News:

فـائدة: ذكر الامام أبا حنيفة: لقاء الله لأهل الجنة حق بلا كيف ولا جهة هذا دليل على أن السلف نفوا الجهة عن الله تعالى

Main Menu

ذكرى المولد النبوي الشريف

Started by Alsunna Teacher, 03, 19

Previous topic - Next topic

Alsunna Teacher

ذكرى المولد النبوي الشريف

(الثاني عشر من ربيع الاول من كل عام)

لطيبة عرج إن بين قبابها حبيبا ، لأدواء القلوب طبيب، إذا لم تطب في طيبة عند طيب،به طابت الدنيا فأين تطيبُ



الحمد لله الذي شرف هذا الشهر بمولد سيد العرب والعجم، وكشف به عن قلوب العالمين دياجي الغمة وبراقعِ الظّلَم.

اللهم صل وسلم وبارك على هذا النبي الرؤوف ذي الجاه العريض والقلب العطوف سيدنا ومولانا محمد وعلى ءاله وأصحابه ما أومض البرق في الظلمات من إضم وسلم تسليماً كثيراً.

أما بعد فإنَّ الله تعالى خصّ شهر ربيع الأول منه بمزيد الفضل والكرم حيث ولد فيه من اختاره الله تعالى رحمة لجميع الأمم وظهرت عند ولادته العجائب إرهاصاً وإعلاماً بأنه صاحب السيف والعَلَم فرجمت الشياطين بالنجم الثاقب عندما ظهر بدره ونَجَم، وحُرست السموات حفظاً منها وانصدع إيوان كسرى وما التأم. وغاض ماء ساوة وفاض وادي سماوة وخمدت نار فارس ونُكِّسَ كل صنم. وبطلت حيلة السحرة والكهنة وخرست منهم الألسن اللَّسَنَةُ لولادة صاحب الحكم.

ولما ولد صلى الله عليه وسلم خرج معه من النور ما أضاء الكون وعم، وكم ظهر من الكرامات والبينات وكم وكم. إلى أنْ أطلعَ الله تعالى في سماء الكمال بدر جمال محمد الأتم وطلع عليه حلل الرسالة وأنزل عليه: (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الانسان من علق اقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم علم الانسان ما لم يعلم) 



زهت وتسامت الانوار         بمولد سيد الابـرار

عليه الله قد صلـــــــى         صلاة نشرها معطار

ضاءت الدنيا بطــــــه         خير مولود أتاهــــا

سيــــد السادات طـرا          ذي جمال لا يضاهى

.........................................................

دم يا زمان المنــى             فالعنا عنا قد رحل

والسرور قد بدا لنا            والهنـــــــــاء حــل

في ظل باهي السنا          رسولنــــا ذي الكرم

مـــن بـــــه اقتدى           من العذاب نجـــــــا

وقد بدا كالشمس للانام       يعلم الناس الحكــم

بالقرءان والسنن للامم      وانه رسولنــــــــــا

معظمــــا ممجــــــدا        مدى الزمان في نعــم

وأمته خير الامــــــم       وللانبياء قد ختــــــم

........................................................

يا ايها الثاني عشر        من الربيع المنتظر

ذكرتنا بمن ظهــر        محمد خير البشـــر

كم افتخر بنو مضر       به فبالتقوى أمـــر

بالحق والحسنى جهر   والقلب ضاء والبصر

.......................................................................




Alsunna Teacher

ما شرّف الله به نبيه صلى الله عليه وسلم من الآيات

شرَّف الله عز وجل نبيه المصطفى بآيات كثيرة فمنها ما يدل على مكارم أخلاقه وشرف حاله وهو قوله تعالى: }وإنك لعلى خُلُقٍ عظيم{ [سورة القلم].

ومنها ما أبان سبحانه وتعالى به علوَّ شرف نسبه وعظيم قدره بقوله عز وجل: }لقد جاءكم رسولٌ من أنفسكم عزيزٌ عليه ما عنتم حريصٌ عليكم بالمؤمنين رءوفٌ رحيم{ [سورة التوبة].

