Search or ask ابحث او اسأل

السيد أبو الحسن الشاذلي براءته من عقيدة الحلول والاتحاد

 

نسبه

السَّيِّدُ الإِمامُ أبو الحَسَنِ عَلِيّ بْنُ عبدِ اللهِ بْنِ عبدِ الجَبَّارِ بن يوسف، وينتهي نسبه إلى إِدْرِيسَ بنِ عبدِ اللهِ بنِ الحسنِ بن الحسنِ بن عليِّ بنِ أبي طالِبٍ، الْحَسَنِيُّ الإِدْرِيسِيُّ الشَّاذلِيُّ الهذلي الضرير الزاهد نـزيل الإسكندرية شيخ الطَّائِفَةِ الشَّاذلِيَّةِ، نسبة إلى شَاذِلَة قرية من إفريقية، قرب تونس.

مولده

وُلِدَ رَضِيَ اللهُ تَعالَى عنه في سنة 591هـ، ويُقالُ: سنة 593 هـ، بِقَرْيَةِ غُمَارَةَ مِنْ قُرَى إِفْرِيقيَّةَ بالقُرْبِ مِن سَبْتَةَ بالمغرب، ونشأ في بني زَروِيل.

وصفه رضي الله عنه :

قال الشيخ أبو العزائم ماضي تلميذ الشاذلي وخادمه:  كانت صفته رضى الله عنه، ءادم اللون، نحيف الجسم،  طويل القامة، خفيف العارضين، وكان فصيح اللسان، عذب الكلام. اهـ

مشايخه:

تلقى علوم القرآن والحديث على يد شيوخ بلدته، ثم اتجه بعد ذلك إلى مدينة فاس وسلك طريق التصوف على يد الصوفى الكبير عبد الله بن أبى الحسن بن حرازم وهو تلميذ سيدى أبى مدين. بعد ذلك توجه لمدينة تونس وتلقى علوم الشريعة وتفقه على مذهب الإمام مالك ودرس علوم الفقه والأدب. وصحب الشيخَ نجم الدين ابن الأصفهاني نزيل الحرم وابن مشيش وغيرهما.

وقال الحافظ اللغوي محمد مرتضى الزبيدي في كتابه تاج العروس، باب ش ذ ل: واختلف في أخذ سيدي أبي الحسن الشادلي فقيل: أخذ عن سيدي عبد السلام بن مشيش عن أبي العباس السبتي عن أبي محمد صالح عن أبي مدين الغوث. وذكر القشاشي في السمط الـمجيد أن سيدي عبد السلام أخذ عن أبي مدين من غير واسطة قال أبو سالم العياشي: والتاريخ يقبله.اهـ وأخذ الإمام أبو الحسن أيضا عن أبي الفتح الواسطي شيخ مشايخ الرفاعية بمصر. وسند هذه الطريقة وكيفية تسلسلها إلى فوق قد بيناه في كتابنا العقد الثمين وفي إتحاف الأصفياء وغيرهما من الرسائل.اهـ كلام الزبيدي.

لقاؤه بالمرشد الكامل

سافر أبو الحسن إلى العراق ثم عاد إلى بلده والتقى بعبد السلام بن مشيش إمام أهل المغرب، يقول سيدي أبو الحسن الشاذلي: لما دخلت العراق اجتمعت بالشيخ الصالح أبي الفتح الواسطي فما رأيت بالعراق مثله، وكنت أطلب القطب، فقال لي: ((تطلب القطب بالعراق وهو في بلادك، ارجع إلى بلادك تجده)) فرجعت إلى المغرب إلى أن اجتمعت بأستاذي الشيخ الولي العارف الصّديق القطب الغوث أبي محمد عبد السلام بن مشيش الشريف الحسني .

قال أبو الحسن الشاذلي: لما قدمت عليه وهو ساكن مغارة برباطة في رأس الجبل اغتسلت في عين في أسفل الجبل وطلعت عليه، فلما رآني قال: مرحبًا بعلي بن عبد الله بن عبد الجبار، فذكر نسبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخذني منه الدهش، فأقمت عنده أيامًا إلى أن فتح الله على بصيرتي .

