العين تزني وزناها النظر
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله وبعد،
عباد الله، نوصيكم بتقوى الله العظيم وأذكر لكم قول الله تبارك وتعالى: {إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولـئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً}. سورة الاسراء/36.
أفهمنا الله تبارك وتعالى بذكر الفؤاد معاصي القلب وبذكر السمع والبصر معاصي الجوارح. فنتكلم في هذه الخطبة إن شاء الله عن معاصي العين كما ورد في حديث علي رضي الله عنه: “فإن لك النظرة الأولى وليست لك الثانية”. فلو نظر أحدنا إلى وجه امرأة أجنبية أو كفيها بلا شهوة ثم شعر من نفسه التلذذ وجب عليه صرف النظر فما قبل النظر بشهوة هي النظرة الأولى التي لا مؤاخذة فيها أما إن استمر في النظر بعد شعوره بالتلذذ فإنه يكون قد ارتكب معصية والعياذ بالله.
فالحذر عباد الله من النظر إلى العورات لأن الله تبارك وتعالى قد حرم علينا النظر إلى العورات ولا يُلتفت إلا عبارات هي كأختي أو كأمي أو هل سآكلها بنظري إليها، فهؤلاء ولا عبرة بكلامهم لأن العبرة في ما وافق شرع الله تبارك وتعالى لأنه يحرم علينا النظر إلى العورات بشهوة أو بلا شهوة.
ولبيان ذلك الأمر ينبغي معرفة حد العورات، وعورة المرأة أمام الرجل الأجنبي جميعها ما عدا الوجه والكفين ولا يجوز للمرأة أن تكشف شيئا من شعرها أمام الرجل الأجنبي ولو كان أخ زوجها لأنه كم من المفاسد تحصل مع أخ الزوج، فإذا دخل إلى بيت أخيه فإن زوجته لا تستر عورتها أمامه بل تظهر شعرها وغير ذلك من عورتها وهي بذلك تكون آثمة واقعة في المعصية وكذلك هو إن نظر إلى عورتها.
وخلاصة الأمر أنه يجوز للرجل الأجنبي أن ينظر إلى وجه المرأة الاجنبية وكفيها بلا شهوة فإن كان بشهوة فحرام وأما ما سوى الوجه والكفين فيحرم عليه أن ينظر اليها ولو من غير شهوة لذلك فينبغي عباد الله من التنبه في هذه الأيام حيث أن الكثير من النساء الغافلات يكشفن من عوراتهن أمام الرجال في البحور أو في الجبال فيتسببن بفتن كثيرة ويذكرنا هذا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: “لكل أمة فتنة وفتنة أمتي المال والنساء”. فاسعوا رحمكم الله إلى غض البصر عن المحرمات وإلى نصيحة إخوانكم وأخواتكم بترك المحرمات. وأما عورة الرجل فهو ما بين السرة والركبة فالسرة ليست بعورة والركبة ليست بعورة وأما الفخذ فقد اختلف فيه بين العلماء فمنهم من قال هو عورة ومنهم من قال ليس بعورة والأولى أن نأخذ بالاحتياط في أمر ديننا ونغطي الفخذ.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “إن الله كتب على ابن ءادم حظه من الزنا أدرك ذلك لا محالة فالعين تزني وزناها النظر واليد تزني وزناها اللمس والرجل تزني وزناها الخطى واللسان يزني وزناها المنطق والفم يزني وزناه القبل والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه”. النظر بشهوة أي بتلذذ للأجنبية حرام، وتكليمها ليتلذذ بهذا الكلام حرام، ولمسها بدون حائل أيضًا حرام. أغلب البشر لا يسلمون من هذا، وأكثر هذا كله النظر، زنا العين.
بعض الناس يكلمون خطيبتهم قبل العقد بشهوة، بتكليمها يتلذذون هذا أيضا حرام. لكن كل هذا من الصغائر لأن العلماء قالوا ما دون الزنى صغيرة. إذا توضأ الشخص وضوءًا شرعيًا معناه الفرض مع السنة تذهب معاصي العين مع الماء تنـزل. لَما يغسل وجهه مع هذا الماء تنـزل معاصي العين.
هذا والله تعالى أعلم وأحكم