News:

عليكم بالثبات على طلب العلم ، ورد في حديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يشبع مؤمنٌ من خير يسمعُهُ حتىيكون منتهاهُ الجنة، معناه المؤمن ينبغي أن لا يشبع من العلم لا يقل أنا تعلمت كذا وكذا ويترك طلب المزيد ، ثم العلم الديني يؤخذ من أفواه العلماء ليس بمطالعة الكتب كما يفعل كثير من أهل هذا الزمن علوم الدنيا يتلقونها من أفواه العارفين بها وعلم الدين أولى بأن يؤخذ من أفواه العلماء للأمن من الغلطِ والتحريف، بارك الله بكم اهتموا وزيدوا اهتماما وعناية بعلم الدين ، المتعبدُ بلا علم فهو على خطر كبير لا يعرف صلاتهُ صحيحةٌ أو حجُه صحيحٌ وزكاته وصيامه صحيحٌ أم لا ، عملٌ قليلٌ مع معرفةٍ بالعلمِ خيرٌ من كثيرمع الجهل.

Main Menu

معاصي اللسان

Started by alsunna, 03, 17

Previous topic - Next topic

alsunna

معاصي اللسان

بسم الله الرحمن الرحيم و الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الطاهر الأمين و بعد:

يقولُ اللهُ تعالى في كتابِه العزيز: { يا أيُّها الذينَ ءامنوا لا يَسْخَرْ قومٌ من قَومٍ عسَى أن يكونوا خَيراً منهم. ولا نساءٌ من نساءٍ عسَى أن يَكنَّ خَيْراً منهُنَّ ولا تَلمِزُوا أنفُسَكُم وَلا تَنابَزُوا بالألقاب، بِئْسَ الاسْمُ الفُسُوقُ بعدَ الايمانِ، ومَنْ لَمْ يتُب فأولئكَ همُ الظالمون } سورة الحجرات/ءاية 11. ويقولُ تعالى أيضاً: }يا أيُّها الذينَ ءامنوا اجتَنِبُوا كثيراً مِنَ الظَّنِّ إنَّ بَعْضَ الظنِّ إثْمٌ، ولا تجسَّسُوا ولا يَغْتَبْ بَعْضُكُم بَعْضَاً، أَيُحِبُّ أحَدُكُم أن يأكُلَ لَحْمَ أخِيهِ مَيْتَاً فَكَرِهْتُمُوه، واتَّقُوا اللهَ، إنَّ اللهَ توّابٌ رحِيْمٌ { سورة الحجرات/ءاية 12.

إخوة الايمان، نذكرَُ بعضِ معاصي اللسانِ لتكونوا على بيّنةٍ من أمرِكم ولتُعلِّموها غيرَكُم إنقاذاً لهم من المهالكِ فإنَّ أكثرَ المهالكِ والمعاصي سببُها اللسانُ الذي جِرمُه صغيرٌ وجُرْمُه كبير. وسنبدأُ بتعريفِ الغيبة، روى مسلمٌ والترمذيُ وأبو داودَ من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال :" أتدرونَ ما الغيبة ؟ قالوا : اللهُ ورسولُه أعْلَم، قال :" ذِكْرُكَ أخاكَ بما يكرهُ، قيل: أفرأيتَ إنْ كانَ في أخي ما أقولُ، قالَ: إن كانَ فيهِ ما تَقُولُ فقدِ اغتَبْتَهُ، وإن لم يكنْ فيه ما تقولُ فَقَدْ بَهَتَّهُ ". فمن ذكرَ أخاهُ المسلمَ بما يكرهُ مما فيهِ في خلفِهِ فقد وقعَ في الغيبةِ المحرّمةِ سواءٌ كانَ هذا المسلمُ المذكورُ ميّتاً أو حيّاً، سواءٌ كان الكلامُ عنه مما يتعلقُ ببدنِهِ أو نسبِه أو ثوبِه أو دارِه أو خُلُقِه كأن يقولَ: فلانٌ قصيرٌ، أو أحوَلُ، أو أبوهُ دبّاغٌ أو إسْكَافٌ عاملُ أحذية، أو فلانٌ سيّءُ الخُلُق، أو قليلُ الأدبِ أو لا يَرَى لأحدٍ حقّاً عليه، أو وَسِخُ الثيابِ، أو دارُهُ رثَّةٌ، أو ولَدُه فلانٌ قليل التربية، أو فلانٌ تحكمُهُ زوجتُهُ، أو قليلةُ النظافة، ونحوُ ذلك من كل ما يَعلَمُ أنَّهُ يكرَهُهُ لو بَلَغَهُ، وهذه الغيبةُ إن كانت في أهلِ الصّلاحِ والتقوى فهي لا شكَّ كبيرةٌ من كبائِرِ الذنوب. واعلموا أنّه كما تحرمُ الغيبةُ يحرمُ السكوتُ عليها معَ القُدرةِ على النهيِ فإنْ عَجَزَ عن النهيِ يفارقُ ذلك المجلسَ الذي فيهِ الغيبة.

