ما يجب من عقائد الإيمان وعمل الأركان للقاوقجي الطرابلسي
في ما يجب من عقائد الإيمان
وعمل الأركان
للسيد أبي المحاسن محمد القاوقجي
الطرابلسي الحنفي
المتوفى سنة 1305هـ
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل فيما أنزل من الكتاب المبين {فاعلم أنَّهُ لا إلهَ إلا اللهُ} [سورة محمد]، والصلاة والسلام على سيدنا محمد من أرسله الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا ليُهتدى بشريعته من الجهل والضلال إلى العلم والإسلام، وعلى ءاله وصحبه ومن تبعهم بإحسان.
أما بعد: فإن أول ما دعا إليه النبي صلى الله عليه وسلم ترك الكفر والإشراك والإيمان بالله على ما يليق به والإيمان به صلى الله عليه وسلم فكان يأمر العربَ المشركين حين يجتمعون من نواح شتى للحجج أن يشهدوا أن لا إله إلا الله وأنه رسول الله وذلك قبل أن يعلمهم أمور الصلاة ويأمرهم بالوضوء لها، فتبعه على ذلك صحبه الأطهار وأتباعهم الاخيار.
فقد روى البخاري [1] أنه صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل: “إنك ستقدم على قوم من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه توحيده تعالى، فإذا عرفوا ذلك فأخبرهم بأن الله فرض عليهم خمس صلوات في اليوم والليلة…” الحديث.
فكان علم التوحيد أهمّ العلوم تحصيلاً ومعتنى العلماء تلقينًا للصغار. ولقد جهدنا في التفتيش عن رسالة في التوحيد تكون سهلة العبارة مفهومة الألفاظ للصغار والكبار العوام منهم وغيرهم، حتى وجدنا رسالة لعالم جليل طرابلسي هو الفقيه المحدث أبو المحاسن القاوقجي تفي بالغرض والموضوع، فبادرنا إلى الاعتناء بطبعها ونشرها بين المسلمين لعلّ الله ينفع بها ويجعل فيها الخير العميم.
ترجمة المحدث
اسمه ونسبه:
هو المحدث المسند أبو المحاسن شمس الدين محمد بن خليل بن إبراهيم الطرابلسي المعروف بالقاوقجي، الحسني نسبًا الحنفي مذهبًا.
ولادته:
ولد ليلة الاثنين ثاني عشر شهر ربيع الأول سنة 1224 من الهجرة النبوية.
تلقى العلم رحمه الله أول نشأته في طرابلس الشام، ثم رحل إلى مصر سنة 1239هـ فتفقه في الأزهر وأقام سبعًا وعشرين سنة يحضر الدروس ويقرأ الفنون ويتلقى العلوم، ثم عاد بعد تلك المدة إلى بلده طرابلس الشام فدرّس وأفاد.
تصانيفه:
خلف رحمه الله مصنفات كثيرة جدًا منها ما طبع ومنها ما هو مخطوط ومنها:
1- ربيع الجنان في تفسير القرءان.
2- اللؤلؤ المرصوع في الحديث الموضوع.
3- لطائف الراغبين في أصول الحديث والكلام والدين.
4- غُنية الطالبين فيما يجب من أحكام الدين على المذاهب الأربعة.
5- الاعتماد في الاعتقاد.
6- تحفة الملوك في السير والسلوك.
7- كفاية الصبيان فيما يجب من عقائد الإيمان وعمل الأركان وهو هذا الكتيب الذي بين أيدينا.
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف المرسلين، سيدنا ومولانا محمد وعلى ءاله وصحبه أجمعينَ.
أما بعد، فيقولُ أفقرُ الوَرى محمد أبو النضر ابن السيد محمد القاوقجي لطفَ بهِ مولاهُ ورحمه على الدوام:
هذه “كفايةُ الصبيان في ما يجبُ من عقائدِ الإيمانِ” للأستاذ الفاضلِ سيِّدي ووالدي السيد محمد ابن السيد خليل القاوقجيّ أبي المحاسن، سقانا اللهُ وإياهُ منَ المحبةِ شرابًا غيرَ ءاسنٍ.
