الحمد لله رب الكائنات، المنزّه عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر. والصلاة والسلام على خير الكائنات سيدنا محمد وعلى سائر اخوانه النبيين المؤيّدين بالمعجزات الباهرات فبعصا موسى انفلق البحر وبدعاء نوح نزل المطر ولمحمد شهد الشجر والحجر وانشق القمر.
اعلموا أن الله تعالى يقول في القرءان الكريم: {ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كلّ أولئك كان عنه مسئولا}.
إخوة الإيمان لقد خلق الله تبارك وتعالى لنا جوارح وأمرنا بأن نستعملها في طاعته، فالإنسان مسؤول يوم القيامة هل أدى ما فرض الله تبارك وتعالى عليه فيها أم أنه انساق وراء شهواته وغرق فيما حرم الله تعالى عليه فيها.
فالإنسان مأمور بأن يحفظ جوارحه، فالسمع نعمة عظيمة من نعم الله تعالى فلنستعملها فيما يرضي الله تبارك وتعالى، من نحو الاستماع إلى مجالس علم الدين التي يتعلم فيها المسلم الحلال والحرام، ويتعلم فيها ما يغضب الله تعالى حتى يجتنبه، وما يحبه الله تعالى حتى يقدم عليه ويكثر منه.
وقد ورد في الحديث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “لا يشبع مؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة”.
فلا تستمع إلا إلى ما يرضي الله تعالى، واحفظ سمعك عن الغيبة والنميمة والكذب وعن الكلام البذيء الذي يفسد الأخلاق، واحفظه عن كل كلام فيه معارضة للدين، فكم من أناس يتكلمون بالكلام الذي فيه استهزاء بشرع الله أو استخفاف بالله أو برسوله أو القرءان وقد يؤدي الأمر ببعض الناس الذي يستمعون إلى الكلام أن يستحسنوه والعياذ بالله من الكفر.
فإذا سمعنا إنسانًا يتكلم بكلام فيه معارضة للدين، واجب علينا أن ننهاه وإن لم ينته وجب علينا ترك الاستماع له ومغادرة ذلك المجلس بعد تحذير الناس من عواقب ذلك الكلام.
وكذلك البصر من نعم الله تعالى العظيمة، فيجب على المسلم أن يحفظها عما حرّم الله تعالى فلا ينظر إلى ما نهاه الله عنه من نحو النظر إلى عورات النساء فإن زنا العينين النظر فقد قال عليه الصلاة والسلام: “كل عين زانية” معناه أكثر العيون تقع في هذه المعصية.
وأما القلب أيها الأحبة فهو أمير الجوارح فمن صلح قلبه صلحت سائر جوارحه فقد قال عليه الصلاة والسلام: “ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب” رواه البخاري ومسلم.
فعلينا بإصلاح قلوبنا وذلك بتنقيتها من الحقد والحسد والرياء وسائر أمراض القلوب.
فالله تعالى أمرنا بضبط جوارحنا التي نسأل عنها ولا سيما اللسان الذي هو نعمة عظيمة فجرمه صغير وجرمه كبير معناه حجمه صغير ولكن المعاصي التي تنتج منه كبيرة وخطيرة لذلك قال نبينا صلى الله عليه وسلم: “وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم”.
وورد أن عبد الله بن مسعود ارتقى جبل الصفا وخاطب لسانه يا لسان قل خيرًا تغنم واسكت عن شرّ تسلم من قبل أن تندم إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “أكثر خطايا ابن ءادم من لسانه”.
وقد بين الله تعالى في القرءان أهمية حفظ اللسان فقال تعالى: “ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد”.
فالله تعالى حذّرنا من أن نطلق ألسنتنا في ما لا خير فيه لأنه أعلمنا في هذه الآية بأن علينا ملائكة يكتبون أقوالنا، مع أن هؤلاء الملائكة لا يقتصرون على كتابة الأقوال فقط، بل يكتبون الأفعال أيضًا ولكن الله تعالى ذكر في هذه الآية أنهم يراقبون ما يخرج من فم الإنسان لأن أكثر أعمال الجوارح أعمال اللسان.
