مُختصَر المَوْرد المُعِين
في ردِّ شُبُهات الجاهِلِين
الجُزء الأوَّل: في خمس مسائل
الحمدلله وصلَّى الله وسلَّم على رسول الله. أمَّا بعدُ فهذا الجُزء الأوَّل مِن مُختصَر المَوْرد المُعِين في ردِّ شُبُهات الجاهلين في خمس مسائل
1. كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر [10/مسائل].
2. تحريم الخُروج على الإمام العادل [10/مسائل].
3. لا يُخفَّف عن الكافرين مِن عذاب جهنَّم [مسألتان].
4. الاختلاف في تكفير إخوة يوسُف عليه السَّلام [مسألتان].
5. الاختلاف في عصمة الأنبياء عن الصَّغائر غير المُنفِّرة [10/مسائل].
==========
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[1/10]
الشُّبهة:
زعم أهل الفتنة أنَّ سُؤال الكافر عن دينه مع العلم بجوابه الكُفريِّ ليس كُفرًا.
الجواب:
سُؤال الكافر عن دينه مع العلم بجوابه الكُفريِّ: كُفر؛ لأنَّه مُشتمل على الرِّضَى بكُفر المسؤول؛ بخلاف ما لو سأل إنكارًا أو ظَنَّهُ لا يُجيب.
الدَّليل:
قال الله تعالى: {وَلَا يَرْضَىْ لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ} صدق الله العظيم.
وأجمعتِ الأُمَّة على أنَّ الرِّضى بالكُفر كُفر.
وقال الحافظ مُحمَّد مُرتضى الزَّبيديُّ في [شرح الإحياء]: <ومَن أراد مِن خَلْقِ الله أنْ يكفُروا بالله فهُو لا محالة كافر> انتهى.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[2/10]
الشُّبهة:
استدلَّ أهل الفتنة برواية فيها أنَّ نبيَّنا سأل عدَّاسًا النَّينويَّ عن دينه.
الجواب:
الرِّواية مُنقطعة السَّند لا تثبُت ولا يصحُّ الاحتجاج بها مُطلَقًا.
الدَّليل:
هذا الخبر رُوِيَ مُنقطعًا عند مُحمَّد بن كعب التَّابعيِّ ومراسيل التَّابعين ضعيفة.
قال مُسلم في [مُقدِّمة صحيحه]: <وَالْمُرْسَلُ مِن الرِّوَايَاتِ فِي أَصْلِ قَوْلِنَا وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالْأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ> انتهى.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[3/10]
الشُّبهة:
استدلَّ أهل الفتنة برواية فيها أنَّ النَّبيَّ سأل رجُلًا: <ألستَ ركوسيًّا> انتهى.
الجواب:
هذه رواية ضعيفة لا يُحتجُّ بها، ولو صحَّت فالسُّؤال تقريريٌّ جاء في سياق قطع الخصم لا طلبًا لجوابه وهذا سائغ شائع في لُغة العرب.
الدَّليل:
رُويَ عن أبي عُبيدة عن عديٍّ ورواه الأكثر عن أبي عُبيدةَ عن رجُلٍ (غير مُسمَّى) عن عديٍّ؛ فالرِّواية بهذه الحُروف ضعيفة.
والرِّواية مِن طريق قتادة قال فيها الطَّبرانيُّ: <لم يَروِ هذا الحديث عن قتادة إلَّا هشامٌ الدَّستوائيُّ تفرَّد به ابنُه عبدُالله> انتهى وعبدالله متروك الحديث، وورد في المُعجم الأوسط للطَّبرانيِّ وليس فيه أنَّ عديًّا أجاب.