ومنها ما كشف عن ثنائه تعالى عليه في كتبه المنزلة على أنبيائه وهو قوله عز وجل: }محمدٌ رسولُ الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم ركعًا سجَّدًا يبتغون فضلا من الله ورضوانًا سيماهم في وجوههم من أثر السُّجود ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطئه فأزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب الزُّرَّاع ليغيظ بهم الكفار{ [سورة الفتح].

ومنها ما أوضح سبحانه أنه مقدَّم على النبيين وذلك في قوله عز وجل: }وإذ أخذ الله ميثاق النبيين لما ءاتيتكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم رسول مصدق لما معكم لتؤمنن به ولتنصرنه قال ءأقررتم وأخذتم على ذلكم إصري قالوا أقررنا قال فاشهدوا وأنا معكم من الشاهدين{ [سورة ءال عمران].

ومنها ما يدل على وجوب احترامه وتوقيره وإجلاله كقوله تعالى: }إنَّ الذين ينادونك من وراء الحجرات أكثرهم لا يعقلون ولو أنهم صبروا حتى تخرج إليهم لكان خيرًا لهم والله غفور رحيم{ [سورة الحجرات]، وقولِه تعالى: }يا أيها الذين ءامنوا استجيبوا لله وللرسول إذا دعاكم لما يحييكم{ [سورة الأنفال]. وقوله تعالى }لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضًا{ [سورة النور].

ومنها ما يدل على دوام تعظيمه بعد وفاته صلى الله عليه وسلم وهو أنه تعالى جعل أزواجه الكريمات أمهاتِ المؤمنين قال تعالى: }النبيُّ أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم{ (سورة الأحزاب)، وقال تعالى: }ولا أن تنكحوا أزواجه من بعده أبدًا{ [سورة الأحزاب].

ومنها أنه تعالى أقسم بحياته فقال عز وجل: }لعمرك إنهم لفي سكرتهم يعمهون{ [سورة الحجر].





ذكر نسبه الشريف صلى الله عليه وسلم

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مَنَاف بن قُصَيّ بن كِلاب بن مُرّة بن كعب بن لُؤي بن غالب بن فِهر بن مالك بن النّضر بن كِنانة بن خُزيمة بن مُدرِكة بن إلياس بن مُضر بن نزار بن معدّ بن عدنان، أبو القاسم سيد ولد ءادم صلى الله عليه وسلم كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.

وجده الأعلى عدنان من سلالة إسماعيل نبي الله وهو الذبيح على الصحيح، ابن نبي الله إبراهيم خليل الرحمن صلى الله على سيدنا محمد وعلى جميع إخوانه الأنبياء والمرسلين.

فهو صلى الله عليه وسلم صاحب هذا النسب الشريف نخبة بني هاشم وعظيمُها، روى الإمام مسلم وغيره عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم".

وروى الترمذي بإسناده عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله اصطفى من ولد إبراهيم إسماعيل، واصطفى من ولد إسماعيل كنانة، واصطفى من كنانة قريشًا، واصطفى من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم" قال أبو عيسى: هذا حديث حسن صحيح.

فهو صلى الله عليه وسلم خيار من خيار كما دلت عليه النقول والآثار.





حمل ءامنة برسول الله صلى الله عليه وسلم

تزوج أبوه عبد الله من سيدة نساء بني زُهرة وهي ءامنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة بن كلاب، فحملت بسيد الخلائق والأمم، وتفضل الله بإبرازه صلى الله عليه وسلم إلى الوجود نعمة على سائر العرب والعجم، وكان حملُه الشريف أولَ تباشير الأنوار لأهل البادية والحضر.

