الجواهر اللامعة في بيان عقيدة أهل الإسلام الجامعة
بسم الله الرّحمن الرّحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى ءاله وصحبه ومن والاه. أما بعد ، فقد دعت الحاجة الماسة إلى جمع كتيب يحوي بيان عقيدة أهل السنة والجماعة وهم الأشاعرة والماتُريدية السواد الأعظم من هذه الأمة. من عبارات علماء وفقهاء ومحدّثي ومفسّري ولغويّي ومؤرّخي جُمهور هذه الأمة
يوزع عن روح المربّي الصالح والعلامة المحدث الشيخ عبد الله الهرري المعروف بالحبشي رحمات الله عليه ورضوانه
مقدمة
الحمد لله الذي خصّ علماءَ أهل السنـة بحمل راية التوحيد وعقيدة الإسلام، ووفقهم لردّ كل شبهة وضلالـة يذيعهـا المبتدعـة بين العوام، وصلى الله وسلم على سيدنـــا محمد مَن كشف الله به الدجى ومحا الظلام .
أما بعد فقد قال الله تعالى: {فلولا نَفَرَ من كل فرقة منهم طائفة ليتفقهوا في الدين ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون} ( سورة التوبة الآية 122) علماء الأمة هم نجوم السماء يهتدي بهم من أطبقت عليه ظلمات الحـَــيرة والتبست عليه معالم الطريق، فإذا رأى أمــامه الأكــابر الذين شهدت لهم الأمة بالفضل وتلقـاهم الخاصة والعامة بالقبول عَلِمَ حينئذٍ أن طريقهم هــو المنهج والمسلك الذي هـــو اقتفــاءٌ لمنهج ومسلك الصحابة والتابعين وتابعيهم، فما من علم من العلوم الإسلامية إلا وكانت لهم الريـادة فيه, ولا تركوا بابًا للمعرفة لم يلجوه، فكان لهم في كل علم من علوم الشريعــة الشـأن الرفيع والعز المنيع، ومَن أنصف ونظر إلى المكتبة الإسلامية بشتى أقسامها من القرآن وعلومه والحديـــث وفنونه والفقه وأصولـه وفروعه والسير والمغازي والتواريــخ واللغة والأدب خرج بيقين لا يشوبه ريب مقرًّابفضل علماء أهل السنة والجماعة في الذود عن الدين .
ولقد أحببنا أن نـُضَمّـِنَ هذا الكتيب ما نصّ عليه العلماء الأفاضل من مختلف العصور من القرن الهجري الأول إلى القرن الخامس عشر الهجري. كمـا تعمدنـا أن نختـار من هؤلاء العلماء من تخصصوا في مختلف الفنون والعلوم ليتثبت الفؤاد ويتيقن العباد أن هذه العقيدة هي عقيدة القرآن الكريم ومنهـاج الرسول العظيم، أصلها من أصل الدين “لا إله إلا الله” وعليها أجمعت واجتمعت أمــة محمدٍ صلى الله عليه وسلم الذي يقول: “لا تجتمع أمتي على ضلالة” رواه أبو داود.
فنسأل الله تعالى أن يجعل فيه النفع العميم، إنه على كل شيء قدير وبعباده لطيف خبير.
عقيدة رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال رسول الله صلى الله عليه وسـلـم: << أنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء >>
قـال الحـافظ أحمد بن الحسـين البيـهقي (المتوفى سنة 458 هـ) فـي كـتـابـه (الأسـمـاء والصفـات) مـا نـصـه:” استدل بعض أصحابنا بنفي المكان عن الله تعالى بقول النبي:
“أنت الظاهر فليس فوقك شيء وأنت الباطن فليس دونك شيء” وإذا لم يكن فوقه شيء ولا دونه شيء لم يكن في مكان” اهـ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسـلـم : << كـان الله ولم يكن شيءٌ غيره >>
قال الحـافظ أحمد بن الحسـين البيـهقي في كتـابه (الاعتقاد) فـي بيان معنى هذا الحديث ما نـصـه: “يــدل على أنه لم يكن شيءٌ غيره لا الـماء ولا العرش ولا غيرهما، وكل ذلك أغيارٌ ” اهـ.