وفي رواية عند ابن حبَّانَ والتِّرمذيِّ أنَّه عليه الصَّلاة والسَّلام قال: <يا عديُّ بن حاتم ما أفرَّك أنْ تقول لا إله إلَّا الله فهل مِن إله إلَّا الله، ما أفرَّك مِن أنْ تقول الله أكبر فهل مِن شيء أكبر مِن الله؟ قال: فأسلمتُ ورأيتُ وجه رسول الله قد استبشر> انتهى.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[4/10]
الشُّبهة:
استدلَّ أهل الفتنة برواية فيها أنَّ النَّبيَّ سأل رجُلًا: <كم إلهًا تعبُد اليوم> انتهى.
الجواب:
هذا خبر غير صحيح بالمرَّة فلا يُحتجُّ به.
الدَّليل:
قال الكوثريُّ في هامش [السَّيف الصَّقيل] عن سند هذه الرِّواية: <وبمثل هذا السَّند لا يُستدلُّ في الأعمال فضلًا عن الاستدلال به في المُعتقد> انتهى.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[5/10]
الشُّبهة:
استدلَّ أهل الفتنة برواية فيها أنَّ عُمر سأل يهوديًّا: (مِن أيِّ أهل الكتاب أنت؟) وقالوا إنَّ أبا يوسف القاضي استحسنه بدليل روايته له.
الجواب:
هذا خبر ضعيف لم يروه إلَّا عُمر بن نافع وقد ضعَّفه الحُفَّاظ لا يُستدل برواية الواحد في المُعتقد؛ ولو ثبت فليس فيه أنَّه كان مُتيقِّنًا أنَّه يُجيب بالكُفر فلعلَّه سأل تعجُّبًا أو أراده أنْ يسكُت.
الدَّليل:
هُو عُمر بن نافع الثَّقفيُّ قال ابن مُعين ليس حديثه بشيء وضعَّفه أبو زُرعة الرَّازيُّ وذكره السَّاجي وابن الجارود في الضُّعفاء.
والأثر نقله ابن زنجوَيه في كتاب الأموال بسند ضعيف عن عُمر بن نافع نفسه وليس فيه أنَّه سأله!
ومُجرَّد رواية القاضي أبي يوسف للأثر لا يعني أنَّه يستحسنُه فالطَّبرانيُّ روى: <لمَّا قضى خلقَه استلقى فوضع إحدى رجلَيه على الأُخرى> انتهى ولم يُنبِّه إلى شيء فهل كان يستحسن ذلك! نعوذ بالله.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[6/10]
الشُّبهة:
استدل أهل الفتنة بما في [الفقيه والمتفقِّه] مِن تجويز سُؤال الكافر عن دينه.
الجواب:
ما في [الفقيه والمُتفقِّه] محمول في مُخاطبة الكافر على مَا ظاهره التَّفويض وحقيقتُه الإنكار ولا يجوز حملُه على السُّؤال مع معرفة الجواب الكُفريِّ.
الدَّليل:
الخطيب البغداديُّ مَثَّلَ بما ظاهره التَّفويض وحقيقته الإنكار ولذلك قرن كلامه بذكر قوله تعالى إخبارًا عن إبراهيم في قوله لأبيه: {لِمَ تَعْبُدُ مَا لَا يَسْمَعُ وَلَا يُبْصِرُ وَلَا يُغْنِي عَنكَ شَيْئًا}.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[7/10]
الشُّبهة:
استدلَّ أهل الفتنة بسُؤال مُنكر ونكير للميِّت عن دينه.
الجواب:
هُما يعرفان أنَّ الكافر يقولُ "لا أدري عن دهشة وسبقِ لسانٍ مِن شدَّة الفزع.
الدَّليل:
قال الشَّيخ عبدالله الهرريُّ الحبشيُّ في [الشَّرح القويم في حلِّ ألفاظ الصِّراط المُستقيم]: <فالجواب: أنَّه يُجيب مُخْبِرًا عمَّا كان يعتقده في الماضي قبلَ الموت مِن غير أنْ يعتقد الآنَ أنَّه حقٌّ وبهذا زال الإشكال> انتهى.