وبعد أن انتهت فترة إقامة سيدي أبي الحسن عند شيخه سيدي عبد السلام بن مشيش قال له شيخه وهو يودعه: يا علىّ ارتحل إلى إفريقيا واسكن بها بلدا تسمى (شَاذِلَةَ )، وبعد ذلك تنتقل إلى مدينة تونس، ويؤتى عليك من قبل السلطنة، وبعد ذلك تنتقل إلى أرض المشرق وبها ترث القطابة.

فقال أبو الحسن لأستاذه، بعدما تهيَّأ للرحيل: أوصنى. قال الشيخ عبد السلام: يا علىّ، الله الله، والناس الناس، نــزِّه لسانك عن ذكرهم، وقلبك عن التمايل من قِبَلهم، وعليك بحفظ الجوارح، وأداء الفرائض، وقد تمت ولاية الله عندك، ولاتذكرهم إلا بواجب حق الله عليك وقد تم ورعك، وقل: اللهم ارحمنى من ذكرهم، ومن العوارض من قِبَلهم، ونجنى من شرهم، وأغننى بخيرك عن خيرهم، وتولّنى بالخصوصية من بينهم؛ إنك على كل شىءٍ قدير.اهـ

من تلاميذه:

ومن أشهر تلاميذه الذين ورثوا علمه أحمد أبو العباس الـمُرسي (ت سنة 686هـ ) ومن تلاميذ الـمرسي ياقوت العرش المتوفى بالإسكندرية (ت سنة 707 هـ)، ومن تلاميذ ياقوت العرش ابن عطاء الله السَّكَنْدَرِيُّ (ت سنة 709 هـ)،ـ وغيرهم.

وحضر عليه العز ابن عبد السلام وابن دقيق العيد وعبد العظيم المنذرى وابن الصلاح وابن الحاجب، وجمال الدين عصفور، ونبيه الدين ابن عوف، ومحي الدين سراقة، والعلم ياسين تلميذ ابن العربي، وغيرهم.

براءته من عقيدة الحلول والاتحاد

انتسب إلى الطريقة الشاذلية أناس فانحرفوا عنها يقال لهم الشاذلية اليشرطية قالوا بأن الله يدخل في كل شخص ذكرٍ أو أنثى، حتى قال قائلهم في بعض الأشخاص: أنت الله وهذا الجدار الله.  وهم فرقة من متأخري الشاذلية انحرفوا عن أُصول التوحيد الذي هو عقيدة كل مشايخ أهل الله الذين عملوا الطرق كالسيد أحمد الرفاعي والشيخ عبد القادر الجيلاني والشيخ أبي الحسن الشاذلي والشيخ أبي مَدْيَن شعيب بن الحسين وغيرهم.

فالشيخ أبو الحسن الشاذلي بريء من القول بالحلول والاتحاد. قال الحافظ السيوطي في كتاب نهج الرشاد في الرد على أهل الوحدة والحلول والاتحاد حدثني الشيخ كمال الدين المَراغي قال اجتمعت بالشيخ أبي العباس المرسي تلميذ الشيخ الكبير أبي الحسن الشاذلي وفاوضته في هؤلاء الاتحادية فوجدته شديد الإنكار عليهم والنهي عن طريقتهم وقال: أتكون الصنعة هي الصانع اﻫ

براءته من تحريف لفظ الجلالة إلى ءاه:

بعض جهلة المتصوفة ممن ينتسبون إلى الطريقة الشاذلية ابتدعوا بدعة قبيحة مخالفة للقرءان الكريم والسنة النبوية وانحرفوا بذلك عن نهج الأمة الإسلامية وعن طريق التصوف الصحيح بل وعن نهج الشيخ أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه فقاموا بتحريف اسم الله تعالى مدّعين أن “ءاه” اسم من أسمائه تعالى، واحتجوا بحديث موضوع في إثبات هذه البدعة المنكرة، وهو ما رواه الديلمي في “مسند الفردوس” والرافعي في “تاريخ قزوين” أن عائشة رضي الله عنها قالت: دخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعندنا مريض يئن فقلنا له: اسكت فقد جاء النبي صلى الله عليه وسلم، فقال النبي :”دعوه يئن، فإن الأنين اسم من أسماء الله تعالى يستريح إليه العليل”، وهو حديث موضوع أي مكذوب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد حكم بوضعه الحافظ أحمد بن الصديق الغُماري في كتابه “المغير على الجامع الصغير” وغيرُه.

