السلطان محمد الثاني الصوفي الأشعري فاتح القسطنطينية
السلطان محمد الثاني فاتح القسطنطينية
ترجمته
ولد السلطان محمد الثاني في سنة ثمان وخمس وثلاثين للهجرة وولي سنة ثمانمائة وخمس وخمسين للهجرة وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لتفتحن القسطنطينية ولنعم الأمير أميرها ولنعم الجيش ذلك الجيش» رواه الإمام أحمد في مسنده والحاكم في المستدرك بسند صحيح.
إن جميع ما يخبر به رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الله تعالى هو حق وصدق سواء كان من أخبار من قبله من الأمم والأنبياء وبدء الخلق أو مما أخبر به عما يحدث في المستقبل في هذه الدنيا وفي الآخرة أو من التحليل أو التحريم لبعض أفعال وأقوال العباد.
ومما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حصوله في المستقبل في هذه الدنيا فتح القسطنطينية وقد مدح الجيش الإسلامي الفاتح وقائده وهو السلطان محمد خان الثاني ابن السلطان مراد خان الثاني وقد جلس على سرير الملك بعد وفاة أبيه بعهد منه إليه وعمره تسع عشرة سنة وخمسة أشهر وكان سلطانًا جليلًا من أعظم الملوك جهادًا وأقواهم إقدامًا وأكثرهم توكلًا على الله واعتمادًا.
مناقبه
لما صار هذا المجاهد سلطانًا خرج إلى قتال صاحب قرمان فخاف منه وصالحه. ولم يكن بآسيا الصغرى ما هو خارج عن دائرة سلطانه إلا جزءًا قليلا من بلاد قرمان ومدينة «سينوب» ومملكة «طرابزون» الرومية فأصبحت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة القسطنطينية وضواحيها.
وأخذ السلطان محمد يستعد لتتميم ما بقي ولم يكن له هم إلا فتح المدينة العظمى «قسطنطينية» تنفيذًا لإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وحبًا في نشر هذا الدين العظيم، وكانت من أعظم البلدان وأمنعها أحاط البحر بها من كل صوب إلا الطرف الغربي وهو محصن بثلاثة أسوار، وأظهر السلطان محمد أولا المسالمة مع الملك صاحب القسطنطينية وذلك سنة ثمانمائة وست وخمسين فطلب من طرف بلاده أرضًا مقدار جلد ثور فاستقله وقال: ما يفعل به أعطوه ما طلب، فأرسل السلطان جماعة من البنائين فاختاروا الخليج الداخل من بحر «نطيش» وهو البحر الأسود فقدّوا جلد الثور قدًا رقيقًا وبسطوه على وجه الأرض على أضيق محل من فم الخليج فبنوا سورًا منيعًا شامخًا، وركب فيه المدافع وكان اسمها «أوربان» كانت تقذف بكرات من حجر زنة كل واحدة منها إثنا عشر قنطارًا إلى مسافة ميل، وبنى في مقابلة ذلك الحصن حصنًا ءاخر وشحنهما بالآلات النارية حتى ضبط فم الخليج فلم يقدر أن يسلكه بعده مركب من مراكب البحر الأسود إلى القسطنطينية وإلى بحر الروم، ثم ثنى عزمه إلى مدينة «أدرنة» وأمر بسبك المدافع الكبار والمكاحل.
لما صار هذا المجاهد سلطانًا خرج إلى قتال صاحب قرمان فخاف منه وصالحه. ولم يكن بآسيا الصغرى ما هو خارج عن دائرة سلطانه إلا جزءًا قليلا من بلاد قرمان ومدينة «سينوب» ومملكة «طرابزون» الرومية فأصبحت مملكة الروم الشرقية قاصرة على مدينة القسطنطينية وضواحيها.
وأخذ السلطان محمد يستعد لتتميم ما بقي ولم يكن له هم إلا فتح المدينة العظمى «قسطنطينية» تنفيذًا لإخبار الرسول صلى الله عليه وسلم وحبًا في نشر هذا الدين العظيم، وكانت من أعظم البلدان وأمنعها أحاط البحر بها من كل صوب إلا الطرف الغربي وهو محصن بثلاثة أسوار، وأظهر السلطان محمد أولا المسالمة مع الملك صاحب القسطنطينية وذلك سنة ثمانمائة وست وخمسين فطلب من طرف بلاده أرضًا مقدار جلد ثور فاستقله وقال: ما يفعل به أعطوه ما طلب، فأرسل السلطان جماعة من البنائين فاختاروا الخليج الداخل من بحر «نطيش» وهو البحر الأسود فقدّوا جلد الثور قدًا رقيقًا وبسطوه على وجه الأرض على أضيق محل من فم الخليج فبنوا سورًا منيعًا شامخًا، وركب فيه المدافع وكان اسمها «أوربان» كانت تقذف بكرات من حجر زنة كل واحدة منها إثنا عشر قنطارًا إلى مسافة ميل، وبنى في مقابلة ذلك الحصن حصنًا ءاخر وشحنهما بالآلات النارية حتى ضبط فم الخليج فلم يقدر أن يسلكه بعده مركب من مراكب البحر الأسود إلى القسطنطينية وإلى بحر الروم، ثم ثنى عزمه إلى مدينة «أدرنة» وأمر بسبك المدافع الكبار والمكاحل.