بعد أكثر من 14 قرنـًـا من الهجرة النبوية..
تراث علماء أهل السنة والجماعة يشهد أن عقيدة أهل السنة والجماعة واحدة.
من العقائد السّنية عند العلماء في القرن الأول الهجري
قال مصباح التوحيد وصبـــاح التفريد الصحابـــي الجليل والخليفة الراشد سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنـه (المتوفى سنة 40 هـ) ما نصه: “كان – أي الله – ولا مكان وهو الآن على مـا كان” اهـ. أي بلا مكان. رواه أبو منصور البغدادي في كتاب (الفرق بين الفرق).
قال التابعي الجليـل الإمام زين العابدين علي بـن الحسيـن رضـي الله عنهـمــا (المتوفى سنة 94 هـ) فـي كـتـابـه (الصحيفة السَجَّادية) ما نصه: “أنت الله الذي لا يحويك مكان” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الثاني الهجري
قال الإمام جعفر الصادق رضي الله عـنـه (المتوفـــى سنة 148 هـ) ما نصه: “من زعم أن الله في شيء أو من شيء أو على شيء فقد أشرك إذ لو كـان على شيء لكان محمولاً ولو كان في شيء لكان محصورًا ولو كـان من شيء لكان مُحدَثًا – أي مخلوقًا –” اهـ. ذكره القشيري في (رسالته).
قال الإمـــام المجتهد أبو حنيفة النعمـان بن ثابت رضي الله عنه (المتـوفى سـنة 150 هـ) في كتــابه (الفقه الأبسط) مـــا نصه: ” كان الله تعالى ولا مكان قبل أن يخلق الخلق وكــان الله تعالى ولم يكن أَيْنٌ ولا خَلْقٌ ولا شيء وهو خالق كل شيء” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الثالث الهجري
قال الإمـام المجتهد محمد بن إدريس الشـافعي رضي الله عنه (المتوفى سنة 204 هـ) ما نصه: “إنه تعالى كان ولا مكان فخلق المكان وهو على صفة الأزلية كما كــان قبل خلقــه المكــانَ لا يجوز عليه التغييرُ في ذاته ولا التبديل في صفاته” اهـ. كما نقله عنه الزبيدي فـي كتابه (إتحاف السادة المتقين)
كان الإمام المجتهد أحمد بن حنبل رضي الله عنه (المتوفى سنة 241 هـ) لا يقول بالجهة للبارئ. نقل ذلك عنه الإمام الحافظ ابن الجوزي الحنبلي في كتابه (دفع شبهة التشبيه).
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الرابع الهجري
قال الإمام الفقيه أبو جعـفـر الطـحــاوي (المتوفى سنة 321 هـ) في رسـالـتــه (العقيدة الطحاويـة) ما نصه: “وتـعـالى – أي الله – عن الحدود والغـايات والأركان والأعضـاء والأدوات لا تحـويــه الجهــاتُ السـِتُّ كسائر المبتَدَعات” اهـ.
قــال الحــافظ محمـد بن حبــان (المتوفى سنـة 354 هـ) في كـتـابــه المـشـهور (صحيح ابن حبان) ما نـصـه: “كـان – الله – ولا زمـــان ولا مكـــان” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الخامس الهجري
قال الإمام أبو بكر محمد بن الحسن المعـروف بابـن فورك (المتوفى سنة 406 هـ) في كتــابـــه (مُشْكِل الحديث) ما نصـه: “لا يجوز على الله تعالى الحلول في الأمــاكن لاستحالة كونه محدودًا ومتناهيًا وذلك لاستحالة كونه مُحدَثًا” اهـ.