روى ابن سعد عن عمة يزيد بن عبد الله بن وهب بن زَمْعَة أنها قالت: "كنا نسمع أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما حملت به ءامنة بنت وهب كانت تقول: ما شعرت أني حملت به، ولا وجدت له ثقلة كما تجد النساء، إلا أني قد أنكرت رفع حيضتي وربما كانت ترفعني وتعود، وأتاني ءات وأنا بين النائم واليقظان فقال: هل شعرتِ أنك حملت؟ فكأني أقول: ما أدري، فقال: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة ونبيها، وذلك يوم الإثنين، قالت: فكان ذلك مما يقَّن عندي الحمل، ثم أمهلني حتى إذا دنا ولادتي أتاني ذلك الآتي فقال: قولي أعيذه بالواحد الصمد من شر كل حاسد، قالت: فكنت أقول ذلك".





ذكر مولده الشريف

روى أحمد والبيهقي وغيرهما عن العرباض بن سارية صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إني عبد الله وخاتم النبيين، وإن ءادم لمنجدلٌ في طينته، وسأخبركم عن ذلك: دعوةُ أبي إبراهيم، وبشارة عيسى بي، ورؤيا أمي التي رأت، وكذلك أمهات النبيين يَرَيْنَ"، وأن أم رسول الله صلى الله عليه وسلم رأت حين وضعته نورًا أضاءت له قصور الشام.

قال الحافظ البيهقي عقبه: قوله صلى الله عليه وسلم "إني عبد الله وخاتم النبيين، وإن ءادم لمنجدل في طينته" يريد به أنه كان كذلك في قضاء الله وتقديره قبل أن يكون أبو البشر وأول الأنبياء صلوات الله عليهم.ا.هـ.

وروى أحمد والبيهقي والطيالسي بإسنادهم عن أبي أمامة قال: قيل: يا رسول الله ما كان بدء أمرك؟ قال: "دعوة أبي إبراهيم، وبشرى عيسى ابن مريم، ورأت أمي أنه خرج منها نور أضاءت منه قصور الشام".

وروى ابن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "رأت أمي حين وضعتني سَطَعَ منها نورٌ أضاءت له قصور بُصرى"

ويروى أنه صلى الله عليه وسلم حين وضعته ءامنة وقع جاثيًا على ركبتيه، رافعًا رأسه إلى السماء، وخرج معه نورٌ أضاءت له قصور الشام، حتى رأت أمه أعناق الإبل ببُصرى.

أما قوله عليه الصلاة والسلام: "دعوة أبي ابراهيم" فهو أن إبراهيم عليه السلام لما بنى البيت دعا ربه فقال: }رب اجعل هذا بلدًا ءامنًا وارزق أهله من الثمرات من ءامن منهم بالله واليوم الآخر{ [سورة البقرة]،ثم قال: }ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلوا عليهم ءاياتك ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم إنك أنت العزيز الحكيم{ [سورة البقرة] فاستجاب الله تعالى دعاءه في نبينا صلى الله عليه وسلم وجعله الذي سأله إبراهيم عليه السلام.

وأما قوله عليه الصلاة والسلام: "وبشرى عيسى ابن مريم" فهو أن سيدنا عيسى عليه السلام بشّر قومه بسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم كما أخبر القرءان الكريم حكاية عن عيسى عليه السلام }وإذ قال عيسى ابن مريم يا بني إسرائيل إني رسول الله إليكم مصدقًا لما بين يديَّ من التوراة ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد{ [سورة الصف].

والمقصود أن ليلة مولد الرسول صلى الله عليه وسلم ليلة شريفة عظيمة مباركة، ظاهرة الأنوار، جليلة المقدار، أبرز الله تعالى فيها سيدنا محمدًا إلى الوجود، فولدته ءامنة في هذه الليلة الشريفة من نكاح لا من سفاح، فظهر له من الفضل والخير والبركة ما بهر العقول والأبصار، كما شهدت بذلك الأحاديث والأخبار.





