Search or ask ابحث او اسأل

خطبة عيد الأضحى المبارك

الله أكبر – الله أكبر – الله أكبر – الله أكبر – الله أكبر -الله أكبر – الله أكبر – الله أكبر – الله أكبر

الحمد لله الذي يخلق ما يشاء ويختار، أحمده سبحانه الواحد العزيز الغفار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله إمام المتقين وقدوة الأبرار، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد، وعلى ءاله وصحبه، صلاة دائمة ما تعاقب الليل والنهار.

أما بعد فيا إخوة الإسلام أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل فإن تقواه سبحانه وصيته للأوائل والأواخر، بها تسمو الضمائر وترق المشاعر، وتقبل الشعائر، وبها النجاة يوم تبلى السرائر، يقول عز وجل: وَلَقَدْ وَصَّيْنَا ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَـٰبَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّـٰكُمْ أَنِ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ. النساء:131.

عباد الله، اشكروا الله عز وجل أن بلّغكم هذا اليوم العظيم وهذا الموسم الكريم، واعلموا ـ رحمكم الله ـ أن يومكم هذا يوم مبارك، رفع الله قدره، وأعلى ذكره وسماه يوم الحج الأكبر، وجعله عيدًا للمسلمين حجاجًا ومقيمين، فيه ينتظم عقد الحجيج على صعيد منى بعد أن وقفوا بعرفة وباتوا بمزدلفة، في هذا اليوم المبارك يتقرب المسلمون إلى ربهم بذبح ضحاياهم اتباعًا لسنة الخليلين إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام، وقد أمر الله خليله إبراهيم بذبح ابنه وفلذة كبده فامتثل وسلّم، ولكن الله سبحانه بفضله ورحمته افتداه بذبح عظيم، فكانت ملة إبراهيمية جارية وسنة محمدية سارية، عملها المصطفى، ورغّب فيها، ففي الصحيحين أنه ضَحَّى ‏بِكَبْشَيْنِ ‏أَمْلَحَيْنِ ‏أَقْرَنَيْنِ ذَبَحَهُمَا بِيَدِهِ وَسَمَّى وَكَبَّرَ.

معاشر المسلمين، الأضاحي شعيرة عظيمة وسنة قويمة، قد ورد الفضل العظيم لمن أحياها، في الحديث عنه  قال: ‏مَا عَمِلَ ابْنُ ‏ءادَمَ ‏‏يَوْمَ النَّحْرِ ‏عَمَلا أَحَبَّ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ ‏إِهْرَاقِ ‏‏الدَّمِ وَإِنَّهُ لَيَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِقُرُونِهَا ‏‏‏وَأَظْلافِهَا ‏‏وَأَشْعَارِهَا وَإِنَّ الدَّمَ لَيَقَعُ مِنْ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بِمَكَانٍ قَبْلَ أَنْ يَقَعَ عَلَى الأرْضِ فَطِيبُوا بِهَا نفْسًا رواه الترمذي وابن ماجه وغيرهما. وفي حديث ‏‏زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ ‏‏قَالَ:‏ قَالَ ‏‏أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ ‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏‏يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا هَذِهِ الأضَاحِيُّ قَالَ: ‏سُنَّةُ أَبِيكُمْ ‏ ‏إِبْرَاهِيمَ ‏قَالُوا: فَمَا لَنَا فِيهَا يَا رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: بِكُلِّ شَعَرَةٍ حَسَنَةٌ، قَالُوا: فَالصُّوفُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: بِكُلِّ شَعَرَةٍ مِنْ الصُّوفِ حَسَنَةٌ. خرّجه أحمد وابن ماجه.