قال الفقيه الإمـام الشيخ أبـــو إسحــاق الشيرازي الشافعي (المتوفى سنة 476 هـ) في كتابه (الإشـارة إلى مذهب أهل الحق) مـا نصه: “إنه – أي الله تعالى – كان ولا مكان ثم خلق المكان وهو الآن على ما عليه كان” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن السادس الهجري
قال الشيـخ أبو حـامد محمد بن محمد الغزالي الشـــافعي (المتوفى سنة 505 هـ) في كتابه (قواعد العقـائد) مـا نصـه: “تعالى – أي الله – عن أن يحويَه مكــان، كما تقدس عن أن يَحُدَّه زمان، بل كـــان قبل خلق الزمان والمكان وهو الآن على ما عليه كان” اهـ.
قـــال القاضي أبو بكر ابن العربي المالكي الأندلسي (المتوفى سنة 543 هـ) في كتـابه (القبس في شرح موطإ مالك بن أنس) ما نصه: “البارئ يتقدس عن أن يُحَدَّ بالجهات أو أن تكتنفه الأقطار” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن السابع الهجري
قال المفسر فخر الدين الرازي (المتوفى سنة 606 هـ) في تفسـيـره المسـمـى (التفسير الكبير) ما نصه: “قوله تعالى: { وهو العلي العظيم } لا يـجوز أن يكون المراد بكونه عليًا العلوَّ بالجهة والمكـان لمـا ثبتت الدلالة على فساده، فوجب أن يكون المراد من العلي المتعالي عن مشابهة المُمْكِنات ومناسبة المُحْدَثات”.
قال سلطان العلمـاء الشيخ عزّ الدين ابـن عبد السلام (المتوفى سنة 660 هـ) في كتــابـــه (مُلحة الاعتقـاد) في حـق الله تعالى ما نصه: “ليس بجسمٍ مصوَّرٍ ولاجوهر محدود مُقَدَّرٍ ولا يشبه شيئًا ولا يشبهُه شيء ولا تحيط به الجهات ولا تكتنفه الأرَضون ولا السماوات كــان قبل أن كوّن الأكوان، ودبر الزمـان وهـو الآن عـلى مـا علـيه كان”.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الثامن الهجري
قــال القـاضي بدر الدين محمد بن إبـراهيم المعروف بـابـن جمـاعــة الشـافعـي (المتـوفى سنة 733 هـ) في كـتـابـه (إيضاح الدليل) ما نصه: “كان الله ولا زمــان ولا مكــان وهو الآن على مـا عليه كان” اهـ.
قـال المفسر المقرئ النحوي محمد بن يـوسف المعـروف بأبي حيان الأنـدلسي (المتوفى سنة 745 هـ) في كـتــابـــه (البحر المحيط) عنـد تفسيره قولـــه تعالى: { وله من في السماوات الأرض ومن عنده لا يستكبـرون عن عبادتـه } (الآية 19 سورة الأنبياء) مـا نـصـه: “وعند هنا لا يراد بها ظرف المكـان لأنه تعالى منزه عن المكان بل المعنى شرف المكانة وعلو المنزلة” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن التاسع الهجري
قال الحافظ المحدث ولي الدين أبو زرعة أحمـد بن عبد الرحيـم العـراقي (المتوفى سنة 826 هـ) في كتابه (طرح التثريب في شرح التقريب) في تفسير قول النبي: “فهو عنده فوق العرش” ما نصه: “الله تعالى منـزه عـن الاستقـرار والتحيز والجهة فالعندية ليست من حضرة المكان بل من حضرة الشـرف، أي وضع هذا الكتاب في محل معظم عنده” اهـ.
قــال الحـافظ ابن حجر العسـقلاني الشـافعـي (المتوفى سنة 852 هـ) في كتابه (فتح الباري) مــا نصه: “ولا يلزم من كــون جهتي العلو والسفـل محالاً على الله أن لا يوصف بالعـلـو لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى، والمستحيــل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعليّ والمتعالي” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن العاشر الهجري
قال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي الشـافعي (المتوفى سنة 911 هـ) في كتابه (الإكليل في استنباط التنزيل) ما نصه: “قوله تعالى { ليس كمثله شيء } فيه الرد على المشبهة وأنه تعــالى ليس بجوهـر ولا جسم ولا عرض ولا لــون ولا طعم ولا حالّ في مكان ولا زمان” اهـ.