وأخطر الخطايا التي تصدر من اللسان هو الكفر والعياذ بالله والذي يكتب على الإنسان سواء كان مازحًا أو غاضبًا أو جاهلاً ومن وقع في الكفر فلا بد أن ينطق بالشهادتين حتى يعود إلى الإسلام ولا يكفي مجرد الاستغفار كما يفعل كثير من الناس بل الاستغفار يكون بعد النطق بالشهادتين.
ومن الأمور الخطيرة التي تحصل باللسان الإفتاء بغير علم وقد حذر الله تعالى منه في القرءان الكريم.
وحذّر منه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال: “من أفتى بغير علم فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين”.
فمن أراد السلامة فليقل عما لا يعلم لا أعلم وليس ذلك عيبًا ولا نقصًا حتى في حق العالم فهذا سيدنا علي رضي الله عنه قال: ما أبردها على كبدي أن أقول فيما لا أعلم لا أعلم.
وأفضل الصحابة سيدنا أبو بكر لما سئل عن تفسير ءاية لم يكن قد سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “أي سماء تظلني وأي أرض تقلني إن قلت في كتاب الله ما لا أعلم”.
وإننا نرى كثيرًا من الناس صاروا يتجرؤن على الفتوى بغير علم وذلك بسبب اعتمادهم على قراءة الكتب فيظنون أنه صار لهم فهم في الدين، وكان حريٌّ بهم أن يلجؤوا إلى تلقي العلم من أهل المعرفة فإن العلم إنما يؤخذ بالتلقي وليس بالمطالعة وقد قال الله تعالى: {فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون}.
نسأل الله تعالى أن يحفظ لنا جوارحنا ويجنبنا المعاصي.
أقول
إيقول اللّه تعالى في كتابه العزيز: {يا أيها الناس اتقوا ربّكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}.
اللهم إنا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمنا وقنا شر ما نتخوف.
والفتنة أشد من القتل
الحمد لله رب الكائنات، المنزّه عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر. والصلاة والسلام على خير الكائنات سيدنا محمد وعلى سائر اخوانه النبيين المؤيّدين بالمعجزات الباهرات فبعصا موسى انفلق البحر وبدعاء نوح نزل المطر ولمحمد شهد الشجر والحجر وانشق القمر.
واعلموا أن الله تعالى يقول في القرءان الكريم: {ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد}.
إخوة الإيمان، لقد أمرنا الله تعالى بحفظ السنتنا وأعلمنا في هذه الآية بأن علينا ملائكة يكتبون أقوالنا وهذان الملكان هما رقيب وعتيد، وهما يكتبان كل ما يحصل من الإنسان من قولٍ أو فعل أو اعتقاد ولكن الله تعالى ذكر أنهما يكتبان ما يصدر من فم الإنسان لأن أكثر أعمال الجوارح أعمال اللسان، فيجب على الانسان أن يحفظ لسانه عن كل ما نهى الله تعالى عنه من المعاصي سواءٌ كانت كفرًا أو دون ذلك لأن أكثر أسباب هلاك الانسان هو لسانه لذلك قال عليه الصلاة والسلام: “وهل يكب الناس في النار على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم” فاللسان أيها الأحبة الذي هو نعمة عظيمة من نعم الله، من استعمله في الخير وطاعة الله كان فوزًا له وسببًا في نجاته وفلاحه يوم القيامة وأما من استعمله فيما لا يرضي الله تعالى كان وبالاً عليه وقد يكون سببًا لخلوده في نار جهنم.
فعلى المسلم أن يراقب لسانه وأن يفكر قبل ان يتكلم هل ما ينطق به يرضي الله تعالى أم يغضب الله، وليكن قليل الكلام كثير الصمت حتى لا يزل لسانه ويهوي إلى مزالق الشيطان فقد قال عليه الصلاة والسلام: “من صمت نجا” وقال صلى الله عليه وسلم “عليك بطول الصمت إلا من خير فإنه مطردة للشيطان عنك وعون لك على أمر دينك”.
فالفلاح إخوة الايمان هو بطول الصمت وليس بكثرة الكلام.