وقال المناوي في شرح الجامع الصغير ما نصه :”لكن هذا لم يرد في حديث صحيح ولا حسن، وأسماؤه تعالى توقيفية” اهـ.

هذا الأمر ليس من أصل الطريقة الشاذلية بل شيء أحدثه بعض جهلة المتصوفة من شاذلية فاس كما قال شيخ الشاذلية في المدينة المنورة الشيخ ظافر المدني الشاذلي رحمه الله تعالى في رسالة له فقال: “إن الاشتغال بـ “ءاه” من فعل شاذلية فاس” اهـ.

وقولهم هذا أي زعمهم أن “ءاه” من أسماه الله مردود بكتاب الله تعالى وسنة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم وأقوال أهل المذاهب الأربعة واللغويين.

قال عز وجل: ((ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يُلحدون في أسمائه)) [سورة الأعراف] والإلحاد في أسماء الله تعالى هو تسميته بما لم يسم به نفسه ولم يرد فيه نص من كتاب ولا سنة ولا إجماع لأن أسماء الله سبحانه وتعالى كلها توقيفية أي يتوقف إطلاقها عليه تعالى على ورودها في كتاب الله أو سنة نبيه أو إجماع، ومن هنا يعلم أنه لا يجوز تسمية الله تعالى بـ “ءاه” لأنه لفظ يدل على العجز والشكاية والتوجع وما كان كذلك يستحيل أن يكون اسمًا لله تعالى.

وثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: “إن الله يحب العطاس ويكره التثاؤب فإذا تثاءب أحدكم فلا يقل: ءاه ءاه فإن الشيطان يضحك منه” أو قال: “يلعب منه” رواه الترمذي والحافظ المجتهد ابن المنذر وابن خزيمة واللفظ له، فلو كان لفظ ءاه من أسماء الله تعالى التي يتقرب بها إلى الله تعالى كما يزعمون لم يقل النبي صلى الله عليه وسلم: “فإن الشيطان يضحك منه“.

وكان الشيخ محمود حجازي أحد رؤساء الشاذلية وتلميذه الشيخ المحروقي يدافع عن هذه الكلمة بشدة حتى استفتى مفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي رحمه الله فأفتاه بتحريم الذكر بها فرجع الشيخ محمود حجازي عن القول بها وألّف رسالة سماها: “التفصيل الواضح في الرد على تغيير أهل الطريق الفاضح” وعقد لذلك فيها بابًا فقال: “باب رفض اسمية ءاه لله تعالى”.

وقد أفتى شيخ الأزهر الشيخ سليم البشري المالكي فتوتين بتحريم الذكر بهذا اللفظ وبلفظ “أح أح” وكذا بلفظ “لا إله إلا الله” بمد هاء كلمة إله، أو بلفظ من يشبع همزة إله مع مدها فيتولد عنها ياء، أو بلفظ إثبات ومد همزة لفظ الجلالة فتصير كالاستفهام، حتى إنه أفتى بتحريم حضور مجالسهم ويجب تغيير ذلك. اهـ

وللشيخ محمد أبي الفضل شيخ الأزهر فتوتان بالتحريم الأولى موجزة أجاب بها سؤالا رُفع إليه إذ كان شيخ علماء الإسكندرية والأخرى مسهبة أجاب بها سؤالا رُفع إليه وهو شيخ الأزهر.اهـ

وللشيخ مصطفى بن حسن العسيلي العدوي رسالة طبعت قديمًا متضمنة للإجابة عن أسئلة رفعت إليه بشأن مد هاء “إله” من كلمة التوحيد والذكر بلفظ “ءاه” قرر فيها منع الأمرين بأدلة واضحة.اهـ