ثم إنَّ الغيبة قد تكونُ جائزةً بلْ واجبةً وذلكَ في التحذيرِ من ذي فِسقٍ أو بِدعةٍ اعتقاديةٍ منَ البدعِ التي هي دونَ الكفرِ، كالتحذير من التاجرِ الذي يَغُشُّ في معاملاته أو تحذيرِ صاحبِ العمل مِن عاملِه الذي يخونُهُ، وكالتحذير منَ المتصدِّرينَ للإفتاء أو التدريسِ أو قراءةِ القرءانِ معَ عَدَمِ الأهليّة، فهذه الغيبةُ واجبةٌ. واعلموا أنَّ التحذيرَ من العامِلِ الذي يَغُشُّ صاحبَ العمل ليسَ أمراً مذموماً كما يظنُّ بعضُ الجهالِ فيُسمّونَ ذلكَ قطعَ رزقٍ بل إنَّ التحذيرَ من مثلِ هؤلاءِ فيهِ ثوابٌ فقد قال عليه الصلاةُ والسلام :"من غشّنا فليسَ مِنَّا". كان بعضُ السّلفِ ومنهم سيدُنا عليٌّ رضي اللهُ عنه يَمْنَعُ القُصَّاصَ الذين يجلِسون ويتكلمونَ بأخبارٍ من غيرِ تمييزٍ بينَ الكلامِ الصحيحِ وبين الكلامِ الفاسدِ ليتسَلَّى بهِمُ الناسُ. فنحنُ علينا أن نقتديَ بأئمةِ الهُدى ولا نخافَ في اللهِ لَومةَ لائمٍ، علينا أن نقولَ الحقَّ ولا نخافَ في اللهِ لومَةَ لائمٍ علينا أن نقولَ الحقَّ وإن كان مُرَّاً، قولُ الحقِّ مُرٌ على كثيرٍ من النفوسِ، كثيرٌ من النفوسِ إذا قلتَ لهم قولاً حقَّاً يكرهونَكَ، فلا تنظر الى رضاهُم وغَضَبِهِم وكراهيتِهِم، انت انظرْ الى أن تأتمرَ بأوامرِ اللهِ. اللهُ أمرَ بالتحذيرِ من الذينَ يُحرّفونَ شريعتَهُ. واذكر قولَ القائل :
إنْ صحَّ منكَ الرِضا يا مَنْ هو الطلبُ          فلا أُبالي بكلِّ النّاسِ إنْ غَضِبُوا

واذكر حديثَ رسولِ الله :" إذا رأيتَ أُمّتي تَهابُ أنْ تَقولَ للظَّالم يا ظالِمُ فَقَدْ تُوُدِّعَ مِنهُم" أي حَجَبَ عنهُم نُصْرَتَه، تخلَّى اللهُ عنهم أي هَلَكُوا، فمن عرفَ من شخص أنّهُ يريدُ مصاحبةَ شخصٍ وهذا الشخصُ يُفسِدُ ويضُرّ يجبُ عليه أن يحذِّرَه منه، وكذلك الحالُ بالنسبةِ لمنْ أرادَ أن يشاركَ شخصاً أو يخطِبَ بِنتاً.