واعلموا ايها الأحبة أن الله تعالى غني عن العالمين لا ينتفع بطاعاتنا ولا ينضر بمعاصينا ولكن من ءامن وأطاع الله فقد نفع نفسه ومن كفر فقد ضر نفسه، ولكن الله تعالى أعد للكافرين عذابًا شديدًا يوم القيامة قال تعالى: {فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إنا اعتدنا للظالمين نارًا أحاط بهم سرادقها وإن يستغيثوا يغاثوا بماءٍ كالمهل يشوي الوجوه بئس الشراب وساءت مرتفقا} فالله تعالى توعد الكافرين في هذه الآية بأن لهم نار جهنم، فهذه الآية فيها تهديد لهم، وليس كما يظن بعض الناس الذين لا فهم لهم بالدين حيث يقولون على زعمهم إن هذه الآية فيها حرية الفكر أي أن الانسان له ان يختار أي دين شاء غير الاسلام وهذا باطل وضلال وخروج عن عقيدة المسلمين.
بل هذه الآية تهديد لمن كفر وليس ترخيصًا له بالكفر والعياذ بالله كذلك قوله تعالى {لا إكراه في الدين} فليس معناه أن الإسلام يرضى بحرية الاعتقاد كما يتوهم بعض الناس، بل معنى الآية ليس لك أن تكره الكافر الذمي على الدخول في الإسلام ما دام يدفع الجزية ويخضع لسلطة الاسلام، وعلى تفسير لهذه الآية أنك يا محمد لا تستطيع إكراه القلوب لأن الذي يهدي القلوب هو الله تعالى وهذا معنى قوله تعالى: {ليس عليك هداهم} أي لست مكلفًا بأن تجعلهم مؤمنين معتقدين قلبًا إنما عليك البيان.
فالله تعالى هو الذي يخلق الهداية في قلب من يشاء من عباده كما قال تعالى: {فمن يرد الله أن يهديه يشرح صدره للإسلام ومن يرد أن يضله يجعل صدره ضيقًا حرجًا كأنما يَصَّعَّدُ في السماء}.
فلو كان يجوز للإنسان أن يعتقد ما يريد كما يدعي بعض الملاحدة فلم قال النبي “من بدل دينه فاقتلوه” فهذا الحديث فيه بيان وجوب الثبات على الإسلام وانه لا يجوز الاعراض عنه إلى غيره.
فليحذر أيها الأحبة من كل من يخالف دين الله ويفسر القرءان على هواه ليرضي الشيطان ويداهن أهل الكفر والفساد فهذا فتنة وشر كبير وأمّا قول الله تعالى {والفتنة أشد من القتل} معناه الفتنة في الدين أشد من القتل، لأن الفتنة في الدين كفر والكفر أشد من القتل وليس المراد أن الفتنة بين الناس والعمل للافساد بينهم أشد من القتل بل القتل هو أكبر الذنوب بعد الكفر فالمراد بالآية الفتنة في الدين وهو الكفر هذا أشد من القتل. فمن هنا يتبين لنا أيها الأحبة ضرورة تعلم أمور الدين من أهل المعرفة وأن لا يطلق الشخص لسانه فيما لا يعلم رغبة منه في المشاركة في الكلام الذي يكون سببًا في هلاكه حين يفتي بغير علم، وقد قال القائل:
إحفـظ لسـانك أيهـا الانسان لا يلدغنــك إنــه ثعبـــان
كــم في المقابر مـن قتيل لسانه كانت تهـاب لقاءه الشـــجعان
نسأل الله تعالى أن يحفظ السنتنا عن الحرام وأن يجنبنا الكفر والمعاصي والافتاء بغير علم.
الأضحى
الحمد لله وسلام على عباده الذين اصطفى، الحمد لله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد، أحمده تعالى وأستهديه وأستغفره وأتوب إليه وأعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدا. والصلاة والسلام على سيدنا وحبيبنا وعظيمنا وقرة أعيننا أحمد بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه سراجًا وهاجًا وقمرًا منيرًا، فهدى الله به الأمة وكشف به عنها الغمة وبلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى كل رسول أرسله.
