الرد على من يحرم الاجتماع للتعزية بالميت وقراءة القرءان له
فائدة: المسلم إذا مات وهو من أهل الكبائر وكان مستوجبًا للعذاب فدعا له مسلم بقوله: اللهم ارحمه أو اللهم اغفر له قد يعفيه الله من العذاب، فالموتى ينتظرون ما يأتيهم من أقاربهم وأحبابهم الأحياء من قراءة القرءان والاستغفار ونحو ذلك، حتى الوليّ الميت إذا قال مسلم حيّ “رضي الله عنه” قد يرفعه الله درجات كثيرة بسبب دعائه.
يقول بعض الناس:”في حديث جرير بن عبد الله البجلي رضي الله عنه أنه قال :”كنا نعدّ الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة” رواه أحمد بسند صحيح والنياحة من أعمال الجاهلية الني نهى النبي صلى الله عليه وسلم عنها، فبناء على هذا الحديث نعتذر عن الاجتماع للتعزية”. انتهى قولهم.
الرد عليهم: هذا الحديث لا تعلق له بالتعزية، هذا فيه نهي عن صنع الطعام من أهل الميت لإطعام الزائرين على وجه مخصوص، أما أصل التعزية ليس مورد الحديث. ثم إن هذا محمول عما إذا هيأوه للنائحات والنادبات أو للفخر
كعادة الجاهلية الذين لا يؤمنون بالآخرة إنما مرادهم الفخر، أما أهل الميت إن قدّموا للزائر شيئًا فلا يتناوله الحديث، لأن إكرام الضيف مطلوب شرعًا، فمثلكم في هذا الحكم الذي ابتدعتموه كمثل إنسان يقول لا يجوز دخول السوق لأن فيها من يتعامل بالغش والخيانة والربا، فكيف يحرّم دخول السوق على من يقصد السوق لبيع حلال وشراء حلال أو لينظر ما في السوق من غير بيع وشراء، فأنتم كمن حرم كل هذا، فقد ناديتم عى أنفسكم بالجهل وبتحريم ما أحل الله، فما ذنب هذا الزائر الذي قصدُه أن يعزّي وليس قصده أن يأكل، فالسوق مع ما فيها من أنواع المعاملات المحرمة والكذب والخيانة ما حرَّم الشرعُ دخولها، قال الله تعالى :{ولا تزرُ وازرة وزرَ أخرى} فإن كان في البيت أناس يعملون الطعام للفخر حتى يقال عنهم إنهم عملوا طعامًا وأطعموا الناس فهم كرماء وأهل مروة، يريدون أن يبرزوا أنفسهم حتى يوصفوا بالفهم والمعرفة فالذنب على هؤلاء.
الرد على من يحرم قراءة القرءان للميت:
زعم ابن باز (زعيم الوهابية المجسمة والتكفيرية) في كتابه المسمى الفتاوى فقال: “ان قراءة القرءان على أموات المسلمين ضلال”!!، فحرم ما أحل الله فضل وأضل والعياذ بالله.
روى الحافظ النووي عن الإمام الشافعيّ رضي الله عنه أنه قال: ويستحب أن يُقرأ عند الميّت شىء من القرءان وإن ختموا القرءان عنده كان حسنًا. وهذا فيه ردّ على الذين يحرّمون قراءة القرءان على الميّت المسلم.
قال النووي في الأذكار: {أجمع العلماء على أن الدعاء للأمواتِ ينفعهم ويصلهم ثوابه واحتجوا بقولــه تعالــى: (والذين جاءو من بعدهم يقولون ربّنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان) [سورة الحشر]}.
وفي الأحاديث المشهـورة كقولـه عليـه الصلاة والسلام: اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد ولقوله: اللهم اغفر لحيِّنا وميتنا وغير ذلك. ا.هـ. كلام النووي. وفي حديث معقل بن يسار أن رسول الله قال: اقرءوا يـس على موتاكم رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه وأحمد والحاكم وابن حبان.
وثبت عن عبد الله بن عمر أنه قرأ على قبر أول سورة البقرة وخاتمتها وقال الخرائطي في كتاب القبور: {سُنة في الأنصار إذا حملوا الميت أن يقرءوا معه سورة البقرة}.
روى الطبراني في المعجم الكبير عن عبد الرحمن ابن العلاء بن اللجلاج عن أبيه قال: {قال لي أبي يا بني إذا أنا مِت فألحدني فإذا وضعتني في لحدي فقل: ’’بسم الله وعلى ملة رسول الله ثم سُنَّ عليّ الثرى سَنَّا ثم اقرأ عند رأسي بفاتحة البقرة وخاتمتها فإني سمعت رسول الله يقول ذلك} ذكره الحافظ اللهيثمي في مجمع الزوائد .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما أنه قال سمعت النبي يقـول: إذا مات أحدكم فلا تحبسُوه وأسرعوا به إلى قبره وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره ا.هـ أخرجه الطبراني بإسناد حسن.
وروى مسلم والبخـاري أن رسـول الله مر بقبرين فقال: يعذبان وما يعذبان في كبير ثم قال بلى كان أحدهما لا يستتر من بوله وكان الآخر يمشـي بالنميمـة ثم دعا بجـريدة )عرق نخل) فكسرها كِسرتين فوضع على كل قبر منهما كسرة فقيل له: {يا رسـول الله لم فعلـتَ هــذا} قـال: لعله يخفف عنهما ما لم يَيْبَسا أو قال إلى أن يَيْبَسا.
قال النووي في شرح صحيح مسلم: {استحب العلماء قراءة القرآن عند القبر لهذا الحديث لأنه إذ كان يرجى التخفيف بتسبيح الجريد فتلاوة القرآن أولى وقراءة القرآن من إنسان أعظمُ وأنفعُ من تسبيح العود وقد نفع القرآنُ بعضَ من حصل له ضرر في حال الحياة فالميت كذلك}.
ومن هنا أخذ المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها قراءة الفاتحة في مجالس العزاء وعند ذِكر الميت رجاءَ أن يصل الثوابُ للميت والله لم يحرم الميت المؤمن من الانتفاع بصدقة أو قراءة ولدٍ أو أخٍ صالح وعلى وهذا حمل السيوطي قول الله تعالى: (والذين ءامنوا واتّبعتهم ذريتهم بإيمـــان) وقوله تعالى: (أبآؤكم وأبناؤكم لا تَدْرون أيهم أقربُ لكم نفعاً) [سورة النساء].