قال حفظهُ اللهُ ونفعَ بهِ عبادهُ:
اعلَمْ أنَّهُ يجبُ للهِ تعالى الوجودُ [2]، والقِدَمُ [3]، والبقاءُ [4]، ومُخالفتُهُ تعالى لخلقهِ [5]، وقيامهُ بنفسِهِ [6]، والوحدانيةُ [7] في ذاتِهِ وصِفاتِهِ وأفعالهِ، والقُدرةُ [8]، والإرادةُ [9]، والعلمُ [10]، والحياةُ [11]، والسمعُ، والبصرُ [12]، والكلامُ [13]، وكونُهُ تعالى قادرًا، ومُريدًا، وعالِمًا، وحيًّا، وسَميعًا، وبَصيرًا، ومُتكلِّمًا.
ويستحيلُ عليه تعالى العدمُ، والحدوثُ، وحُصولُ الفناءِ، والمُماثلةُ لخلقهِ، والافتقارُ، والتركيبُ، والنظيرُ، والعجزُ، وأن يكونَ مغلوبًا، والجهلُ، والموتُ، والصَّممُ، والعَمى، والبكمُ، وكلُّ ما خَطَرَ ببالِكَ فاللهُ بخلافِ ذلكَ.
أما الدليلُ على وجودِهِ تعالى فهذهِ المخلوقاتُ لأنَّها موجودةٌ بعدَ عدمٍ، وكلُّ موجودٍ بعدَ عدمٍ لا بُدَّ لهُ من موجدٍ، فهذهِ المخلوقاتُ لا بدَّ لها من موجِدٍ يُوجدُها وهُوَ اللهُ سبحانه وتعالى.
ولوْ لمْ يكن قديمًا لكانَ حادِثًا، ولو لم يكُنْ باقيًا لم يكُنْ قديمًا، ولو لم يكن مُخالفًا لخلقهِ لكان مثلهم، ولو لم يكن قائمًا بنفسِهِ لاحتاجَ إلى غيرهِ، ولو لم يكًن واحدًا [14] لكانَ مقهورًا، ولو لم يتَّصِفْ بالقدرةِ والإرادةِ والعلمِ والحياةِ لما وُجِدَ شيءٌ منَ المخلوقاتِ وهوَ باطلٌ، ولوْ لم يتَّصِفْ بالسمعِ والبصرِ والكلامِ لكانَ ناقصًا تعالى اللهُ عن ذلكَ علوًّا كبيرًا.
وأمَّا صفاتُ الأفعالِ فهيَ قديمةٌ عندَ الحنفيةِ، يُقالُ لها: التَّكوينُ [15] كثيرةُ التعلُّقاتِ، إن تعلَّقتْ بالخلقِ سُمِّيَتْ خلقًا، وإن تعلَّقتْ بالرزقِ سُمِّيَتْ رزقًا، وإن تعلَّقتْ بالإحياءِ سُمِّيَتْ إحياءً، وبالأماتةِ سُميتْ إماتةً، ونحو ذلك.
والدليلُ على قِدَمِها وجودُ هذا الكونِ الحادِثِ، لأنَّهُ لوْ حدثَ بنفسهِ لَزِمَ أن يَسْتَغنيَ الكونُ عنِ المُكَوِّنِ وهوَ باطلٌ، ولو لم يتَّصِفْ بها مولانا أزلاً لَزِمَ التَّغَيُّرُ عمَّا كانَ عليهِ فيُفْضي إلى فسادٍ كبيرٍ تعالى اللهُ عن ذلكَ عُلُوًّا كبيرًا.
ويجوزُ في حقِّهِ تعالى فِعلُ كلِّ ممكنٍ أو تركهُ [16] وإلا لانقلبَتِ الحقائقُ وهُوَ مُستحيلٌ.