واعلموا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: “ضحوا وطيبوا أنفسكم فإنه ما من مسلم يستقبل بذبيحته القبلة إلا كان دمها وفرثها وصوفها حسنات في ميزانه يوم القيامة”.
إخوة الإيمان لقد حث رسول الله صلى الله عليه وسلم على الخيرات والمبرات والانفاق لوجه الله تعالى.
وإن الأضحية من الأمور التي حث عليها نبينا عليه الصلاة والسلام وهي سنة مؤكدة في حق الموسر، لمن كان في مكة للحج ولمن كان في سائر بلاد الدنيا. ويدخل وقتها إذا مضى بعد دخول وقت صلاة عيد الأضحى قدر ركعتين وخطبتين فإن ذبح قبل ذلك لم يجزئه وذلك لحديث الشيخين عن البراء رضي الله عنه قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم النحر بعد الصلاة فقال: “من صلى صلاتنا هذه ونسك نسكنا فقد أصاب سنتنا ومن نسك قبل صلاتنا فتلك شاة لحم فليذبح مكانه”. ويبقى وقتها إلى غروب شمس اليوم الثالث من أيام التشريق وقد اتفقت نصوص الشافعية والأصحاب على أنه لا يجوز بيع شىء من الأضحية سواءٌ كانت نذرًا أو تطوعًا سواء في ذلك اللحم والشحم والجلد والقرن والصوف وغيره ولا يجوز جعل الجلد وغيره أجرة للجزار فقد روى البخاري ومسلم عن علي رضي الله عنه أنه قال: “أمرني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أقوم على بدنه فأقسم جلالها وجلودها وأمرني أن لا أعطي الجازر منها شيئًا وقال نحن نعطيه من عندنا”.
وليعلم أيها الأحبة أن الأضحية سنة سيدنا ابراهيم عليه السلام فقد قال عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم “سنة أبيكم إبراهيم” وذلك أن سيدنا ابراهيم عليه السلام أوحي إليه في المنام أن يذبح ولده اسماعيل قال تعالى إخبارًا عن إبراهيم أنه قال لولده:{يا بني إني أرى في المنام أني أذبحك} سورة الصافات / 102.
ورؤيا الأنبياء وحي إذا رأوا شيئًا فعلوه فعزم إبراهيم على تحقيق الرؤيا.
وقد ذكر أهل العلم بالسير والتفسير أن ابراهيم عليه السلام لما أراد ذبح ولده قال له: انطلق فنقرب قربانًا إلى الله عز وجل.
فأخذ سكينًا وحبلاً ثم انطلقا حتى إذا ذهبا بين الجبال قال له اسماعيل: يا أبت أين قربانك، قال: يا بني إني رأى في المنام أني أذبحك فقال له يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من الصابرين.
ثم قال: اشدد رباطي حتى لا أضطرب واكفف عني ثيابك حتى لا ينتضح عليك من دمي فتراه أمي فتحزن وأسرع مر السكين على حلقي حتى يكون أهون للموت عليّ فإذا أتيت أمي فاقرأ عليها السلام مني.
فأقبل ابراهيم يقبله ويبكي ويقول: نعم العون أنت يا بني على أمر الله عز وجل، ثم إنه أمر السكين على حلقه فلم يحك شيئا وقال مجاهد: لما أمرها على حلقه انقلبت فقال إسماعيل: مالك قال انقلبت قال: اطعن بها طعنًا فلما طعن بها نبت ولم تقطع شيئًا وذلك لأن الله هو خالق كل شىءٍ وهو الذي يخلق القطع بالسكين متى شاء.
وقد علم الله تعالى بعلمه الأزلي الذي لا يزيد ولا ينقص ولا يتجدد الصدق في تسليمهما.
ونودي يا ابراهيم قد صدقت الرؤيا هذا فداء ابنك فنظر ابراهيم فإذا جبريل معه كبش قال تعالى: {وفديناه بذبح عظيم} الصافات / 107
أي أن الله تعالى خلص اسماعيل من الذبح بأن جعل فداء له كبشًا أقرن عظيم الحجم والبركة.