فتح القسطنطينية
وبعد أن تكاملت الأسباب والاحتياجات البرية والبحرية نهض السلطان المجاهد بهمة وحزم وعزم في أوائل شهر جمادى الأولى سنة ثمانمائة وسبع وخمسين بعسكر كثيف وجيش كبير واستعد متوكلًا على الله تعالى متوسلاً بسيد البرية.
وانطلق الجيش الإسلامي إلى جهة القسطنطينية وخيّم عليها، ونازلها من طرف الشمال وكان عنده أربعمائة مركب قد أنشأها هو وأبوه رحمه الله فأرساها عند الحصن الذي أنشأه وأمر بالمراكب فسحبت إلى البر وقد جعلت تحتها دواليب تجري كالعجلة في البر والبحر، وشحنها بالرجال وساروا في البر مع موافقة ريح شديدة حتى انصبوا إلى الخليج الواقع شمالي البلد من طرف «غلطة» فامتلأ الخليج من الأغربة، وقربوا بعضها من بعض وربطوها بالسلاسل فصارت جسرًا ممدودًا ومعبرًا للمسلمين وأهل البلد ءامنون من هذه الجهة فلم يحصنوها وإنما كان خوفهم من جهة البر فحصنوها وغفلوا عن هذه الجهة لأمر أراده الله وقدّره.
وشرع المسلمون في الحصار من البر والبحر مدة واحد وخمسين يومًا حتى أعيى المسلمون أمرها، وكان أهل القسطنطينية استمدوا من الافرنح فأمدوهم بجيش عظيم.
وكان السلطان «محمد خان» قد أرسل وزيره أحمد باشا قبلاً إلى العارف بالله الشيخ «ءاق شمس الدين» وإلى الشيخ «ءاق بيق» يدعوهما للجهاد والحضور معه لفتح القسطنطينية فحضرا وبشر الشيخ شمس الدين الوزير بالنصر والفتح إن شاء الله على يد المسلمين في العام نفسه وأنهم يدخلونها من الموضع الفلاني والوزير يكون واقفًا عند السلطان، فبشر الوزير السلطان بذلك.
فلما صار الوقت المعين ولم تفتح القلعة ذهب الوزير إلى الشيخ فمنعوه من الدخول إليه فرفع أطناب الخيمة فإذا الشيخ ساجد على التراب يتضرع ويبكي فما رفع الوزير رأسه إلا وقد قام الشيخ على رجليه فكبر وحمد الله الذي منّ على المسلمين بفتح هذه المدينة، فنظر الوزير إلى جانب المدينة فإذا المسلمين قد دخلوا بأجمعهم. ولما دخل السلطان المدينة نظر فإذا بجانبه وزيره واقف عنده وأسرع السلطان بالتوجه إلى كنيستها «أيا صوفيا» فدخلها وطهرها وأمر المؤذن فأذن لصلاة الظهر وصلى فيها ودعا وحمد الله تعالى وجعلها مسجدًا جامعًا للمسلمين وعين له أوقافًا ورتب له رواتب وسميت المدينة «اسلامبول».
وبعد فتح المدينة أرسل صاحب «غلطة» مفاتيح قلعتها ففتحت ودخلها المسلمون فسارعوا إلى مسجدها القديم الذي كان بناه «مسلمة بن عبد الملك» يوم حاصرها وقد صيروه كنيسة.
ولما شاع خبر فتح القسطنطينية في الآفاق هاب السلطان محمدًا ملوك الأرض وأرسل له صاحب مصر والشام وصاحب العجم وصاحب المغرب مراسلات يهنئونه بهذا الفتح.
كان هذا الفتح من أعظم الفتوحات الإسلامية وقد حاوله غير واحد من الخلفاء والسلاطين وصرفوا همتهم وجهدهم وعساكرهم فلم ينالوه.
وقد حاصرها معاوية بن أبي سفيان في خلافة الإمام علي رضي الله عنه، وحاصرها سفيان بن أوس في خلافة معاوية، وحاصرها مسلمة بن عبد الملك في زمن عمر بن عبد العزيز، وحوصرت في زمن هشام بن عبد الملك، وحاصرها أيضًا أحد قواد الخليفة هارون الرشيد. ولقد خص هذا الفتح لهذا السلطان الجليل لكونه من أعدل الملوك وأحسنهم سيرة وأخلصهم نية وطوية.
وكان فتح القسطنطينية نهار الأربعاء لعشر بقين من جمادى الأخرة سنة سبع وخمسين وثمانمائة وغنم المسلمون منها غنائم لم يسمع بمثلها.
وبعد أن تكاملت الأسباب والاحتياجات البرية والبحرية نهض السلطان المجاهد بهمة وحزم وعزم في أوائل شهر جمادى الأولى سنة ثمانمائة وسبع وخمسين بعسكر كثيف وجيش كبير واستعد متوكلًا على الله تعالى متوسلاً بسيد البرية.
