هل ورد عن الصحابة التبرك بشعرة النبي؟
السلام عليكم.
عندنا في طرابلس يخرجون شعرة النبي في كل عام في ربيع الأول للتبرك بها، هل ورد عن الصحابة التبرك بشعرة النبي؟ نريد أدلة من السنة على ذلك.
الجواب:
التبرك بآثار سيدنا محمّد صلى الله عليه و سلم من شعره أو ظفره أو ثوبه أمر حسن موافق لشريعة الله , فقد حلق رسول الله عليه الصلاة و السلام رأسه في حجة الوداع وقال للحلاق : (( اقسم الشعر )) فقسمه بين الناس .
وأخرج البخاري في صحيحه بإسناده إلى ابن سيرين قال: قلت لعبيدة عندنا من شعر النبي صلى الله عليه وسلم أصبناه من قِبل أنس أو من قِبل أهل أنس فقال: لأن تكون عندي شعرة منه أحب إليّ من الدنيا وما فيها. وأخرجه الإسماعيلي، وفي روايته: أحب إليّ من كل صفراء وبيضاء. روى مسلم عن أنس قال: “قد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم والحلاق يحلقه وأطاف به أصحابه فما يريدون أن تقع شعرة إلا في يد رجل”.
وذكر الحافظ ابن الجوزي الحنبلي عن عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنهما في ذكر تبركه واستشفائه بالقرءان وماء زمزم وشعر الرسول صلى الله عليه وسلم وقصعته، أنه قال: رأيت أبي يأخذ شعرة من شعر النبي صلى الله عليه وسلم فيضعها على فيه ويقبلها، وأحسب أني رأيته يضعها على عينيه، ويغمسها في الماء ثم يشربه يستشفي به، ورأيته قد أخذ قصعة النبي صلى الله عليه وسلم فغسلها في جُبّ الماء ثم شرب فيها، ورأيته غير مرة يشرب ماء زمزم يستشفي به ويمسح به يديه ووجهه…
روى ابن السكن من طريق صفوان بن هبيرة عن أبيه قال: قال ثابت البناني: قال لي أنس بن مالك: هذه شعرة من شعر رسول الله صلى الله عليه وسلم فضعها تحت لساني فوضعتها تحت لسانه فدفن وهي تحت لسانه، وذلك لاعتقاده أنه لا يصيبها شيء من القيح ولا من الدم لأنه (أي أنس بن مالك) لا يبلى ولا يتفسخ بإذن الله تعالى.
روى البيهقي بإسناد صحيح عن مالك الدار، وكان خازن عمر، قال: أصاب الناس قحطٌ في زمان عمر فجاء رجل إلى قبر النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله استسق لأمتك فقد هلكوا، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: إيت عمر فأقرئه السلام مني وأخبره بأنهم يُسقون، وقل له: عليك بالكيس الكيس. فأتي الرجل فأخبر عمر فقال: يا رب ما ءالوا إلا ما عجزت ا.هـ. وهذا الرجل هو بلال بن الحارث المزني الصحابي. فهذا الصحابي قد قصد قبر النبي صلى الله عليه وسلم للتبرك فلم يُنكر عليه عمر رضي الله عنه ولا غيره.
وفعل هذا الصحابي تبركٌ بقبر النبي صلى الله عليه وسلم وتوسلٌ به. ونقل الحافظ ابن حجر في فتح الباري مثله عن ابن أبي شيبة بإسناد صحيح من رواية أبي صالح السمّان عن مالك الدار، وقد روى سيف في الفتوح أن الذي رأى المنام هو بلال بن الحارث المزني أحد الصحابة.
وكذلك يجوز ويصح التبرك بالشبيكة المباركة المعروفة اليوم باسم المواجهة الشريفة، فإن قال مانعو التبرك: هذه الشبيكة لا رءاها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا لمسها؟!! فيقال: ولكنها جاورته، وبمجاروتها له صارت مباركة، كما أن جلد الخروف أو (الكرتون) إذا رأيناه في الدكان لا نُقبّله، لكن غذا صار غلافًأ للمصحف يصير مباركًا بمجاورته فنُقبّله، ولكن مَنْ لي بإفهام مَنْ حرمهم الله الفهم السليم والتبرك بسيد العالمين صلى الله عليه وسلم.
وفي كتاب سؤالات عبد الله بن أحمد بن حنبل لأحمد رضي الله عنه قال: سألت أبي عن مسّ الرجل رمانة المنبر يقصد التبرك وكذلك عن مس القبر فقال: لا بأس بذلك ا.هـ.
وفي كتاب العلل ومعرفة الرجال ما نصه: سألته عن الرجل يمس منبر النبي صلى الله عليه وسلم ويتبرك بمسه ويقبّله ويفعل بالقبر مثل ذلك أو نحو هذا يريد بذلك التقرب إلى الله جل وعز، وقال: لا بأس بذلك ا.هـ.
و التبرّك لغة هو طلب البركة أي الخير .. اللهم انفعنا ببركة سيدنا محمّد صلى الله عليه و سلم.