نصيحة رجل إلى زوجته
عليك بتقوى الله وحسن الخلق فهما أساس السعادة، واذكري قول الشافعي: (مَنْ حَسُنَ ظنُّه طابَ عيشُهُ). لا تتبعي عورات زوجك فيسلّط الله عليك من يتتبع عوراتك ويفضحك بين الناس، اتهمي رأيك وخالفيه وقدمي رأيه على رأيك ما لم يخالف شرع الله وظني به الخير ولا تظني به السوء، استري عورة زوجك ولا تفضحيه بين الناس تكبُري بنظرِهِ وإلا صرتِ ممقوتة في نظرِهِ.وتذكّري أن ستر العورات أجره كبير عند الله ،هذا إن تيقّنت فكيف إذا شككت ولم تتيقّني
لا تُكثري الصراخ في بيتِهِ وأمامَ أهلِهِ وجيرانهِ، وعالجي أمورك بالحكمة والصبر، فالصراخ يوتر أجواء البيت وينفر الزوج من زوجتِهِ.
اقنعي بالقليلِ مِنَ الرزق واحمدي اللهَ على ما أنتِ فيه مِنَ النِّعَم وانظري في أمرِ دُنياكِ إلى مَنْ هو دونَكِ لا إلى مَنْ هو فوقَكِ، إن تغيّرت أحوالُكِ مِنَ الغِنَى إلى الفقر تذكري أنَّ أكثرَ الأنبياءِ والأولياءِ فقراء وأنَّ الفقراءَ يدخلونَ الجنةَ قبلَ الأغنياءِ بخَمسِمِائَةِ عام.
عليكِ بِحُسنِ الخلُق فإنه يَعمُرُ الدّيار ويُبعِدُ الأشرار وكُفّي أذاكِ عَن زوجِكِ وأحسني إليه وتَحمّلي أذاهُ واصبري معه في الشدّةِ والضّيقِ تَعظُمينَ في نظرِهِ ويزيدُ حبُّهُ لكِ.
كوني عونًا له في أوقاتِ الشدّة ولا تكوني ثِقَلاً عليه، هوّني عليه الأحمال ولا تزيديها عليه، إياكِ أن تعتبري ما يخالفُ هواكِ مِمَّا يفعلُهُ زوجُكِ مِمّا هو جائزٌ في الشرعِ ولا عيبَ فيه مُعاداةً لك فتنكّدي عيشَهُ لأجلِهِ.
أبقي أمورَ بيتِكِ بينَكِ وبينَهُ ولا تنشريها فيصعُبُ عليكِ إصلاحَ الأمرِ بعدَ ذلك، اتهِمي رأيكِ ولا تُغَلّبي رأيكِ على رأيه وتذكّري قولَ الله: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاء﴾ أطيعيهِ في طاعة الله واعصيهِ في معصيةِ الله.
إياكِ أن تنكري إحسانَ زوجِكِ لِمجرَّدِ أنه أساءَ إليك مرّةً أو أكثر أو فيما تظنين أنه أساء وهو لَم يفعل فتُحرقي قلبَهُ وتصيري بذلك ملعونَةً مغضوبًا عليها تستحقينَ دخولَ النار.وتذكّري أن إنكار إحسان الزوج من أسباب دخول النار.
أولادُهُ وأولادُكِ اعتبريهم كالأمانةِ في عنُقِك فأدي حقَّ اللهِ فيهم وراقبيهم وأرشديهم وأبعديهم عمّا يُفسدُهم وعن صُحبَةِ الأشرارِ الفُسّاق وعوّديهم صُحبَةَ الأخيار الذينَ يُذَكّرونَهم بآخِرَتِهم لا بدنياهم، وعلّميهم أنَّ المرءَ يعلو شأنَهُ بتقوى اللهِ وكثرةِ الطاعاتِ لا كثرَةِ المالِ والجاه، وأنّ الدنيا دارُ مَمرٍّ كممَرّ المسافر لا دارَ قرار وأنَّ العُمرَ يَمضي بسرعة وأنَّ المرءَ لا يدري متى يفاجئهُ الموتُ فِي صِغَرٍ أم كِبَر وأنَّ ما ينفعُهُ في قبرِهِ العملُ الصّالح.
