النبي ينفع بعد موته باذن الله
الدَّليلُ على أنَّ النَّبيّ يَنفَعُ في حياتِه وبَعد مماته بإذن الله
ان مِمَّا يُؤَكِّدُ عَوْدَ أَرْواحِ الأنْبِياءِ إِلى أَجْسَادِهِم في قُبُورِهِمْ وَأَنَّ لَهُمْ حَياةً بَرْزَخِيَّةً مُتَمِيِّزَةً عَنْ سَائِرِ
النَّاسِ مَا رَواهُ الْحافِظُ الْبَزَّارُ والْحَافِظُ الْبَيْهَقِيُّ أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم قالَ:
“الأَنْبِياءُ أَحياءٌ في قُبُورِهِم يُصَلُّونَ”
وَصلاتُهُم هَذِهِ لَيْسَتِ الصَّلاةَ التَّكْليفِيَّةَ الَّتي يُصَلِّيها الإنْسَانُ قَبْلَ مَوْتِهِ إِنَّما هِيَ صَلاةٌ يَتَلَذَّذُونَ بِهَا.
“حَيَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ وَمَمَاتِي خَيْرٌ لَكُمْ تُحْدِثُونَ وَيُحَدَثُ لَكُمْ وَتُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ فَمَا وَجَدْتُ مِنْ خَيْرٍ حَمِدْتُ اللهَ وَمَا وَجَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ اسْتَغْفَرْتُ لَكُمْ”.رواه الحافظ البزّار,
فَفِي قَوْلِهِ: “حَيَاتي خَيْرٌ لَكُمْ وَمَمَاتي خَيْرٌ لَكُمْ” دَليلٌ على أَنَّ النَّبِيَّ يَنْفَعُ في حَياتِهِ وبَعْدَ مَمَاتِهِ، وَقَوْلُهُ: “تَحْدِثُونَ وَيُحْدَثُ لَكُمْ” مَعْنَاهُ تَعْمَلُونَ أَشْياءَ فَيَنْزِلُ الْحُكْمُ بِهَا، أَيْ مِنْ حَيْثُ الْجَوازُ أَوِ الْحُرْمَةُ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ “وَتُعْرَضُ عَلَيَّ أَعْمَالُكُمْ” فيهِ تأَكيدُ حَيَاةِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم في قَبْرِهِ، وَقَوْلُهُ “وَمَا وَجَدْتُ غَيْرَ ذَلِكَ اسْتَغْفَرْتُ لَكُم” فيهِ دَليلٌ عَلى نَفْعِ النَّبِيِّ أُمَّتَهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ بِإِذْنِ اللهِ وَفيهِ الرَّدُّ على نُفَاةِ التَّوَسُّلِ الْقائِلينَ إِنَّ الإنْسَانَ لا يَنْفَعُ بَعْدَ مَوْتِهِ ولَوْ كَانَ نَبِيًّا أَوْ وَلِيًّا. وَقَدْ ثَبَتَ في الْحَديثِ الَّذي رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ أَنَّ النَّبِيَّ في لَيْلَةِ الْمِعْرَاجِ لَمَّا أَخْبَرَ مُوسى بِأَنَّ اللهَ تعالى افْتَرَضَ على أُمَّتِهِ خَمْسِينَ صلاةً في أَوَّلِ الأَمْرِ قَالَ لَهُ مُوسى “اسألْ رَبَّكَ التَّخْفيفَ” فَخُفِّفَ عَنْهُ خَمْسُ صَلَوَاتٍ فَمَا زَالَ الرَّسُولُ صلى الله عليه وسلمَ يَذْهَبُ إِلى الْمَكانِ الَّذي يَتَلَقَّى فيهِ الوَحْيَ وَيَرْجِعُ إلى مُوسى فَيَقولُ لهُ “اسألْ رَبَّكَ التَّخْفِيفَ” حَتَّى بَقِيَتْ خَمْسُ صَلَوَاتٍ ثَوَابُهَا بِخَمْسِينَ صَلاةً، وَلا شَكَّ أَنَّ هَذَا مِنْ مُوسَى عليه السلامُ كَانَ نَفْعًا عَظِيمًا لأُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلّى الله عليه وسلّم بَعْدَ وَفاتِهِ.