نصيحةٌ شرعيةٌ واجبةٌ
قَدْ ثَبَتَ وتَحَقَّقَ إنَّ حزبَ الإخوانِ والوهَّابِيَّةَ يُكَفِّرونَ من يُخَالِفُهم في فِكرَتِهِم التي هي أنَّ من يَحْكُمُ بِغَيرِ القرءانِ ولو في مسئلةٍ واحِدةٍ هذا الحاكمُ كافرٌ عِندَهم. وكُلُّ من يَعيشُ تحت ظِله كافرٌ إلا من ثارَ عليهِ وقصدَ قِتالَه وقتالَ من معه حتى يصيرَ الحكمُ على وجهِ الأرضِ بالقرءانِ على ما يوهمونَ الناسَ. وذلك نصٌّ صريحٌ من زعيمِهم سيد قطب في تفسيرِهِ في أكثرَ من موضعٍ يُصرِّحُ بذلكَ.
ومن جملةِ ما فيه هذه العبارةُ “وإنَّ الإسلامَ اليومَ متوقفٌ عن الوجودِ مجردِ الوجود” ويستحلُّ قتلَ من يخالفُهُ. ومن جملةِ ما يشهدُ لذلك أنه كان في حلب شيخٌ يقالُ له الشيخُ محمدُ الشَّامي كانَ مُفتِيَ قريةٍ تُسمى عفرينَ وكانَ يَقضِي لبعضِ المسلمين حاجاتِهم عند الرَّئيسِ فدخلوا عليهِ ذاتَ ليلةٍ وهو وحدهُ في المسجدِ مَعَ رجُلٍ ءاخرَ بعد أنِ انصرفَ الناسُ من صلاةِ العِشاءِ فوجهوا إليهِ الرصاصَ فرمى الشخصُ الذي معهُ نفسَه على الشيخِ فقتلوه وقتلوا الشيخَ. هذا اعتقادُهمُ الذي يُضمرونَهُ في نفوسِهم لكنهم لا يُظهرون حتى يقووا عدداً وعُدَداً عندئذٍ يظهرون ما في نفوسِهم وهؤلاءِ الذين يعمَلونَ تلك الجرائمَ من الاغتيالاتِ والتفجيراتِ في الجزائرِ كانوا يكتمُون، ما كانوا يظهرونَ حتى كَثُروا عددا وقوُوا عُدةً فأظهروا صاروا يقولونَ في إعلاناتِهم قتلنا منَ المشركينَ كذا وكذا، كذلك الوهابيةُ يُكَفِّرونَ من لا يرى اعتقادَهم لأن زعيمَهُم محمدَ بنَ عبدِ الوهَّاب قالَ بعد أن علَّمَ البدوَ فِكْرتَه من دخلَ في دعوتِنا فله ما لنا وعليهِ ما علينا ومن لم يدخلْ فهو كافِرٌ مُباحُ الدمِ. هذا الشئُ ثابِتٌ ذكرَه الشيخُ أحمد بنُ زيني دِحلانَ المكيُ وكان رئيسَ المدرسين في مكةَ وأشهرَ علماءِ مكةَ في عصرهِ. وكذلك قال مفتي مكةَ الحنبليُ في مكةَ المكرمةِ قال في كتابهِ “السُّحبُ الوابِلةُ على ضرائحِ الحنابِلةِ” الذي ترجَمَ فيه ثمانِمَائة عالمٍ وعالمةٍ في المذهبِ الحنبليِ: إنَ ابنَ عبدِ الوهابِ كان يكَفِّرُ من يخالفهُ ويستحلُّ قتلَهُ وذكرَ أنهُ دبَّرَ لأخيه الشيخِ سليمانَ بنِ عبدِ الوهاب مكيدةً، مكيدةَ اغتيالٍ لأنهُ كان يردُ عليهِ ويقولُ له أنت تكفِّرُ المسلمين بغيرِ حقٍ سمَّاهُ فصلَ الخطابِ في الرَّدِ على محمدِ بنِ عبدِ الوهَّابِ فسلَّمَهُ اللهُ من مكيدتِه وهربَ من مكةَ الى المدينةِ.