إخوة الإيمان إنها قصة تزيدنا يقينًا بعظمة الأنبياء عليهم السلام الذين كانوا مسلمين لله تعالى مسرعين إلى طاعته لذلك مدحهم الله تعالى في القرءان الكريم بقوله: {وكلا فضلنا على العالمين} .
واعلموا أن الله تعالى يقول في القرءان الكريم: {يا أيها الذين ءامنوا اتقوا الله ولتنظر نفس ما قدمت لغد واتقوا الله إن الله خبير بما تعملون}.
عباد الله إن في عيد الأضحى المبارك نؤكد عليكم صلة الأرحام ومواساة الفقراء والأيتام والإحسان إلى الأرامل والمساكين فقد قال عليه الصلاة والسلام: “أطعم الطعام وصل الأرحام وصل بالليل والناس نيام تدخل الجنة بسلام”. وتذكروا أن قطيعة الرحم من الكبائر، فلو كانت رحمك لا تصلك فصلها فلك بذلك ثواب عظيم فقد قال عليه الصلاة والسلام “صل من قطعك”.
كما نذكركم بزيارة القبور والدعاء لأصحابها المسلمين وقراءة القرءان لهم فإنهم ينتفعون بذلك إن شاء الله.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر
الحمد لله ربّ العالمين له النعمة وله الفضل وله الثناء الحسن صلوات الله البر الرحيم والملائكة المقربين على سيدنا محمد أشرف المرسلين وسلام الله عليهم أجمعين.
أما بعد فقد قال الله تبارك وتعالى: {يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضرّكم من ضل إذا اهتديتم}، وفي مسند الإمام أحمد من حديث أبي بكر رضي الله عنه قال: إن الناس يقرءون هذه الآية في غير موضعها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إن الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه قبل أن يموتوا”.
قوله تعالى: {يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم} معناها أنتم أيها المؤمنون ائتمروا بالمعروف لأنفسكم وانتهوا عن المحرمات لأنفسكم، أي أن الإنسان إذا فعل ما أمر الله به تعلم علم الدين الذي يعرف به الحلال والحرام والفرض والمحرم وما يجوز من المال وما يحرم وما يجوز من الكلام وما يحرم وما يجوز من الملبس والمشرب وما يحرم إلى غير ذلك من أمور الدين الضرورية عمل بذلك لنفسه أي أدى ما فرض الله عليه بأن عمل بكل الواجبات، ومن جملة الواجبات التي فرضها الله علينا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، واجتنب المحرمات فمن فعل هذا لا يضره بعد ذلك ضلال غيره.
هذا معنى الآية: {يا أيها الذين ءامنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضلّ إذا اهتديتم} وليس معنى الآية أنّ الإنسان إذا صلى وصام وزكى لنفسه أدى الواجبات وتجنب المحرمات لنفسه لكنه لا يأمر غيره بالواجبات مع الاستطاعة ولا ينهى غيره عن المحرمات ان هذا يكفي، لذلك قال سيدنا أبو بكر الصديق رضي الله عنه: إنّ النّاس يضعون هذه الآية في غير موضعها”، وذلك أنه علم بأناس في زمانه أنهم يفهمون هذه الآية على هذا الوجه الفاسد أنه بعد أن يؤدي الإنسان الواجبات لنفسه ويجتنب المحرمات لنفسه ما عليه ضرر إذا لم يأمر غيره ولم ينه غيره فحذر أبو بكر رضي الله عنه من هذا. قال رضي الله عنه: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “إنّ الناس إذا رأوا الظالم ولم يأخذوا على يديه أوشك أن يعمهم الله بعقاب منه قبل أن يموتوا” أي أن الناس إذا رأوا الظالم ولم يمنعوه فإنهم يستحقون أن ينتقم الله منهم في الدنيا.