قال الشيخ أبو العبـــاس شهـاب الدين أحمـد بـن محـمـد القسـطـلاني المـصـري (المتوفى سنة 923 هـ) فـي كـتـابه (إرشاد الساري شرح صحيح البخاري) ما نصه: “ذات الله منزه عن المكان والجهة” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الحادي عشر الهجري
قال الشـيـخ مُلا عـلي القـاري الحنـفي (المتوفى سـنة 1014 هـ) في كتـابـه (الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر) مــا نصـه: “أما علوّه تعالى على خلقه المستفاد من نحـو قولــه تعالى: {وهو القـاهر فوق عباده} (سورة الأنعام – آية 61) فعــلــو مكـانــة ومرتــبــة لا علو مكــان كـــمـــا هو مقرر عند أهل السنـــة والجماعة” اهـ.
قـــال المحدث الشيخ محـمد بن علي المعروف بابـن عــلان الصديـقي الشـافعي (المتوفى سـنة 1057 هـ) في كتـــابــه (الفتوحات الرَّبّانية) ما نصه: “إن الله فوقَ كــل موجود مكانةً واستيلاءً لا مكانـًــا وجهةً ” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الثاني عشر الهجري
قال الشيخ محمد بن عبد الباقي الزرقاني المــالكي (المتوفى سنة 1122 هـ) في شرحه على موطإ الإمام مالك مـــا نـصـه: “وقال البيضاوي: ” لما ثبت بالقواطع أنه سبحانــه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه” اهـ.
قال الصوفي الزاهد العــارف الشـيـخ عبـد الغني النـابلسـي الدمشـقي الحنـفي (المتوفى سنة 1143 هـ) في منظومتـه المعروفة (كفاية الغلام) ما نصه: “وليس يحـويـه مكـان لا ولا تدركه العقول جلَّ وعلا” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الثالث عشر الهجري
قال الشيخ العلامة أبو البركـات أحـمـد بـن محمد الدردير المـالـكـي المصري (المتوفى سنة 1201 هـ) في منظـومتـه المعـروفة (الخريدة البهية) في حق الله تعـالى ما نصه:
“منزه عن الحلـول والجهــه والاتصال الانفصال والسفه” اهـ.
قال الشيخ عبد الغني الغنيمي الميدانــي الحنفـي الدمشقي (المتوفى سـنة 1298 هـ) في كتابـــه (شرح العقيدة الطحاوية) ما نصـه: “والله تعالى ليس بجسم فليست رؤيته كرؤية الأجسام فإن الرؤية تابعة للشيء على ما هو عليه، فمن كـــان في مكـان وجهة لا يُرى إلا في مكــان وجهة كمـا هو كذلك، ويُرى أي المخلوقُ بمقابلــة واتصــالِ شعاع وثبوت مسافة، ومن لم يكن في مكان ولا جهةٍ وليس بجسم فرؤيتُه كذلك ليس في مكان ولا جهة” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الرابع عشر الهجري
قـال الشـــيــخ عـــبـد المجيـد الشـرنــوبي الأزهـري المتوفى سنة 1348 هـ) في شرحـه على (تائيــة السلوك) ما نصه: “فهو سبحانه لا يَحُده زمان ولا يحمله مكان بل كان ولا مكان ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان” اهـ.
قـال الشـــيــخ سلامـــة القضـاعي العزامي الشافعي المتوفى سنة 1376 هـ) في كتابــه (فرقـــان القرآن) ما نصه: “أجمع أهل الحق من علمـــاء السلف والخلف على تَـنـزُّهِ الحق سبحانه عن الجهة وتقدّسه عن المكان” اهـ.
