الحكمة من رفع اليدين الى السماء عند الدعاء؟
السلام عليكم ورحمة الله
السؤال:
لقد قرأنا في دراساتكم الأدلة على أن الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان، وأن الأئمة… كالامام النابلسي قال من زعم أن الله يسكن في السماء يكفر، فالسؤال اذاً ما الحكمة من رفع اليدين الى السماء عند الدعاء؟ الرجاء الاجابة مع الأدلة، وشكرا.
الجواب:
بسم الله، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،
السماء محل كرامة الله أي المكان المشرف عند الله. وقد أقسم الله بها في القرءان بقوله “وٱلسمآء وٱلطارق” [سورة الطارق/1].. وهذا يدل على أن لها شأنًا عند الله.. إن السماء هو المكان الذي لم يعص فيه الله تعالى..هي مسكن الملائكة الذين لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون. والسماء قبلة الدعاء لأن فيها خزائن رحمة الله وهي مهبط الرحمات والبركات ولهذا نرفع أيدينا في الدعاء إلى السماء.. وأما مد اليدين فمعناه استنزال الرحمات..كما في الحديث الذي رواه الترمذي:”إن الله حيي كريم يستحي إذا رفع الرجل إليه يديه أن يردهما صفرًا خائبتين” ومعناه لا يخيب، إما أن يعطيه الثواب أو يعطيه ما طلب. وأما مسح الوجه بعد إنهاء الدعاء باليدين فالمراد به أن تصيب هذه الرحمات وجه الداعي.
والرجاء الرجوع الى جوابنا عن نفس السؤال في الرابط التالي:
قال الإمام النووي في شرحه على مسلم ما نصه: “الله هو الخالق المدبر الفعال هو الله وحده وهو الذي إذا دعاه الداعي استقبل السماء كما إذا صلى المصلي استقبل الكعبة، وليس ذلك لأنه منحصر في السماء كما أنه ليس منحصرا في جهة الكعبة بل ذلك لأن السماء قبلة الداعين كما أن الكعبة قبلة المصلين.اهـ وقال ذلك غيره من علماء أهل السنة، وعلى هذا جمهور علماء المسلمين، أن الله لا يحويه مكان ولا يجري عليه زمان والحمد لله.
وقال الحافظ المحدث الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغماري المغربي (المتوفى سنة 1380 هـ) في كتابه المنح المطلوبة ما نصه: فإن قيل إذا كان الحق سبحانه ليس في جهة فما معنى رفع اليدين بالدعاء نحو السماء؟ فالجواب: أنه محل التعبد، كاستقبال القبلة في الصلاة، وإلصاق الجبهة في الأرض في السجود، مع تنزهه سبحانه عن محل البيت ومحل السجود، فكأن السماء قبلة الدعاء.
وهذا دليل على أن الله موجود لا يحويه مكان ولا حد ورد على المشبهة الذين يزعمون أن الله يسكن السماء أو يجلس على العرش والعياذ بالله. أما الدليل من الحديث فما رواه البخاري وابن جارود والبيهقي بالإسناد الصحيح أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : { كان الله ولم يكن شيء غيره}.
* قالَ أهلُ الحقّ: ليس الشأنُ في عُلوّ الجهةِ بل الشأنُ في علوّ القدرِ، والفوقية في لغةِ العربِ تأتي على معنيينِ فوقية المكانِ والجهةِ وفوقية القدرِ قال الله تعالى إخبارًا عن فرعون: {وإنا فوقهم قاهرون} أي نحنُ فوقَهُم بالقوةِ والسيطرةِ لأنه لا يصحُّ أن يقالَ إن فرعونَ أرادَ بهذا أنه فوقَ رقابِ بني إسرائيلَ إلى جهةِ العلوّ إنما أرادَ أنهُم مقهورونَ لَهُ مغلوبونَ.
فقول الله تعالى اخباراً عن فرعون الكافر {أنا ربكم الأعلى} معناه علو القدر. وكذا قوله {وإنا فوقهم قاهرون} أي فوقية القوة والسيطرة وليس فوقية المكان. فلهذا نص العلماء أن الفوقية والعلو أذا أطلق على الله فالمراد منه علو قدر وفوقية قهر سبحانه وتعالى وليس علو مكان وجهة لأن الله كان قبل الخلق والمكان والجهات بلا مكان كما أجمع كل علماء أهل السنة على ذلك ونص على ذلك ابن حجر العسقلاني في شرحه على صحيح البخاري.