ما ظهر من الآيات لمولده صلى الله عليه وسلم

ظهرت لمولد النبي صلى الله عليه وسلم ءايات كثيرة، منها ما رواه البيهقي وابن عساكر وغيرهما بإسنادهم إلى هانىء المخزومي قال: "لما كانت الليلة التي ولد فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتجس إيوان كسرى، وسقط منه أربع عشرة شرفة،وخمدت نار الفرس، ولم تَخمُد قبل ذلك بألف عام، وغاضت بحيرة سَاوة ...".

وفي سقوط أربع عشرة شرفة إشارة إلى أنه لم يبق من ملوك الفرس إلا أربعة عشرة ملكًا وكان ءاخرهم في خلافة عثمان رضي الله عنه.

وأما نار فارس التي كانوا يعبدونها من دون الله والتي كانت توقد وتضرم ليلاً ونهارًا فانطفأت.

وأما بحيرة ساوة التي كانت تسير فيها السفن فقد جف ماؤها.

ومن الآيات التي ظهرت لمولده صلى الله عليه وسلم أن الشياطين رميت وقذفت بالشهب من السماء، وحُجب عنها خبر السماء كما ذكر بعض العلماء، لكن المشهور والمحفوظ أن قَذف الشياطين بالشهب عند مبعثه صلى الله عليه وسلم.

ومنها أن إبليس حُجب عن خبر السماء فصاح ورنَّ رَنَّةً عظيمةً كما رنَّ حين لُعن، وحين أخرج من الجنة، وحين وُلد النبي صلى الله عليه وسلم، وحين نزلت الفاتحة.

ذكر ذلك الحافظ العراقي في المورد الهني عن بقي بن مَخْلَد.

ومنها ما سُمع من أجواف الأصنام ومن أصوات الهواتف بالبشارة بظهور الحق في وقت الزوال.





زمان مولده صلى الله عليه وسلم ومكانه

اختلف في عام ولادته صلى الله عليه وسلم والأكثر أنه عام الفيل، قال ابن عبد البر: "ولد بعد قدوم الفيل بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا".

وروى البيهقي  عن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: ولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل.

أما شهر مولده فهو شهر ربيع الأول، وأما يوم مولده من الشهر فالمعتمد أنه كان لثنتي عشرة ليلة خلت من الشهر المذكور.

أما يوم مولده فهو يوم الإثنين بلا خلاف، فقد روى مسلم عن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أنه قال: سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صوم يوم الإثنين فقال: "ذاك يوم ولدت فيه، وأُنزل عليّ فيه".

وأما مكان مولده فالصحيح المحفوظ أنه كان بمكة المشرفة، والأكثر أنه كان في المحل المشهور بسوق الليل وقد جعلته أم هارون الرشيد مسجدًا ذكر ذلك الحافظ العراقي وغيره، وقال الأزرقي: "إنه ذلك البيت لا اختلاف فيه عند أهل مكة" ا.هـ. ويُعْرف المكان اليوم بمحلة المولد.





أسماء الرسول صلى الله عليه وسلم وكنيته

قال الله تعالى: }محمد رسول الله{ [سورة الفتح]، وقال حكاية عن قول عيسى: }ومبشرًا برسول يأتي من بعدي اسمه احمد{ [سورة الصف].

وروى البخاري ومسلم والترمذي وغيرهم عن جبير ابن مُطْعِم أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : "إن لي أسماء: أنا محمدٌ، وأنا أحمدُ، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشرُ الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقبُ الذي ليس بعده أحد".

وروى مسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يُسمي لنا نفسه أسماء فقال: "أنا محمدٌ، وأحمدُ، والمُقَفّي، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة".

وروى الإمام أحمد عن جبير بن مطعم قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا محمد، وأنا أحمد، والحاشر، والماحي، والخاتِم، والعاقب".

وروى البيهقي عن أبي هريرة رضيّ الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا رحمةٌ مُهداةٌ"، وفي رواية: "يا أيها الناس إنما أنا رحمة مهداة".