واستدل على هذا بكلام ابن الأثير في النهاية وبكلمة المصباح والمختار والقاموس ثم قال: “فقد أجمع اللغويون وشارحو الحديث على أن لفظ “ءاه” موضوع للتشكي أو التوجع فكيف يليق بقوم يزعمون أنهم يعبدون ربهم ويتقربون إليه بأسمائه، أن يذكروه بكلمة الشكاية أو التوجع ويستدلون على ذلك بأشياء هي أوهى من بيت العنكبوت وما نقل أن أحدًا من السلف الصالح ذكر ربه بذلك قط” انتهى كلامه.

وقد أسلفنا أن الشيخ ظافرًا المدني شيخ شيوخ شاذلية عصره ابن الأستاذ الشيخ محمد ظافر المدني نص على عدم اسمية “ءاه” وحرمة الذكر به في رسالته المسماة: “الرسالة الظافرية في ءاداب الطريقة الشاذلية” وهي عظيمة الفائدة ومن جملة ما جاء فيها :”وشروط الذكر عند من يلقنه معلومة وأوقاته معينة مرسومة ولكن لا يُلتفت لما عليه بعض زوايا الشاذلية من التحريف في “لا إله إلا الله” بمد هاء إله، ولا إلى الذكر بـ “هيْ” أو “ءاه” حيث لم يكن لذلك سند صحيح يعتمد عليه.اهـ إلى أن قال: هذا هو طريق السادة الشاذلية الصحيح الذي تلقيناه عن والدنا شيخ مشايخ الطريق كما تلقاه هو كذلك وعليه العمل الآن في جميع الزوايا التابعة لنا في البلاد العثمانية والعربية وفي صحراء سيوه ومطروح متفقين جميعًا على عدم مد هاء إله في “لا إله إلا الله”، وعلى أن اسم الصدر هو لفظ الله بدون قصر ولا حذف شيء منه لا لفظُ هيْ ولا لفظ ءاه” اهـ.

من مواعظه:

ومن كلامه رضي الله عنه: إذا عارض كشفك الكتاب والسنة فتمسك بالكتاب والسنة ودع الكشف، وقل لنفسك: إن الله تعالى قد ضمن العصمة في الكتاب والسنة ولم يضمنها في جانب الكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة، مع أنهم أجمعوا على أنه لا ينبغي العمل بالكشف ولا الإلهام ولا المشاهدة إلا بعد عرضه على الكتاب والسنة.اهـ

وكان يقول: من لم يزدد بعلمه وعمله افتقارا  إلى ربه، وتواضعا لخلقه، فهو هالك.اهـ

أيام محنته

انْتَقَلَ أبو الحسن إلى شاذلة، ورأى التفاف الناس حوله، فعزم أن يذهب إلى جبل زغوان في محيط شاذلة، حيث تفرغ للعبادة والمجاهدة دهرا طويلا، حتى انتقل إلى تُونُسَ، فالتف عليه جماعة من الفضلاء، ثم كثر المريدون وأخذوا يزدادون يوما بعد يوم، إلى أن اجتمع عليه خلق كثير، فدب الحسد في قلب رجل يقال له ابن البراء وهو في منصب قاضٍ، فوشى به عند السلطان، ولكن الله تعالى حماه. ثم عزم الشيخ السفر لأداء الحج، وخلال سفره سيمكث في مصر ولكن هذا ابن البراء أرسل رسالة إلى السلطان هناك: أن هذا الواصل إليكم شوش علينا بلادنا وكذلك يفعل في بلادكم، فأمر السلطان بأن يعتقل في الإسكندرية، فأقام أبو الحسن فيها أياما ثم خرج من غير أن يعلم به أحد من جنود الوالي، وتوجه إلى السلطان في القاهرة، واستأذن عليه، فقال السلطان: كيف وقد أمرنا باعتقاله بالإسكندرية، فأدخل على السلطان والقضاة والأمراء، فعرف السلطان ومن معه حقيقة الإمام الشاذلي، لما رأوا من كراماته، وكتب السلطان إلى الوالي في الإسكندرية في هذا. ثم أقام الشاذلي رضي الله عنه عند السلطان في القلعة أياما، إلى أن طلع إلى الحج. ثم رجع إلى مدينة تونس، واستمر فيها داعيا ومرشدا، وفي هذه الأثناء قدم إلى تونس الشيخ أبو العباس المرسي، فلما اجتمع به الشيخ ورآه، قال: ما ردني لتونس إلا هذا الشاب، – وهذا الشاب وهو أبو العباس لازم الشيخ ولم يفارقه إلى أن توفي الشيخ فكان خليفته بعده- واستمر إلإمام الشاذلي في تونس إلى أن سافر إلى الديار المصرية، فوصل إلى الإسكندرية، وسكن فيها وتزوج، وولد له أولاد، منهم شهاب الدين أحمد، وأبو عبد الله محمد شرف الدين، ومن البنات زينب وعريفة الخير.