فبسبب فهم بعض الناس الفاسد للآية نراهم لا يبالون بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فعلى زعمهم إن هم صلوا لأنفسهم وصاموا وحجوا وزكوا أموالهم وتجنبوا الخمر والفواحش إلى غير ذلك أنهم ما عليهم شىء وهذا غلط. فالإنسان عليه أن يؤدي الواجبات لنفسه ويأمر غيره ويجتنب المحرمات لنفسه وينهى غيره إن استطاع، أما إذا لم يستطع فليس عليه حرج حرج إذا سكت كأن قال رجل لزوجته وابنه وابنته صلوا أمرهم بجد لكن لم فليس على الرجل ذنب، الذنب على ولده البالغ الذي لا يصلي وابنته البالغة التي لا تصلي وزوجته التي لا تصلي أما هو فليس عليه ذنب، كذلك غير أهله غير زوجته وأولاده إذا أمرهم بالمعروف ونهاهم عن المنكر فلم يسمعوا له فليس عليه ذنب، الذنب على أولئك، حتى قال العلماء: إنه إذا كان الرجل ينهي امرأته عن ترك الصلاة وهي لا تطيعه لا يجب عليه أن يطلقها لكن إذا طلقها خير له، له ثواب ليس الطلاق المكروه، الطلاق مكروه إذا كان لسبب شرعي مثل ترك الصلاة فطلاقها فيه ثواب. أما إذا كان الأمر بالعكس هي تصلي وتأمر زوجها بالصلاة فلا يصلي يجوز لها أن تعيش معه لأنه بعد ما خرج من الإسلام، أما إذا كان يسب الله إذا غضب حرام عليها أن تبيت معه ليلة واحدة لأن النكاح الذي كان بينهما انقطع بكفره، لا يجوز لها أن تختلي به، فضلا عن أن يستمتع بها، ولو كان بينهما أولاد لا يجوز لها أن تقول بيني وبينه أولاد كيف أتركه أعيش معه وأنا كارهة في نفسي لكفره، هذا ليس عذرا، الأولاد لهم خالقهم هي عليها أن تطيع ربها.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق”. هي لها أن تصبر مع زوجها لو كان تارك صلاة أو شارب خمر أن كان يضربها، يجوز لها أن تعاشره ما لم يكفر، أما إن كفر فلا يجوز. هؤلاء النساء اللاتي يسكن مع هؤلاء الرجال شرهن كبير عند الله دينهن خرب، فلو تركت هذه المرأة هذا الرجل الذي كفر ولم يرجع للإسلام بالشهادة وعاشت خادمة تخدم الناس وتنال قوتها الضروري خير لها من أن تعيش عنده في رفاهية، عيشة الملوك، ماذا ينفعها هذا الرجل قد يموت عنها غدا أو بعد غد أو بعد شهر أو سنة أو أكثر أو هي تموت في مدة قصيرة. فهذا الزوج لا ينفعها يوم القيامة لا يدافع عنها ليس له أن يقول هناك يا رب هذه أنا قهرتها فسامحها، الموت لا بد من أن يفرق بين المتحابين، جبريل عليه السلام قال للرسول: “يا محمد أحبب من شئت فإنك مفارقه” معناه الإنسان مهما أحب إنسانا لا بدّ أن يفارقه، كثير من النساء هذه مصيبتهن يقلن أنا لي أولاد معه أين أذهب؟ أترك هؤلاء الأولاد تتعكر عيشتهم، فتعيش مع هذا الذي حرم عليها ولا تفكر في ءاخرتها، فعلى الإنسان أن يعمل لآخرته لأن الدنيا نعيمها إلى الزوال لا يدوم لإنسان ولو دام لغيرنا ما وصل إلينا.
والله سبحانه وتعالى أعلم.
التصوّف الإسلاميّ
إن الحمد لله نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله من بعثه الله رحمة للعالمين هاديًا ومبشرًا ونذيرا بلّغ الرسالة وأدّى الأمانة ونصح الأمة فجزاه الله عنا خير ما جزى نبيًا من أنبيائه صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله،
أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العلي العظيم اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون. واعلموا أن الله تعالى يقول في القرءان الكريم: (ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد).
