قصة الولي الكبير الإمام أحمد الرفاعي رضي الله عنه
سيدنا أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه كان علما شامخا، وجبلا راسخا، وعالما جليلا، محدثا، فقيها، مفسرا، ذا روايات عاليات، وإجازات رفيعات، قارئا مجودا، حافظا، حجة، متمكنا في الدين، سهلا على المسلمين، صعبا على الضالين، هينا لينا، كريم الخلق، حلو المكالمة، لطيف المعاشرة، لا يمله جليسه ولا ينصرف عن مجالسه إلا لعبادة، حمولا للأذى، وفيا إذا عاهد، صبورا على المكاره، جوادا من غير إسراف، متواضعا من غير ذلة، كاظما للغيظ من غير حقد بحرا من بحار الشرع، سيفا من سيوف الله، وارثا أخلاق جده رسول الله صلى الله عليه وسلم.
هو أبو العباس القطب الغوث الجامع الشيخ السيد أحمد بن علي الرفاعي الحسيني رضي الله عنه وأرضاه.
كان رضي الله عنه من الصوفية الصادقين، عاملا بشريعة الله تعالى مخالفا لهواه لا يتبع نفسه الهوى في المأكل والمشرب والملبس وغيره ذلك، يقتصر على القدر الذي يحفظ له صحة جسده من المأكل والمشرب والملبس مع بذل الجهد في عبادة الله تعالى في أداء الفرائض والإكثار من النوافل. وكان لسيدنا أحمد الرفاعي حظ كبير بالتواضع حتى صار يضرب فيه المثل بالتواضع وهكذا مشايخ سلسلة طريقته معروفون بين الصوفية. بالتواضع وهذا حظ كبير، الرسول عليه الصلاة والسلام بيّن أن أكثر الناس غافلون عن هذا المقام: التواضع، قال عليه الصلاة والسلام: “إنكم لتغفلون عن أفضل العبادة التواضع”.
ثم إن الإمام الرفاعي رضي الله عنه كان يجتمع في زاويته نحو مائة ألف نفس في ليلة من السنة يسمونها ليلة المحيا، كان هو يقوم بكفايتهم بالطعام والشراب وهو لم يكن من بيت الملك ولا من بيت الوزارة وإنما كان يقوم بذلك بمدد أمده الله به ومع هذا كان شديد التواضع، خلفاؤه وخلفاء خلفائه زادوا في حياته على مائة ألف بلغ عددهم مائة ألف وثمانين ألف وكانت تظهر لهم أحوال غريبة وهي الكرامات التي يكرم الله بها عباده الأتقياء كدخول الأفران الحامية، كان أحدهم يدخل الفرن الحامي ينام في جانب والخباز يخبز في الجانب الآخر لا يتأذى بالنار لأن النار لا تخلق الإحراق إنما خالق الإحراق فيها هو الله، ألم تكن بردا وسلاما على سيدنا إبراهيم عليه السلام؟ كذلك من الرفاعية من كانوا يقيمون حضرة الذكر ويشعلون نارا عظيمة فيدخلون فيها ويمكثون فيها حتى تنطفئ. مرة قصد سيدنا أحمد المدينة المنورة ولما وصل الرفاعي رضي الله عنه مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقف تجاه حجرة النبي عليه الصلاة والسلام وقال: السلام عليك يا جدي. فرد عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك السلام يا ولدي. سمع ذلك كل من في المسجد فجثا على ركبته ثم قام وبكى وأن طويلا وقال: يا جداه.
في حالة البعد روحي كنت أرسلها تقبل الأرض عني وهي نائبتي وهذه دولة الأشباح قد حضرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي فمد له رسول الله صلى الله عليه وسلم يده الشريفة المعطرة من قبره الأزهر المكرم فقبلها في ملأ يقرب من تسعين ألف رجل والناس ينظرون اليد الشريفة.
هذا الإمام الجليل أحمد الرفاعي رضي الله عنه الله تعالى أفاض عليه بجواهر الكلم فمن الجواهر التي تكلم بها في علم الأصول: “غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان”.
ومن جواهره أيضا قوله: “يا ولدي إذا تعلمت علما وسمعت نقلا حسنا فاعمل به ولا تكن من الذين يعلمون ولا يعملون”.
ويقول: “العجب ممن يعلم أنه يموت كيف ينسى الموت، والعجب ممن يعلم أنه مفارق الدنيا كيف ينكب عليها ويقطع أيامه بمحبتها”.
ويقول: “الدنيا أولها ضعف وفتور وءاخرها موت وقبور”.
فنسأل الله تعالى أن يزهدنا في هذه الدنيا الفانية الزائلة وأن يجعلنا من الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون وأن ينفعنا ببركات الشيخ أحمد الرفاعي الكبير رضي الله عنه.