والميِّت عندما يُجيب لا يكون آخذًا بكُفر ولا قابلًا به ولا يُجيب عن حاله بعد الموت بل عن حاله في الدُّنيا أمَّا بعد الموت فتغيَّر اعتقادُه.
ورد في الحديث: <ملَكانِ شديدَا الانتهار فينتهرانِه> انتهى.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[8/10]
الشُّبهة:
استدلَّ أهل الفتنة بقول إبراهيم: {مَا تَعْبُدُونَ}.
الجواب:
إبراهيم عليه السَّلام وإنَّما سألهُم سُؤالًا إنكاريًّا مُريدًا توبيخهُم.
الدَّليل:
قال القونويُّ: <الاستفهام هنا للإنكار لا للاستعلام> انتهى.
وقال الإيجيُّ: <أنكرَ عليهم عبادة الأصنام> انتهى.
وقال القرطبيُّ: <وعيبُه على قومه ما يعبدون وإنَّما قال ذلك مُلزمًا لهم الحُجَّة> انتهى.
وهذا حقٌّ وصدقٌ بدليل قول المُفسِّرين إنَّ: {أتعبدونَ ما تنحِتونَ واللهُ خلقَكم وما تعملونَ} و: {إذْ قالَ لأبيهِ وقومهِ ما هذهِ التَّماثيلُ الَّتي أنتُم لها عاكفونَ} مع قوله عليه السَّلام: {مَاذَا تَعْبُدُونَ} كُلَّها ألفاظ مُختلِفة لمعنًى واحد.
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[9/10]
الشُّبهة:
استدلَّ أهل الفتنة برواية فيها أنَّ عليًّا سأل مُرتدًّا؛ عن دينه.
الجواب:
هذه رواية ضعيفة، ولو صحَّت فليس فيها حُجَّة للخصم لأنَّه ليس فيها ما يدُلُّ أنَّ عليًّا كان يعرف الجواب.
الدَّليل:
قال البيهقيُّ في [السُّنن الكُبرى]: <عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ رَحِمَهُ اللهُ أَنَّهُ ضَعَّفَ الْحَدِيثَ الَّذِي رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ مِيرَاثَ الْمُرْتَدِّ لِوَرَثَتِهِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ> انتهى.
والأثر رواه جماعة فلم يُوجد أنَّه سأله عن دينه إلَّا في رواية شَرِيك وهُو مُتكلَّمٌ فيه عن سِماك وهو مُتَكَلَّمٌ فيه كذلك لكن رواية شُعبة عن سِماك ليس فيها ذلك.
وقال الشَّافعيُّ: <قَدْ يَزْعُمُ بَعْضُ أَهْلِ الْحَدِيثِ مِنْكُمْ أَنَّهُ غَلَطٌ> و: <مِنْكُمْ مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ الْحُفَّاظَ لَمْ يَحْفَظُوا عَنْ عَلِيٍّ "فَقَسَمَ مَالَهُ بَيْنَ وَرَثَتِهِ الْمُسْلِمِينَ" وَنَخَافُ أَنْ يَكُونَ الَّذِي زَادَ هَذَا غَلِطَ> انتهى.
==========
كُفر مَن استنطق النَّاس بالكُفر
[10/10]
الشُّبهة:
قال أهل الفتنة: "إنَّ قول الكافر أنا كافر مُشتمِل على خبر صادق فكيف يكون في الخبر الصَّادق رضًى بالكُفر؟" انتهى.
الجواب:
الرِّضَى في العقائد هُو الأخذ والقَبول ولا يُشترط فيه الفرح؛ فلو قال: (أُنْكِرُ وُجودَ الله) وكان كلامُه خبرًا صادقًا عن اعتقاده الإلحاد: فقد ازداد كُفرًا لأنَّه أفاد أنَّه يأخُذ بالكُفر ويقبلُه ويُقرِّرُه ولو كان قلبُه كارهًا كونَه مُلحدًا.
