Search or ask ابحث او اسأل
April 29, 2023

هل النبي احتفل بمولده؟ وهل الصحابة احتفلوا به؟

السؤال:
قرأت مقالكم عن المولد أنه بدعة حسنة وأن السيوطي والامام ابن حجر العسقلاني قالوا أن عمل المولد أمر حسن ويثاب فاعله، ولكن ماذا نقول للذي يقول هل النبي احتفل بمولده؟ أو هل الصحابة احتفلوا به؟. ثم ان بعض الناس يقولون أن النصارى احتفلوا بالمسيح عليه السلام فكيف نحتفل مثلهم؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد رسول الله وبعد،

اعلم أخي المسلم أن المولد وهو ما يحوي على قراءة القرءان وذكر الله ومدح الرسول واطعام الفقراء وغيرهم أمر حسن، وهذه الأشياء أمرنا الله بها. ولو تخصص هذا الفعل في يوم واحد أو في شهر لا بأس بذلك لأنه لم يرد في الشرع معارضة لذلك. بل النبي خصص لنا صوم يوم الاثنين وقال “ذاك يوم ولدت فيه”. وخصص صوم يوما عاشوراء لنجاة سيدنا موسى عليه السلام، والى الآن المسلمون ما زالوا يصومون بناءً على ذلك شكراً لله تعالى. وأول من أحدث عمل المولد ملك إربل وكان عالماً تقياً شجاعاً يقال له المظفر، وذلك في أوائل القرن السابع للهجرة. جمع لهذا كثيراً من العلماء فيهم من أهل الحديث فاستحسن ذلك العمل العلماء في مشارق الأرض ومغاربها .وثبت أن العلماء أقروا ذلك الاحتفال ومنهم ابن حجر العسقلاني والسيوطي وابن دحية وغيرهم.

حتى إن الحافظ ابن دحية قدم من المغرب فدخل الشام والعراق واجتاز بإربل سنة أربع وستمائة فوجد ملكها يعتني بالمولد فعمل له كتاب : (( التنوير في مولد البشير النذير )) . وتوالى الحفاظ على التأليف في قصة المولد فألف شيخ الحفاظ العراقي كتاباً في المولد سماه (( المورد الهني في مولد النبي )).

فالعلماء والفقهاء والمحدثون كالحافظ العسقلاني والحافظ السخاوي والحافظ السيوطي وغيرهم كثير، حتى علماء الأزهر كمفتي الديار المصرية الشيخ محمد بخيت المطيعي، حتى علماء لبنان كمفتي بيروت السابق الشيخ مصطفى نجا رحمه الله استحسنوا هذا الأمر واعتبروه من البدع الحسنة فلا وجه لإنكاره بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : ((من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيء)) رواه مسلم .

هذا وقد استخرج الحافظ العسقلاني لعمل المولد أصلاً من السنة النبوية المطهرة واستخرج الحافظ السيوطي أصلاً ثانياً . ولا يجوز أن يقال : كل شيء لم يفعله رسول الله صلى الله عليه وسلم سواء وافق شرعه أم خالفه فهو مردود ، لا ، بل لا بد من التفصيل لذا قال الإمام المجتهد مجدد القرن الثاني الهجري محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه : (( المحدثات من الأمور ضربان : احدهما ما أحدث مما يخالف كتاباً أو سنة أو أثراً أو اجماعاً فهذه البدعة الضلالة ، والثانية ما أحدث من الخير لا خلاف فيه لواحد من هذا وهذه محدثة غير مذمومة )) .

معناه : إن هناك أموراً أحدثت توافق الكتاب أوالسنة أو الأثر أو الإجماع فهي بدعة حسنة ، كما قال سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد أن جمع الناس على صلاة التراويح على إمام واحد : (( نعمت البدعة هذه )) . رواه البخاري .
حديث كل بدعة ضلالة
فإن قيل: أليس قال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود عن العرباض بن سارية: “وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة”.

فالجواب: أن هذا الحديث لفظه عام ومعناه مخصوص بدليل الأحاديث السابق ذكرها فيقال: إن مراد النبي صلى الله عليه وسلم ما أحدث على خلاف الكتاب أو السنة أو الإجماع أو الأثر.قال النووي في شرح صحيح مسلم ما نصه: “قوله صلى الله عليه وسلم: “وكل بدعة ضلالة” هذا عام مخصوص والمراد به غالب البدع”.ا.هـ. ثم قسم البدعة إلى خمسة أقسام: واجبة ومندوبة ومحرمة ومكروهة ومباحة. وقال: “فإذا عُرِف ما ذكرته عُلم أن الحديث من العام المخصوص، وكذا ما أشبهه من الأحاديث الواردة، ويؤيد ما قلناه قول عمر بن الخطاب رضي الله عنه في التراويح: “نعمت البدعة”، ولا يمنع من كون الحديث عاما مخصوصًا قوله: “كل بدعة” مؤكدًا بكل، بل يدخله التخصيص مع ذلك كقوله تعالى: {تدمر كل شىء} [سورة الأحقاف]” ا.هـ. ففي هذه الآية هل دمرت الريح كل شىء على الاطلاق؟ هل دمرت كل أهل الأرض والسماء وما فيها؟؟ بل هذا عام مخصوص. وكذلك حديث “كل بدعة ضلالة” لا يؤخذ على الاطلاق. فهو كحديث “كل عين زانية”، فهل عيون الأنبياء والأطفال والملائكة والأعمى كلها تقع تحت هذا الحديث؟ بالطبع لا، فتبين أن الحديث لا يؤخذ على الاطلاق بل كما قال النووي معناه “والمراد به أغلب البدع” لأن البدع منها حسن ومنها قبيح.