ويجبُ في حقّ الرُّسُلِ عليهم الصلاةُ والسلامُ الصدقُ والأمانةُ والتَّبليغُ [17] والفطانةُ، ويستحيلُ عليهم الكذبُ والخيانةُ والكِتمانُ والبلادةُ.
ودليلُ صدقِهِم المُعجزاتُ، ولو لم يكونوا أمناءَ لكانوا خائِنينَ، ولو لم يبلغوا لكانوا كاتِمينَ، ولو لمْ يكونوا فُطنًا لكانوا بُلدًا، وذلك محالٌ [في حقهم].
والعِصمةُ من الذنوبِ –أي الكبيرة والصغيرة التي فيها خسة ودناءة- واجبةٌ لهُم، ويجوزُ في حقِّهِم ما هُوَ مِنَ الأعْراضِ البَشريَّةِ كالنِّكاحِ والأمراضِ التي لا يَنْفُرُ الطَّبعُ منها [18].
ويجبُ الإيمانُ بالملائكةِ بأنَّهُم أجسامٌ نُورانيَّةٌ ليسوا ذُكورًا ولا إناثًا [19]، لا يَعْصونَ الله قطُّ [20]، ولا يأكلونَ ولا يَشربونَ ولا يمرضونَ ولا يتناكحونَ، ويجوزُ عليهمُ الموتُ.
ونُؤمِنُ بالتَّوراةِ والإنجيلِ والزَّبورِ والقُرءانِ بأنَّها كلامُ اللهِ [21] أنزلَها على رُسلهِ.
وما أخبرَنا اللهُ مِن أمر القيامةِ [22] والجنَّةِ [23] والنارِ [24] ونحوِ ذلكَ نؤمنُ بهِ، والحمدُ لله ربِّ العالمينَ.
ثُمَّ قالَ رضيَ الله عنه ونفعَ به المسلمينَ أجمعين:
فإذا قالَ لكَ قائلٌ: ما أمورُ دينكَ؟
فقُلْ: الدينُ الجَزاءُ والطاعةُ، وديني الإسلامُ ومعناهُ: الإذعانُ والانقيادُ [المخصوصُ].
وأمورُهُ ما أمرنا الله ورسولهُ به كالوضوءِ والغُسْلِ والتَّيَمُّمِ والصلاةِ والزَّكاةِ والصَّومِ والحجِّ والجِهادِ، والصِّدقُ في الأقوالِ، والإخلاصِ في الأعمالِ.
ونهانا عنهُ كالكفرِ والشَّكِّ –أي فيما ثبت شرعًا- والحِقدِ والحسدِ والغيبةِ والنَّميمةِ والخيانةِ والظُّلمِ الفسادِ، ومُجمَلهُ امتثالُ الأمرِ واجتنابُ النهيِ. ويجمَعُهُ قوله تعالى: {وما ءاتاكُمُ الرسولُ فَخُذوهُ وما نهاكُمْ عنهُ فانتهوا} [سورة الحشر].
والاسْتِنجاءُ تنظيفُ المحلّ حتى تذهبَ النُّعومةُ وتظهرَ الخشونةُ، وعُفِيَ قدرُ الدرهمِ [25].
وفرائضُ الوضوءِ أربعةٌ [26]: غسلُ الوجهِ وهُوَ مِن قِصاصِ الشعرِ [أي: منابتهِ فوقَ الجبهةِ] إلى أسفلِ الذقنِ وإلى شَحْمَتيْ الأذنِ، وغسلُ اليدينِ معَ المِرفقَينِ، ومسحُ ربعِ الرأسِ، وغسلُ الرجلينِ معَ الكعبين.
وسُننهُ ثلاثةُ عشرَ [27]: غسلُ اليدين ثلاثًا إلى الرُّسغينِ ابتداءً، والنِّيَّةُ، والتَّسميةُ، والسّواكُ، والمضمضةُ، والاستنشاقُ، وتثليثُ الغسل، ومسحُ كلّ الرأسِ مرةً، والأذنينِ، وتخليلُ اللحيةِ والأصابعِ، والتّرتيبُ المنصوصُ، والوِلاءُ.
