News:

فـائدة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : اذا مات أحدكم فلا تحبسوه و أسرعوا به الى قبره وليقرأ عند رأسه بفاتحة الكتاب وعند رجليه بخاتمة البقرة في قبره. رواه الطبراني

Main Menu

رؤية النبي في المنام

Started by alsunna, 02, 09

Previous topic - Next topic

alsunna

رؤية النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام،

لحمدُ لله ربّ العالمين، له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن، والصلاةُ والسلامُ الأتَمّان الأكملان على سيدنا محمّد وعلى ءاله و أصحابه الطيبين الطاهرين.



أمّا بعد،


فيا أيها الأحبة هذا الدرسُ نافع جدًا في رؤية النبي صلّى الله عليه وسلّم في المنام، فقد روى البخاري بالإسناد المتصل من حديث أبي قتادة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم :"مَن رءاني في المنام فقد رءاني حقًّا فان الشيطان لا يتزيَّ بي" وعنده أي عند البخاري من حديث أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: قال رسول الله  صلّى الله عليه وسلّم :"مَن رءاني في المنام فسيراني في اليقظة". وبيانا لهذا الموضوع يجبُ ان يُعلم ما يجوز على الرسول وما لا يجوز فان الانسان قد يرى الرسولَ في المنام ويظُنُ انه قالَ له كذا وكذا، والعمل بذلك يكون بما وافق قوله عليه الصلاة والسلام في اليقظة قبل موته من القواعد الشرعية التي تقررت في حياته، وما خالف ذلك لا يُعمل به ويُرَد سببُه إلى حال الرائي.



فالانبياء تجب لهم الأمانة وتستحيل عليهم الخيانة وهم معصومون عن السفاهة ويستحيل عليهم الكفر أو الكبيرة من الكبائر، أو الصغيرةُ من صغائر الخسة، ويجبُ لهم التبليغ فلا يتركون شيئًا أمرهم الله بتبليغه وذلك مهما لَقوا من العبادِ أذًى أو ضررًا، فالسفاهة هي ارتكاب قول لا يليق بأهل الرزانة والحكمة إلا للسفهاء، فالسفاهةُ مثلما يَرويه بعضُ الناس من الكذبِ على بعضِ الانبياء، يقولون كان مع أمِه يشربُ الخمر ثم طلبَ منها ان تُمِدَّه بالخمر بطريق المعجزة، فقالَ لها: اسكتي أيتها المرأة، فهذه سفاهة، مخاطبة الرجلِ لأمِّه بِـيا أيتها المرأة سفاهة، فإذًا هذا مستحيلٌ على نبيٍّ من الانبياء. وأمّا الخيانةُ فمِثالُها ان يخونَ أحدُهُم بالكيلِ فهذا مستحيلٌ على الانبياء، ولو كان النبيُّ من الانبياءِ تجوزُ عليه السفاهةُ أو الخيانةُ لكان ذلكَ نقصًا لله تعالى لانه يُحَسِّنُ لعِبادِه السفاهةَ والخيانة، وهذا نسبةُ القبيح إلى الله تعالى والله منزّه عن القبائح، فلذلك يجب تبرِئَةُ ساحةِ الانبياء من هذه النقائص.



أما الأمانة بمعنى السلامة من الكفرِ والكبائر فذلك متفقٌ عليه عند أهل الحق، فالنبيّ من الانبياء لا يجوز عليه ان يرتكبَ كبيرةً من الكبائرِ لا قبلَ النبوّة ولا بعدَها، فإذا قالَ قائلٌ: أليس جاءَ في حقِّ إبراهيمَ في القرءان انه قال لقومه لمّا رأى الكوكب هذا ربِّي، فلما أفلَ قال لا أحبُّ الآفلين، أليسَ هذا دليلاً على ان إبراهيمَ كان يعبدُ الكوكبَ قبل ذلك، أي قبل ان يُعلِّمَه الله ويُفهِّمَه؟، فالجواب ان معنى قولِ إبراهيم هذا ربِّي ليس إثباتًا لربوبيّة القمر عليه لا، انما معنى قولِ إبراهيم هذا ربِّي، انكم يا قوم تعبُدون الكوكب وتثبتون له الربوبية أي الألوهية وهو لا يصلُح لذلك، لكن بما ان هذه العقيدةَ متمكنة فيهم أراد ان يستدرجَهم إلى تفهيمِهم ان هذا الكوكب لا يصلحُ ان يكون ربًّا لانه شىءٌ يتغير، في أول الأمر قال لهم هذا ربِّي معناه على زعمِكم هذا ربِّي، كيف يصلُحُ ان يكونَ ربًّا لي، ثم لم يقُلْ لهُم في اللحظَةِ هذا يأفُلُ والشىءُ الذي يأفُلُ لا يصلُحُ ان يكونَ إلهًا بل سكتَ وانتظرَ حتى أفَلَ أي غاب، فلما غاب قال: لا أحبُّ الآفلين، معناه هذا الكوكب الذي تعبدونه وتعتقدون انه ربّكم شىءٌ يغيب وكل شىءٍ يطرأُ عليه التغيُّرُ لا يصلُحُ ان يكونَ إلهًا لكنّهم من شدةِ بلادتهم لم يفهموا مقصودَ إبراهيم الذي هو ان يُخرجَهم من عبادة الكوكب إلى عبادةِ ربّ الكوكب وخالقِه، إبراهيم عليه السلام كان فاهمًا عارفًا ان هذا الكوكب لا يصلُحُ ان يكونَ إلهًا لانه شىء يتغير ويتطور من حال إلى حال يحصل له حال غير الحال الذي كان عليه، وكل شىء يطرأ له حالٌ غير الحال الذي كان عليه فهو متغير وكل متغير يحتاجُ إلى مُغيِّر إذًا الله تبارك وتعالى لا يجوزُ عليه التطورُ والتغير لان المتطورَ يحتاج إلى من يغيرُه والمحتاجُ إلى غيرِهِ لا يصلُحُ ان يكونَ إلهًا، كذلك قولُ إبراهيم بالنسبة للشمس هذا ربي، معناه انكارٌ عليهم وتسفيهٌ لرأيهم الفاسد وإلا فان إبراهيم عليه السلام لم تمرَّ عليه فترةٌ أو لحظةٌ اعتقدَ فيها ان شيئًا غيرَ الله يستحقُ ان يُعبَد، بل كان من أوّل نشأتِه عارفًا، همُ الانبياء عليهم الصلاة والسلام يومَ ألستُ بربِّكم كانوا أعرَفُ بالله لمّا كانوا أرواحًا قبلَ خلقِ الأجساد الله تباركَ وتعالى أخرجَ الأرواحَ كلَّها من ظهرِ ءادم وجمعَهم في أرضٍ تُسمّى نَعمان في عرفات، هناك استنطقهم قال: ألستُ برَبِّكم، قالوا : بلى، حتّى الذي هو اليوم كافرٌ، والانبياء عليهم السلام لم يتغيروا عن ذلك الحال.