وروى البيهقي والطيالسي عن جبير بن مطعم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "أنا محمد، وأحمد، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الملحمة".

أما كنيته عليه الصلاة والسلام فقد روى البخاري ومسلم وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "تسمَّوا باسمي ولا تكتنوا بكنيتي".

وروى البيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تجمعوا بين اسمي وكنيتي، أنا أبو القاسم، الله يرزق وأنا أَقْسِمُ".

وروى الحاكم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: لما وُلد إبراهيمُ ابن مارية أتى جبريل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له:"السلام عليك يا أبا إبراهيم".وحديث الحاكم في إسناده ابن لهيعة وهو ضعيف.





قصة رضاعه وما يتصل به من شق صدره صلى الله عليه وسلم

توفي والده صلى الله عليه وسلم عبد الله وهو ابن شهرين وقيل وهو حَمْلٌ وقيل غير ذلك، ثم أرضعته حليمة فكان من قصة رضاعه من حليمة ما يلي قالت حليمة:

"خرجت في نسوة من بني سعد بن بكر نلتمس الرُّضَعَاء بمكة على أتان لي قَمْرَاء في سنةٍ شَهْبَاء لم تبق شيئًا، ومعي زوجي ومعنا شارف لنا، والله إن تَبِضّ لنا بقطرة من لبن، ومعي صبي لي لا ننام ليلتنا من بكائه ما في ثديي ما يغنيه، فلما قدمنا مكة لم يبق منا امرأة إلا عُرض عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم فتأباه، وإنما كنا نرجو كرامة الرضاعة من والد المولود، وكان يتيمًا، وكنا نقول يتيمًا ما عسى أن تصنع أمه به، حتى لم يبق من صواحبي امرأة إلا أخذت صبيًّا غيري، فكرهت أن أرجع ولم ءاخذ شيئًا وقد أخذ صواحبي، فقلت لزوجي: والله لأَرجِعَنَّ إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، قالت: فأتيته فأخذته ورجعت إلى رحلي، فقال زوجي: قد أخذتيه؟ فقلت: نعم والله، وذلك أني لم أجد غيره، فقال: أصبت فعسى الله أن يجعل فيه خيرًا، فقلت: فوالله ما هو إلا أن جعلته في حِجري فأقبل عليه ثديي بما شاء الله من اللبن فشرب حتى رَوِي وشرب أخوه - تعني ابنها - حتى رَوِيَ، وقام زوجي يلي شارفنا من الليل فإذا بها حافل فحلبنا من اللبن ما شئنا وشرب حتى روي، وشربت حتى رويت، وبتنا ليلتنا تلك شباعًا رواءً وقد نام صبياننا. قالت: قال أبوه "تعني زوجها": والله يا حليمة ما أراك إلا قد أصبحت نَسَمَةً مباركة قد نام صبياننا.

قالت: ثم خرجنا قالت: والله لَخرجت أتاني أمام الركب إنهم ليقولون: ويحكِ كُفّي عنا، أليست هذه بأتانك التي خرجت عليها؟ فأقول: بلى والله، وهي قِدَّامُنَا حتى قدمنا منازلنا من حاضر بني سعد بن بكر فقدمنا على أجدب أرض، والذي نفس حليمة بيده إن كانوا ليُسْرِحونَ أغنامهم إذا أصبحوا، ويُسرّح راعيّ غنمي فتروح بِطانًا لُبَّنًا حُفَّلاً وتروح أغنامهم جياعًا ما بها من لبن.