وينقضهُ عشرةُ أشياءَ: خروجُ نجسٍ أو ريحٍ، وقيءٌ مِلءُ الفم، ونومٌ مضطجعٌ ومُتورِّكٌ، وإغماءٌ، وجنونٌ، وسُكرٌ، وقهقهةُ مصلّ، ومُباشرةٌ فاحشةٌ [أي: لمسُ بشرةِ الرجلِ بشرةَ المرأةِ بشهوةٍ].
وفرائضُ الغُسل ثلاثة: المضمضمةُ، والاستنشاقُ، وتعميمُ سائرِ البدنِ.
وسُننهُ خمسةٌ [28]: أن يَغسِلَ يديهِ إلى الرُّسغَيْنِ، وفرْجَهُ، ونجاسةً لو كانت على بدنهِ، ثمَّ يتوضَّأُ، ثمَّ يُفيضُ الماءَ على بدنِهِ ثلاثًا.
ويُفترضُ عندَ خروجِ منيّ بشهوةٍ ولو بالنومِ، وعندَ غيابِ حشفةٍ في قبلٍ أو دبُرٍ عليهما [29]، وانقطاع حيضٍ ونفاسٍ.
ويُسنُّ [30] للجُمعةِ، والعيدَينِ، والإحرامِ، وعرفةَ.
وفرائضُ التَّيَمُّمِ ثلاثةٌ: النيَّةُ، والضَّربَتانِ على طاهرٍ مِن جنسِ الأرضِ [31]، ضربةٌ يمسحُ بها وجههُ، وضربةٌ يمسحُ بها يديهِ معْ مِرفقَيْهِ، والاستيعابُ فيهما شرْطٌ.
وسنَنُهُ ثمانيةٌ: الضَّربُ بباطِنِ كفَّيْهِ، وإقبالُهُما، وإدبارُهُما، ونَفْضُهُما، وتفريجُ أصابعِهِ، والتَّسميةُ، والترتيبُ، والوِلاءُ.
وفرائضُ الصلاةِ سبعةٌ: التحريمةُ [ويُشترطُ لِصِحَّتِها الإتيانُ بها قائِمًا، وأن تُوجدَ مُقارنةً للنيةِ بلا فاصلٍ، والنُّطقُ بحيثُ يُسمعُ نفسهُ، وكونُها بلفظِ العربيةِ، ونيةُ المتابعةِ مع نيةِ أصلِ الصلاةِ للمُقتدي، وأن لا يمُدَّ هَمْزًا فيها ولا باءَ أكبرَ [32]، ولا يحذفَ الهاء [33] من [لفظ] الجلالة ، وأن لا يمد الألف الثانية، وأن يكون جُملةً تامَّةً بذكر خالصٍ لا يُشبهُ كلامَ الناس، فلا يصحُّ شُروعهُ لو قال: اللهُ أكبرُ العالمُ بالمعدومِ والموجودِ، كما لا يصح بالبسملة].
والقيامُ لقادرٍ عليه، والقراءةُ، والركوعُ، والسجودُ، والقعودُ الاخيرُ، والترتيبُ كتقديمِ الركوع على السجودِ، وقيل: الخروجُ بصيغةٍ [34] فرضٌ أيضًا.
وشروطُ الصلاة ستة: طهارةُ البدنِ، والثوبِ، والمكانِ، وستر العورةِ، والنيةُ، واستقبالُ القبلة.