ومن جملة ما حصل للإمام الجليل أبي الحسن الشاذلي من الفتن أن صوّب المجسم ابن تيمية الحراني سهمه إليه، فرده عليه، كما قال الشيخ عبد الوهاب الشعراني في الطبقات الكبرى وغيرُه.

وجاء في كتاب«نور الأبصار في مناقب ءال بيت النبي المختار صلى الله عليه وسلم«، للشيخ مؤمن بن حسن الشِّبْلَنْجِي “ص244”: أن أهل المغرب نفوه وكتبوا إلى نائب الإسكندرية أنه زنديق فاحذروه، فآذاه أهل الإسكندرية، فلما ظهرت كراماته اعتقدوه.اهـ

ثناء العلماء عليه

كان الشيخ الإمام قاضي القضاة بدر الدين ابن جماعة يرى أنه في بركة الشيخ أبي الحسن الشاذلي في مصر، وكان يفتخر بصحبته.كما في كتاب المفاخر العلية.

وقال الحافظ السيوطي (ت911هـ) في “حسن المحاضرة” عند ذكر من كان بمصر من الصلحاء والزهاد والصوفية ما نصه: الشيخ أبو الحسن الشاذلي شيخ الطائفة الشاذلية هو الشريف تقي الدين علي بن عبد الله عبد الجبار، قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: ما رأيت أعرف بالله من الشاذلي.اهـ.

قال الشيخ عبد الرؤوف المناوي في طبقات الأولياء: علي أبو الحسن الشاذلي السيد الشريف من ذرية محمد بن الحسن، زعيم الطائفة الشاذلية نسبة إلى شاذلة قرية بإفريقية نشأ ببلده فاشتغل بالعلوم الشرعية حتى أتقنها وصار يناظر عليها مع كونه ضريرًا ثم سلك منهاج التصوف وجد واجتهد حتى ظهر صلاحه وخيره وطار في فضاء الفضائل طيره، وحمد في طريق القوم سراه وسيره نظم فرقق ولطف وتكلم على الناس فقرط الأسماع وشنف وطاف وجال ولقي الرجال وقدم إلى إسكندرية من المغرب وصار يلازم ثغرها من الفجر إلى المغرب وينتفع الناس بحديثه الحسن وكلامه المطرب وتحول إلى الديار المصرية وأظهر فيها طريقته المرضية ونشر سيرته السرية وله أحزاب محفوظة …..وحج مرارًا ومات قاصدًا الحج في طريقه، قال ابن دقيق العيد: ما رأيت أعرف بالله منه، ومع ذلك آذوه وأخرجوه بجماعته من المغرب وكتبوا إلى نائب إسكندرية أنه يقدم عليكم مغربي زنديق وقد أخرجناه من بلدنا فاحذروه فدخل إسكندرية فآذوه فظهرت له كرامات أوجبت اعتقاده… مات رحمه الله تعالى بصحراء عيذاب قاصدًا للحج أواخر ذي القعدة ودفن هناك. انتهى ملخصًا.