قالت: فنشرب ما شئنا من اللَّبن وما في الحاضر أحد يحلب قطرة ولا يجدها فيقولون لرعائهم: ويلكم ألا تُسَرّحُون حيث يُسرح راعي حليمة؟ فيُسَرّحون في الشّعب الذي نُسرح فتروح أغنامهم جياعًا ما بها من لبن، وتروح غنمي لُبَّنا حُفَّلاً. وكان صلى الله عليه وسلم يشب في اليوم شباب الصبي في الشهر، ويشب في الشهر شباب الصبي في سنة، فبلغ سنة وهو غلام جَفر ، قالت: فقدمنا على أمه فقلت لها أو قال لها أبوه: رُدي علينا ابني فلنرجع به فإنا نخشى عليه وباء مكة، قالت: ونحن أضنُّ شىء به مما رأينا من بركته. قالت: فلم نَزَلْ حتى قالت: ارجعا به ، فرجعنا به فم&

Alsunna Teacher

بيان نبذة من صفاته الكريمة وشمائله الشريفة،
وأخلاقه الطاهرة صلى الله عليه وسلم

روى البخارى ومسلم وغيرهما عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أحسنَ الناس وجهًا، وأحسنَه خلقًا، ليس بالطويل الذاهب، ولا بالقصير".

وروى البيهقي والطبراني عن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: قلت للرُّبيّع بنت مُعَوِّذ: صفي لي رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: "لو رأيته لقلت: الشمس طالعة".

وروى الترمذي وأحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "ما رأيت شيئًا أحسنَ من النبي صلى الله عليه وسلم، كأن الشمس تجري في وجهه، وما رأيت أحدًا أسرَع في مشيه منه كأن الأرض تُطوى له، إنا لنجهد وإنه غير مكترث".

وروى البخاري ومسلم والنسائي وغيرهم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم يضرب منكبيه"، وفي لفظ ءاخر عنه عند البخاري ومسلم : "كان شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أنصاف أذنيه".

وروى مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "ما شممت شيئًا قط مسكًا ولا عنبرًا أطيب من ريح  رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا مسست شيئًا قط حريرًا ولا ديباجًا ألين مسًّا من كف رسول الله صلى الله عليه وسلم".

وقال البراء بن عازب رضي الله عنه:"كان رسول الله صلى الله عليه وسلم مربوعًا، بعيد مابين المنكبين، أعظمَ الناس، وأحسن الناس، جُمَّتُهُ إلى أذنيه، عليه حُلةٌ حمراء، ما رأيت شيئًا قط أحسن منه" أخرجه الشيخان

وروى مسلم في صحيحه عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بالطويل البائن ، ولا بالقصير، وليس بالأبيض الأمْهَقِ ولا بالآدَمِ، ولا بالجَعْد القَطِطِ ولا بالسَّبِطِ بعثه الله على رأس أربعين سنة، فأقام بمكة عشرَ سنين، وتوفاه الله على رأس الستين سنةً، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء".

وروى البيهقي أن ابن عمر رضي الله عنهما كثيرًا ما ينشد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نعتَ عمه أبي طالب إياه في لونه حيث يقول:

وأبيضَ يُستسقى الغمامُ بوجهه
ثِمَالُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأرامِل


ويقول كل من سمعه: هكذا كان النبي صلى الله عليه وسلم

وأخرج البزار بإسناد حسن عن عائشة رضي الله عنها قالت: تمثلت في أبي:

وأبيضَ يُستسقى الغمامُ بوجهه
رَبيعُ اليَتَامَى عِصْمَةٌ للأرامِل


فقال أبي: ذاك رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما أخلاقه صلى الله عليه وسلم فقد دلت عليها الآية الكريمة }وإنك لعلى خلق عظيم{ [سورة القلم]، وعن عائشة رضي الله عنها قالت عندما سُئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فإن خُلُقَ رسول الله صلى الله عليه وسلم كان القرءان" رواه مسلم في الصحيح

وعن عبد الله بن الزبير في قوله عز وجل }خُذ العفو{ [سورة الأعراف] قال: أمرَ الله نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأخذ العفو من أخلاق الناس. أخرجه البخاري في الصحيح وغيرُه.

