Search or ask ابحث او اسأل
April 29, 2023

حكم التبرك بالصالحين عند علماء السلف والخلف

بسم الله الرحمن الرحيم

حكم التبرك بالصالحين عند علماء السلف والخلف
 
بسم الله والحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وبعد

في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي (2/36) قال الربيع بن سليمان إن الشافعي رضي الله عنه خرج إلى مصر فقال لي: يا ربيع خذ كتابي هذا فامض به وسلمه إلى أبي عبد الله  -يعني الإمام أحمد- وائتني بالجواب، قال الربيع: فدخلت بغداد ومعي الكتاب فصادفت أحمد بن حنبلٍ في صلاة الصبح فلما انتقل من المحراب سلمت إليه الكتاب وقلت هذا كتاب أخيك الشافعي من مصر فقال لي أحمد: نظرت فيه؟ فقلت: لا، فكسر الختم وقرأه وتغرغرت عيناه، فقلت له: أيشٍ فيه يا أبا عبد الله؟ فقال: يذكر فيه أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم فقال له: اكتب إلى أبي عبد الله واقرأ عليه السلام وقل له إنك ستمتحن فلا تجبهم فيرفع الله لك علمًا إلى يوم القيامة. قال الربيع: فقلت له البشارة يا أبا عبد الله، فخلع أحد قميصيه الذي يلي جلده فأعطانيه، فأخذت الجواب وخرجت إلى مصر وسلمته إلى الشافعي رضي الله عنه، فقال: أيشٍ الذي أعطاك؟ فقلت: قميصه، فقال: ليس نفجعك به ولكن بله وادفع إلي الماء لأتبرك به” اهـ.

 فانظر أيها القارئ بإنصافٍ كيف كان أئمة المسلمين كالشافعي يرون التبرك بما مسه جلد صالحٍ فما بالك بما مسه جلد أفضل الخلق أو كان جزأً منه كشعره؟ فماذا يكون بعد هذا كلام من يمنع التبرك بالصالحين أو بآثارهم إلا كالهباء المنثور الذي لا يقام له وزنٌ.

وهذا الحافظ الخطيب البغدادي يقول في تاريخ بغداد (1/123): “كان سيدنا محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه يقول: إني لأتبرك بأبي حنيفة وأجيء إلى قبره في كل يومٍ فإذا عرضت لي حاجةٌ صليت ركعتين وجئت إلى قبره وسألت الله تعالى الحاجة عنده فما تبعد عني حتى تقضى” اهـ. وهذا الإمام الشافعي شهد له الرسول بسعة العلم فقال: “عالم قريشٍ يملأ طباق الأرض علمًا”. رواه الترمذي فهذا الإمام الشافعي كان يأتي قبر الإمام أبي حنيفة ويدعو عنده فكيف بالدعاء عند قبر النبي صلى الله عليه وسلم، فماذا يكون بعد هذا كلام المحرمين للدعاء عند قبور الأنبياء والصالحين.؟

لا شىء.

قال الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في كتاب صفة الصفوة (2/410) في ترجمة إبراهيم الحربي “وتوفي في بغداد سنة خمسٍ وثمانين ومائتين وقبره ظاهرٌ يتبرك الناس به رضي الله عنه” اهـ.

قال شمس الدين محمد الجزري في كتابه تصحيح المصابيح: “إني زرت قبر الإمام مسلمٍ بنيسابور وقرأت بعض صحيحه على سبيل التيمن والتبرك عند قبره ورأيت آثار البركة ورجاء الإجابة في تربته” اهـ.

قال الحافظ ابن الملقن في كتابه طبقات الأولياء عند ذكر السيدة الشريفة نفيسة بنت الحسن الأنور بن زيدٍ الأبلج بن الحسن بن عليٍ رضي الله عنهم ما نصه: “قبرها معروفٌ بإجابة الدعاء” اهـ.