بعدَ ان نزّهنا الانبياء عن الكفرِ والكبائرِ وصغائرِ الخسةِ قبل النبوّة وبعدَها نعود لشرح الحديثين الذين هما متفِقان في المعنى، حيث ان رؤيةَ الرسول صلّى الله عليه وسلّم فيها بِشارةٌ كبيرة وهيَ انه لا بُدّ ان يراهُ في اليقظة وهو مؤمن حتّى لو كان حينَ رؤيتِه لرسولِ الله كافِرًا في المنام فانه لا بُدّ ان يؤمن، فمَن رءاهُ في المنام فليَحمدِ الله تعالى لان في ذلكَ ضمانا له بانه يموتُ على الإيمان، وفي هذا الحديث أيضًا بيان ان الشيطان لا يستطيعُ ان يتمثلَ بصورته  صلّى الله عليه وسلّم ، ومَن رءاه عليه الصلاة والسلام على صورتِه الأصلية أكمَلُ وأعظمُ في البشرى من الذي رءاهُ على غيرِ صورتِه، فصورتُه صلّى الله عليه وسلّم الخِلقية كما في كتب الحديث، انه كان رَبعةً لم يكن قصيرًا بل هو إلى الطول، وكان بعيدَ ما بينَ المنكِبين وكان أبيضًا مُشرَبًا بِحُمرة وكان مُشرقَ الوجه، قالَ واصفُهُ: كان أحسَنَ الناسِ وجهًا وأحسنَهم خُلُقًا وكان دقيقَ الحاجبين وكان أهدَبَ الأشفار أي كثيرَ شعرِ الجفون، وكان طويلَ الذراع مع اعتدال، وكان عليه الصلاةُ والسلام سواءَ البطن والصدر، أي لم يكن فيه بطنٌ كبيرٌ ناتىء عن صدره، ولم يكن نحيفَ اليد ولا نحيفَ القدمين وكان صلّى الله عليه وسلّم في صوتِهِ جَهيرًا لم يكن ضعيفَ الصوت، حتى قالَ أحدُ الصحابةِ وهو جُبَير بن مطعمٍ رضيَ الله عنه: سمعتُ رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يقرأُ والطّور فكاد قلبي يطير أي من حسنِ صوت صلّى الله عليه وسلّم وكان عليه السلام أشكَلَ العينين أي في بياضِ عينيه خُطوطٌ حمُر، يقولُ واصفُهُ أبو هريرةَ رضيَ الله عنه: ما رأيتُ قبلَهُ ولا بعدَهُ مثلَه، وكان أقنى الانف، أي لم يكن أعلاه منخفضًا بالنسبةِ للطرَف، بل كان مرتفعًا أعلاه كما ان طرفَهُ مرتفع، هو صلّى الله عليه وسلّم أجملُ الخلق فمَن رءاه في المنام على صورتِهِ الأصلية يكون رأى أجملَ من رأى وأجمل من يَرى وكان صلّى الله عليه وسلّم  واسعَ الجبين عظيمَ الجبهة من غير نتوءٍ ولا صَلَع، كان أجلى الجبهة وكان شعَرُه عليه الصلاة والسلام شديدَ السواد، ولم يظهر في شَعَرِه من الشّيب سوى عشرينَ شعرة، وكان من شانه صلّى الله عليه وسلّم ان تطيَّبَ وان لم يتطيّبْ طيِّبَ الرائحة حتّى انه كان صحابيٌّ أصابَه الشِرى واسمُه عُتبة بن غزوان فقال له الرسول صلّى الله عليه وسلّم : "تَجَرّدْ" فخلَع ثوبَه فوضَع الرسولُ يَدَه على ظهرِه فعبقَ بهِ الطيبُ إلى ءاخرِ حياتِه، حتى كان لهذا الصحابي أربعُ زوجات، كانت كلُ واحدةٍ تجتهدُ في ان تتطيبَ أكثر من الأخرى من ظهرِهِ من أثر كفّ النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا الشِرى ورَمٌ كالدِّرهم حكَّاكٌ مزعج. فمن رءاه عليه الصلاةُ والسلامُ على صورتِه هذه كان ذلك دليلاً على كمالِ حالِ الرائي في دينِه، أمّا رؤيتُهُ صلّى الله عليه وسلّم في اليقظة لِمن رءاه في المنام التي وعدَ بها الرسول، فقد قال بعضُ العلماء