التحذير الشرعي الواجب
الحمدُ لله ربِّ العالمين لهُ النِّعمةُ ولهُ الفَضلُ ولهُ الثناءُ الحسَن صَلواتُ اللهِ البَرِّ الرّحيم والملائكةِ المقربين على سيدِنا محمدٍ أشرف المرسلينَ وعلى آلِه وجميعِ إخوانِه الأنبياء والمرسلينَ وسَلامُ الله عليهِم أجمَعين أمّا بَعدُ فإنّ التّحذيرَ على الوَجْهِ الشّرعيّ أمرٌ عظيمٌ مِن أمُورِ الدّين، رُوّينا في صحيح البخاريّ أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلّم قالَ عن شَخصينِ “ما أظُنُّ أنّ فُلانًا وفُلانًا يَعرِفانِ عن دِينِنا شَيئًا”، ذكَرَهما في خَلْفِهما بما يَسُوؤهما بما يَكرَهان لو سمِعا وإنما فعَلَ ذلكَ ليُعَلِّمَنا أنّ التّحذيرَ فَرضٌ، التَّحذيرُ ممّن يَضُرُّ النّاسَ في دِينِهم وفي دُنياهُم، التّحذيرُ منهُ فَرضٌ ليسَ غِيْبةً مُحرّمةً، الغِيبةُ المحرَّمَةُ هيَ ذِكرُ الإنسانِ المسلِم خَلْفَهُ بما يَكرَهُ لغَيرِ سبَبٍ شَرعيّ، هذه الغِيبةُ المحرَّمةُ التي قال اللهُ فيها:” وَلا يَغتَبْ بَعضُكُم بَعضًا أيُحِبُّ أحَدُكُم أنْ يَأكُلَ لحمَ أخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهتُمُوه” هذهِ الغِيبةُ هيَ ذِكْرُ المسلِم في خَلْفِه بما يَكرَهُ أي لغَيرِ سبَبٍ شَرعيّ، هذهِ الغِيبةُ المحرّمَةُ.
أمّا الغِيْبةُ لسَببٍ شَرعيّ كالتّحذير مِن رجُلٍ يَضُرّ الناسَ في أموالهِم أو في أبْدانهِم أو في دِيْنِهم، ذكَرَ هذا الإنسانَ بما يَكرَهُ في خَلفِه ليَحْذَرهُ النّاس هذا فَرضٌ واجِبٌ، كثيرٌ مِنَ الناس لا يُفرّقُونَ بَينَ الغِيبةِ التي هيَ جَائزةٌ في شَرع الله والغيبةِ المحرّمَةِ التي حَرّمَها الله، إذا رأَوا إنسانًا يحذِّرُ مِن إنسَانٍ يقُولونَ لا نُريدُ أن نَغتابَ الناسَ مِن شِدّةِ جَهلهِم، هؤلاء جَهلُهم أهلَكَهُم لو كانوا يَعلَمُونَ لعَلِمُوا أنّ هذا فرض، فمَن تَرَك التّحذيرَ الواجِبَ علَيهِ إثمٌ وعلَيهِم عقُوبةٌ في الآخِرة، الله تعالى يُعاقِبُهم في الآخِرة لأنّ هذا ذَنبٌ مِنَ الذّنوب، حتى في خِطبة إنسانٍ لإنسانةٍ فمَنْ علِمَ بالخاطِب الذي يُريدُ أن يخطُبَ خَلَلا يجبُ عليهِ أنْ يحذّر الطّرَف الآخرَ، فُلانٌ لا يَصلُح لكِ، وإنْ كانَ الخلَلُ في طَرفِ البِنتِ فكَذلكَ يَذكُر الخَللَ الذي فيها لهذا الذي يُريدُ خِطبتَها فمَن لم يَفعَلْ ذلكَ فعَليهِ ذَنب، وأهمُّ مِن هذا كُلِّه التّحذير ممن يَدّعِي عِلمَ الدّين وهو يُحرِّفُ الدّين، أو يَدّعِي أنه شيخُ طَريقةٍ وليّ وهوَ فاسِدٌ مُفسِدٌ.