وواجباتها خمسةَ عشر: لفظُ التكبيرِ للتحريمةِ، وقراءةُ الفاتحةِ، وضمُّ سورةٍ قصيرةٍ أو ما قامَ مقامها في الركعتينِ الأوليينِ مِنَ الفرض وفي كل ركعاتِ النفلِ والوتر، والجَهرُ في محله، والإسرارُ في محله، وإنصاتُ المُقتدي، ومُتابعةُ إمامِهِ، والقعودُ الأوَّلُ، والتَّشهدانِ، والاطمئنانُ في الركوع والسجود، وقنوتُ الوتر، ولفظ السلام، وتكبيرات العيدين، وسجودُ السهو إن وقع.
وسننها [35]: رفعُ اليدين للتحريمة، ووضعُ اليمينِ على اليسارِ تحتَ سُرةِ الرجل، والتعوذُ، والتسميةُ، والتأمينُ سِرًّا، وتكبيرُ الركوعِ والسجودِ، والتسبيحُ فيهما ثلاثًا، ووضعُ يديهِ على الأرضِ بعد رُكبتيهِ، والقيامُ بعدَ الرفعِ من الركوع، والجلسةُ بين السجدتين، وافتراشُ رجله اليُسرى ونصب اليُمنى، والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، والدعاءُ.
ومُفسداتها ثلاثون: التكلمُ بحرفين أو بحرف مفهمٍ، والدُّعاءُ بما يُشبهُ كلامنا، والتنحنحُ بلا عذرٍ، والأنينُ، والتأفيفُ [36]، والبُكاءُ بصوتٍ إلا لمريضٍ لا يملكُ نفسهُ، وكلُّ ما قُصِدَ به الجوابَ نحو: سبحان الله، أو سمعَ اسمَ اللهِ فقال: جلَّ جلاله، أو النبي فصلى عليه، أو الشيطانَ فلعنه، أو امتثل أمر غيره كأن قيل له: تقدَّم، فتقدَّمَ، وفتحُهُ على غير إمامه، وأكلُهُ وشربهُ ولو ناسيًا، وانتقالهُ من صلاةٍ إلى غيرها، وقراءتُهُ من مصحفٍ، وصلاتهُ على مُضرَّبٍ [37] نجس البِطانة، وتحويل صدره عن القبلةِ، وضربهُ ولو تأديبًا، وردُّهُ السلامَ باللسانِ أو بالمصافحة، ومصُّهُ ثدي امرأةٍ [38] أو مَسُّها بشهوةٍ أو قبَّلها، وكل عملٍ كثيرٍ، وما يوجبُ الوضوءَ والغسلَ، ومدُّ همزةٍ في التكبير، والقراءةُ بالنَّغماتِ إن غيَّر المعنى، وتركُ التشديد {الرّحمنِ الرّحيم} أو {إيَّاكَ}، أو بدّل كلمةً وغيَّر المعنى، ومُسابقة المؤتم إمامهُ برُكن لم يُشاركهُ فيهِ، وأداءُ رُكنٍ أو تمكينهُ معَ كشفِ عورة [39]، ومُحاذاةُ مُشتهاةٍ بلا حائل.
وأما الزكاةُ فتُفرضُ على من ملكَ مائتي درهم أو عشرينَ دينارًا وحالَ عليها الحولُ، على كل قرشٍ مصريةٍ [40].
وفرضُها: النيةُ، وتُدفعُ إلى فقيرٍ غير عائدٍ منفعتهُ على المُزَكي [41].
وأما الصَّومُ فهُوَ الإمساكُ عنِ المُفطراتِ مِنَ الفجرِ الصادقِ إلى الغروبِ معَ النيةِ.
وأما الحجُّ فيُفترضُ على من ملكَ الزادَ والراحلةَ [42]، وفروضهُ: الإحرامُ، والوقوفُ بعرفة، وطوافُ الزيارةِ.
ويجبُ معرفةُ الحلالِ والحرامِ في البيعِ والشراء [43] ونحو ذلك مما لا بُدَّ للمُكلف منه. وقد قال صلى الله عليه وسلم: “الحلال بيّنٌ والحرامُ بيّنٌ، وبينهما أمورٌ مُشتبهاتٌ لا يَعلمهنَّ كثيرٌ مِنَ الناس، فمَنِ اتَّقى الشُّبُهاتِ فقدِ استبرأ لدينهِ وعِرضِهِ، ومَن وقعَ في الشبهاتِ وقعَ في الحرامِ” [44].