إياكِ أن تُدخلي دارَهُ مَنْ لا يُحبُّ دخولَهُ إليه، إياكِ أن تنامي وهو ساخِطٌ عليكِ إياكِ أن تَمنعيهِ مِنْ نفسِكِ مِنْ غيرِ عذرٍ شرعيّ. البسي مِنَ الثياب ما يعجِبُهُ ورتبِي الأغراضَ كما يُحِب وضعيها حَيثُ يُحِب، تزيني له دائمًا بما يُحِبُّ وتطيبِي له دائمًا بِما يحب فلا يشُمنَّ منكِ إلا طيبَ ريحٍ ولا تقعُ عيناهُ منكِ على قبيحٍ. التفتي إلى وقتِ طعامِهِ ومنامِهِ وأطعميهِ كما يحب ما يُحبّ ولا تحدّثيهِ عند طعامِهِ أو نومِهِ بِما يكره.وتذكّري قصة المرأة الصالحة التي مات ولدها وزوجها غائب عن البيت فلمّا رجعت أخفت ذلك عن زوجها وقدّمت له الطعام فأكل ثم عرضت نفسها عليه فقضى حاجته منها ثم أخبرته فشكاها إلى رسول الله فأثنى عليها ولم يذمّ فعلها .
احفظي له مالَهُ بِحُسنِ التدبيرِ والاقتصاد، لا تُظهري الفرحَ بينَ يديهِ إنْ كانَ مُغتَمًّا ولا تُظهِري الاغتمامَ بينَ يديهِ إن كان مسرورًا وتذكري قولَ أمٍّ لابنتها: (لن تنالِي منه ما تُريدين حتى تؤثري هواكِ على هواه ورضاهُ على رضَاكِ). ولا تكوني كثيرةَ الشكوى والأنين واصبري تزدادي جمالاً في نظرِهِ، وإن أحسنتِ إليه فلا تكونِي منّانة فينفِرُ قلبُهُ منك، ولا تكوني كثيرةَ الطلباتِ لِتُحَمّلِيهِ ما لا يتحمَّل.
وتذكري أنَّ زوجَكِ أعظمُ حقًّا عليكِ مِنْ والديكِ وأنه ينبغي لك أن تكوني أمامَهُ كأنكِ أمامَ مَلِكٍ مِنَ الملوك. إياكِ أن تَخرُجي مِنْ بيتِهِ بدونِ إذنِهِ فقد يأذنَ لك اليوم وغدًا لا يأذن، لا تُطيلي غيابَكِ عن البيتِ لغيرِ ضرورة فالمطلوبُ منكِ ملازمَةُ البيتِ ورعايتُهُ ورعايةُ أهلِهِ إياكِ أن تتركي فراغًا في بيتكِ بحثًا عن شهوةِ نفسِك اشتغلي بِما يعنيكِ واتركي ما لا يعنيكِ اتركي الظنونَ والشكوكَ التي في غير مَحلّها التي تَهدِمُ لك بيتَك. مَنْ كان ينفعكِ في دينكِ فصاحبيه ومن لا فابتعدي عنه خصوصًا من يشغلكِ بالغيبة وإثارَةِ القلاقل.
لا تكلمي زوجك كمَن يُحاكمُه لمجرَّدِ شكٍّ أو ظنٍّ في أمرٍ لا يُعجِبُكٍ فيؤدي ذلك إلى نفورِهِ منك، لا تبحثي في أغراضِهِ بدونِ إذنِهِ إرضاءً لشهوةِ نفسِكِ التي في غير مَحلّها الأمرُ الذي قد يهدمُ بيتَك وأنت لا تشعرين، إن أديتِ ما عليكِ والتزمتِ بِما قلتُ لك كانت ثقتُكِ بنفسِكِ كافية لردعِكِ عن مثل هذهِ الأمور والشكوكِ والظنون التي تُنغصُ عيشك وتَهدمُ بيتك وإلا فلا تلومي إلا نفسك. لقد هدمَت وخرَّبت الغَيرَةُ كثيرًا مِنَ البيوت ولو عَمِلَ الواحدُ مِنَّا بِحديثِ رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((مِنْ حُسنِ إسلامِ المرء تركُهُ ما لا يعنيه)) لارتحنا كثيرًا، لا تقولي نساءُ الرسولِ كُنَّ يغرنَ أنا أيضًا أغارُ، أين أنتِ مِنْ نساءِ رسولِ الله وأينَ زوجُكِ من رسولِ الله، وتذكّري جيدًا أن هذا ليس عذرًا لك للغَيرةِ التي تؤدي بك إلى مخالَفةِ الشرع فقدوتنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وميزاننا شرعُ اللهِ، واذكري قولَ سيدنا عليٍّ رضي الله عنه: (ليسَ الحقُّ يُعرَفُ بالرجال ولكنَّ الرجالَ يُعرفونَ بالحق)، استغلي محبَّة زوجَكِ لك في طاعةِ الله ولا تبعديهِ عنكِ بِما يكرَه.
