Search or ask ابحث او اسأل

حارِبُوا الشيطانَ بِبَعْضِكم، بِنَصيحةِ بعضِكم، بِخُلُقِ بعضِكم

حارِبُوا الشيطانَ بِبَعْضِكم، بِنَصيحةِ بعضِكم، بِخُلُقِ بعضِكم
الخطبة الأولى:
إنَّ الحمدَ للهِ نَحمَدُهُ ونَستعينُهُ ونَسْتَهْدِيهِ ونَشْكُرُهُ ونَستغفِرُهُ ونَتوبُ إِليه، ونعوذُ بِاللهِ مِنْ شُرورِ أنفسِنا ومنْ سيِّئاتِ أعمالِنا، مَنْ يَهدِ اللهُ فلا مُضِلَّ له، ومَنْ يُضلِل فلا هاديَ له، وأشهدُ أنْ لا إلهَ إلا اللهُ وَحْدَه لا شريكَ له ولا شبيهَ لهُ ولا مثيلَ لهُ ولا كيفَ ولا شكلَ ولا صورةَ ولا أعضاءَ له، خَلَقَ المكانَ ولا يحتاجُ إليه، فهو موجودٌ أزلا وأبدًا بلا مكان، خَلَقَ العرشَ إظهارًا لقُدرَتِهِ ولم يَتَّخِذْهُ مكانًا لِذَاتِه، تَنَزَّهَ ربِّي سبحانَهُ وتعالى عنِ القُعُودِ والجلوسِ والاستقرارِ والصُّعودِ والنُّزولِ والاتِّصالِ والانفصالِ، خَلَقَ الأجسامَ اللَّطِيفَةَ كالنُّورِ والهواءِ، والأجسامَ الكثيفةَ كالبشرِ والحجرِ والشّجَرِ، فرَبُّنا ليسَ حَجْمًا ولا يُوصَفُ بصفاتِ الأجسامِ كالألوانِ والحرَكاتِ والسَّكَناتِ، فالحمدُ لله الذي خلقَ السماواتِ والأرضَ وجعلَ الظُّلماتِ والنُّور.
وأشهدُ أنَّ سيِّدَنا وحبيبَنا وعظيمَنا وقائدَنا وقُرَّةَ أعيُنِنَا محمَّدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفِيُّهُ وحبيبُهُ، بَلَّغَ الرِّسالةَ وأدَّى الأمانةَ ونَصَحَ الأُمَّةَ فجزاهُ اللهُ عنَّا خيرَ ما جَزَى نبِيًّا مِنْ أنبيائِه، اللهُمَّ صلِّ على سيِّدِنا محمَّدٍ وعلى ءالِهِ وأصحابِهِ الطيِّبِينَ الطاهرِينَ وسلِّمْ تسليمًا كثيرًا.
أمَّا بعدُ عبادَ الله فإني أُوصيكم ونفسيَ بتقوى اللهِ العليِّ القديرِ القائلِ في محكمِ كتابِه: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ﴾. الحجرات ءاية 10.
وعن أبي رُقَـيَّةَ تميمِ بنِ أَوسٍ الدَّاريِّ رضيَ اللهُ عنهُ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ قال: “الدِّينُ النَّصيحةُ، قُلنا لِمَن؟ قال: للهِ ولكتابِهِ ولرسولِهِ ولأئمةِ المسلِمِينَ وعامَّتِهِم” رواه مُسْلِمُ. وعن جريرِ بنِ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ قال:” بايَعْتُ
رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على إقامِ الصلاةِ وإيتاءِ الزَّكاةِ والنُّصحِ لِكُلِّ مسلِمٍ”. متّفقٌ عليه. ويقولُ الإمامُ الرِّفاعيُّ رضيَ اللهُ عنهُ وأرضاهُ:” حارِبُوا الشيطانَ بِبَعْضِكم، بِنَصيحةِ بعضِكم، بِخُلُقِ بعضِكم، بِحَالِ بعضِكم، بِقَالِ بعضِكم”.
إخوةَ الإيمانِ، لا شكَّ أنَّ كلامَ سيِّدِ المرسلِينَ وحبيبِ رَبِّ العالمينَ خيرٌ لنا ونفعٌ عظيمٌ لأمّتِنا وأهلِنا وأحبَّتِنَا وأصدقائِنا، ” الدِّينُ النَّصيحةُ”، فمهما عرفتَ هفوةَ مسلِمٍ بِحُجَّةٍ لا شكَّ فيها فانْصَحْهُ في السِّرِّ، ولا يخْدَعَنَّكَ الشيطانُ فيَدعُوَكَ إلى اغْتِيابِه، إذا عرفتَ أنَّ أخاكَ المسلمَ ابتلاهُ اللهُ تعالى بمعصيةٍ، بِزَلّةٍ مِنَ الزّلاتِ، بادِرْ إلى نُصْحِهِ وليسَ إلى فَضْحِه، فهذا الصحابيُّ الجليلُ جريرُ بنُ عبدِ اللهِ رضيَ اللهُ عنهُ بايعَ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ على إقامِ الصَّلاةِ وإيتاءِ الزّكاةِ والنُّصحِ لكلِّ مُسْلِمٍ.