عافانا الله وإياكم، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى ءاله وأصحابه إلى يوم يُبعثون، كلما ذكره الذاكرون وغفل عن ذكره الغافلون.
تمَّتْ
الهوامش:
____________________________
[1] رواه البخاري في صحيحه: كتاب التوحيد: باب ما جاء في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم أمته إلى توحيد الله تبارك وتعالى.
[2] قال تعالى: {أفي اللهِ شكٌّ} [سورة ابراهيم].
[3] قال تعالى: {هُوَ الأول} [سورة الحديد].
[4] قال تعالى: {ويبقى وجهُ ربكَ ذو الجلالِ والإكرامِ} [سورة الرحمن].
[5] أي أن الله تعالى لا يشبه المخلوقات بوجه من الوجوه، ليس بجوهر ولا عرض، وليس حالاً في مكان أو في جميع الأمكنة قال تعالى: {ليس كمثله شيءٌ} [سورة الشورى]، ونقل الحافظ البيهقي في الأسماء والصفات [2/21] عن الحافظ أبي سليمان الخطابي أنه قال: “إن الذي يجب علينا وعلى كل مسلم أن يعلمه أن ربنا ليس بذي صورة ولا هيئة فإن الصورة تقتضي الكيفية وهي عن الله وعن صفاته منفية”.
[6] قيامه بنفسه هو استغناؤه عن كل ما سواه فلا يحتاج إلى مخصص له بالوجود لأن الاحتياج إلى الغير ينافي قدمه.
[7] قال تعالى: {وهوَ الواحدُ القهار} [سورة الرعد].
[8] قال تعالى: {وهو على كل شيءٍ قدير} [سورة المائدة].
[9] قال تعالى: {وما تشاءون إلا أن يشاءَ الله رب العالمين} [سورة التكوير].
[10] قال تعالى: {وهو بكل شيء عليم} [سورة البقرة].
[11] قال تعالى: {الله لا إله إلا هو الحي القيوم} [سورة البقرة]، فهو تعالى حي لا كالأحياء إذ ذاته أزلية أبدية ليست بدم وروح وعظم وجسد.
[12] قال تعالى: {وهوَ السميعُ البصير} [سورة الشورى] وهو تعالى يسمع الأصوات بسمع أزلي أبدي لا كسمعنا ليس بأذن وصماخ، ويرى برؤية أزلية أبدية المرئيات جميعها.
[13] قال تعالى: {وكلَّم الله موسى تكليمًا} [سورة النساء]، ومعنى الكلام أن له صفة هو بها متكلم لا يشبه كلامه كلام الخلق، ليس بحرف وصوت.
[14] قال الإمام أبو حنيفة في “الفقه الأكبر”: “والله تعال واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لا شريك له” ا.هـ.
[15] وهي صفة أزلية واجبة لله، والمكون حادث.
[16] وذلك كخلق شيء وتركه.
[17] التبليغ واجب للنبي غير الرسول وللرسول، وقد غلط بعضهم فقال: النبي غير مأمور بالتبليغ والرسول مأمور بالتبليغ وهذا غلط شنيع والصواب أن النبي والرسول كل منهما مأمور بالتبليغ.
[18] يستحيل على الأنبياء الأمراض المنفرة التي تنفر الناس عنهم وهذا من العصمة الواجبة لهم. وما يروى من أن سيدنا أيوب ابتلي في جسمه بأمراض منفرة لا أساس له من الصحة، ومن هذه الأخبار الكاذبة أن أيوب عليه السلام صار يخرج الدود من بدنه ونسبته لنبي من الأنبياء كفر. ويقول لها: كلي من رزقك يا مباركة، فهذا وما أشبهه ما لا يليق بالأنبياء عليهم السلام.
