافا لمن أنكر وجود صورته أصلا - وإما لتقوّيه بمجيء الإسناد من طريق ءاخر كقوله تعالى: (فعززنا بثالثٍ) أي قوّينا، أما المشهور فسُمي بذلك لشهرته ووضوح أمره وانتشاره.

فائدة: قد يكون الحديث عزيزا عن النبي صلى الله عليه وسلم بأن يرويه مثلا أبو هريرة وأنس رضي الله عنهما، مشهورا عن أنس بأن يرويه عنه ثلاثة أو أكثر دون أن يصل إلى حد التواتر.

والمشهور والمستفيض بمعنى واحد عند بعض العلماء وبعض العلماء فرّقوا بينهما بأن المشهور أعمّ فقد يكون مشهورا ولا إسناد له كالأحاديث المشتهرة على ألسنة الناس أو غير ذلك.

ولاجتماع العزيز والمشهور في أصل واحد صورٌ كثيرة منها - للتمثيل فقط - أن يكون مشهورا رواه ثلاثة من الصحابة رضي الله عنهم عن النبي صلى الله عليه وسلم كأن يرويه ثلاثة من الصحابة ويرويه عن كل صحابي اثنان من التابعين، فهذا مشهور عن النبي صلى الله عليه وسلم عزيز عن كل صحابي من الذين رووه عن النبي صلى الله عليه وسلم.

فائدة: العزيز ليس شرطا لصحة الحديث كما زعم الجُبـّـائي من المعتزلة لعنة الله على كل رأس من رءوس المعتزلة، وكذلك خلافا لما يومئ إليه كلام الإمام الحاكم صاحب المستدرك.

alsunna

معنعَنٌ كعَنْ سعيدٍ عن كرَمْ ---- ومُبهَمٌ ما فيه راوٍ لم يُسَمّْ

الشرح: اشتمل هذا البيت على أمرين من علم الحديث، الأول الإسناد المعنعن وهو ما اقتصر فيه راو أو أكثر على لفظة "عن" بدلا من "حدّثـنا" أو "سمعتُ" الخ.

والناظم رحمه الله في هذا البيت لم يذكر حدَّ المعنعن بل أعطى مثالا استغنى به عن الحد وقد أمن اللبس فلا ضرر.

والذي عليه الجمهورُ أن الراوي إذا قال "عن فلان" فإن محمول على الاتصال ويُقبـَـلُ مرويُّه بشرط أن يكون غيرَ مدلسٍ - وسيأتي تعريفه - وأمكن لقاؤه لمن عنعنَ عنه على ما ذهب إليه الإمام مسلم فلم يشترط ثبوت الملاقاة بل اكتفى بالمعاصرة وإمكان اللقاء، أما الإمام البخاري وشيخه الإمام ابن المديني فإنهما اشترطا ثبوت اللقاء.

ولهذا كانت الأحاديث المنتـقـَدَة في صحيح البخاري أقلَّ منها في صحيح مسلم.

واشترط بعض الأئمة طولَ الصحبةِ واشترط البعض كون المعنعِنِ معروفا بالرواية عمَّن عنعن عنه.

ومذهب الجمهور أيضا أنْ لا فرقَ بين "عن فلان" و"أنّ فلانا" فالأول معنعن والثاني مؤنأن ومؤنَّنْ، والعبرة كما مر باللقاء والسماع مع السلامة من التدليس.

فائدة: قال البعض بأن المعنعن لا يؤخذ به حتى يَرِدَ من وجهٍ ءاخرَ التصريح بالتحديث فيه، وهذا مردود بعمل السلف.

فائدة: فـُهـِمَ من تقييدنا العنعنة باشتراط اللقاء أن التابعي إذا عنعن عن النبي صلى الله عليه وسلم فهو مرسَـلٌ، وعلى هذا فقِسْ.

أما المبهم، فهو ورود شخص في الإسناد أو المتن غيرَ مُسَمّىً كأن يقول الراوي:

"عن رجل" أو "عن أحد التابعين" أو "عن ابن عم فلان".

ويُعرف المبهم ويزول إبهامه بوروده من طريق ءاخر أو التنصيص عليه من طريق أحد الحفاظ.

ومثاله في المتن، ما رواه مسلم عن عائشة أن امرأة قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم: هل تغتسل المرأة إذا احتلمت وأبصرت الماء؟ فقال "نعم".

وأمثلته كثيرة وتفصيلاته مذكورة في المُطوَّلات