من العقائد السنية عند العلماء في القرن الخامس عشر الهجري
قال الشيخ محمد بن أحمد الملقب بالداه الشنقيطي إمام جامع الختميـة في السـودان (المتوفى سـنـة 1404 هـ) في كتـابه (الآيــات المحكمات) ما نصه: “اتفق علمـــاء السنــة على أنّ الله غني عن كلّ شيء وكلَّ شيء مفتقـِر إليه، قائمٌ بنفسِه لا يحتاج إلى محـلّ ولا إلى مُخََََـَصَّص، فهو الذي خلق الزمان والمكان وهو على مــا عليه كان” اهـ.
قـال العلامة الفقيـه المحدث الشيخ عبد الله الهرري المعروف بالحبـشـي في كـــتابه (إظهار العقيدة السنية) ما نصه: “قــال أهــل الحق إن الله ليس بمتمَكّـِن في مكان أي لا يجوز عليه المماسة للمكان والاستقرار عليه” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل التفسير وعلوم القرآن
قـــال المفسر محمد بن أحمد الأنصـاري القرطبي المـالكـي (المتـوفـى سنة 671 هـ) في كتابه (الجامع لأحكام القرءان) ما نصه: “والعليُّ يراد به علوُّ القدر والمنزلــة لا علوُّ المكــان لأن الله منزه عن التحيز” اهـ.
قـال المفسـر عبد الله بن أحمـد النسـفـي (المتوفى سنة 701 هـ) في تفسيره ما نصه: “إنـه تعالى كــان ولا مكان فهو على ما كـان قبل خلق المكان، لم يتـغير عَمَّا كان” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل الحديث وعلومه
قال الحافظ عبد الرحمن بن علي المعروف بــابـن الجـوزي الحنبـلـي (المتوفى سنة 597 هـ) في كتـــابه (دفع شُبهة التشبيه) ما نصه: “الــواجــب علينـــا أن نـعتـقـد أن ذات الله تعالى لا يحويه مكان ولا يوصف بالتغيير والانتقال” اهـ.
قال الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخــاوي (المتوفى سـنة 902 هـ) فـي كتـابه (المقاصد الحسنة)ما نصه: “قــال شيخنـا – يعني الحافظ ابــن حجر العسقلاني – إنَّ علِم الله يشمل جميع الأقطـار, والله سبحانه وتعالى منزه عن الحلول في الأماكن، فإنـــه سبحانه وتعـالى كـان قبل أن تــَحْدُثَ الأماكن” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل الفقه وأصوله من الحنفية
قال الحافظ اللغوي الفقيه محمد مرتضى الزبيـدي الحـنـفي (المتوفى سـنة 1205 هـ) في كتابـــه (إتحاف السادة المتقين) ما نصه: “الله تعالى مُنَزَّه عن التغير من حـال إلى حال والانتقال من مكان إلى مكان، وكذا الاتصال والانفصــال فإن كلاً من ذلك من صفات المخلوقين” اهـ.
قال الشيخ الفقيه محمد أمين بن عمر المعروف بابن عــابدين الحنفي (المتــوفى سنة 1252 هـ) الدمشقي – صاحب الحاشيـة المعروفــة – في مدح النبي صلى الله عليه وسلم ما نصه: “ودنـا من الرحمن عزّ وجـلّ قرب مكـانة مـن غـير قرب مكان” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل الفقه وأصوله من الشافعية
قال إمـام الحرمين أبو المعالي عبد الملك الجويني الشـافـعـي (المتـوفى سنة 478 هـ) في كتـابه (الشامل في أصول الدين) ما نصه: “واعلموا أن مذهب أهل الحق: أن الرب سبحانـه يـتـقدس عــن شـــغل حيـّـــز ويتنزه عن الاختصـاص بجهة” اهـ.
قال الحافظ أبو زكريا محي الدين يحيى بن شرف النووي الشـافعي (المتوفى سنة 676 هـ) في (شرحــه على صحيح مسلم) ما نصه: “إن الله تعالى ليس كمثله شيء وإنه منـــزه عن التجسيم والانتقال والتحيز في جهة وعن سائر صفـات المخلوق” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل الفقه وأصوله من المالكية
قال القاضي أبو بـكر الباقـلاني المـالكي (المتوفى سـنة 403 هـ) فـي كتـابـه (الإنصاف فيمــا يجب اعتقـــاده ولا يجوز الجهل به) ما نصـه: “ولا نقول إن العرش له–أي لله– قرار ولا مكان، لأن الله تعالى كان ولا مكان فلما خلق المكان لم يتغير عما كان” اهـ.