إخوةَ الايمان، إنَّ من معاصي اللسانِ أيضاً النميمةَ وهي نقلُ القولِ للإفسادِ ويرادُ بها التفريقُ بينَ اثنينِ وإيقاعُ العداوةِ بينهما وحصولُ القطيعةِ بينهما كأن يقولَ لهذا : فلانٌ قالَ عنكَ كذا ويقول للآخرِ : فلانٌ قالَ عنكَ كذا وهذا من كبائِرِ الذنوبِ. ومن معاصي اللسانِ أيضاً التحريشُ بين اثنين ولو من غير نقلِ قولٍ ولو بين البهائِمِ كالتحريشِ بينَ الديكينِ أو الكَبْشَيْنِ ليتقاتلا ومن معاصي اللسان أيضاً الكذبُ وهو الكلامُ بخلافِ الواقِعِ، وهو حرامٌ بالإجماعِ سواءٌ كانَ الشخص مازِحاً أو جادَّاً. وأشدُّ ما يكونُ منْ ذلكَ إذا كانَ يتضمنُ تحليلَ حرامٍ أو تحريمَ حلالٍ أو ترويعَ مسلمٍ. ومن معاصي اللسان أيضاً الحَلِفُ باللهِ كذِباً وهو من كبائرِ الذنوبِ وما أكثرَهُ في أيامِنا هذه خصوصاً في الأسواقِ.
ومن معاصي اللسان أيضاً قَذفُ المسلمِ بالزِّنى وألفاظُ القذفِ كثيرةٌ حاصِلُها كلُ كلمةٍ تَنْسُب إنساناً أو واحداً من قرابتِه الى  الزِّنى كقولِ بعضهِم يا زاني أو يا ابن الزانية، وهذا من كبائِر الذنوبِ أيضاً، ومن معاصي اللسانِ سَبُّ الصحابةِ وسبُّهم على وجه الاجمال كفرٌ والعياذُ باللهِ. ومن معاصي اللسانِ شهادةُ الزُّورِ أي الكذبُ، وهو من أكبرِ الكبائِر ومن معاصي اللسانِ مَطْلُ الغني أي تأخيرُ دفعِ الدينِ مع غِناهُ أي مقدِرتِه، وإنما عُدَّ ذلكَ من معاصي اللسانِ لأنه يتضمّنُ الوعدَ بالقولِ بالوفاءِ ثم يُخلِف. ومن معاصي اللسانِ سبُّ المسلمِ ولعنُهُ وهو من كبائِر الذنوب. ومن معاصي اللسانِ الاستهزاءُ بالمسلمِ أي التحقيرُ له وتكليمُه بكلامٍ مُؤذٍ لَهُ بغيرِ حقِّ. ومن معاصي اللسانِ الكذبُ على اللهِ وعلى رسولِهِ وهوَ من الكبائِر، ومنه ما يُؤدِّي بصاحبه الى الكفرِ وذلك كأن يَنْسُبَ الى اللهِ تحليلَ ما حرَّمَهُ في شَرْعِهِ وكذلك نسبةُ تحريمِ ما أحلَّهُ للمؤمنين.

ومن معاصي اللسان الدعوى الباطِلَةُ كأنْ يدّعيَ على شخصٍ ما ليسَ لَهُ اعتماداً على شهادةِ الزُّورِ أو على جاهِهِ وسلطتِهِ. ومن معاصي اللسانِ الطَّلاقُ البِدعيُّ وهو ما كانَ في حالِ الحيضِ أو النفاسِ أو أن يُطلِّقَ امرأتَهُ في طُهرٍ جامَعَها فيه، ومعَ حُرمةِ ذلكَ فإنَّ الطَّلاقَ فيهِ واقعٌ. والحكمة من تحريمِ ذلكَ أنَّ في ذلك إطالة مُدَّةِ العِدَّةِ.
ومن معاصي اللسان أن يقولَ الرجلُ لزوجته أنتِ عليَّ كظهرِ أمّي أي لا أجامِعُكِ ويُسَمَّى ذلكَ الظِّهارَ وهوَ من الكبائِر. ومن معاصي اللسان اللحنُ في القرءانِ بما يُخِلُّ بالمعنى، أو الاعراب وإنْ لم يُخِلَّ بالمعنى كأن يقرأَ بدلَ صراطَ الذينَ أنعمتَ عليهم بفتحِ التاءِ صراطَ الذين أنعمتُ عليهم بضمِّ التاءِ، أو كأن يقرأ بدلَ صراطَ الذين بالذال المُعْجَمَةِ صراطَ الزين بالزّاي، وأكثرُ ما يَلْزَمُ الاهتمامَ بقراءته هو سورةُ الفاتحةِ لأنَّها ركنٌ من أركانِ الصلاة ولا تَصِحُّ الصلاةُ بدونِهَا فمنْ أخلَّ ببعضِ حروفِ الفاتحةِ لا تصِحُّ صلاتُهُ. إخوة الايمان، إنَّ هذا اللسانَ نِعمَةٌ عظيمةٌ فهنيئاً لمنْ حَفِظَهُ من المحرّماتِ، فقد ثبتَ عن أحدِ الصحابةِ أنه أخذَ لسانَه وخاطبَهُ: يا لسانُ قلْ خيراً تَغْنَم، واسكت عن شرٍ تَسْلَم منْ قَبلِ أن تندم، إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "أكثرُ خطايا ابنِ ءادمَ مِنْ لِسَانِه".

اللهم ثبتنا على الإيمان والموت على الإسلام يا أرحم الراحمين