مولد المختار وإمام الأبرار
قال الله تعالى : { ما كان محمد أبا أحد من رجالكم ولكن رسول الله وخاتم النبيين وكان الله بكل شىء عليما } الأحزاب/40 .
إنها الذكرى التي ننتظر، ذكرى ولادة أفضل الخلق وحبيب الحق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فلقد سئل صلى الله عليه وسلم عن صوم الاثنين فقال: ” ذاك اليوم الذي ولدت فيه وأنزل عليَّ فيه”.
وأخرج أحمد في مسنده عن ابن عباس رضي الله عنهما:”ولد صلى الله عليه وسلم يوم الاثنين ونبىء يوم الاثنين وهاجر يوم الاثنين ودخل المدينة يوم الاثنين ومات يوم الاثنين”.
وأما نار فارس التي كانوا يعبدونها من دون الله والتي كانت توقد وتضرم ليلا ونهارًا فانطفأت.
وأما بحيرة ساوه التي كانت تسير فيها السفن فقد جف ماؤها.
ومن الآيات التي ظهرت لمولده صلى الله عليه وسلم أن إبليس حجب عن خبر السماء فصاح ورنّ (أي صاح) رنة عظيمة كما رنّ حين لعن وحين أخرج من الجنة وحين ولد النبيّ صلى الله عليه وسلم وحين نزلت الفاتحة .
ولد صلى الله عليه وسلم مكحولا مدهونًا مسرورًا مختونًا ، وحين ولد سارعت إلى طلعته المباركة ثلاثة من الملائكة مع أحدهم طَسْتٌ من الذهب ومع الثاني إبريق من الذهب ومع الثالث منديل من السندس الأخضر وغسّلوه بماء الرحيق)
قالت ءامنة بنت وهب فلما وضعت رسول الله صلى الله عليه وسلم خر ساجدًا لله تعالى ، فهو صلوات ربي وسلامه عليه أعرف الخلق بمقام العبودية والعبادة وأعرف العِباد والعُبَّاد .
بشائر لولادة رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم
لقد جاءت البشائر بهذا الرسول العظيم جمةً غزيرةً ومنذ آدم عليه السلام، وهو الذي توسل به حينما عصى ربّه فقـال وذلك قبل أن يُخلق محمد صلى الله عليه وسلم: “يا ربّ أسألك بحقِّ محمد إلا ما غفرت لي، فقال الله عزّ وجل (وهو الذي لا يخفى عن علمه شىء والذي كلامه ليس ككلام خلقه ) : يا آدم كيف عرفت محمدًا ولم أخلقه بعد ؟ قال: لأنك يا ربّ لما خلقتني بيدك (اي بعنايتك) ونفخت فيَّ من روحك (اي أمرت الملَك أن ينفخ فيّ الروح المشرفة الذي ليس جزءًا من الله) رفعت رأسي فرأيت على قوائم العرش مكتوباً: لا إله إلا الله محمدٌ رسول الله ، فعلمت أنك لم تضف الى اسمك إلا أحبَّ الخلق إليك” .قال الله تعالى : صدقت يا ءادم إنه لأحب الخلق إلي وإذ قد سألتني بحقه فقد غفرت لك. الحديث رواه الحاكم وصححه .
كم هو عظيم اسمك يا سيدي يا رسول الله وقد رفع الله ذكرك، سيدي يا رسول الله يا محمد.
وها هم الانبياء قد بشروا بظهور عهده وورود سعده ، فإبراهيم الخليل أبو الانبياء عليه السلام يدعو الله أن يمنَّ على أهل بيته الذين سكنوا مكة برسول يتلو عليهم آياته، فاستجاب الله دعاءه، قال الله تعالى إخباراً عن إبراهيم عليه السلام أنه قال: {رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءايَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ } سورة البقرة/129 .