ويظهرُ من كثيرٍ منهم شتمُ الرَّسولِ حتى إن واحداً منهم قال إلى متى تعبدون صنَمَكم هذا يعني رسولَ اللهِ وقالَ أيضاً ءاخرُ في الحبشةِ العصا أفضلُ من محمدٍ لأن العصا تنفعُ وغيرُ هذا مما لا يُحصى.
فالحذرَ الحذرَ من الفرقتينِ وإن كانوا يتظاهرونَ أحياناً بأنهم يسعَوْنَ لِجمعِ الكلِمةِ وتوحيدِ الصفِ وهيهاتَ هيهاتَ كيفَ يكونُ جمعُ الصفِ مَعَ من يستَحِلُ قتلَ المسلمِ بغيرِ سببٍ والكفرُ الذي يزعُمونَه سبباً محلِلاً لقتلِ المسلمِ من ذلك قولُ يا محمدُ أو يا عليُّ أو يا عبدَ القادرِ الجيلانيَ أو يا أحمدُ البدويُ. وتعليقُ الحروزِ التي فيها القرءانُ على الصدورِ. ومسُّ قبورِ الأنبياءِ والأولياءِ للتبركِ وزيارةُ قبورِهم لطلبِ البركةِ من اللهِ وكلُ هذهِ الأشياءِ ثبتَ عن السلفِ وتبعَهم الخلفُ، من عصرِ الرسولِ إلى يومِنا هذا أما تعليقُ الحروزِ على الصدورِ فقد كانتِ الصحابةُ يفعلونَه للأولادِ الذين لم يبلغوا بكتابةِ ذكرٍ عَلَّمَ الرسولُ بعض الصحابةَ لما شكا له الأرَق وبعضٌ شكا له الفزعَ عندَ النومِ هذا الذكرَ وهو أعوذُ بكلماتِ اللهِ التامةِ من غضبِه وعقابِه ومن شرِ عبادِهِ ومن همزاتِ الشياطينِ وأن يحضرون.
روى الترمذيُ عن عبدِ اللهِ بنِ عمرِو بنِ العاصِ أنهُ قال كنا نُعَلِمُه من بلغَ من أولادِنا ومن لم يبلُغْ كتبناه له وعلقناه على صُدورِهم. وأما تقبيلُ القبرِ ومسُه فقد قال الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل إذا كان للتبركِ تقرباً إلى اللهِ إنه جائزٌ. فكل ما تُكفِّرُ الوهابيةُ المسلمينَ لأجلِه فهو شئٌ فعلَه السلفُ والخلفُ من الأمةِ الإسلاميةِ فضررُ هاتين الفرقَتيْنِ عظيمٌ جداً جداً فيجبُ علينا أن نُحَذِّرَ الناسَ من الفرقتين. فتوحيدُ الصفِ معهم لا معنى له. أيُّ معنىً لتوحيدِ الصفِ مَعَ من يُكَفِّرُكَ ويستحلُ قتلَكَ فقد ذكرَ لي رجلٌ من أهلِ العلمِ مصريٌّ أنهُ لما قتلَ أحدُ هؤلاءِ أنورَ الساداتِ جَعلَ الجيشُ يلمَّ الناسَ الذين يظنون بهم أنهم منهم قال فأخذوني معهم إلى سِجنِ “أبو زعبل” فوجدتُهم هناك ستَ فرقٍ كلُ فِرقةٍ تكفرُ الفِرقةَ الأخرى حتى إن الشمسَ تطلعُ بعضَ الأيامِ على بعضِ الفرقِ ولم يصلْ دورُهم حتى يُصَلوا خلفَ إمامِهم الذي هو من فرقتِهم اللهُ يكفينا شرَهم وشرَ سائرِ الفرقِ المُنحرفة. ولا يُظَنُّ بهؤلاءِ أنهم من جماعةِ الشيخِ حسن البَنَّا رحمَهُ اللهُ هو في وادٍ وهؤلاءِ في وادٍ ءاخرَ كانت عقيدتُه عقيدةَ أهلِ السنةِ التي عليها السلفُ والخلفُ إنما الفتنةُ بدأت بسيدِ قطب والآنَ من بقيَ على منهجِ الشيخِ حسن مستضعفٌ فيهم.
والله من وراء القصد.