إذا سألت فاسأل الله
أحبابنا الكرام،
إن من المعلوم في شرع الله أن التوسل بالأنبياء والصالحين أمر جائز في دين الله ولم يخالف في ذلك عالم من علماء أهل السنة.
ولقد كثر في هذا الزمان الذين يلهجون بتحريم ذلك على الإطلاق ولا حجة ولا برهان لهم في ذلك. وإنما هي شبهات يموهون بها على العوام ضعفاء العقول. ومن قولهم : أليس النبي قال في الحديث الذي راوه الترمذي : “إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله”. فالجواب أن هذا ليس فيه دليل على تحريم التوسل إذ إن المتوسل يسأل الله.
والحديث ليس معناه لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله، إنما معناه أن الأولى بأن يُسأل ويستعان به هو الله، ونظير ذلك قوله : “لا تصاحب إلا مؤمنا ولا يأكل طعامك إلا تقي”. فكما لا يفهم من هذا الحديث عدم جواز صحبة غير المؤمن وعدم جواز إطعام غير التقي وإنما يفهم منه أن الأولى بالصحبة المؤمن وبالإطعام التقي. كذلك الحديث الذي رواه الترمذي لا يفهم منه إلا الأولوية، كما أن رسول الله لم يقل لا تسأل غير الله ولا تستعن بغير الله. أليس هناك فرق بين أن يقال : لا تسأل غير الله وبين أن يقال : إذا سألت فاسأل الله ؟ بلى.
والله أعلم وأحكم.