التحذير من الغلو في وصف النبي بما لم يصح عنه

Started by alsunna, 02, 01

Previous topic - Next topic

alsunna

التحذير من الغلو في وصف النبي بما لم يصح عنه

الحمد لله رب العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد سيد المرسلين وعلى جميع اخوانه من النبين والمرسلين وآل كل وصحب كل اجمعين.

اما بعد، اخوة الايمان اردت بهذا الدرس تنزيه النبي صلى الله عليه وسلم عما نسب اليه مما لم يصح عنه صلى الله عليه وسلم ويعد من قبيل الغلو المذموم ومع ذلك صار عند العامة وكثير من الخاصه معدوداً من الفضائل النبويه التي يكون انكارها طعنا في الجناب النبوي ولا يدركون ما في رأيهم وقولهم من الأثم العظيم الثابت في قول النبي صلى الله عليه وسلم "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار" والذي يصف النبي صلّى الله عليه وسلّم بما لم يثبت عنه فهو كاذب عليه واقع في المحذور الا ان يتوب ولا يكون مدحه عليه الصلاة والسلام شافعا له في الكذب عليه وان كانت الفضائل يتسامح فيها فإن فضائل النبي صلى الله عليه وسلم إنما تكون بالثابت المعروف حذراً من الكذب المتوعد عليه بالنار نسأل الله تعالى العافية. وقد وردت احاديث في هذا الموضوع باطلة وجاءت اراء شاذه عن التحقيق عاطله منها ما نسب الى مصنف عبد الرزاق فيما قيل افتراءاً عن جابر رضي الله عنه قال قلت يا رسول الله بأبي انت وامي أخبرني عن اول شىء خلقه الله فقال يا جابر إن الله تعالى خلق قبل الاشياء نور نبيك من نوره فجعل ذلك النور يدور بالقدرة حيث شاء الله ولم يكن في ذلك الوقت لوح ولا قلم ولا جنة ولا نار ولا ملك ولا سماء ولا ارض ولا شمس ولا قمر ولا جني ولا انسي فلما اراد الله أن يخلق الخلق الاشياء قسم ذلك النور اربعة اجزاء فخلق من الجزء الأول القلم ومن الثاني اللوح ومن الثالث العرش ثم قسم الجزء الرابع أربعة اجزاء وهذا الحديث له بقية طويله وقد ذكره بتمامه ابن العربي الحاتمي وقد قال الحافظ السيوطي في الحاوي ليس له إسناد يعتمد عليه فهو حديث موضوع جزما. وبعض المعاصرين ركب له اسناداً فذكر ان عبد الرزاق رواه من طريق ابن المنكدر فبالجملة نقول الحديث منكر موضوع لا اصل له في شىء من كتب السنة. ومثله في النكاره ما روي عن علي بن الحسين عن ابيه عن جده عليهم السلام ان النبي صلى الله عليه وسلم قال كنت نوراً بين يدي ربي قبل ان يخلق آدم باربعة عشر الف عام وهو كذب ايضا. ومن الكذب السخيف ما يقال ان احدى امهات المؤمنين أرادت ان تلف إزارا على جسد النبي صلى الله عليه وسلم فسقط الازار يقولون لأن النبي من نور وهذا لا اصل له ايضا وقد كان النبي يستعمل الازار ولم يسقط عنه، وكونه صلى الله عليه وسلم نوراً هذا أمر معنوي مثل تسمية القرآن نوراً ونحو ذلك لانه نور العقول والقلوب ولكنه من البشر وهو أفضل البشر صلى الله عليه وسلم.