[19] قال تعالى: {وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا أشهدوا خلقهم ستكتب شهاداتهم ويُسئلون} [سورة الزخرف].
[20] قال تعالى: {لا يعصونَ اللهَ ما أمرهُم ويفعلونَ ما يُؤمرونَ} [سورة التحريم].
[21] كلام الله الذي هو صفة ذاته أزلي لا ابتداء له وما كان كذلك فلا يكون حرفًا وصوتًا ولغةً ولا يُبتدأ ولا يُختتم، وألفاظ القرءان وألفاظ التوراة وألفاظ الإنجيل وألفاظ الزبور المنزلة مخلوقة لله لكنها ليست من تصنيف ملك ولا بشر فهمي عبارات عن الكلام الذاتي الذي لا يوصف بأنه عربي ولا بأنه عبراني ولا بأنه سرياني، وهذا اللفظ المنزل الذي هو عبارة عن كلام الله يقال له كلام الله على معنى أنه ليس من تصنيف بشر ولا تأليف ملك.
[22] قال تعالى: {ثمَّ يُنَبِّئُهُم بما عملوا يومَ القيامةِ} [سورة المجادلة].
[23] قال تعالى: {واللهُ يدعواْ إلى الجنَّةِ والمغفرة بإذنهِ} [سورة البقرة].
[24] قال تعالى: {ولقد ذرأنا لجهنمَ كثيرًا مِنَ الجنِّ والإنسِ} [سورة الأعراف].
[25] هذا على مقتضى مذهب المؤلف الحنفي.
[26] على المذهب الحنفي.
[27] هذا ليس على سبيل الحصر فهناك سنن لم يذكرها كتقليل الماء وغير ذلك.
[28] هذا ليس على سبيل الحصر فهناك سنن أخرى أخرى لم يذكرها كتقليل الماء والنية وغير ذلك.
[29] أي: يفترض الغسل على الفاعل والمفعول به.
[30] وتوجد أغسال مسنونة كثيرة لم يذكرها كغسل الجمعة والغسل من غسل الميت وغير ذلك.
[31] كالحجر والرمل.
[32] قال العلامة السكوني التونسي في “لحن العامة والخاصة” [ص/20]: “وذلك لا يجوز لأنه جمع كبَرَ وهو الطبل”.
[33] كقول بعض جهلة العوام اللا بلا هاء وهذا لا يجوز.
[34] وهي: “السلام عليكم”.
[35] هذا ليس على سبيل الحصر فقد ترك سننًا لم يذكرها ومن ذلك الخشوع.
[36] أي: قول: أف.
[37] أي على قماش له بطانة نجسة.
[38] إذا مص ثدي زوجته ثلاثًا أو مرة ونزل لبنها أو مسها بشهوة أو قبلها بدونها فسدت صلاته كما في [الدر المختار للحصكفي 1/628 مع شرحه رد المختار لابن عابدين].
[39] أي تمكنه من أداء ركن، فتبطل الصلاة بمرور زمن يسع ركنًا حالة كونه كاشفًا للعورة.
[40] أي على كل مال بلغ النصاب وحال عليه الحول –أي: مرت عليه سنة- واحد من أربعين، أي:2.50% والمصرية تساوي واحدًا من أربعين من القرش.
[41] أو لأحد من بقية الأصناف الثمانية التي وردت في القرءان الكريم بقوله تعالى: {إنَّما الصَّدَقاتُ للفقراءِ والمساكينِ والعاملينَ عليها والمُؤَلَّفةُ قلوبهم وفي الرِّقابِ والغارمينَ وفي سبيل الله وابنِ السبيلِ} [سورة التوبة].
[42] مرة في العمر.
[43] أي في حق من يريد تعاطيه.
[44] أخرجه البخاري في صحيحه: كتاب الإيمان: باب فضل من استبرأ لدينه [52]، ومسلم في صحيحه: كتاب المساقاة: باب أخذ الحلال وترك الشبهات [1499].