إياكِ ثم إياكِ أن تطلبي الطلاقَ منه بدونِ عذرٍ شرعي فتقعي في كبائرِ الذنوب، ليس لك عذرٌ أن تطلبي الطلاقَ لأنك تشعرينَ بالنفورِ منه أو لأنه تزوجَ غيركِ أو لأنكِ تغارينَ أو لأنه لا يكثرُ من قضاءِ حاجَتِكِ أو لأنه كثيرُ النومِ كثيرُ الأكلِ قليلُ الحركة.
انتبهي وزِنِي أمورَكِ بِميزانِ الشرع لا بِميزانِ الهوى إياكِ ثم إياكِ إن جلبَ لك طعامًا أو ثيابًا أو نَحوَ ذلك أن تتأففي لأنَّ الطعامَ ليسَ كما تريدين والثيابَ ليسَ كما تشتهين والسَّيارة ليس كما تُحبّين، إما أن تأكلي وتشكري أو تسكتي وتَحمدي اللهَ على كلّ حال، احمدي اللهَ على ما أنتِ فيه مِنَ النّعم وتذكري قولَهُ عليهِ السلام: ((مَنْ لَم يشكرِ الناسَ لَم يشكر الله)) إياكِ أن تكسري قلبَهُ مع أنه أحسنَ إليكِ بِما جلبَ لكِ، قولي له باركَ الله فيك وجزاكَ عني كلَّ خير بدلَ أن تقولي ما هذا الطعام يوجد أجودُ منه، ما هذا اللّباس يوجدُ أحسَنُ منه ما هذه السيارة يوجدُ أحدثُ منها ما هذا المكان الذي جلبتني إليه للنزهة يوجدُ أحلى منه، فإنك إن فعلتِ ذلك كسرتِ قلبَهُ ونفَرَ منكِ وتذكري قولَ اللهِ: ﴿وَمَن يَتَّقِ اللهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا {2} وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ﴾
كونِي له خيرَ النساء وهي التي تسرُّهُ إذا نظرَ وتطيعُهُ إذا أمر ولا تخالفُهُ في نفسِها بِما يكره كونِي عونًا له لا عليه، واحفظي نفسَكِ في غَيبتِهِ وحافظي له على ماله. لا تكلمي زوجك بصيغة الآمِرِ وكلّميهِ بصيغَةِ المترجّي المنكسر فإنّ ذلكَ لا يُنقِصُ مِنْ قدرِك بل يرفَعُهُ، قولي له: لو جلبتَ لنا كذا وكذا لو أخذتنا إلى مكانِ كذا مِنْ غيرِ إلزامٍ له وتهديدٍ وتوعّد.
زوجتي لا تحملي نصائحي على أنها إنكارٌ لإحسانِكِ وفضلِكِ فالأمرُ ليس كذلك، زوجتي إن أردتِ الانتفاعَ بكلامي هذا كما ينبغي كرري قراءتَهُ دائمًا بإمعان وتفَكُّر وعلميهِ غَيركِ والله الموفق للصّواب وتذكري دائمًا أن تزني أمورَكِ بميزان الشرعِ فلا تطلبي ما ليس لك أن تطلبيهِ مِنَ الأشياءِ الثمينة ونحوِها وتعلّمي ما هي حقوقُ الزوجةِ وما هي حقوقُ الزوج. إن أحسنتِ لزوجك فأحسنِي له لله لا مراءاةً لا تطلبي بذلكَ مدحَهُ والثناءَ عليكِ ولا تطلبي مدحَ أمِّهِ وأهلِهِ ولا تطلبي الخادمة لغيرِ ضرورة فتفوتي على نفسِكِ ثوابَ خدمَةِ الزوج وأهلِهِ وتذكري قولَ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم لفاطمةَ رضي الله عنها حينَ طلبت منه الخادمة وكان تعبُهم في العملِ أكثرَ مِنْ أيامنا هذه بكثير: ((ألا أدلّكما على ما هو خيرٌ لكما مِن خادم إذا أخذتما مضاجِعكُما فسبحا ثلاثًا وثلاثين واحمَدا ثلاثًا وثلاثين وكبّرا أربعًا وثلاثين فهو خيرٌ لكما من خادم)).فلعلّك بسرّ هذا الذكر ترزقين الهمّة والقوّة على الخدمة.
