مسئلة مهمة في الاجتهاد
الاجتهاد ليس في كل موضع عذرا يمنع التكفير بل شرطه أن لا يكون في القطعيات فالاجتهاد في القطعيات اذا أدّى بصاحبه الى الكفر لا يعذر أي لا يقال اجتهد فأخطأ فلا يكفر, لأن كثيرين من المنتسبين الى الاسلام اجتهدوا في القطعيات فدخلوا في الكفر فلا يعذرون بل يكفرون ويجري عليهم أحكام المرتد كالفلاسفة المنتسبين الى الاسلام وهم خارجون من الاسلام كأبي علي بن سينا والفارابيّ وابن رشد الحفيد وابن تيمية الحراني, هؤلاء مالوا الى القول بقدم العالم فلا يعذرون(جعلوا العالم شريك لله بالازليّة) بل يجري عليهم أحكام المرتد , ومعنى تسميتهم اسلاميين ادعاء الاسلام منهم لأنهم لم يعلنوا عن أنفسهم أنهم ينتمون الى دين غير الاسلام , وقد أوقعهم في الكفر اجتهادهم الفاسد.
وقد كفرهم أبو حامد الغزالي في ثلاثة أشياء لقولهم بأزلية العالم ولانكارهم حشر الأجساد يوم القيامة ولقولهم الله لا يعلم الجزئيات الا الكليات فمن خالف أصلا من أصول الدين فهو كافر ولو كان يصلي ويصوم ويقول الشهادتين بلسانه.
وقال الفقيه المشهور عند المالكية حبيبُ ابنُ الرَّبيع :
(( ادّعاءُ التأويل في لفظٍ صُراح ٍ لا يُقْبَلُ )).
ومن هنا يعلم انه ليس كل متأوّل يمنع عنه تأويله التكفير .لأنَّ التأوّل مع قيام الدليل القاطع لا يمنع التكفير عن صاحبه و إلا للزم ترك تكفير اليهود لأنهم على حسب زعمهم اجتهدوا , والبوذيّون أيضا اجتهدوا على حسب زعمهم فرأوا أن ما هم عليه حق فدانوا به فالذي يعتقد أن كلَّ متأول يُعذر مهما كان تأوّله فقد كذب الشريعة.