وعن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما خُيّرَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين إلا أخذ أيسرهما ما لم يكن إثمًا، فإن كان إثمًا كان أبعد الناس منه، وما انتقم رسول الله صلى الله عليه وسلم لنفسه إلا أن تُنْتَهَكَ حُرمة الله تعالى"، وزاد القطان في روايته: "فينتقم لله بها" أخرجه الشيخان والبيهقي وغيرهم

وعن عائشة رضي الله عنها عندما سئلت عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم قالت: "لم يكن فاحشًا ولا مفتحشًا، ولا سخَّابًا في الأسواق، ولا يَجزي بالسيئة السيئة، ولكن يعفو ويصفح أو قالت: يعفو ويغفر"، شك أبو داود

وعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أشد حياء من العذراء في خِدْرِهَا، وكان إذا كره شيئًا عرفناه في وجهه" أخرجه الشيخان

وعن المغيرة بن شعبة قال: قام رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه، فقيل: يا رسول الله أليس قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر؟ قال: "أفلا أكون عبدًا شكورًا" أخرجاه في الصحيح

وإلى جانب هذه الصفات الحميدة كان شديدًا في أمر الله، شجاعًا، فقد روى أحمد بإسناده عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: "لما كان يوم بدر اتقينا المشركين برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان أشد الناس بأسًا".

أما أخبار كرمه وسخائه فعديدة منها ما رواه مسلم عن أنس رضي الله عنه أنه قال: "ما سُئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئًا قط إلا أعطاه، فأتاه رجل فسأله، فأمر له بغنم بين جبلين، فأتى قومه فقال: أسلموا، فإن محمدًا يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة".

أما أخبار زهده وتواضعه واختياره الدار الآخرة فكثيرة منها ما رواه البيهقي والترمذي وابن ماجه عن عبد الله أنه قال: اضطجع النبي صلى الله عليه وسلم على حصير فأثَّر الحصير بجلده، فجعلتُ أمسحه عنه وأقول: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ألا أَذِنْتَنَا فنبسط لك شيئًا يقيك منه تنام عليه، فقال: "ما لي وللدنيا، ما أنا والدنيا، إنما أنا والدنيا كراكب استظل تحت شجرة ثم راح وتركها".

فقد كان صلى الله عليه وسلم متصفًا بصفات حسنة من الصدق، والأمانة، والصلة، والعفاف، والكرم، والشجاعة، وطاعة الله في كل حال وأوانٍ ولحظة ونفس، مع الفصاحة الباهرة والنصح التام، والرأفة والرحمة، والشفقة والإحسان، ومواساة الفقراء والأيتام والأرامل والضعفاء، وكان أشد الناس تواضعًا، يحب المساكين ويشهد جنائزهم، ويعود مرضاهم، هذا كله مع حسن السَّمت والصورة، والنسب العظيم، قال الله تعالى: }الله أعلمُ حيث يجعل رسالته{ [سورة الأنعام].

البدعة وحكمها

اعلم أن البدعة لغة ما أحدث على غير مثال سابق يقال: جئت بأمر بديع أي محدث عجيب لم يعرف قبل ذلك. وفي الشرع المحدَثُ الذي لم ينص عليه القرءان ولا جاء في السنة، قال ابن العربي: "ليست البدعة والمحدَث مذمومين للفظ بدعة ومحدث ولا معنييهما، وإنما يذم من البدعة ما يخالف السنة، ويذم من المحدثات ما دعا إلى الضلالة" ا.هـ.

أقسام البدعة:

والبدعة تنقسم إلى قسمين:

بدعة ضلالة: وهي المحدَثة المخالفة للقرءان والسنة.

وبدعة هدى: وهي المحدَثة الموافقة للقرءان والسنة.

وهذا التقسيم مفهوم من حديث البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَن أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد". ورواه مسلم بلفظ ءاخر وهو: "من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد". فأفهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله:"ما ليس منه" أن المحدَث إنما يكون ردًّا أي مردوداً إذا كان على خلاف الشريعة، وأن المحدَث الموافق للشريعة ليس مردودًا.