عنها انها اليقظةُ في الآخرة، وهذا التفسير لم يوافقْ عليه بعضُ العلماء، فقال رؤيتُه عليه الصلاة والسلام في الآخرة تحصُل لمن ماتَ على دينِه من أمّتِه ان كان رءاه في المنام وان لم يكن رءاه في المنام، لانه يومَ القيامةِ يكونُ الرسولُ صلّى الله عليه وسلّم عندَ حوضِه يذودُ مَن ليسَ من أمّتِه عن حوضِه لان أولئكَ يشربون من حوضِ نبيِّهم هناك، هناك يراه الذي رءاه في الدنيا في المنامِ والذي لَم يرَهُ في المنام، لا بُدّ ان يراهُ هناك، فإذًا ما مزيةُ الذي رءاه في المنامِ في الدنيا، فاختارَ بعضُ العلماء انها في هذه الدنيا قبلَ ان يُفارِقَ روحُهُ جسدَه، فان كان من أهل التُقى والكمال فانه يراه وهو صحيحٌ على غير فراش الموت، يراه في اليقظة، لانه صلّى الله عليه وسلّم ثبتَ ان الله أحياهُ بعدَ ما أماتَه، قالَ صلّى الله عليه وسلّم : "الانبياءُ أحياءٌ في قبورِهِم يُصَلُّون"، وقد وردَ بالإسناد المتّصل ان رجلاً في عصرِ السّلف بعد نحو مائة وخمسين سنة من وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم يُسمى الحسنَ بن حيّ، كان من المحدثين من العلماء و له أخوان مثلُه، هذا الحسن لما كان على فراش الموت، سمعه أخوه يقول: ] مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء [ قرأَ الآية ] وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ انعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا [ فقالَ له أخوه الذي بجانبِه : يا أخي تتلو تلاوةً أم ماذا؟، فقالَ : لا ، بل أرى رسولَ الله صلّى الله عليه وسلّم يضحكُ إليّ ويُبشرُني بالجنّة، وأرى الحورَ العين وأرى الملائكة، فبالنسبة لأولياء الله هذه الأشياء المستعصية على العادة ان شاء الله للوليّ يُريه، وقالَ العلماء : لا يُبنى حكمٌ شرعيٌ على رؤية منامية يراه الرجلُ لرسولِ الله صلّى الله عليه وسلّم كما لو رأى شخصٌ الرسول وقالَ انه قالَ له : رمضان بعد ثلاثة أيام فصوموا، فلا يجوزُ له ان يعتبرَ ذلكَ المنام حكمًا ويبني صيامَهُ على ذلك إلا بعد استكمال شعبان ثلاثين يومًا أو رؤيةِ الهلال، لان الرسولَ  صلّى الله عليه وسلّم لا يعطي حكمًا يناقضُ الحكمَ الذي أعطاه في اليقظة عندما كان على وجه الأرض، فيتّهم الرائي نفسَه بالقصور ويقول انا ما وعيتُ كلامَ رسولِ الله.


ولزيادةِ الفائدة نذكرُ لكم صيغةً في الصلاة على النبيّ صلّى الله عليه وسلّم   وردَ ذكرُها في الحديث، ولقد جُرِّبَت فحصَل لكثيرٍ مِمّن جرّبَها ان رأى النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الرؤية وهي تُقالُ كلَّ يوم مائة مرةٍ أو أكثر صباحًا أو مساءً وهيَ هذه الصيغة: " اللهمَّ صلِّ على مُحمَّدٍ النبيّ وأزواجِهِ أُمَّهاتِ المؤمنين وذُرِّيتِه وأهلِ بيتِه كما صلَّيتَ على ءالِ إبراهيم انك حميدٌ مجيد".


نسألُ الله  تباركَ وتعالى ان يرزقَنا وإياكم رؤيةَ حبيبِه محمّدٍ عليه الصلاة والسلام على صورتِه الأصلية ءامين، وءاخر دعوانا ان الحمد لله ربّ العالمين.