دليل من الحديث أن الله منزه عن الحد والجهة
روى البخاري ومسلم واللفظ له أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لَمَّا خَلَقَ اللَّهُ الْخَلْقَ كَتَبَ فِي كِتَابِهِ فَهُوَ عِنْدَهُ فَوْقَ الْعَرْشِ إِنَّ رَحْمَتِي تَغْلِبُ غَضَبِي”.
وهذا الحديث يدلّ على أن الله تعالى ليس فوق العرش بذاته لأن الله منزه عن المكان والجهة، ولأن فوق العرش كتاباً بنص الحديث وتنزه الله عن مشابهة شيء من خلقه سبحانه لأنه ليس كمثله شىء، قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري “والعندية هنا ليست مكانية”.
وفي كتابِ الوصية للإمام أبي حنيفة قال رضي الله عنه: “لقاءُ اللهِ تعالى لأهلِ الجنّة حقٌّ بلا كيفيةٍ ولا تشبيهٍ ولا جهة“.
وفي الوصية أيضاً قال: “نُقِرُّ بأنَّ اللهَ على العرشِ استوى من غيرِ أن يكونَ له حاجةٌ إليه واستقرار عليه، وهو الحافظُ للعرش وغيرِ العرش من غيرِ احتياج، فلو كان محتاجا لما قَدَرَ على إيجادِ العالم وتدبيرِه كالمخلوق، ولو كان محتاجاً إلى الجلوس والقرار فقبل خلقِ العرشِ أين كان الله تعالى“، يريد أن الله تعالى موجود بلا مكان كما بيّـنه رضي الله عنه في الفقه الأبسط حيث قال:” كانَ اللهُ ولا مكان، كانَ قبلَ أن يَخْلُقَ الخلق، كانَ ولم يكن أينٌ ولا خَلقٌ ولا شيء، وهو خالقُ كل شيء“، فسبحان الله تعالى.
وقال الإمام عبدالقاهر البغدادي (429 هـ.) في كتابه الناسخ والمنسوخ إن من أثبت لله تعالى الحد أي المساحة والجهة والمكان، فهو كافر لا تؤكل ذبيحته.
* اعلم يا أخي المسلم أن الكفر هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو الذنب الذي لا يغفره الله تعالى لمن مات عليه وهو يحبط جميع الحسنات. وهو ثلاثة أقسام كما قسمها النووي وغيره من شافعيةٍ وحنفيةٍ وغيرهم: اعتقادات وأفعال وأقوال وكل يتشعب شعب كثيرة:
الكفر القولي ومكانه اللسان كمن يشتم الله تعالى أو الأنبياء أو الملائكة أو القرءان أو الكعبة أو دين الاسلام.
الكفر الفعلي كمن يُلقي المصحف أو أوراق العلوم الشرعية أو أي ورقة عليها اسم الله تعالى عامداً في القاذورات.
الكفر الاعتقادي ومكانه القلب كمن اعتقد ان الله تعالى يشبه شيئاً من مخلوقاته أو يعتقد أنه نور بمعنى الضوء أو أنه روح أو أنه ملأ السموات أو الأرض أو أنه جسم ساكن في السماء أو قاعد فوق العرش. فيجب على من وقعت منه ردة (أي كفر) العود فوراً إلى الإسلام بالنطق بالشهادتين والإقلاع عمَّا وقعت به الردة، ويجب عليه الندم على ما صدر منه والعزم على أن لا يعود لمثله.
تم بحمد الله وعونه.