أقوال علماء أهل السنة في تكفير من كفر
لقد ظهر في زماننا من يقول بعدم تكفير من كفر الكفر الصّريح فمنهم من يقول أنا أكفّر القول ولا أكفّر القائل ومنهم من يقول لا يكفر القائل ولو شتم الخالق إلا أن يكون ناويًا الخروج من الإسلام ومنشرح الصّدر بما قال، فسدّوا باب الجهاد وأغلقوا باب الرّدّة الذي نصّ عليه فقهاء المذاهب الأربعة في كتبهم، وجعلوا بقولهم هذا كلّ الناس في حكم المكره الذي نصّ الله عليه في القرءان.
وإن قلت لهم الله يقول:” لقد كفر الذين قالوا إنّ الله هو المسيح ابن مريم” وقال:” وقالت اليهود عزير ابن الله وقالت النّصارى المسيح ابن الله ذلك قولهم بأفواههم يضاهئون قول الذين كفروا من قبل قاتلهم الله أنّى يؤفكون” قال قائلهم الخالق له أن يقول أمّا نحن فليس لنا.
- لقد كفّر عدد من المجتهدين الحجّاج بن يوسف الثّقفيّ كما ذكر ذلك الحافظ العسقلانيّ في تهذيب التّهذيب ومن جملة الذين كفّروه سعيد بن جبيرٍ رضي الله عنه والشّعبيّ.
- وكذلك كفّر القاضي المالكيّ تقيّ الدين محمّدًا الباجربقيّ لزندقته وإلحاده وكان والده من العلماء الأجلاء كما في القاموس مع شرحه.
- وقال الإمام أبو حنيفة في جهمٍ كافر أخرجوه ذكر ذلك كمال الدّين البياضيّ في شرح رسائل الإمام أبي حنيفة
- وقال الإمام الأوزاعيّ في غيلان الدّمشقيّ كافر وربّ الكعبة يا أمير المؤمنين ذكر ذلك ابن عساكر في تاريخ دمشق
- وقال الإمام المجتهد الحافظ ابن المنذر وقال شبابة وأبو النّضر هاشم بن القاسم إنّ المرّيسيّ كافر جاحد يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه، ذكره في كتاب الأوسط.
- وقد ذكر الحافظ ابن حجر العسقلانيّ عقب قوله تعالى: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئنّ بالإيمان ولكن من شرح بالكفر صدرًا فعليهم غضب من الله) “كلام الطّبري في تهذيبه ما نصّه: فيه الرّدّ على قول من قال لا يخرج أحد من الإسلام من أهل القبلة بعد استحقاقه حكمه إلا بقصد الخروج منه عالما ،فإنه مبطل لقوله في الحديث: يقولون الحقّ ويقرءون القرءان ويمرقون من الإسلام ولا يتعلّقون منه بشىء “ومن المعلوم أنهم لم يرتكبوا استحلال دماء المسلمين وأموالهم إلا بخطإ منهم فيما تأوّلوه من ءاي القرءان على غير المراد منه.اهـ. يعني أنهم كفروا ولم يخلصهم تأوّلهم وعدم قصدهم الخروج من الإسلام.
- ثم يقال لهؤلاء المانعين من قول أنت كافر أو كفرت لمن كفر ما اسم هذا الشخص عندكم، هل هو عندهم في منزلةٍ بين منزلتين كما تقول الخوارج لعنهم الله في مرتكب الكبيرة.هل يسمّونه مسلمًا مع كفره الصّريح الذي هو شتم للخالق والأنبياء والملائكة مثلا أم ماذا يسمّونه.أم هو التّحّكّم والعصبية للرّأي واتّباع هوى النّفس.
- وانظروا ما رواه النسائي في السنن الكبرى من قول الصحابة لمن سمعوه يحلف باللات والعزّى ما نراك إلا كفرت.
- قال الشافعيّ رضي الله عنه لحفصٍ الفرد الذي قال القرءان مخلوق: لقد كفرت بالله العظيم .فقال حفص بعدما خرج لقد أراد الشّافعيّ ضرب عنقي.رواه البيهقي.