وقال الفقيه الشافعي المشهور سراج الدين عمر بن علي المصري المعروف بابن الملقن (804 هـ) في كتابه طبقات الأولياء في ترجمة الإمام أبي الحسن الشاذلي رضي الله عنه: إنه علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف أبو الحسن الهذلي الشاذلي الضرير الزاهد نزيل السكندرية وشيخ الطائفة الشاذلية، انتسب في بعض مصنفاته إلى الحسن بن علي بن أبي طالب فقال بعد يوسف المذكور بن يوشع بن برد بن بطال بن أحمد بن محمد بن عيسى بن محمد بن الحسن بن علي بن أبي طالب، كان كبير المقدار عالي المقام، صحب الشيخ نجم الدين بن الأصفهاني نزيل الحرم ومن أصحابه الشيخ أبو العباس المرسي.اهـ.

وقال المؤرخ صلاح الدين الصفدي في كتابه نكت الهميان: إن المترجَم هو علي بن عبد الله بن عبد الجبار بن يوسف أبو الحسن الشاذلي بالشين والذال المعجمتين وبينهما ألف وفي الآخر لام، وشاذلة قرية بإفريقية، المغربي الزاهد نزيل الإسكندرية وشيخ الطائفة الشاذلية، وقد انتسب في بعض مصنفاته إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو رجل كبير القدر كثير الكلام عالي المقام له نظم ونثر، وكان الشاذلي ضريرًا وحج مرّات وتوفي رحمه الله تعالى بصحراء عيذاب قاصدَ الحج فدفن هناك في أول ذي القعدة سنة ست وخمسين وستمائة.اهـ.

وذكر ابن الملقن وعبد الوهاب الشعراني وغيرهما أن من مريديه القطب أبي العباس المرسي رضي الله عنه المدفون في الإسكندرية.اهـ. وأبو العباس المرسي شيخ ياقوت العرشي رضي الله عنهما.

ولو لم يكن لأبي الحسن الشاذلي من المريدين إلا سيدنا أبي العباس المرسي رضي الله عنه وكذا لو لم يكن لأبي العباس المرسي من المريدين إلا ياقوت العرشي لكفاهما دليلاً على علو كعبهما ومقامهما رضي الله عن الجميع.

وليعلم أنه لا يجوز الطعن في من ثبتت عدالته وإمامته بنقل لا يثبت بل لا يصح عن المترجَم ولا عن أمثاله وهو من سوء الظن بعباد الله الذي نهينا عنه، فلذا فإننا نبرّئ أبا الحسن الشاذلي وأمثاله رضي الله عنهم منه تحسينًا للظن بهم وهو ما أمِرنا به في من هو دونهم من عوامّ المسلمين فكيف بمن هو مثلهم من أئمة الورع والدين.

وفاته:

حج مرات وتُوُفـِّيَ بِصَحْرَاءِ عَيْذَابَ فى “حُمَيْتَرَة” ويقال أَيضًا “حُمَيْتَرَا بالأَلف” من الصعيد، قاصدا الحج فدفن هناك في شَهْرِ ذِي القَعْدَةِ سنة ست وخمسين وستمائة 656 هـ.

وذكر ابن بطوطة فى رحلته: عن ياقوت العرش عن شيخه أبى العباس الـمرسى أن أبا الحسن الشاذلى كان يحج كل سنة، فلما كان فى آخر سنة خرج فيها قال لخادمه: استصحب فأسا وقفة وحنوطا، فقال له: لماذا؟ قال:” حُمَيْتَرَا سوفَ تَرَى “، فلما بلغ حميترا اغتسل الشيخ وصلى ركعتين فقبضه الله فى آخر سجدة ودفن هناك.اهـ

وفي درة الأسرار:” وبات تلك الليلة متوجها إلى الله تعالى ذاكرا يسمعه أصحابه وهو يقول: إلـهي إلـهي، فلما كان السحر سكن، فظننا أنه نام، فحركناه فوجدناه ميتا “.اهـ

رحمه الله ورضي الله عنه وجمعنا الله به وأحبتنا في جنات النعيم مع النبيين والصديقين والشهداء وحسن أولئك رفيقا. ءامين.

Prev Post

Kids Test – Questions on Sins

Next Post

Pondering in God’s Creations

post-bars