مما يُروى في قصة دَفن السيدة نفيسة في القاهرة
فاجتَمَعوا وقَصدوا أميرَ مِصر ليُقنِعَ زَوجَها بأن يَدفِنَها عندَهُم في القَاهرة، وخَاصّة أنها حَفَرت قَبرَها بيَدِها في دَارها وختَمَت فيه القرءانَ الكريم ستّةَ ءالافِ خَتْمَة مبارَكة، ولكنّ زَوجَها أَصَرَّ على نَقلِها إلى المدينة المنوّرة على سَاكنِها أفضلُ الصّلاة والسّلام.
فجَمعُوا له مالا جَزيلا وسألوه إبقاءَها عندَهم فأَبى، فبَاتُوا ليلَتَهُم في ألم عظِيم وهمّ جَسِيم، وقَد ترَكوا المالَ عندَه، فلمّا أطَلَّ الصّباح جاءوا إليه فوجَدُوا منه ما لم يرَوهُ مِن قَبل، فإنّهُ وافَقَ على طلَبِهم وردَّ علَيهِم مَالهم، فلمّا سألوهُ كيف ذلكَ قَال: رأَيتُ رسولَ الله صلى الله عليه وسلّم في المنام ليلةَ أمس، وقال لي: “يا إسحاق، رُدَّ على الناسِ أَموالهم وادفِنْها عندَهُم” ففرِح القَوم وأخَذُوا يُكبّرونَ، وكان يوم دفنها يومًا مَشهودًا ازدحَم فيه الناس ازدِحامًا شَديدًا، وبُني على قَبرها الشريف مقَامٌ كبير يميّزُ به قبرُها .
وقبرُها يُزار وهو مشهور يقصدُه المسلمون مِن شتى الأقطار للتّبرك به فإنه أحَدُ المواضع المعروفة والمشهورةِ بإجابةِ الدّعاء بمصرَ بإذنِ الله تعالى.
وقَد قال أحدُهم يمدحُها رضي الله عنها:
يا صَاحِ إن رُمتَ الحياةَ العَامرَة
فاقْصِدْ حِمَى بِنتِ الكرام الطّاهِرة
ذاتِ الكَراماتِ المعظّمةِ التي … أسرارُها بينَ الخَلائق ظَاهِرة
كمْ جاءَها ذُو فاقَةٍ يَرجُو الغِنى …
جَبَرت بتَيسِيرِ المعَايِش خَاطِرَه