ويسن لمنْ أَرَادَ التَّضْحِيَةَ فَدَخَلَ عَلَيْهِ عَشْرُ ذِي الْحِجَّةِ أَنْ لا يُقَلِّمَ شَيْئًا مِنْ أَظْفَارِهِ وَأَنْ لا يَحْلِقَ شَيْئًا مِنْ شَعْرِ رَأْسِهِ وَوَجْهِهِ أَوْ بَدَنِهِ حَتَّى يُضَحِّيَ‏، والْحِكْمَةُ فِي النَّهْيِ أَنْ يَبْقَى كَامِلَ الأجْزَاءِ لِيُعْتَقَ مِنْ النَّارِ.

ومما ينبغي أن يُعلم ـ رحمكم الله ـ أنه لا يُجْزِئُ فِي الأضْحِيَّةِ إلا الأَنْعَامُ‏،‏ وَهِيَ الإِبِلُ وَالْبَقَرُ وَالْغَنَمُ،‏ وَلا يُجْزِئُ فِيهَا إلا الْجَذَعَةُ مِنْ الضَّأْنِ وَالثَّنِيَّةُ مِنْ الْمَعْزِ وَالإبِلِ وَالْبَقَرِ‏، والْجَذَعُ مَا اسْتَكْمَلَتْ سَنَةً أَوْ أَجْذَعَتْ قَبْلَهَا‏.‏ وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنْ الإِبِلِ فَمَا اسْتَكْمَلَ خَمْسَ سِنِينَ وَدَخَلَ فِي السَّادِسَةِ ‏وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنْ الْبَقَرِ فَهُوَ مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ وَدَخَلَ فِي الثَّالِثَةِ وَأَمَّا الثَّنِيُّ مِنْ الْمَعْزِ فالأصح أنه مَا اسْتَكْمَلَ سَنَتَيْنِ ودخل في الثالثة.  ولا يجزئ في الأضحية معيب بعيب ينقص مأكولا منها من لحم وشحم وغيرهما لِمَا رَوَى الْبَرَاءُ بْنُ عَازِبٍ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:‏ لا يُجْزِئُ فِي الأضَاحِيِّ الْعَوْرَاءُ الْبَيِّنُ عَوَرُهَا وَالْمَرِيضَةُ الْبَيِّنُ مَرَضُهَ،‏ وَالْعَرْجَاءُ الْبَيِّنُ ضَلَعُهَا وَالْكَسِيرَةُ الَّتِي لا تُنْقِي. حَدِيثُ صَحِيحٌ  رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيِّ وَابْنُ مَاجَهْ وَغَيْرُهُمْ بِأَسَانِيدَ حَسَنَةٍ‏، قَالَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ:‏ مَا أَحْسَنَهُ مِنْ حَدِيثٍ.‏ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، ورواه مالك وصححه ابن حبان. وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ‏”‏ الْبَيِّنُ ضَلَعُهَا“‏ فَهُوَ بِفَتْحِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ وَاللامِ،‏ وَهُوَ الْعَرَجُ، وَقَوْلُهُ ‏(‏ الَّتِي لا تُنْقِي ‏)‏ بِضَمِّ التَّاءِ وَإِسْكَانِ النُّونِ وَكَسْرِ الْقَافِ،‏ أَيْ الَّتِي لا نِقْيَ لَهَا، بِكَسْرِ النُّونِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَهُوَ الْمُخُّ‏. وَالْمُخُّ دُهْنُ الْعِظَامِ.

ويَدْخُلُ وَقْتُ التَّضْحِيَةِ إذَا طَلَعَتْ الشَّمْسُ يَوْمَ النَّحْرِ‏،‏ وَمَضَى بَعْدَ طُلُوعِهَا قَدْرُ رَكْعَتَيْنِ وَخُطْبَتَيْنِ خَفِيفَتَيْنِ‏. ‏‏وَأَمَّاءاخِرُ وَقْتِهَا فبِغُرُوبِ شَمْسِ الْيَوْمِ الثَّالِثِ مِنْ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ. والسنة أن لا تذبح إلا بعد صلاة العيد. وتجزئ التضحية بِالشَّاةِ الْوَاحِدَةِ يَذْبَحُهَا الرَّجُلُ عَنْهُ‏،‏ وَعَنْ أَهْلِ بَيْتِهِ. ولا يجوز أن يأكل من الأضحية المنذورة شيئا وكذا من تلزمه نفقته.