فيا أيها الأحبةُ الكرامُ، يا إِخوةَ العقيدةِ لِيَسأَلْ كلُّ واحدٍ منكم نفسَهُ أينَ أنا مِنَ النَّصيحةِ التي حثَّ عليها دينُنا الإسلامُ العظيم؟ وهذا إمامُنا الرِّفاعيُّ الكبيرُ رضيَ اللهُ عنه يقول:” حارِبُوا الشيطانَ ببعضِكم”، وأرشَدَنا رضيَ اللهُ عنهُ كيفَ نحاربُ الشيطانَ بِبَعضِنا فقال: “بِنَصيحةِ بعضِكم، بِخُلُقِ بعضِكم، بِحَالِ بَعْضِكم، بِقَالِ بعضِكم”، فكُنْ عونًا لأخيكَ على الشيطان، ولا تكُن عونًا للشيطانِ على أخيكَ، فقد قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ:” المؤمنُ مرءاةُ أخيهِ المؤمنِ” أخرجَهُ أبو داودَ بإسنادٍ حَسَنٍ، أليسَ الواحِدُ ينظُرُ في المرءاةِ لِيُزيلَ ما لا يُعجِبُه، فإذا نظرَ في المرءاةِ ورأى شيئًا في وجهِهِ لا يُعجِبُه ماذا يفعل؟ يُزِيلُه، وهكذا كُنْ معَ أخيكَ المسلِمِ إذا رأيتَ عليه أمرًا لا يُرضي اللهَ تعالى، لا تَتْرُكْهُ على ما هو عليهِ.
ثم هذا الأمرُ يا أحبابَنَا لابدَّ فيه أولا مِنَ العِلْمِ الشرعيِّ، لابُدَّ فيهِ مِنْ عِلْمِ الدِّينِ، لأنهُ بِعِلْمِ الدِّينِ تَعرِفُ الحلالَ مِنَ الحرامِ، فتعرفُ مَنْ تَعَدّى الحدودَ، وتعرفُ مَنِ التزمَ الحدودَ، بِعِلْمِ الدِّينِ تعرفُ كيفَ تَنْصَحُ، وماذا تقولُ حينَ تَنْصَحُ، بِعِلْمِ الدِّينِ تعرفُ كيفَ تَتَكَلَّمُ، ولِمَاذا تتكلمُ وبِمَاذا تتكلَّمُ، وإِنْ سَكَتَّ لِمَاذا تَسْكُتُ. فسلْ نفسَكَ أينَ أنا مِنْ مجالسِ عِلْمِ الدِّينِ؟ وأينَ أنا مِنَ الأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عَنِ الْمُنْكَرِ؟ وربُّنا تباركَ وتعالى يقول: ﴿كُنتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ﴾ الآيةَ سورة ءال عمران 110. سَلْ نفسَكَ أينَ أنا مِنْ نصيحةِ الشبابِ المقَصِّرِينَ في أمرِ الصلاةِ، كيفَ نَنْصَحُهم ونُحَارِبُ شيطانَهُم، لا شكَّ بالأسلوبِ الحسنِ والموعظةِ الحسنةِ، فَالرِّفاعيُّ قال: “حارِبُوا الشيطانَ بِخُلُقِ بعضِكم”.
فاعلَموا عبادَ اللهِ أنَّ بلادًا قد أَسْلَمَ أهلُها بالأخلاقِ الإسلامية، بِالأَخلاقِ المحمَّدِيَّةِ، التي حثَّ عليهَا الشرعُ، “حارِبُوا الشيطانَ بِحَالِ بعضِكم”، فإذَا كانَ الوَلَدُ يَنْظُرُ إلَى أَبيهِ التاركِ للصلاةِ، العاقِّ لوالدَيْهِ، الْمُدْمِنِ على النَّظرِ إلى الفَضَائياتِ ليلا ونهارا، فماذا تتوقعونَ مِنْ هذا الوَلَدِ، إلا مَنْ رَحِمَ رَبِّي، حارِبُوا الشيطانَ بِحالِ بعضِكم، فإذا كانتِ البنتُ التي تنظرُ إلى أُمِّها التي تهجُمُ هُجومًا على التَّشَبُّهِ بِالفَاجِراتِ، فماذا تَتَوَقَّعونَ منها؟ إلا مَن رَحِمَ رَبِّي، حاربوا الشيطانَ بقالِ بعضِكم، فَلْتَكُنِ الكلمةُ الطَّيِّبَةُ التي قال عنها رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ “صَدَقة”، فَلْتَكُنْ على لسانِكَ دومًا، وزِنْ أعمالَكَ بِمِيزَانِ الشَّرْعِ، وتوَكَّلْ عَلَى الحيِّ الذي لا يموتُ. هذا وأستغفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ.