وممنْ ادّعَى العِلمَ والولايةَ رجَب دِيب ومِن جملةِ مَا كانَ يقولُه: الإمامُ الحسَن البِصري كان مَشغُوفًا بامْرأةٍ مِن حُسْنِ عَيْنَيْها فقَلعَتْهُما ووَضَعَتْهُما على طَبَق وأَرسَلَت بهما على يَدِ جَارِيَتها إليه. وهذا ما حَصَل في تاريخ الدّنيا، في تاريخ البشَريّة ما حصَلَ أنّ امرأةً قلَعَت عينَيها الحسَنَتين لعَاشِقها، وقالَ رجَب دِيب أيضًا الإنسانُ ليسَ إلا بَرميل شَخاخ قائم على عَامُودَين، وقالَ أيضًا إنّ جُحا كانَ رأَى ليلَة القَدْر فقالَت له زَوجتُه إنْ رأيتَ بعدَ هذا ليلةَ القَدر فادعُو الله أن يَزيدَني جمَالاً فرأى ليلةَ القدر فزادَها الله جمَالاً فصَارت أحْلَى مِن جُورجِينا رِزْق، أحَدُ الذينَ كانوا عندَ رجَب وتَركُوه قالَ أنا كنتُ أَدفَعُ لرَجَب في الشّهر 10 ل وأخي كانَ يَدفع خمس ليرات مَرّةً سَرق مِن جَيب أُمّه وأعطَاه.
ومما قالَه رجَب دِيب لَعنةُ الله عليهِ قال:كمْ إله يا مسلمِين في في الكُون قالوا لهُ إلهٌ واحِد قال أَخطَأتم بل إلهين الإلهُ المعبُود ربّ العالمين وإلهُ الهوى الذي يُشَارِك.
الإمامُ الحسَن البِصري مِنَ الذينَ أخَذُوا العِلمَ مِنَ الصّحابةِ كسيّدنا عليّ وأبي هُريرةَ وغَيرِهما مِن أصحابِ رسولِ الله وعاشَ على التّقوَى والوَرَع، إمامٌ معروفٌ مجتَهد مثلُ الشّافعيّ ومَالِك لكن هذا رأَى الصّحابة وتَعلّم مِنَ الصّحابةِ أمّا الشّافعيُّ ما رأى الصّحابةَ، أحَدُهم التقَى رجَب فقال لهُ يا أستاذ ما نَسَبتَهُ إلى الحسَن البِصري لا يجوزُ عليهِ فقال رجَب بلَى كانَ، ومَضَى في طريقِه، لعنةُ الله عليه لا يَستَحِي مِنَ الله ولا مِنَ النّاس.
واحْذَرُوا مِن أميره جِبريل وسحَر حَلبي فإنّ سحَر هذه تقولُ عن الله إنّه في سماءِ كَذا، وتقولُ إذا بالَ الصّبيّ في غُرفةٍ اللهُ يَهرُب مِن هذه الغُرفَة، وتقولُ عن الذي يَخرُج مِنَ البَيت وهوَ جنُبٌ كلّ شَعرةٍ في جِسمِه تَلعَنُه، وكلّ ما قالتْه هذا خِلافُ الدّين، الجَنابة لا تمنَعُ الشّهادةَ، أحَدُ الصّحابةِ يُسَمّى حَنظَلة غَسيل الملائكة، قَتلَه الكُفّار فأخَذَهُ الملائكةُ وغَسّلُوه إكرامًا لهُ، كانَ دخَلَ لزَوجتِه الليلة ثم في صبِيحَتِها سمعَ النّداءَ للجِهاد، كانَ بعدَ أن اغتَسلَ عن الجنَابة وصَلّى الصّبح التزَمَتْه امرأتُه فأجنَب معَها، فلَمّا سمِعَ دَعوَة الجهادِ خَرَج مِن غَيرِ أن يَغتَسِلَ فقَاتَلَ فقُتِلَ، فرَآهُ الرّسولُ تُغَسِّلُه الملائكة فقال إني رأيتُ الملائكةَ تُغَسِلُه فاسْألُوا صَاحبتَهُ أي زوجتَه فذهَبُوا إلى زَوجَتِه فقالوا لها ما قِصّةُ فلان فقالَت لهم هوَ دخَلَ في هذهِ اللّيلة ثم بعدَ صلاةِ الصّبح التَزَمْتُهُ فأَجْنَب مِني فخرَج وهو جنُبٌ، وهذه الحادثةُ حصَلَت في وقْعةِ أحُد.
قال الحافظ المنذري : حنظلة والد عبد الله لُقِّبَ بغسيل الملائكة ، لأنه كان يوم أحد جنبًا ، وقد غسل أحد شقي رأسه ، فلما سمع الهيعة خرج فاستشهد ، فقال رسول الله صَلى الله عَلَيه وسَلَّم : لقد رأيتُ الملائكةَ تغَسِّلُه
ومِن كلام السّحَريّات لَعنةُ الله علَيهنّ أنهنّ يقُلنَ شَيختنا معنا أينَما كنّا لا تُضَيّعْنا، على زعمِهن تلكَ التي بدمشقَ تَراهُنّ أينَما كُنّ، لأنها على زَعمِهنّ وَليّة كبيرة.