وأما الأضحية المتطوع بها فيندب له أن يأكل منها، فإن شاء أكل الثلث وأهدى الثلث وتصدق بالثلث. قال الفقهاء: لا يَجُوزُ ولا يصح بَيْعُ شَىءٍ مِنْ َالأضْحِيَّةِ نَذْرًا كَانَ أَوْ تَطَوُّعًا،‏ وَلا يَجُوزُ جَعْلُ الْجِلْدِ وَغَيْرِهِ أُجْرَةً لِلْجَزَّارِ بل مؤنة الذبح على المضحي.

الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله، والله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

إخوة الإيمان، يُعد هذا الاجتماع في هذا اليوم العظيم بآثاره الحميدة وحكمه السامية مظهرًا من مظاهر الوحدة الإسلامية، إن وحدةَ الصفّ واجتماعَ الكلمة والتجافيَ على الفُرقة ونبذَ التنازع المفضي إلى الفشل وذهابِ الريح هو من المقاصد الكبرى لهذا الدين، لها فيه مكانةٌ عليَّة ومنـزلة ساميَة ومقام كريمٌ، وقد مضى رسول الله الذي نزّل عليه ربّه في الكتاب قولَه سبحانه: وَإِنَّ هَـٰذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وٰحِدَةً وَأَنَاْ رَبُّكُمْ فَٱتَّقُونِ. [المؤمنون:52]، مضى  جاهدًا كلَّ الجهد في تقرير هذه الحقيقة الكبيرة وترسيخ هذه القاعدة الشريفة وإرساء هذا المقصد العظيم في كلّ طَور من أطوار حياته، مبتهلاً كلَّ فرصة، موظِّفًا كلَّ موقف، مستثمرًا كلَّ مناسبة، مستعملاً مختلِف ألوانِ البيان، فحرص على التأكيد على حقيقة وحدة الأمة بدوام التذكير بها والعمل على تعميق الإحساس بضرورتها ولزومها في كلّ مناسبة يشهدها وعندَ كلّ موقفٍ يقفُه، لا سيما في هذه المجامع العظام التي يجتمع فيها المسلمون لإقامة شعائر الله، والتي يتبوأ يومُ الحج الأكبر منها موقعَ الصدارة، إذ هو اللقاء الذي تلتقي فيه الوَحدة بالتوحيد أروعَ لقاءٍ وأجملَه وأوفاه.

فقد أخرج البخاري ومسلم عن أبي بكرة رضي الله عنه أنه قال: خطبنا رسول الله  يومَ النحر فقال: فَإِنَّ دِمَاءكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ، حَرَامٌ عَلَيْكُمْ، كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا، فِي بَلَدِكُمْ هَذَا، فِي شَهْرِكُمْ هَذَا، وَسَتَلْقَوْنَ رَبَّكُمْ فَيَسْأَلُكُمْ عَنْ أَعْمَالِكُمْ، فَلاَ تَرْجِعُنَّ بَعْدِي كُفَّارًا  يَضْرِبُ بَعْضُكُمْ رِقَابَ بَعْضٍ، أَلاَ لِيُبَلِّغِ الشَّاهِدُ الْغَائِبَ، فَلَعَلَّ بَعْضَ مَنْ يَبْلُغُهُ يَكُونُ أَوْعَىَ لَهُ مِنْ بَعْضِ مَنْ سَمِعَهُ.

عباد الله، إنَّ في هذه الخطبة العظيمة التي خطب بها رسول الله في هذا اليومِ العظيم من ألوان التقرير لوِحدة الأمّة والحثّ على الاستمساك بأهدابها والتنفير من المساس بها أو تعكير صفوها أو توهين عُراها بأيّ صورةٍ من الصور وتحت أيّ اسم من الأسماء ما لا مزيد عليه، فحرمةُ الدماء والأموال والأعراض مرتكزٌ عظيم وقاعدة راسخة وأساس متين لبناء وحدة الأمة القائمة على كتاب الله وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم.

