الحكمةُ من الجهاد
الحمدُ للهِ وبعد فإنَ الأصلَ في الجِهادِ إدخالُ النّاسِ في الإسلام رحمةً لهُم لأنهُ بِالجهادِ يسلم بعضٌ ومن لم يُسلم يُقاتل وفي ذلِك رحمةٌ للنّاس لأنَ النّجاةَ من العذابِ المؤبد لا تكونُ إلا بالإيمانِ باللهِ ورسوله ومن لم يؤمن لا يكونُ شاكراً لخالقهِ روى البُخاريُ ومسلم أنهُ صلى اللهُ عليهِ وسلم قال:[أُمرت أن أُقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إلهَ إلا الله وأني رسول الله فإذا فعلوا ذلِك عصموا مني دِماءهم وأموالهم إلا بِحق الإسلام] فالجِهادُ رحمةٌ للبشر وليسَ وحشية, بعضُ النّاسِ يقولونَ كيفَ يُقتلُ إنسانٌ لكي ينتقل من دينهِ إلى الإسلام هذهِ وحشية وهذا جهلٌ منهُم قالَ اللهُ تعالى :
{ وقاتلوهُم حتى لا تكونَ فتنةٌ ويكون الدينُ كلهُ لله} فالكَافرُ لا يكونُ شاكراً لخالقهِ الذي أوجدهُ من العدم إلا بالإسلام, وقد كانَ الجِهادُ عندَ بعضِ الأنبياءِ الذينَ قبلَ سيدنا محمد مشروعاً فقد أمرَ موسى قَومهُ أن يُجاهدوا الكُفارَ الجبارين الذينَ كانوا بالقدُس بعدما خرجَ بنو إسرائيلَ من مِصر لكنهم لم يُطيعوهُ وقاتلهم بعدَ ذلِكَ نبي اللهِ يوشع .
وقد وردَ في الجِهادِ ءايات قُرءانيةٌ وأحاديث نبوية قال تعالى:{ كُتب عليكُم القِتالُ وهو كرهٌ لكم} وقال تعالى:{ وقاتلوهم حتى لا تكون فتنةٌ ويكون الدين لله} وأما قولُ اللهِ تباركَ وتعالى : {لا إكراهَ في الدين قد تبينَ الرُشدُ من الغي} فهذهِ الآية منسوخةٌ بآيات القِتال لأن القِتال لأجلِ إدخالِ الناس بالإسلام لم يأذنِ اللهُ لرسولهِ بهِ إلا بعدَ أن هاجرَ وكَثُر المسلمون وفي ذلِك حكمةٌ كبيرة. أما قولهُ تعالى: {ليسَ عليك هُداهم} فمعناهُ أنت لا تستطيع أن تقلب قلوب الكفار إلى الهُدى لأن هذا بيدِ الله إنما الذي يلزمُك البيانُ والجِهادُ أما قولهُ تعالى:{ لستَ عليهم بمسيِطر } فمعناهُ لا تستطيع أن تُسيطرَ على قلوبهم فتقلبها إلى الإيمانِ لأنَ اللهَ هو خالقُ الهِدايةِ في قلبِ من شاء وخالقُ الضلالة في قلبِ من شاء.
وأما قولُ من يقول : إن الجِهادَ في الإسلام هو جهادُ سياجٍ ودفاعٍ فقط ولا هجومَ فيهِ فهو كذبٌ مُخالفٌ للواقع فقد صحَ في الحديثِ الذي رواه البخاري: أن رسول الله صلى اللهُ عليهِ وسلم غزا بني المصطلق وهُم غَارّونَ اي لا علم لهُم فقتلَ مُقاتلتهُم وسبى نِساءهُم وذرارِيهُم. وروى الحافظُ المُجتهد محمدُ بنُ جرير الطبري أن أبا بكرٍ أرسلَ جيش المُسلمين لِقتالِ المُرتدينَ الذينَ ارتدوا بعدَ وفاةِ رسولِ الله وكانَ على رأسِ الجيش خالدُ بنُ الوَليد وفيهم أعلمُ الصحابة علي بن أبي طالب وكانَ شعارُ الصحابةِ في هذهِ المعركةِ يامُحمداه يا مُحمداه . وكانَ هؤلاء المُرتدون في بيوتهم لم يخرجوا لِقتالِ المُسلمين وقُتِل منهُم عشرةُ ءالاف وقُتِلَ من المُسلمين ستمائة وقُتِل في المعركةِ مُسيلمة بن حبيب الذي سماه المسلمون مسيلمة الكذاب. روى ذلك الحافظ ابنُ كثير في كتابِ البداية والنهاية والحافظ محمد بن جرير الطبري في كتاب تهذيب الاثار
واللهُ اعلمُ وأحكم