قصة
كانت امرأةٌ شيخةٌ تقيّةٌ مِن أهلِ العِراق حَجّت ثم زَارت الرسولَ صلى الله عليه وسلم ثم نَوتِ الإقامةَ في مكَّةَ ، فصارَ لها شُهرةٌ بالتّقوى والصّلاح والعِلم ، ثمّ عَمِيت سنتَين ، ثم ذاتَ ليلةٍ خادمتُها استأذنتها بالبقاء عند أهلها ، ثم هي أرَادت أن تتوضّأَ لصلاةِ الليل ، فتَزحلَقَت على دَرجٍ فانكَسَر ضِلعَانِ مِنْ أضْلاعِها ، ومعَ ذلكَ تَكلَّفَت وصَلَّت ، ثمّ أغفَتْ فرأتِ الرسولَ وأبا بكرٍ وعمرَ مُقبِلِينَ مِن جِهةِ الكَعبةِ ، بابُ بَيتِها كانَ مُواجِهًا للكَعبَةِ ، فجاءَ الرسولُ فبَصقَ على طَرفِ ردائِه وقالَ لها امسَحِي به عَينَيكِ ، فأَخذتِ الرِّداءَ فمَسحَت به عَينَيها فأَبصَرت في الحالِ ، ثم وضعَتْهُ في موضِعِ الكَسْرِ فتَعافى ، ثم استَيقظت ، ثم لما جاءَت خادمتُها رأتها مبصِرَةً فقَصّت عليها قصّتَها ، كثيرٌ منَ نِساءِ مَكةَ استَفدْنَ منها في الزُّهدِ والعِلم والتّقوى ، كانت حنبليّةً ، فاطمةُ بنتُ أحمدَ بنِ عبدِ الدّائم الزّبيريّة ، ثم الرسولُ أشارَ لها إلى اثنين ، قالَ لها هَذانِ في زمَانهِما عَالمان مِن أهلِ مَكّةَ مثلُ أبي بَكرٍ وعُمر في زمَانهِما ، يَعني في عُلُوّ دَرجَتِهما في زمَانهِما ، وأشارَ إلى اثنينِ منَ العلَماءِ فقَالَ هذَانِ فاسِقَانِ ، ذمَّهُمَا ، فلَمّا استَيقَظَت أخبَرت خَادِمتَها وانتَشَر خَبرُها في الأرضِ ، وصارَ العُلماءُ يُراسِلُونهَا ، وأَخبَرت العَالمينِ الدَّيّنَيْن بما رأتْ فطَلبا مِنها أن لا تُخبِرَ النّاسَ في حَياتهِما مِن شِدّةِ تَواضُعِهما ، يخافُونَ على أَنفُسِهما الفِتنَة والرِّياء ، أولياءُ اللهِ يخَافُونَ على أنفُسِهم أن يقَعُوا في الفِتنةِ. ثم هذهِ الكَرامةُ لهذِه الوَلِيّة معجزةٌ للرّسولِ ، هذهِ أَعجَبُ مِن معجزةِ عيسى الذي دعَا لهم فشُفُوا ، الرسولُ بالمنام شفَا بإذنِ اللهِ.