وها هو نبي الله عيسى يبشرنا بالرسول أحمد ويدعو قومه إلى تصديقه حيث يقول الله تعالى إخبارًا عن عيسى ابن مريم : {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ} الآية . سورة الصف/6 .
وقد روى البيهقي في دلائله قصة غريبة فيها دلالة على أن سيدنا عيسى عليه السلام أوصى باتباع محمد إذا ظهر فقال: خرج من اليمن أربعة أشخاص قاصدين مكة فأدركهم الليل في البرية فنَزلوا في بعض الليل في أرض فناموا إلا شخصاً واحداً منهم يسمى الجعدَ بن قيس المرادي فسمع هاتفاً لا يرى شخصه يقول:
ألا أيها الركب المعرس بلغوا
إذا ما وصلتم للحطيم وزمزما
محمداً المبعوث مِنّا تحيةً
تشيّعُهُ من حيث ساروا ويَمَّمَا
وقولوا له إنا لدينك شيعةً
بذلك أوصانا المسيحُ ابنُ مرْيَمَا
معنى المعرّس : النازل في الليل .
ومعنى الشيعة : الأنصار .
فالهاتف كان جنياً آمن بعيسى عليه السلام وسمع منه وصيته بالإيمان بمحمد وأتباعه إذا ظهر .
سيدي يا رسول الله ، يا محمد يا صاحب البشارات .
تُرى كيف كان حال آمنة يوم جاءها المبشِّر أن “أبشري يا آمنة قد حملت بسيد الناس فإذا وضعتيه فسميه محمّداً” .
يا له من شعور عظيم قد انتاب أُمًّا هي قد حملت بخير المخلوقات محمد.
سيدي يا رسول الله ، يا عظيم الجاه يا محمد.
ثم دعاهم بحيرى كبيرهم وصغيرهم ، حُرَّهُمْ وعبدَهم ، فقال له رجل: “إن لك شأناً اليوم ما كنت تصنع هذا بنا” ، فقال : صدقت .
فاجتمعوا إليه ، وتخلف رسول الله بين القوم لحداثة سنه . فلمّا لم يره بحيرى قال: “يا معشر قريش لا يتخلفن أحد منكم عن طعامي” فقالوا “ما تخلف إلا غلام وهو أحدث القوم سنًا ، فقال لا تفعلوا ادعوه ، فدعوه وأجلسه مع القوم فجعل يلحظه لحظاً شديداً ، حتى إذا فرغ القوم من الطعام وتفرقوا قام اليه بحيرى وقال: بالله إلا ما أخبرتني عما أسألك عنه . فقال له: سلني عما بدا لك ، فجعل يسأله عن نومه وهيئته وأموره . فجعل رسول الله يخبره ، فيوافق ما عند بحيرى من صفته ، ثم نظر الى ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضعه من صفته التي عنده وكان مثل أثر المِحْجَمِ (والمحجم أي قارورة الحجامة وهي التي يُعمل بها الحجامة). فلما فرغ قال لعمه أبي طالب: ما هذا الغلام منك؟ قال: ابني ، قال بحيرى : ما هو ابنك وما ينبغى لهذا الغلام أن يكون أبوه حياً ، فقال: إنه ابنُ اخي ، قال: فما فعل أبوه ، قال: مات وأمه حبلى به , قال: صدقت، فارجع بابن أخيك الى بلده واحذر عليه يهودًا ، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما عرفت لَيَبْغُنّه شرًا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم.
التحذيرُ من عبارات يقولها بعض من يدّعي مدح رسول الله:
قال الله تعالى في محكم كتابه: {قل إنما أنا بشر مثلكم} الكهف/110 .
فلا يجوز تكذيب القرءان بدعوى مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم، لذلك من قال أو اعتقد أنّ جسد محمّد صلّى الله عليه وسلم خلق من نور فهو خارج عن الدين والعياذ بالله تعالى لتكذيبه هذه الآية القرءانية العظيمة: {قل إنما أنا بشر مثلكم} .