وفي كتاب سير أعلام العلماء عند ذكر السيدة نفيسة (10/107) قال مانصه: “وكان أخوها القاسم رجلاً صالحًا زاهدًا خيرًا سكن بنيسابور وله بها عقبٌ منهم السيد العلوي الذي يروي عنه الحافظ البيهقي وقيل كانت من الصالحات العوابد والدعاء مستجابٌ عند قبرها بل وعند قبور الأنبياء والصالحين وفي المساجد وعرفة ومزدلفة وفي السفر المباح” اهـ.والعلوي معناه المنسوب لعلي.

اللهم انفعنا بالنبي وسائر الصالحين.

قال الحافظ الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد (1/120) ما نصه “عن أحمد القطيعي قال: سمعت الحسن بن إبراهيم أبا عليٍ الخلال يقول: ما همني أمرٌ فقصدت قبر موسى بن جعفرٍ وتوسلت به إلا سهل الله تعالى لي ما أحب” اهـ.

وقد قال ابن تيمية في كتابه الكلم الطيب: ((فصلٌ فيما يقول من خدرت رجله)) قال: ((خدرت رجل ابن عمر فقال له بعض الناس اذكر أحب الناس إليك فقال يا محمد فاستقامت رجله)) ا.هـ. فاستحسن ابن تيمية في هذا الكتاب الاستغاثة بالرسول (وهذا حقٌ) وقد ذكر إبراهيم الحربي الذي كان حافظًا كبيرًا يشبه بأحمد بن حنبل وكان من أصحاب أحمد ذكر هذه القصة وذكر أنه جاء في روايةٍ أنه قيل لابن عمر: ((ادع أحب الناس إليك)) وذكر هذه القصة المحدث الحافظ ابن السني في كتابه عمل اليوم والليلة وذكرها الحافظ النووي والحافظ ابن الجزري وقد خالف مشبهة العصر ابن تيمية في هذا فقالوا الاستغاثة بالرسول بعد موته أو في حياته بغير حضرته شرك ووافقوه في هذه لأن ابن تيمية قال في كتابه التوسل والوسيلة: لا يجوز التوسل بغير الحي الحاضر، بذلك كفرت مشبهة العصر المسلمين المتوسلين بأي صيغة كأغثني يا رسول الله أو المدد يا رسول الله أو أتوسل بجاه محمد، وهذا الكتاب الكلم الطيب ثبت أنه من تآليف ابن تيمية فقد ذكر الذين ترجموا ابن تيمية في النسخ الخطية أنه من تآليفه. ا.هـ.

وقد روى الحافظ الحاكم في كتابه المستدرك وصححه أن آدم حين اقترف الخطيئة أي المعصية الصغيرة لأكله من الشجرة التي نهي عنها قال : يارب اسألك بحق محمد إلا ماغفرت لي قال : كيف عرفت محمدا ولم أخلقه بعد قال : إنك لما خلقتني رفعت رأسي فرأيت على قائمة من قوائم العرش لا إله إلا الله محمد رسول الله فعرفت أنك لم تضف إلى اسمك إلا أحب الخلق إليك ا.هـ والحاكم حافظ له حق التصحيح والتضعيف وليس ذلك لغير الحافظ من هؤلاء المتطفلين فلو كان سؤال الله بحق أحد من خلقه شركا هل يحصل من نبي؟!..

وكذلك مارواه الحافظ الطبراني في معجميه الكبير والصغير وفيه أن الرسول علم الأعمى أن يقول اللهم إني اسألك واتوجه إليك بنبيك محمد …الحديث إلى آخره قال الحافظ الطبراني عقب روايته له ورواية أن عثمان ابن حنيف الصحابي راوي الحديث علم هذا الدعاء الذي فيه التوسل لرجل بعد وفاة الرسول كان صاحب حاجة من عثمان بن عفان فقضى له حاجته قال الطبراني عقب الحديثين المرفوع والموقوف والحديث صحيح.