ويزيدون في الافتراء ويقولون لولاك لولاك ما خلقت الافلاك وكذلك ما روي عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم قال هبط علي جبريل فقال ان الله يقرأك السلام ويقول اني حرمت النار على صلب انزلك وبطن حملك فهو حديث موضوع مكذوب لا يجوز روايته عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روي في بعض كتب المولد النبوي عن أبي هريره قال سأل النبي صلى الله عليه وسلم جبريل عليه السلام فقال يا جبريل كم عمرت من السنين فقال يا رسول الله لست اعلم غير ان في الحجاب الرابع نجما يطلع في كل سبعين الف سنه مرة رأيته اثنتين وسبعين الف مره فقال النبي صلى الله عليه وسلم وعزة ربي انا ذلك النجم فهذا كذب قبيح قبح الله من وضعه وافتراه. وذكر بعض غلاة المتصوفه أن جبريل عليه السلام كان يتلقى الوحي من وراء حجاب وكشف له الحجاب مرة فوجد النبي صلى الله عليه وسلم يوحي اليه فقال جبريل منك واليك فقد قال الشيخ المحدث عبد الله بن محمد بن الصديق بن الغماري رضي الله عنه في هذا الحديث لعن الله من إفترى هذا الهراء المخالف للقرآن فان الله تعالى يقول لنبيه (وكذلك اوحينا اليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الايمان ويقول نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين). وأخرج الأمام احمد والحاكم عن العرباض بن ساريه رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وأن آدم لمنجدل في طينته وسأنبئكم بتأويل ذلك دعوة ابي ابراهيم وبشارة عيسى قومه ورؤيا امي التي رأيت أنه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام. وكذلك ترى امهات الانبياء وقد قال البيهقي في تفسير هذا إن قول النبي صلى الله عليه وسلم إني عند الله في أم الكتاب لخاتم النبيين وإن آدم لمنجدل في طينته يريد أنه كان كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأول الانبياء صلوات الله عليهم. وروى المحدث عبد الله الغماري باسناده عمن ثبت قال قلت يا رسول الله متى كنت نبيا فقال لما خلق الله الأرض والسموات وخلق العرش كتب على ساق العرش محمد رسول الله خاتم الأنبياء وخلق الله الجنة التي اسكنها آدم وحواء فكتب اسمي على الأبواب والأوراق والقباب والخيام وآدم بين الروح والجسد فلما احياه الله تعالى نظر الى العرش فرآى اسمي فأخبر انه سيد ولدك فلما غرهما الشيطان تابا واستشفعا باسمي اليه اسناد جيد قوي. وهذا الحديث يفيد أن معنى كونه نبيا إظهار ذلك في العالم العلوي قبل نفخ الروح في آدم عليه السلام ومن الكذب ايضا ما يقوله البعض من أن روح الرسول صلى الله عليه وسلم أفيض عليها النبوة في ذلك الوقت فهذا خطأ لأن النبوة لا تقوم بالروح فقط وانما تقوم النبوة بالشخص المركب من الجسم والروح هذا هو المعروف باللغة العربيه التي نزل بها القرآن الكريم وقد بين الحديث ايضا سر إعلان نبوته في ذلك العهد وأنه يرجع الى أمرين اختص بهما صلى الله عليه وسلم أحدهما أنه سيد ولد آدم والأخر انه خاتم الانبياء. وايد ذلك بما ذكره انه بشارة ابراهيم وعيسى صلى الله عليهم اجمعين والانبياء جميعاً نبوتهم ثابته في تقدير الله وقضاءه لكن لم يرد في خبر أن الله تعالى اظهر نبوة أحد منهم بالتعين قبل خلق آدم فلم يكن ذلك الا لنبينا صلّى الله عليه وسلّم وهذا سر قوله كنت نبيا وآدم بين الروح والجسد اي ان حملة العرش والملائكة عرفوا اسمه و نبوته قبل خلق آدم عليه السلام وهم لم يعرفوا آدم الا بعد خلقه. وأما حديث كنت نبيا وآدم بين الماء والطين لا اصل له وكذلك حديث كنت نبيا ولا آدم ولا ماء ولا طين كذلك لا اصل له ايضا. فما يوجد في كتب المولد النبوي من أحاديث لا خطام لها ولا زمام هي من الغلو التي نهى الله ورسوله عنه فتحرم قراءة تلك الكتب ولا يقبل الاعتذار عنها لأنها في الفضائل لان الفضائل يتساهل فيها برواية الضعيف وأما الحديث المكذوب فلا يقبل في الفضائل إجماعا بل تحرم قراءته وروايته والنبي صلى الله عليه وسلم "يقول من حدث عني بحديث يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين" رواه مسلم ومعنى يرى اي يظن ويقول عليه الصلاة والسلام "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النار". أخوة الايمان فضل النبي صلى الله عليه وسلم ثابت في القرآن الكريم والاحاديث الصحيحه وهو صلى الله عليه وسلم في غنى عما يقال فيه من الكذب والغلو نسأل الله تعالى ان يحفظنا من الكذب على الله ورسوله بحق الأنبياء والمرسلين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.