قــال العلامة الأصولي الشيخ أحمد بن إدريـس القـرافي الفقيه المـالكـي المصري (المتوفى سنة 684 هـ) في كتابه (الأجوبة الفـاخرة) مـا نـصـه: “وهـو – أي الله – ليس في جهـة، ونراه –ونحن في الجنة – وهو ليس في جهة” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل الفقه وأصوله من الحنابلة
قال أبو الوفاء علي بن عقيل البغدادي شيخ الحنابـلـة في زمـانه (المتوفى سنة 513 هـ) كما نُقل عنه في كتاب (الباز الأشهب) ما نصه: “تعــالى الله أن يكون له صفة تشـغـل الأمـكنة، هذا عين التجسيم” اهـ.
قـال الشيـخ محمد بن بدر الدين بن بلبان الدمشقي الحنبلي (المتوفـى سـنـة 1083 هـ) في كتابه (مخـتصر الإفادات) ما نصه: “من اعتقد أو قال إن الله بذاته في كل مكان أو في مكان فهو كـافر فيجب الجزم بأنه سبحانه بائنٌ من خلقه، فالله كان ولا مكـــان ثم خلق المكـان وهو كما كـان قبـل خلـق المكان” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل اللغة
قـــال العلامة اللغوي محمد بن مكـرم الإفريقي المصري المعروف بابن منظور (المتوفى سنة 711 هـ) في كتابه (لسان العرب) ما نصه: “المراد بقرب العبد من ربه عزّ وجـلّ القرب بالذكر والعمل الصالح لا قرب الذات والمكان لأن ذلك مـن صفات الأجسام، والله يتـعالى عن ذلـك ويتـقدس” اهـ.
قـــال اللغوي مجد الدين محمـد بــن يــعــقوب الفيـروزابادي (المتوفى سنة 817 هـ) في كتـابـه (بصائر ذوي التمييز) مـا نصـه: “قرب الله تعالى من العبد هو بالإفضــال عليه والفيض لا بالمكان” اهـ.
من العقائد السنية عند أهل التواريخ والسير والتراجم
قال الحافظ أبو القاسم علي بن الحسين بن هبـة الله الشهير بابن عسـاكـر الدمشـقي (المتوفى سنة 571 هـ) في كتابه (تبيين كذب المفتري) في حق الله تعـالى ما نصه: “كـان ولا مكـان فخلق العرش والكرسي ولم يحتج إلى مكـان، وهو بعد خلق المكان كما كـان قبل خلقه” اهـ.
قـــال الإمام الحــافظ المجتـهـد أبو جعفر محمد ابن جريـر الطبري (المتوفى سـنـة 310 هـ) في كتـابـه (تاريخ الأمـم والملوك) في حق الله تعالى ما نصه: “لا تحيط به الأوهــام ولا تحويـه الأقطار ولا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير” اهـ.
من العقائد السنية عند من ألّف في أحوال الفرق
قال الفقيه المتكلم أبو المظفر الأسفـراييـنــي (المتـوفـى سنة 471 هـ) فـي كتـابـه (التبصير في الدين) ما نصـه: “الباب الخامس عشر في بيان اعتقاد أهل السنة والجماعة: “وأن تعلم أن كـل ما دل على حدوث شيء من الحد والنهاية والمكان والجهة والسكون والحركـة فهو مستحيل عليه سبحانه وتعالى” اهـ.
قال الشيخ محمد بن عبد الكريـم الشهرستــاني الشـافعـي (المتوفى سنة 548 هـ) في كتابه (نهاية الإقدام) ما نصه: “فمذهب أهل الحق أن الله سبحانه لا يشبه شيئـًـا من المخلوقات ولا يشبهه شيء منها بوجه من وجوه المشابهـة والمماثلة {ليس كمثله شيء وهو السميع البصير} فليس البارئ سبحانه بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا في مكان ولا في زمان” اهـ.