فليس للمعترض أن يقول كيف تطلب من غير الله او تسأل غير الله إن كان نبيا أو وليا بعد موته فيقال له أنت لست أفهم من الرسول الذي علم التوسل وهذا الأمر ماكان عليه المسلمون حتى جاء ابن تيمية وحرم ذلك وجعله شركا ثم تبعه محمد بن عبد الوهاب وعلى هذا ادعياء السلفية في هذا العصر الذين هم الوهابية وليس لهم حجة في قول الله تعالى ادعوني استجب لكم فإن هذه الآية معناها : أطيعوني اثبكم وليس في التوسل بالأنبياء والاولياء معارضة للآية ثم يقول هؤلاء المانعون إن النبي أو الولي قد مات وهو لا ينفع بل الحق أن يقال إنه ينفع بإذن الله أليس موسى نفع أمة محمد حين قال لمحمد ليلة المعراج سل ربك التخفيف واليس ثبت بالإسناد الصحيح المتصل فيما رواه البيهقي أن بلال بن الحارث المزني الصحابي جاء إلى قبر النبي في عام الرماده وقال يارسول الله استسق لأمتك فإنهم قد هلكوا فسقوا ببركة الرسول صلى الله عليه وسلم..

 

العبادة نهاية التذلل.وهذا هو المراد في نحو قول الله تعالى *(ايّاك نعبد)* وكذلك هو المراد في قول المشركين *(ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى)* لأن هؤلاء كانوا يتذللون غاية التذلل لأوثانهم وهذه هي العبادة التي هي شرك. وقد تطلق العبادة  بمعنى القربة من القرب كالصلاة والذكر وذلك كحديث << الدعاء مخ العبادة >> المعنى أن الدعاء أي الرغبة الى الله  في طلب حاجة أو دفع شّر من أعظم ما يقرّب الى الله وليس معنى هذا الحديث ما تدعيه الوهابية من ان التوسل بالرسول والولي من عبادة غير الله التي هي شرك.هم يحتجون بهذا الحديث الدعاء مخ العبادة لتحريم قول المسلم يا رسول الله أغثني أو اللهم أسألك بجاه رسول الله كذا وكذا يقولون هذا كقول المشكرين*(ما نعبدهم الا ليقربونا الى الله زلفى)* وكذبوا فان اولئك كانوا يتذللون للاوثان غاية التذلل ويقولون نحن نعبد هؤلاء أي نخضع لهم ونتذلل غاية التذلل ليقربونا الى الله وفرق كبير بينهم وبين المسلم الذي لا يتذلل غاية التذلل الا لله ويستغيث بالانبياء  والاولياء ليقضي الله حاجاته او يدفع عنه الكرب لان هؤلاء ما تذللواغاية التذلل للانبياء والاولياء انما

يتشفعون بهم الى الله .ولو عرفت الوهابية معنى العبادة في لغة العرب لما قالوا ذلك لكنهم جاهلون لأن زعيمهم محمد بن عبد الوهاب لم يكن عالما فقيها ولا محدثا ولا مفسرا بل كان أبوه غاضبا عليه لأنه لم يشتغل بالعلم كعادة أسلافه لأن أباه وجدّه كانا عالمين بالمذهب الحنبلي ولا يشهد له أحد من علماء الحنابلة في عصره بالعلم ولا أدخله أحد في طبقات فقهاء الحنابلة وقد ألف العالم الجليل الحنبلي محمد بن حِمَيد مفتي الحنابلة بمكة المكرمة كتابا في طبقات الحنابلة من رجال ونساء  جمع ثمانماية عالم وعالمة في كتاب سماه (السحب الوابلة على ضرائح الحنابلة) وذكر فيه أباه عبد الوهاب واخاه الشيخ سليمان بن عبد الوهاب وكانت وفاة الشيخ محمد بن حميد بعد ابن عبد الوهاب بنحو ثمانين سنة.

وأما وصف بعض أتباعه له بالعالمية فلا إعتداد به.

هذا وإني لأعجب من هؤلاء الذين يكفرون المسلمين لمجرد التمسح بقبر وليّ أو قولهم يا رسول الله المدد  فإذا كان الرسول لم يكفر معاذا حين سجد له والسجود من أعظم مظاهر التعظيم فكيف يكون ذلك كفرا عندهم  سبحانك هذا بهتان عظيم.

Prev Post

Free Cards بطاقات تهاني للمناسبات الإسلامية

Next Post

الاحتفال بالمولد الشريف، وذكر أدلة جوازه

post-bars