وهو مفهوم أيضًا مما رواه مسلم في صحيحه من حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شىء".



من البدع الحسنة الاحتفال بمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهذا العمل لم يكن في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا فيما يليه، إنما أحدث في أوائل القرن السابع للهجرة، وأول من أحدثه ملك إربل وكان عالمًا تقيًّا شجاعًا يقال له المظفر. جمع لهذا كثيرًا من العلماء فيهم من أهل الحديث والصوفية الصادقين. فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها، منهم الحافظ أحمد بن حجر العسقلاني، وتلميذه الحافظ السخاوي، وكذلك الحافظ السيوطي وغيرهم.

وذكر الحافظ السخاوي في فتاويه أن عمل المولد حدث بعد القرون الثلاثة، ثم لا زال أهل الإسلام من سائر الأقطار في المدن الكبار يعملون المولد ويتصدقون في لياليه بأنواع الصدقات، ويعتنون بقراءة مولده الكريم، ويظهر عليهم من بركاته كل فضل عميم.

وللحافظ السيوطي رسالة سماها "حسن المقصد في عمل المولد"، قال: "فقد وقع السؤال عن عمل المولد النبوي في شهر ربيع الأول ما حكمه من حيث الشرع؟ وهل هو محمود أو مذموم؟ وهل يثاب فاعله أو لا؟ والجواب عندي: أن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس، وقراءة ما تيسر من القرءان، ورواية الأخبار الواردة في مبدإ أمر النبي صلى الله عليه وسلم وما وقع في مولده من الآيات ثم يمد لهم سماط يأكلونه وينصرفون من غير زيادة على ذلك هو من البدع الحسنة التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف. وأول من أحدث فعل ذلك صاحب إربل الملك المظفر أبو سعيد كوكبري بن زين الدّين علي بن بكتكين أحد الملوك الأمجاد والكبراء الأجواد، وكان له ءاثار حسنة، وهو الذي عمَّر الجامع المظفري بسفح قاسيون".ا.هـ.

قال ابن كثيرفي تاريخه: "كان يعمل المولد الشريف - يعني الملك المظفر - في ربيع الأول ويحتفل به احتفالاً هائلاً، وكان شهمًا شجاعًا بطلاً عاقلاً عالمًا عادلاً رحمه الله وأكرم مثواه. قال: وقد صنف له الشيخ أبو الخطاب ابن دحية مجلدًا في المولد النبوي سماه "التنوير في مولد البشير النذير" فأجازه على ذلك بألف دينار، وقد طالت مدته في المُلك إلى أن مات وهو محاصر للفرنج بمدينة عكا سنة ثلاثين وستمائة محمود السيرة والسريرة".ا.هـ.

وقال ابن خلكان في ترجمة الحافظ ابن دحية: "كان  من أعيان العلماء ومشاهير الفضلاء، قدم من المغرب فدخل الشام والعراق، واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها المعظم مظفر الدين بن زين الدين يعتني بالمولد النبوي، فعمل له كتاب "التنوير في مولد البشير النذير"، وقرأه عليه بنفسه فأجازه بألف دينار".ا.هـ.

قال الحافظ السيوطي: "وقد استخرج له - أي المولد - إمام الحفاظ أبو الفضل أحمد بن حجر أصلاً من السنة، واستخرجت له أنا أصلاً ثانيًا..."ا.هـ.

فتبين من هذا أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة فلا وجه لإنكاره، بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء" وإن كان الحديث واردًا في سبب معين وهو أن جماعة أدقع بهم الفقر جاءوا إلى رسول الله وهم يلبسون النِّمار مجتبيها أي خارقي وسطها، فأمر الرسول بالصدقة فاجتمع لهم شىء كثير فسرّ رسول الله لذلك فقال: "من سنَّ في الإسلام ..." الحديث.

وذلك لأن العبرة بعموم اللَّفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر عند الأصوليين، ومن أنكر ذلك فهو مكابر.