ردود على الوهابية في مسألة التوسل والتبرك بالنبي
إن قال الوهابية أن الإمام النووي يكره مس القبر ونقل ذلك عن العلماء يقال لهم الإمام النووي شافعي فهل تأخذون بكلامه؟ إذا قالوا نعم يقال لهم: هو يجيز قراءة القرءان على أمواتنا المسلمين ويستحسن إذا أصابت رجلك الخدر أن تقول: يا محمد ويؤول حديث الجارية فيقول ليس معناه أن الله متحيز في السماء بل الله موجود بلا مكان فهل توافقونه لكنهم لا يوافقونه لأنهم مذبذبون ومع ذلك يقال لهم:
الشافعية إذا أطلقوا لفظ الكراهة يريدون به الكراهة التنزيهية التي هي دون الحرام فأنتم ما أخذتم بكلام النووي الذي رويتموه بل عندكم هذا العمل شرك أكبر فأنتم وحدكم شذذتم فقلتم بتكفير من فعل ذلك ونحن مع كلام الأئمة في حكم مس القبر ولا نكفر من مس القبر مثلكم وهذا هو من جملة خلافكم مع أهل السنة فاعرفوا.
ولقد خالفتم المذهب الحنبلي الذي تدعون زوراً الإنتساب إليه فقد ذكر المرداوي الحنبلي في كتابه “الإنصاف” (ج2صفحة562) أنه نقل عن الإمام أحمد بن حنبل ثلاث روايات في حكم مس القبر إحداها مباح والثانية مكروه والثالثة مستحب. فأنتم لم توافقوا أحد هذه الأقوال لذلك أطلق المسلمون عليكم أهل التكفير والتنفير والتحريف.
أما قولهم إن ابن حجر في “الزواجر” والغزالي في “إحياء علوم الدين” والرازي في “التفسير” ذكروا تكفير من مس القبر وأن هذا من الشرك الأكبر فيقال لهم: نعجب منكم كيف تحتجون بكلام من تطعنون بهم فإبن حجر الهيتمي ضلل زعيمكم الحراني والغزالي أجاز تفسير الإستواء بالإستيلاء والرازي أول ءاية “ءأمنتم من في السماء” فقال ليس معناها أن الله متحيز في جهة العلو بل هو تعالى موجود بلا مكان فهل تأخذون بكلامهم في هذا؟
ثم أننا بعد البحث والتدقيق والرجوع إلى أرقام الصفحات التي ذكروها في هذه الكتب لم نجد ما ذكروا فاتقوا الله يا نفاة التوسل ولا تحرفوا والبينة على من ادعى.
بل قال الغزالي في الإحياء (ج1صفحة259) يستحب التمسح برمانة المنبر السفلي.
وأما دعواهم أن عمر قطع شجرة بيعة الرضوان لأنه يرى تحريم التبرك بأثار الرسول فيقال لهم إن أحداً من العلماء لم يفهم ما فهمتموه ولم يقل عمر عنه ذلك ولا أشار إليه إنما فعله محمول على أنه تخوف أن يأتي زمان قد يعبد الناس تلك الشجرة وليس مقصوده تحريم التبرك بآثار الرسول. ولو كان الأمر كما ظنوا ما كان ابنه عبد الله يأتي شجرة سمر التي كان الرسول ينزل تحتها فكان عبد الله ينزل تحتها أي تبركاً وكان يسقيها الماء كي لا تيبس رواه ابن حبان وصححه. ولا شك أن عبد الله ابن عمر أفهم بسيرة أبيه من هؤلاء.
ذكر الإمام البخاري في صحيحه “باب المساجد التي على طرق المدينة والمواضع التي صلى فيها النبي صلى الله عليه و سلم بإسناده إلى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه كان يتحرى الصلاة في الأماكن التي كان يصلي فيها رسول الله صلى الله عليه وسلم وساق القصة بطولها” قال الحافظ ابن حجر في الفتح (ج1ص569): “ومحصل ذلك أن ابن عمر كان يتبرك بتلك الأماكن” وقال الحافظ الزبيدي في الإتحاف (ج4 ص429): “وإنما كان ابن عمر يصلي في هذه المواضع للتبرك”.