وهذا التقسيم ذكره الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام في ءاخر كتاب القواعد مع شىء من التفصيل، ونقله عنه الحافظ في الفتح وسلّمه.

وأما احتفال النصارى بالمسيح، كان عبادة له والعياذ بالله فكيف يتجرأ شخص على أن يشبه احتفال مئات الملايين من المسلمين بمولد النبي الأمين، بكفر النصارى الذين قالوا عن عيسى أنه ابن الله والعياذ بالله؟؟ نعوذ بالله من سوء الحال. وكذا يكفر من قال أن عيسى جزء من الله أو أن سيدنا محمد جزء من الله، وكذا يكفر من نسب لله الجسم والأعضاء والمكان والحيز والشكل والحد لأن الله منزه عن كل ذلك، الله موجود بلا مكان ولا جهة ولا حد.

ثم أين الاثم في قراءة القرءان، وذكر السيرة العطرة، واطعام الفقراء وغيرهم عرفان من المسلمين بفضل نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وشكرا لله على نعمه العظيمة كهذه؟

ثم ان قالوا هل النبي قال بعمل المولد؟ نقول وهل هو منع ذلك؟ بالطبع لا. بل قال عندما سئل عن صيام يوم الاثنين “ذاك يوم ولدت فيه”. والمسلمون اليوم يصومون كل السنة يوم الاثنين سنة شكراً لله على بعثة النبي محمد صلى الله عليه وسلم وهذا أمر حسن، والمولد فيه ذكر الله وتعليم الناس عن حياة النبي ومعجزاته وفضله وهذا أمر ممدوح بل واجب في الشرع.


من البدع الحسنة التي لم يفعلها الرسول:
ونقول لهم هل النبي أمر بصلاة التراويح جماعة؟ الفعل الذي استحدثه سيدنا عمر وقال عنه “نعمة البدعة هذه”؟
وهل النبي أمر بالاذان الثاني الذي استحدثه سيدنا عثمان؟؟
وهل النبي أمر بالمحاريب التي استحدثها المسلمون من بعده؟؟
وهل النبي أمر بما سنه خبيب ركعتين عند القتل؟؟
وهل النبي أمر بنقط المصحف والذي لم يفعله سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ولا الصحابة!! بل استحدثه رجل من التابعين واسمه يحيى بن يعمر!!
من البدع القبيحة والمذمومة
أما من البدع القبيحة والمذمومة فهي ككتابة “صلعم” بعد اسم النبي، وكذلك كتابة “حقوق الطبع محفوظة” والتي يدخلها الوهابية في كتب الشرع والمصاحف زورا وتعديا!! هل هذه فعلها الرسول صلى الله عليه وسلم؟؟ وهل احتفل المسلمون بيوم تأسيس الحركة الوهابية والذي احتفل به الوهابية كل عام؟؟ ومنها بدعة الخوارج والجهمية والقدرية، ومنها بدعة القول بحوادث لا أول لها، وهي مخالفة لصريح العقل والنقل. هذا كله مذموم. ومنها تحريف اسم الله كما يحصل من كثير من المنتسبين إلى الطرق، فإن بعضهم يبدءون بـ “الله” ثم إما أن يحذفوا الألف التي بين اللام والهاء فينطقون بها بلا مدّ، وإما أن يحذفوا الهاء نفسها فيقولون “اللاَّ”، ومنهم من يقول “ءاه” وهو لفظ موضوع للتوجع والشكاية بإجماع أهل اللغة، قال الخليل بن أحمد: لا يجوز حذف ألف المد من كلمة الله.

فتبين من هذا أن الاحتفال بالمولد النبوي بدعة حسنة فلا وجه لإنكاره، بل هو جدير بأن يسمى سنة حسنة لأنه من جملة ما شمله قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها بعده من غير أن ينقص من أجورهم شىء” وإن كان الحديث واردًا في سبب معين وهو أن جماعة أدقع بهم الفقر جاءوا إلى رسول الله وهم يلبسون النِّمار مجتبيها أي خارقي وسطها، فأمر الرسول بالصدقة فاجتمع لهم شىء كثير فسرّ رسول الله لذلك فقال: “من سنَّ في الإسلام …” الحديث. وذلك لأن العبرة بعموم اللَّفظ لا بخصوص السبب كما هو مقرر عند الأصوليين، ومن أنكر ذلك فهو مكابر.

ونقول لكل المعادين والمعاندين: جمهور الأمة تحتفل بمولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، ومن شذ شذ في النار. والنبي صلى الله عليه وسلم قال: “لا تجتمع أمتي على ضلالة” فكن مع الجماعة واحذر الفرقة.

والله من وراء القصد

Prev Post

Torture for Blasphemers in hellfire will NEVER be lessened

Next Post

قصة المولد النبوي الشريف – فلاش

post-bars