واعلموا معشر المسلمين أنّ الله تعالى إن أراد بإنسان خيرًا كبيرًا يفقهه في الدين، ومن لم يرد به خيرًا لا يفقهه في الدين بل يعيش جاهلاً فمن تعلم القدر الضروري في العقيدة ثم الصلاة والطهارة وتعلم معاصي القلب واليد والرجل واللسان والبطن والبدن فتجنب المحرمات كلها وأدى الواجبات كلها وأكثر من السنن يصير وليًا أما بدون هذا لا يصير وليًا، بمجرد الذكر لا يصير وليًا، الانسان الذي لم يتعلم علم الدين الضروري هو كالإناء الفارغ، الإناء الفارغ يقبل ما يصب فيه ان كان شيئًا طاهرًا وإن كان شيئًا نجسًا. بالعلم يعرف العمل الذي يحبه الله والعمل الذي لا يحبه الله. أفضل الأعمال العلم، أفضل شىء ينفع في الآخرة العلم فهو سبيل النجاة في الآخرة وأما هؤلاء الذين يقولون نحن أهل الحقيقة وأنتم أهل الشريعة نحن أهل الباطن وأنتم أهل الظاهر وهم لا يعملون بالشريعة يقال لهم الرسول صلى الله عليه وسلم قال: “كل عمل ليس عليه أمرنا فهو ردٌ” فيفهم من هذا الحديث أن كل ما يفعله الانسان إذا لم يوافق شريعة الرسول فهو مردود. الحقيقة والشريعة واحد، الحقيقة باطن الشريعة هما شىء واحدٌ ليسا متضادّين، لا يصل الى الحقيقة إلا من تمسك بالشريعة، الكرامات والكشوفات لا يصل اليها إلا من عمل بالشريعة على التمام، بدون الشريعة مستحيل أن يصل إلى ذلك.
الجنيد سيد الطائفة الصوفية رضي الله عنه المتوفى سنة مائتين واثنتين وتسعين قال: “ما أخذنا التصوف بالقال والقيل ولكن أخذناه بالسهر والجوع وترك المألوفات والمستحسنات” لأن التصوف صفاء المعاملة كما قال حارثة رضي الله عنه: “عزفت نفسي عن الدنيا أسهرت ليلي وأظمأت نهاري فكأني بعرش ربي بارزا وكأني بأهل الجنة يتزاورون فيها وكأني بأهل النار يتعاوون فيها”.
فمعنى كلام الجنيد رضي الله عنه أن التصوفَ ليس بالقال والقيل قال أبو يزيد كذا قال الحلاج كذا، قال فلان كذا.
قال: ولكن أخذناه بالسهر والجوع، معناه نصوم كثيرًا من النوافل ونقوم الليل، بعضهم يقوم نصف الليل وبعضهم ثلثه أو أقل أو أكثر على حسب نشاط الشخص.
قال ولكن أخذناه بالسهر والجوع وترك المألوفات والمستحسنات، أي ترك هوى النفس.
وأما قوله: “التصوف صفاء المعاملة” أي أن يعامل العبد ربه معاملةً صافيةً، هذا هو التصوف. أما هؤلاء الذين عندهم التصوف هو الأناشيد وحمل المسبحة وقال فلان كذا وقال فلان كذا فهؤلاء كسالى يدعون التصوف ولا يعملون بطريقة أولئك كالجنيد. هذا الجنيد رضي الله عنه كان عالمًا متبحرًا حتى قال: “ما جعل الله سبيلاً لخلقه إلى علم إلا أعطاني حظًا من ذلك” يعني كل فنون العلم من الحديث والفقه والنحو والبلاغة والحساب والفرائض وغير ذلك الله أعطاني من كل ذلك حظًا. ما كان جاهلاً كهؤلاء الذين لو سئلوا عن أحكام الوضوء ما عرفوا. لكن لا يشترط أن يكون الشخص كالجنيد أخذ من كل علم حظًا وافرًا، يكفي أن يتعلم الشخص علم الدين الضروري ما يصحح به صلاتَه وصيامَه وما يحل أكله وما يحرم وأحكام البيع لأن القرءان ما نزل بالعبادات فقط فيه عن البيع وأحكام الشراء وعدة النساء والجنايات أي حكم القاتل