وها نحن اليوم، إذ نتحدث عن أهمية الوحدة إزاء ما نعانيه ونراه من تشتت وتباعد على نطاق واسع وشاسع جدير بنا أن نوجه دعوة صادقة مخلصة إلى التعاون والتكاتف والتماسك.

فقد قال سيدنا المصطفى رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم: لا تَحاسَدُوا، وَلا تَناجَشُوا، وَلا تَباغَضُوا، وَلاَ تَدَابَرُوا، وَلا يَبع بَعْضُكُمْ على بيع بَعْضٍ وكُونُوا عِبادَ اللَّهِ إخْوانًا، المُسلِمُ أخُو المُسْلِمِ لا يَظْلِمُهُ وَلا يَخْذُلُهُ وَلا يَحْقِرُهُ، التَّقْوَى هَاهُنا ـ ويشيرُ إلى صدره ثلاثًا ـ بِحَسْبِ امْرىءٍ مِنَ الشَّرّ أنْ يَحْقِرَ أخاهُ المُسْلِمَ، كُلُّ المُسْلِمِ على المُسْلِمِ حَرَامٌ: دَمُهُ ومَالُهُ وَعِرْضُهُ. رواه مسلم وغيره.

وقال صلى الله عليه وسلم أيضا: مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ، مَثَلُ الْجَسَدِ، إِذَا اشْتَكَىَ مِنْهُ عُضْوٌ، تَدَاعَىَ لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَّىَ. رواه البخاري ومسلم. بهذا تتحقق الوحدة ويكون الاعتصام الصحيح.

أقول هذا وأستغفر الله لي ولكم

الله أكبر-  الله أكبر- الله أكبر- الله أكبر-الله أكبر- الله أكبر- الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

الحمدّ لله الذي منّ علينا بهذه الصبيحة المباركة اللامعة، والصلاة والسلام على محمد ذي الأنوار الساطعة وعلى ءال بيته الطاهرين وصحابته الطيبين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين. أما بعد:

فيا عباد الله، اتقوا الله واعملوا على إحياءَ سنن رسول الله تحظَوا برضوان ربّكم، وتكونوا عنده من المفلحين الفائزين، وليكن هذا العيدُ موسمًا للإحسان في كلّ دروب الإحسان. يقول الله تعالى:  يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ. [الحج2 ]

عباد الله إننا بهذه المناسبة العظيمة مناسبة عيد الأضحى المبارك نؤكِّد عليكم صلَةَ الأرحام ومواساة الفقراء والأيتام والإحسان إلى الأرامل والمساكين.

كما نذكِّرُكم بزيارة القبور والدعاء لأصحابها المسلمين وقرءاة القرءان لهم، فقد روى البيهقي في السنن الكبرى عن عليّ رضي الله عنه أنه قال: ” الجهر في صلاة العيدين من السنّة، والخروج في العيدين إلى الجبّانة من السنّة “.

عباد الله، ألا فصلوا وسلموا على خاتم النبيين وإمام المتقين، فقد أمركم بذلك الربّ الكريم فقال سبحانه قولاً كريما: إِنَّ ٱللَّهَ وَمَلَـٰئِكَـتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى ٱلنَّبِىّ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ صَلُّواْ عَلَيْهِ وَسَلّمُواْ تَسْلِيمًا. الأحزاب:56.

اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك سيدنا ونبينا محمد، وارض اللهم عن خلفائه الأربعة أبي بكر وعمر وعثمان وعلي…

Prev Post

من استغفر للمؤمنين والمؤمنات

Next Post

Visiting the Grave of Prophet Muhammad Peace be Upon him‏

post-bars