من العقائد السنية عند الزهاد والصوفية الصادقين
قـــال الشيخ أبو بكر محمد بن إسـحـاق الكلاباذي الحنفي (المتوفى سنة 380 هـ) في كتـابــه (التعرف لمذهب أهل التصوف) ما نصه: “اجتمعت الصوفية على أن الله لا يحويـه مكان ولا يجري عليه زمان” اهـ.
قال الشيخ إمـام الصوفية العــارف بالله السيد أحمد الرفـاعي الشافعي (المتوفى سنة 578 هـ) في كتابه (البرهان المؤيد) ما نصه: “طهِّروا عقائدكـم من تفسير الاستواء في حقه تعالى بالاستقرار كاستواء الأجسام على الأجسام المستلزم للحلول، تعالى الله عن ذلك، وإيـــاكم والقول بالفوقية والسفلية والمكان واليد والعين بالجارحة والنزول بالإتيان والانتقال” اهـ.
أكثر من أربعة قرون والعقيدة المرشدة يرددها المؤذنون في وقت التسبيح
– كــان الشيخ أبو منصور عبد الرحمن بن محمد فخر الدين بن عساكر (توفي سنة 620 هـ) يدرس العقيدة المرشدة في مدينة القدس في المدرسة الصلاحية قرب المسجد الأقصى.
– قال المؤرخ تقي الدين المقريزي (توفي سنة 845 هـ) فـي كـتـابـه (المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار) ما نصه: “لما ولي السلطان صلاح الدين يوسف بن أيـوب.. تقدم الأمر إلى المؤذنين أن يعلنوا وقت التسبيح على الـمــآذن بالليل ، بذكر العقيدة التي تعرف بالمرشدة، فواظب المؤذنون على ذكرها في كل ليلة بسائر جوامع مصر إلى وقتنا هذا”.
– قال الحافظ جلال الدين السيوطي الشافعي (توفي سنة 911 هـ) في كتابه (الوسائل إلى معرفة الأوائل) ما نصه: “فلما وُلي السلطان صلاح الدين بن أيوب أمر المؤذنين أن يعلنوا في وقت التسبيح بذكر العقيدة الأشعرية، فواظب المؤذنون على ذكرها كل ليلة إلى وقتنا هذا”.
– قال العلامة محمد بن علان الصديقي الشافعي (توفي سنة 1057 هـ) في كتابه (الفتوحات الربانيـــة على الأذكار النواوية) ما نصه: “لـما ولي صلاح الدين بن أيوب وحمل الناس على اعتقاد مذهب الأشعري، أمر المؤذنين أن يعلنوا وقت التسبيح بذكر العقيدة الأشعرية التي تعرف بالمرشدة فواظبوا على ذكرها كل ليلة”.
– قال الحافظ صلاح الدين العلائي (توفي سنة 761 هـ) كما نقل عنه السبكي في (طبقات الشافعية الكبرى) ما نصه: “وهذه العقيدة المرشدة جرى قائلها على المنهاج القويم، والعقد المستقيم وأصاب فيما نزّه به العليَ العظيم”.
– قال الإمام تاج الدين السبكي (توفي سنة 771 هـ) في كتابه (معيد النعم ومبيد النقم) ما نصه: “عقيدة الأشعري هي ما تضمنته عقيدة أبي جعفر الطحاوي وعقيدة أبي القاسم القشيري والعقيدة المسماة بالمرشدة ، مشتركــات في أصول أهل السنة والجماعة”.
– قال الإمام محمد بن يوسف السنوسي (توفي سنة 895 هـ) في شرحه على العقيدة المرشدة المسمى (الأنوار المبينة لمعاني عقد عقيدة المرشــدة) ما نصه: “اجتمعت الأئمة على صحة هذه العقيدة وأنها مرشدة رشيدة”.