الدَّليل:
في الحديث القدسيِّ: <شَتَمَنِي عَبْدِي وَأَمَّا شَتْمُهُ إِيَّايَ فَقَوْلُهُ اتَّخَذَ اللهُ وَلَدًا وَأَنَا الْأَحَدُ الصَّمَدُ لَمْ أَلِدْ وَلَمْ أُولَدْ> انتهى.
تحريم الخروج على الإمام العادل
[1/10]
الشُّبهة:
زعم أهل الفتنة أنَّ الَّذين قاتلوا الإمام عليًّ وقتلوا عمَّارًا مُجتهدون مأجورون.
الجواب:
القاعدة عند أهل السُّنَّة أنَّه لا اجتهاد مع النَّصِّ، وتحريم الخُروج على الإمام العادل بنُصوص القُرآن والحديث والإجماع.
الدَّليل:
قال تعالى: {وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنكُمْ}.
وقال نبيِّنا عليه الصَّلاة والسَّلام: <ويح عمَّار تقتله الفئة الباغية> وهُو مُتواتر إلى هُنا وتتمَّتُه صحيحة وفيها: <يدعوهُم إلى الجنَّة ويدعونه إلى النَّار> انتهى ورواه البُخاريُّ وغيرُه.
والأُمَّة مُجمِعة على تحريم الخُروج على الإمام العادل.
وقال الله تعالى: {وَلَا تَقْتُلُوا النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللهُ إِلَّا بِالْحَقِّ}.
تحريم الخروج على الإمام العادل
[2/10]
الشُّبهة:
لو كان البغاة آثمين لَمَا وجدنا في كُتُب بعض العُلماء أنَّهم مأجورون.
الجواب:
أهل السُّنَّة مُتَّفقون أنَّه لا يُؤخذ بما يُخالف الشَّرع. على أنَّ كثيرًا ممَّا في الكُتُب مدسوس لا يثبُت.
الدَّليل:
قال مالك: <كُلُّ أَحَدٍ يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِهِ وَيُرَدُّ إِلَّا صَاحِبَ هَذَا الْقَبْرِ> انتهى.
وقال ابن المُبارك: <إنَّ الإسناد مِن الدِّين، ولولا الإسنادُ لقال مَن شاء ما شاء> انتهى.
وقال الشَّيخ عبدالله الهرريُّ: <إنَّ النُّسَخ الَّتي لم تكن مُقابَلة بيد ثقة على نُسخة قابَلها ثقة وهكذا إلى أصل المُؤلِّف الَّذي كتبه بخطِّه أو كتبه ثقة بإملاء المُؤلِّف فقابَله على المُؤلِّف لا تُعتبر نُسَخًا صحيحة> انتهى.
تحريم الخروج على الإمام العادل
[3/10]
الشُّبهة:
زعم أهل الفتنة أنَّ العُلماء ما حملوا قوله تعالى: {فَإِن بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَىٰ فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي} على ما جرى بين الإمام عليٍّ ومُعاوية.
الجواب:
كذبوا؛ بل الآية عند العُلماء أصل في الأمر بقتال الفئة الباغية.
الدَّليل:
قال الإمام البيهقيُّ: <وفي كُلِّ هذا دلالة على أنَّ الشَّافعيَّ رحمه الله كان يعتقد في عليٍّ رضي الله عنه أنَّه كان مُحقًّا في قتال مَن خرج عليه، وأنَّ مُعاوية ومَن قاتله لم يخرُجوا بالبغي مِن الإيمان لأنَّ الله تعالى سمَّى الطَّائفتَين جميعًا مُؤمنِين (والآية عامَّة) وجرى عليٌّ رضي الله عنه في قتالهم مجرى قتال الإمام العادل مَن خرج مِن طاعته مِن المُؤمنين وسار بسيرته في قتالهم وقصد به حملهم على الرُّجوع إلى الطَّاعة كما قال الله تعالى: {فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّىٰ تَفِيءَ إِلَىٰ أَمْرِ اللهِ}> انتهى.