عمدًا وحكم القاتل خطأً، من تعلم القدر الضروري الذي لا بد منه لتصحيح صلاته وصيامه وعقيدته ومعرفة المال الحلال ومعرفة المال الحرام مع تعلمه أحكام الصلاة والطهارة وما يتبع ذلك فهذا إذا جدّ في العمل صار صوفيًا، هذا يستحق أن يعطيَه الله الحقيقة، أما هؤلاء الذين ما تعلموا علم الدين الضروري إنما حظهم أنهم يعرفون استعمال المسبحة والأناشيد وألفاظ الذكر فهيهات هيهات أن يكونوا صوفية، مستحيل أن يكونوا صوفية. وأساس هذا كله التوحيد معرفة الله كما يجب. رجل يقال له حارثة ابن مالك من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم لقيه الرسول عليه الصلاة والسلام فقال له “كيف أصبحت يا حارثة” فقال: أصبحت مؤمنًا حقا، فقال الرسول عليه الصلاة والسلام: “أنظر ما تقول فإن لكل مقال حقيقةً فما حقيقة مقالك” قال: عزفت نفسي عن الدنيا، يعني قطعت نفسي عن التعلق بالدنيا أسهرت ليلي وأظمأت نهاري، أي أقوم الليل وأصوم النهار، وكأني بعرش ربي بارزا، أي كأني أشاهد العرش عِيانًا من شدة اليقين الذي صار عندي، وكأني بأهل الجنة يتزاورون فيها، أي كأني أرى أهل الجنة يتزاورون فيها، وكأني بأهل النار يتعاوون فيها، أي كأني أرى أهل النار يتعاوون فيها أي يصرُخون من الألم، فقال له الرسول صلى الله عليه وسلم: “أصبحت مؤمنًا حقا إلزمْ عبدٌ نوّر الله الايمان في قلبه”.
هؤلاء الصوفية، هؤلاء الله يمنحهم الكرامات ويخرق لهم العادات. أبو مسلم الخولاني رضي الله عنه كان من أهل اليمن ولد في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولم يره، وفي زمانه قبل وفاة الرسول ادعى شخص النبوة فصار أبو مسلم يكذبه ويقول للناس هذا كذاب فعرف به الأسود العَنْسِي بلغه الخبر فقال ايتوا به فتكلم معه فكذبه أبو مسلم في دعواه أنه رسول الله، فقال أشعلوا نارًا فأشعلوا نارًا فرموه فيها فما أحرقته، ثم في اليوم الثاني فعل مثل ذلك فلم تحرقه النار ثم في اليوم الثالث فعل مثل ذلك فلم تُحرقه النار فقال له جماعته الذين ءامنوا به أخرج هذا الرجل من أرضك حتى لا يفسد عليك الناس فنفاه. هذا أبو مسلم بلغ خبره سيدنا عمر ثم سيدنا عمر عرفه لما رءاه بالكشف وذلك لما حضر أبو مسلم إلى المدينة قال له أنت أبو مسلم الخوْلاني قال نعم فقام سيدنا عمر فقبله بين عينيه وقال الحمد لله الذي جعل في أمة محمد مثل خليل الرحمن ابراهيم.
هذا أبو مسلم في بعض الأيام نام وهو يذكر فصارت السبحة تدور على يده وتذكر وهو نائم. هذا لولا أنه متمسك بالشريعة ما حصل له ذلك. هؤلاء هم الذين جمعوا بين الحقيقة والشريعة. الخضر عليه السلام نبي وموسى عليه السلام نبي وكلاهما يتكلم على حسب الوحي، بحسب الظاهر كان الحق مع موسى لكن في الباطن كان الحق مع الخضر وموسى لو نظر إلى الباطن يرى ما يفعله الخضر صوابًا إنما هذا اختلاف ظاهري. ولما أظهر له الخضر الوجه الباطن الذي علمه الله وافقه موسى.
الشيخ سليم البشري شيخ الجامع الأزهر قبل نحو ثمانين سنة قال حضور مجالس هؤلاء الذين يحرفون اسم الله حرام. في الشام بعض مدعي التصوف يعملون حلقاتِ ذكرