الاكتفاء بمطالعة الكتب قد يودي إلى المهالك
الاكتفاء بمطالعة الكتب قد يودي إلى المهالك
4- حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: “أما إنكم سترون ربكم كما ترون هذا القمر لا تضامون” رواه مسلم، قال أهل السنة: التشبيه هنا ليس تشبيهًا لله بل تشبيه للرؤية، فهو وارد على المعنى الذي يليق بالله، أي أن العباد يرونه رؤيةً لا شك فيها كما أن القمر ليلة البدر إذا لم يكن سحاب يرى رؤيةً لا شك فيها. وأما المشبهة فالرؤية عندهم تكون بالكيفية والجهة وإن كانوا يقولون لفظًا بلا كيفية، لكنهم يعتقدون الكيفية لأنهم يثبتون الجهة لله، فالرؤية عندهم لا بد أن تكون بكيفية، بالمقابلة، لأنهم يفسرون هذا الحديث على غير معناه، لذلك عندهم ترونه مواجهةً كما ترون القمر مواجهةً. فأهل السنة على الصراط المستقيم، لا كما ذهبت المعتزلة في نفيهم للرؤية وتحريفهم للآية، ولا كما ذهبت المشبهة في جعلهم الرؤية بكيفية، حيث أثبتوا لله تعالى الجهة، فهم حيث أثبتوا للذات المقدس الجهة، فلا بد أنهم يثبتون الرؤية في جهة، أما أهل السنة فبعيدون من ذلك، يعتقدون أنه يرى بلا مقابلة ولا مدابرة، من دون أن يكون الرائي في جهة من الله، لا يمنةً، ولا يسرةً، ولا فوق، ولا أسفل، ولا قدام، ولا خلف.
5- كذلك في لغة العرب حرف واحد قد يغير المعنى، معلوم أن الملائكة لا يتشكلون بأشكال النساء، يتشكلون بأشكال الرجال جميلي الصورة بحسب الظاهر من غير ءالة الذكورية، كما كان جبريل عليه السلام يأتي إلى سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام، كان في كثير من الأحيان يأتي على هيئة صحابي اسمه دحية الكلبي، وقد ورد في الحديث الصحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قبل أن يتزوج عائشة رضي الله عنها سيدنا جبريل عليه السلام أتاه ومعه صورة عائشة رضي الله عنها، لم يأته متشكلاً في صورة عائشة، لا، بل الله تعالى خلق مثالاً لها، صورةً لعائشة في قماشة، فأتى به إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وأراه للرسول، هذا ورد في الحديث الصحيح، فالشخص الجاهل بعلم الدين، الذي لم يتعلم القواعد، لم يتعلم أن الملائكة لا يتشكلون بصور الإناث، إذا طالع كتابًا وصار يفسر من عند نفسه، ومر على هذا الحديث الذي فيه: “أن جبريل أتى الرسول بصورة عائشة”، قد يعتقد عقيدةً فاسدةً، عقيدةً معارضةً للقرءان، فيظن أن جبريل عليه السلام جاء متشكلاً في صورة عائشة، والعياذ بالله تعالى، فيكون كذب الشريعة. حرف واحد قد يغير المعنى، الذي ورد في الحديث “بصورة” وليس “في صورة”، فرق بين أن تقول أتى بصورة كذا، وبين أن تقول أتى في صورة كذا، لكن من كان جاهلاً بعلم الدين، لا يميز بين هذا وذاك، فيهلك نفسه وغيره وهو لا يدري.
6- كذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لأن يجلس أحدكم على جمرة فتحرق ثيابه وتخلص إلى جلده خير له من أن يجلس على قبر”، والمراد بالجلوس هنا هو الجلوس للبول أو الغائط، أما مجرد الجلوس على القبر لغير ذلك لا يحرم، لكنه مكروه، إذا كان الدوس على القبر الذي ليس عليه كتابات معظمة لا يحرم بل يكره، فكيف بالجلوس عليه. إنما معنى الحديث أن الشخص لو ابتلي بأن جلس على جمرة فأحرقت ثيابه حتى وصلت إلى جلده فإن ذلك أهون من أن يجلس على قبر ليبول أو يتغوط عليه.
7- كذلك ما ورد في الحديث من أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه فهو محمول على ما إذا أوصى أهله بأن يفعلوا الندب أو النياحة عليه، فإنه يعذب بذلك لأنه أمر بمعصية، وليس معناه أنه يعذب بمجرد بكاء أهله عليه. فقد ثبت أن الرسول عليه الصلاة والسلام نفسه بكى لما مات ابنه إبراهيم، فسأله أحد الصحابة عن ذلك فقال: “هذه رحمة يجعلها الله في قلوب من شاء من عباده”.
8- وروى الحاكم وصححه: لا يزال الله مقبلاً على العبد في صلاته ما لم يلتفت، فإذا صرف وجهه انصرف عنه” أي قطع عنه الرحمة. الجاهل قد يتوهم منه أن الله يتصف بالحركة والسكون، والجهة والمكان، وهذا كفر.
9- كذلك معلوم أن يوم القيامة لا يكون موت للكفار ولا للمؤمنين، أما ما ورد في مسلم أن العصاة من أهل النار يميتهم الله ثم يخرجهم فإنه يؤول، معناه يصيرون كالأموات من شدة تغيرهم، يصيرون فحمًا. وإلا فالإجماع منعقد أن الإنسان يموت مرتين ويحيى مرتين، قال تعالى: “قالوا ربنا أمتنا اثنتين وأحييتنا اثنتين” [غافر، 11]، معناه أن الإنسان يكون نطفةً ميتةً ثم يحيى ثم يموت ثم يحيى. ومن هذا يستفاد أيضًا عدم جواز قول (الحيوانات المنوية) لأن الله تعالى قال “كيف تكفرون بالله وكنتم أمواتًا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم” معناه كنتم نطفًا ميتةً لا أرواح فيها.
10- وروى الترمذي حديث: “ما جلس قوم مجلسًا لم يذكروا الله فيه ولم يصلوا على نبيهم إلا كان عليهم ترةً، فإن شاء عذبهم، وإن شاء غفر لهم”، وصححه، أما قوله: “فإن شاء عذبهم وإن شاء غفر لهم” هذا معناه إذا لم يصلوا، إذا تفرقوا ولم يصلوا صلاة الفريضة.
11- كذلك ورد في الحديث الصحيح أن جبريل في ليلة المعراج أتى الرسول بكأس من خمر وكأس من لبن فاختار اللبن، فقال له: اخترت الفطرة. أي اخترت الدين، وهذه الخمر كانت من خمر الجنة ليست من خمر الدنيا المسكرة. فالجاهل الذي يظن أن هذه الخمر كانت من خمر الدنيا المسكر وأن الرسول كان يحتمل أن يختارها فهذا كفر، أما إن قال هذا لإظهار أن الرسول لا يختار الحرام فلا يكفر لكنه غلط.
12- وورد في الحديث الصحيح أن امرأةً قتل ولدها في سبيل الله مع المسلمين فجاءت رسول الله فقالت: إن كان ابني في الجنة وإلا بكيت بكاءً شديدًا، فقال لها “أهبلت، إنها جنان كثيرة وإن ابنك في الفردوس الأعلى”، معنى أهبلت أي أذهب عقلك، وهذا لتنبيهها.
13- وورد في الصحيح أن الرسول كان يصلي من الليل حتى تتورم قدماه، ومعناه أنه كان يطيل القيام في الصلاة فيحصل ورم في قدميه بلا ضرر، يزول بنحو المشي، ولا يجوز اعتقاد أن الرسول كان يضر نفسه بذلك، فمن اعتقد أن الرسول كان يضر نفسه فهذا كفر.
14- وورد في الحديث أن المؤمن إذا نظر إلى نعيم من كان يعمل بعض الحسنات في الجنة يتحسر، معناه يقول يا ليتني ما فوت ذلك دون أن يحصل له أي انزعاج.والله أعلم وأحكم….