تحريم الخروج على الإمام العادل
[4/10]
الشُّبهة:
زعم أهل الفتنة أنَّ أهل السُّنَّة مُجمعون على عدم تأثيم البُغاة.
الجواب:
هذا كلام باطل بل أجمع العُلماء على تأثيم البُغاة.
الدَّليل:
قال الجُرجانيُّ في [الإمامة] ذاكرًا ما أجمع عليه فُقهاء الحجاز والعراق منهُم مالك والشَّافعيُّ وأبو حنيفة والأوزاعيُّ والجُمهور الأعظم مِن المُتكلِّمِين: <وقالوا أيضًا بأنَّ الَّذين قاتلوه بُغاة ظالمون له ولكن لا يجوز تكفيرُهُم ببغيهم> انتهى.
وقال البغداديُّ في [الفَرْق بَين الفِرَق]: <وكان أهل السُّنَّة والجماعة يقولون بصحَّة إسلام الفريقَين في حرب الجَمَل وقالوا إنَّ عليًّا كان على الحقِّ في قتالهم؛ وأصحاب الجَمَل كانوا عُصاة مُخطِئِين في قتال عليٍّ ولم يكُن خطؤُهُم كُفرًا؛ ولا فسقًا يُسقط شهادتهُم> انتهى.
تحريم الخروج على الإمام العادل
[5/10]
الشُّبهة:
زعم أهل الفتنة أنَّ كُلَّ الصَّحابة عُدول فيحرُم قول إنَّ مُعاوية أَثِمَ.
الجواب:
الصَّحابة عُدول في تجنُّب الكذب في الرِّواية عن الرَّسول صلَّى الله عليه وسلَّم وليسوا معصومين عن الصغائر ولا عن الكبائر.
الدَّليل:
ثبت عن رسول الله أنَّه قال في بعض الصَّحابة: <هُو في النَّار> رواه البُخاريُّ.
قال اللَّكنوي في [ظَفَر الأماني]: <وقد تُطلَق العدالة على التَّجنُّب عن تعمُّد الكذب في الرِّواية وانحراف فيها بارتكاب ما يُوجب عدم قبولها. وهذا المعنى هُو مُراد المُحدِّثين مِن قولهم: الصَّحابة كُلُّهم عُدول. فقد قال السَّخاويُّ في [فتح المُغيث]: قال ابن الأنباريِّ: (ليس المُراد بِعَدالَتِهم ثبوت العصمة لهم واستحالة المعصية منهم وإنَّما المُراد قبول روايتهم مِن غير تكلُّفِ البحث عن أسباب العدالة وطلب التَّزكية)> انتهى.
تحريم الخروج على الإمام العادل
[6/10]
الشُّبهة:
زعم أهل الفتنة أنَّ شيخنا الهرريَّ حرَّف مذهب الأشعريِّ في البُغاة.
الجواب:
ثبت أنَّ الأشعريَّ قال بتأثيم مَن قاتل سيِّدنا عليًّا.
الدَّليل:
ففي [المُجرَّد] عن خروج مُعاوية: <إنَّه كان باجتهاد منه وإنَّ ذلك كان خطأً وباطلًا ومُنكرًا وبغيًا على معنى أنَّه خُروج على إمام عادل> انتهى.
وحكم الأشعريُّ بتوبة طلحة والزُّبَير فقال: <وإنَّهما رجعَا عن ذلك وندمَا وأظهرَا التَّوبة> إلخ.. بينما قال في مُعاوية: <وأمَّا خطأُ مَن لم يُبشِّره رسولُ الله صلَّى الله عليه وسلَّم بالجنَّة في أمره فإنَّه يجوز غُفرانه والعفوُ عنه> انتهى وهُو قولُنا في أهل الكبائر.
وقال: <وإنَّ الأمر بعد عليِّ بن أبي طالب كان مُلكًا؛ ولا يقول لأحد بعدَه إنَّه كان إمامًا عادلًا مُفترضَ الطَّاعة> ان