وتذكري قولَ اللهِ تعالى: ﴿إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لأَنفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا{7}﴾ ولا تسوّفي إذا طلبَكِ لحاجَتِهِ للجماعِ ونحوِهِ فتقولي له سوفَ ءاتيك ثم لا تأتين حتى تغلبَهُ عيناهُ وينام فتكوني ملعونَةً بتعمّدك لتركِهِ مع علمِكِ بحاجتِهِ.
إن عودتِ نفسَكِ وأهلَكِ القناعَةَ بالقليلِ مِنَ الرزق والاقتصادَ في المعيشة عشتِ سعيدة لأن الذي لا يعوّدُ نفسَهُ على ذلك إن دارت به الأيام وتقلَّبت به الأحوال مِنَ الغنى إلى الفقر يتنكَّدُ عيشُهُ ويكثُرُ هَمُّه وقد يَمُدُّ يدَهُ إلى الحرام ويترك الصَّدقة على إخوانِهِ خوفًا على نفسِِهِ مِنَ الفقر وقِلَّةِ التنعم. التنعمُ مكروهٌ لا خيرَ فيهِ وتركُهُ شيمةُ الأنبياءِ والصالحين فهم أزهدُ الناسِ فقيرُهم وغنيّهم وأموالُهم يصرفونَها في طاعةِ الله لا في شهواتِ أنفسِهم. عودي نفسَكِ أن تَرَيْ ما تقدّمينَهُ لزوجِكِ قليلاً بالنسبةِ لِما يقدّمُهُ لكِ فهوَ أعظمُ الناسِ حقًّا عليكِ.
إياكِ أن تصرُخي على أولادِكِ وتشتِميهِم بغيرِ حقٍّ أو أن تَضرِبيهم بغيرِ حقٍّ وإياكِ أن تفعلي ذلكِ معَ خادِمَتِكِ المسلمة فلعلها خيرٌ منكِ عندَ الله وإن فعلتِ فتوبي واندمي ولا تستحي مِنْ طلَبِ السَّماحِ منهم.
ويا زوجتي كما أمرتُكِ بتركِ المحرَّمات أقولُ لكِ اتركي المكروهات، اتركي الأرجيلة والسجائر واتركي كلَّ ما له رائحَةٌ كريهة تزعِجُ الزوج وتضيّعُ المالَ في غيرِ مَحلّهِ، لا تقولي كما يقولُ بعضُ الجهال نفّخ عليها تنجلي، لأنها بذلكَ لا تنجلي بل تزيدُ الغمَّ والهم فهي صرفُ مالٍ في غيرِ مَحلّهِ وأمراضٌ لكثيرٍ من الناس، إنما تنجلي القلوبُ بذكرِ الله والعمَلِ بطاعته.
يا زوجتي لا تغرقي نفسَكِ بالديون لأجلِ ما تعوّدتيهِ مِنَ التنعم وكونِي كما يقولون فِي المثَل: (على قد بساطك مُدّ رجليك)، وإن كان ولابد تريدينَ التنعم فلا تفعليهِ أمامَ أولادِك لأنهم يقتدون بكِ فكوني لَهُم قدوةً في الخير لا في غير ذلك. إن أهنت زوجك أمامهم فأهانوكِ بعد ذلك ولم يحترموك فتذكري أن هذا من الأسبابِ المؤديةِ لذلك، وتذكري أنَّ من الأسباب التي تؤدي بهم إلى ذلك كثيراً كثرةُ مشاهدتِهم للتلفزيون والإنترنت لما فيهما من المفاسدِ الكثيرة والمخاطرِ المُهلكة.
عودي أولادَك قراءةَ شىءٍ من القرءان بدلَ التلفزيون ولا تكثري أنت مِنْ مشاهدة التلفزيون في الصباحِ والظهرِ والمساء فيتبعونَك في ذلك.
إياكِ أن تعاندي الحقَّ عند سَمَاعِ النصيحة لأنك غاضبة مِنْ زوجك لأنه نصحك أمام الناس فصَعُبَ على نفسك ذلك، لا تسفّهي رأيَ زوجِكِ وتُحقريه خصوصًا أمامَ الناس واختاري الوقتَ المناسب لتقديم النصيحةِ له ليكون قبولها سهلاً.
إياك أن تشوشي عليه في صلاتِهِ بالصُّراخ ونحوه فالتشويشُ عليه حرام حتى وإن كان نائمًا لا يجوز لكِ أن تشوشي عليه بذلك فانتبهي.
زوجتي أنصحُكِ عملاً بقولهِ عليه الصَّلاة والسلام: ((الدينُ النصيحة)) فاقبلي نصحي ولا تحزنِي وحاسبي نفسك قبل أن تحاسبي والله الموفّق للصّواب . ا.هـ.