الخطبة الثانية


الحمدُ للهِ ربِّ العالَمِينَ الرّحمنِ الرّحيمِ مالِكِ يومِ الدِّينِ والصّلاةُ والسّلامُ على محمَّدٍ الأمينِ وَعَلَى ءالِهِ وَأَصْحَابِهِ الطّيبينَ الطّاهِرِينَ وأشهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شريكَ لَهُ وأشهَدُ أنَّ سيّدَنَا مُحَمّدًا عبدُهُ ورَسُولُهُ صلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَعَلَى كُلِّ رسولٍ أرسَلَهُ. أمَّا بعْدُ عِبادَ اللهِ اتّقُوا اللهَ في السّرِ والعَلَنِ واعْلَمُوا أنَّ اللهَ أَمَرَكُم بأَمْرٍ عَظيمٍ، أَمَرَكُم بالصّلاةِ على نبيِّهِ الكريمِ فَقَالَ: ﴿إنّ اللهَ وملائِكَتَهُ يُصلُّونَ على النّبيِّ يا أيُّها الَّذينَ ءامَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾ اللّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وعلى ءالِ محمَّدٍ كما صلَّيْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنّكَ حميدٌ مجيدٌ اللّهُمَّ بارِكْ على محمَّدٍ وعلى ءالِ محمَّدٍ كَمَا بَاركْتَ على إبراهيمَ وعلى ءالِ إبراهيمَ إنَّكَ حميدٌ مجيدٌ . اللّهُمَّ يا ربَّنا إنّا دَعَوْناكَ فاستجِبْ لَنَا دُعاءَنَا فاغفِرِ اللّهُمَّ لنا ذُنُوبَنَا وإسْرَافَنَا في أمْرِنَا وَكَفِّرْ عنّا سيّئاتِنَا وَتَوَفَّنَا بِرَحمتِكَ مُؤمنينَ يا ربَّ العالمينَ. اللّهُم نَقِّنَا منَ الذُّنوبِ والخَطَايَا كَمَا يُنَقَّى الثَّوْبُ الأبيَضُ مِنَ الدّنَسِ يا ربَّ العالمينَ اللّهُمَّ عَلِّمْنَا ما جَهِلْنَا وذَكِّرْنَا ما نَسِينَا واجعَلِ القُرءانَ ربيعَ قُلُوبِنَا ونُورًا لأبْصارِنَا وَجَوَارِحِنَا وَتَوَفَّنَا على هَدْيِهِ وأكْرِمْنَا بِحِفْظِهِ واحْفَظْنَا بِبَرَكَتِهِ وَبَرَكَةِ نَبيِّكَ مُحمَّدٍ عليهِ الصّلاةُ والسّلامُ واغفِرِ اللّهُمَّ للمُؤمنينَ والمؤمناتِ الأحْياءِ مِنهُم والأمواتِ إنّكَ سميعٌ قريبٌ مجيبُ الدّعواتِ عِبادَ اللهِ إنَّ اللهَ يأمُرُ بالعدلِ والإحسانِ وإيتاءِ ذِي القُربى ويَنْهى عنِ الفَحْشاءِ والمُنكَرِ والبغْيِ يَعِظُكُمْ لعلّكُم تَذَكّرُونَ اذكُرُوا اللهَ العظيمَ يَذْكُرْكُمْ واشكُرُوهُ يَزِدْكُمْ واسْتَغْفِرُوهُ يَغْفِرْ لَكُمْ واتّقُوهُ يَجْعَلْ لَكُمْ مِنْ أمْرِكُمْ مَخْرَجًا وَأَقِمِ الصّلاةَ..اهـ

Prev Post

هل من دليل على جواز مدح النبي بالأناشيد؟

Next Post

مَوْلِدُ النُّور – في مدح الحبيب محمد صلى الله عليه…

post-bars