– قال الإمام تاج الدين السبكي (توفي عام 771 هـ) في كتابــه (طبقات الشافعية الكبرى) في آخر العقيدة المرشدة بعد أن ساقها بكاملها ما نصه: “هذا آخر العقيدة وليس فيها ما ينكره سني”.
العقيدة المرشدة
إعلم أرشدَنا الله وإيــّـاكَ أنه يجبُ على كلّ مكلَّف أن يعلمَ أن الله عزَّ وجــلَّ واحـــدٌ فـي مُلكِـــه، خلقَ العـالمَ بــأسرِهِ العلـويَّ والسفليَّ والعرشَ والكرسيَّ، والسَّمواتِ والأرضَ وما فيهما وما بينهمـا، جميــعُ الخلائـقِ مقهورونَ بقدرَتِــهِ، لا تتحركُ ذرةٌ إلا بـإذنِـهِ، ليسَ معهُ مُدبّـرٌ فـي الخَلقِ ولا شريكٌ فـي المُلكِ، حيٌّ قيومٌ لا تــأخذُهُ سِنةٌ ولا نـــومٌ، عـالـمُ الغيب والشهادةِ، لا يَــخفى عليـهِ شيءٌ فـي الأرضِ ولا فـي السماءِ، يعلــمُ مـا فـي البـرّ، والبحرِ وما تسقطُ من ورقةٍ إلا يعلمُهَــا، ولا حبـةٍ فـي ظلمـاتِ الأرضِ ولا رَطبٍ ولا يـــابسٍ إلا فـي كتـابٍ مبين. أحاط بكلّ شىءٍ علمًا وأحصى كـــلَّ شىءٍ عددًا، فعـالٌ لما يريدُ، قادرٌ على ما يشاءُ، لـه الملكُ ولــه الغِنَى، ولــه العزُّ والبقاءُ، ولـــهُ الحكمُ والقضاءُ، ولـهُ الأسماءُ الحسنى، لا دافعَ لمـا قضى، ولا مانعَ لمــا أعطى، يفعلُ فـي مُلكِهِ مـا يريدُ ، ويحكمُ فـي خلقِـه بما يشاءُ. لا يـرجو ثوابًـا ولا يـخـافُ عقابــًــا، ليس علــيه حقٌّ (يلزمُهُ) ولا عليـه حكمٌ، وكلُّ نِعمةٍ منـهُ فضلٌ وكـلُّ نِقمةٍ منه عدلٌ، لا يُسئلُ عـما يفعلُ وهم يُسألــونَ. موجـــودٌ قبـــل الخلقِ، ليس له قبلٌ ولا بعدٌ، ولا فوقٌ ولا تحــتٌ، ولا يَمينٌ ولا شمـالٌ، ولا أمامٌ ولا خلفٌ، ولا كـلٌّ، ولا بعضٌ، ولا يقالُ متى كـانَ ولا أينَ كـانَ ولا كيفَ، كان ولا مكان، كوَّنَ الأكـوانَ ودبَّـرالزمـانَ، لا يتقيَّدُ بالزمــانِ ولا يتخصَّصُ بالمكان، ولا يشغلُهُ شـأنٌ عن شــأن، ولا يــلحقُهُ وهمٌ، ولا يكتَنِفُهُ عقلٌ، ولا يتخصَّصُ بـالذهنِ، ولا يــتمثلُ فـي النفسِ، ولا يتصورُ فـي الوهمِ، ولا يتكيَّـــفُ فـي العقلِ ، لا تـــَلحقُهُ الأوهـــامُ والأفكـــارُ، {لَيْسَ كَمِثلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}.
قال العلامة الشيخ عبد الله الهرري حفظه الله تعالى: الحمد لله، جــمــهـــور الأمــة المحمديـة مئــاتُ الملايين، عـلمـاؤهم فـي الشرق والـغرب يعـتقدون ويـُـــدرّسون أن الله تبارك وتعالى موجودٌ مُنَزَّهٌ عن الحدّ والـمـكـان.