- قال الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأبسط : ” فصفاته غير مخلوقة ولا محدثة ، والتغير والإختلاف في الأحوال يحدث في المخلوقين ، ومن قال إنها محدثة أو مخلوقة أو توقف فيها أو شك فيها فهو كافر ” .
- وقد أكثر يوسف الأردبيليّ الشافعيّ في كتابه (( الانوار لأعمال الأبرار)) من تعداد الالفاظ المكفّرة بعضها بالعربية وبعضها بالفارسية لأن كثيرا من الشافعية فارسيون. وقد نقل تاج الدين السبكي في مقدمة الطبقات الاجماع على تكفير ساب الله.
- والامام القاضي عياض اليحصبى في كتاب الشفا نقل الاجماع على من تلفظ بلفظ كفري من المسلمين أنه كافر فقال (( لا خلاف أن ساب الله من المسلمين كافر حلال الدم)) . ا.هـ
- وقال الامام أبو جعفر الطحاوي السلفي رحمه الله “ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفـــــــر”.
هذا دليل على تكفير من شبّه الله بخلقه ونسب لله الجسم والحد والمكان ومنهم
ابن تيمية الحراني في كتبه كالفتاوى وحديث النزول وغيره وكذلك ابن باز
وابن عثيمين وغيرهم من زعماء فرقة الوهابية التي خرقت اجماع أهل السنة في
عشرات المسائل العقائدية. ففي فتاويهم نسبوا لله الجسم والحد والشكل
والجلوس على العرش والعياذ بالله وكل هذا وصف الله بصفات البشر وهو كفر
مجمع عليه. فتكفيرهم واجب من حيث القاعدة الشرعية لأن انحرافهم هذا في
العقائد مما هو مجمع عليه عند أهل السنة والجماعة وليس خلاف في الفقه أو
الاجتهاد لأنه لا اجتهاد مع النص.
1. الكفر القولي ومكانه اللسان كمن يشتم الله تعالى أو الأنبياء أو الملائكة أو القرءان أو الكعبة أو دين الاسلام.
2. الكفر الفعلي كمن يُلقي المصحف أو أوراق العلوم الشرعية أو أي ورقة عليها اسم الله تعالى عامداً في القاذورات.
3. الكفر الاعتقادي ومكانه القلب كمن اعتقد ان الله تعالى يشبه شيئاً من مخلوقاته أو يعتقد أنه نور بمعنى الضوء أو أنه روح أو أنه ملأ السموات أو الأرض أو أنه جسم ساكن في السماء أو قاعد فوق العرش. فيجب على من وقعت منه ردة (أي كفر) العود فوراً إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين والإقلاع عمَّا وقعت به الردة، ويجب عليه الندم على ما صدر منه والعزم على أن لا يعود لمثله.
بل شرطه أن لا يكون في القطعيات فالاجتهاد في القطعيات اذا أدّى بصاحبه الى الكفر لا يعذر أي لا يقال اجتهد فأخطأ فلا يكفر لأن كثيرين من المنتسبين الى الاسلام اجتهدوا في القطعيات فدخلوا في الكفر فلا يعذرون بل يكفرون ويجري عليهم أحكام المرتد كالفلاسفة المنتسبين الى الاسلام وهم خارجون من الاسلام كأبي علي بن سينا والفارابيّ وابن رشد الحفيد, هؤلاء مالوا الى القول بقدم العالم فلا يعذرون(جعلوا العالم شريك لله بالازليّة) بل يجري عليهم أحكام المرتد , ومعنى تسميتهم اسلاميين ادعاء الاسلام منهم لأنهم لم يعلنوا عن أنفسهم أنهم ينتمون الى دين غير الاسلام وقد أوقعهم في الكفر اجتهادهم الفاسد .
وقد كفرهم أبو حامد الغزالي في ثلاثة أشياء لقولهم بأزلية العالم ولانكارهم حشر الأجساد يوم القيامة ولقولهم الله لا يعلم الجزئيات الا الكليات فمن خالف أصلا من أصول الدين فهو كافر ولو كان يصلي ويصوم ويقول الشهادتين بلسانه.
وقال الفقيه المشهور عند المالكية حبيبُ ابنُ الرَّبيع : (( ادّعاءُ التأويل في لفظٍ صُراح ٍ لا يُقْبَلُ )).