وانطلق الجيش الإسلامي إلى جهة القسطنطينية وخيّم عليها، ونازلها من طرف الشمال وكان عنده أربعمائة مركب قد أنشأها هو وأبوه رحمه الله فأرساها عند الحصن الذي أنشأه وأمر بالمراكب فسحبت إلى البر وقد جعلت تحتها دواليب تجري كالعجلة في البر والبحر، وشحنها بالرجال وساروا في البر مع موافقة ريح شديدة حتى انصبوا إلى الخليج الواقع شمالي البلد من طرف «غلطة» فامتلأ الخليج من الأغربة، وقربوا بعضها من بعض وربطوها بالسلاسل فصارت جسرًا ممدودًا ومعبرًا للمسلمين وأهل البلد ءامنون من هذه الجهة فلم يحصنوها وإنما كان خوفهم من جهة البر فحصنوها وغفلوا عن هذه الجهة لأمر أراده الله وقدّره.
وشرع المسلمون في الحصار من البر والبحر مدة واحد وخمسين يومًا حتى أعيى المسلمون أمرها، وكان أهل القسطنطينية استمدوا من الافرنح فأمدوهم بجيش عظيم.
وكان السلطان «محمد خان» قد أرسل وزيره أحمد باشا قبلاً إلى العارف بالله الشيخ «ءاق شمس الدين» وإلى الشيخ «ءاق بيق» يدعوهما للجهاد والحضور معه لفتح القسطنطينية فحضرا وبشر الشيخ شمس الدين الوزير بالنصر والفتح إن شاء الله على يد المسلمين في العام نفسه وأنهم يدخلونها من الموضع الفلاني والوزير يكون واقفًا عند السلطان، فبشر الوزير السلطان بذلك.
فلما صار الوقت المعين ولم تفتح القلعة ذهب الوزير إلى الشيخ فمنعوه من الدخول إليه فرفع أطناب الخيمة فإذا الشيخ ساجد على التراب يتضرع ويبكي فما رفع الوزير رأسه إلا وقد قام الشيخ على رجليه فكبر وحمد الله الذي منّ على المسلمين بفتح هذه المدينة، فنظر الوزير إلى جانب المدينة فإذا المسلمين قد دخلوا بأجمعهم. ولما دخل السلطان المدينة نظر فإذا بجانبه وزيره واقف عنده وأسرع السلطان بالتوجه إلى كنيستها «أيا صوفيا» فدخلها وطهرها وأمر المؤذن فأذن لصلاة الظهر وصلى فيها ودعا وحمد الله تعالى وجعلها مسجدًا جامعًا للمسلمين وعين له أوقافًا ورتب له رواتب وسميت المدينة «اسلامبول».
وبعد فتح المدينة أرسل صاحب «غلطة» مفاتيح قلعتها ففتحت ودخلها المسلمون فسارعوا إلى مسجدها القديم الذي كان بناه «مسلمة بن عبد الملك» يوم حاصرها وقد صيروه كنيسة.
ولما شاع خبر فتح القسطنطينية في الآفاق هاب السلطان محمدًا ملوك الأرض وأرسل له صاحب مصر والشام وصاحب العجم وصاحب المغرب مراسلات يهنئونه بهذا الفتح.
كان هذا الفتح من أعظم الفتوحات الإسلامية وقد حاوله غير واحد من الخلفاء والسلاطين وصرفوا همتهم وجهدهم وعساكرهم فلم ينالوه.
وقد حاصرها معاوية بن أبي سفيان في خلافة الإمام علي رضي الله عنه، وحاصرها سفيان بن أوس في خلافة معاوية، وحاصرها مسلمة بن عبد الملك في زمن عمر بن عبد العزيز، وحوصرت في زمن هشام بن عبد الملك، وحاصرها أيضًا أحد قواد الخليفة هارون الرشيد. ولقد خص هذا الفتح لهذا السلطان الجليل لكونه من أعدل الملوك وأحسنهم سيرة وأخلصهم نية وطوية.
وكان فتح القسطنطينية نهار الأربعاء لعشر بقين من جمادى الأخرة سنة سبع وخمسين وثمانمائة وغنم المسلمون منها غنائم لم يسمع بمثلها.
وفاته
كانت وفاته رحمه الله ليلة الجمعة لخمس مضت من ربيع الأول سنة ست وثمانين وثمانمائة وكانت مدة ملكه إحدى وثلاثين سنة وشهرين وعمره واحد وخمسون سنة.
رحم الله السلطان الصوفي الأشعري محمد الفاتح وأعز الإسلام بأمثاله.
كانت وفاته رحمه الله ليلة الجمعة لخمس مضت من ربيع الأول سنة ست وثمانين وثمانمائة وكانت مدة ملكه إحدى وثلاثين سنة وشهرين وعمره واحد وخمسون سنة.
رحم الله السلطان الصوفي الأشعري محمد الفاتح وأعز الإسلام بأمثاله.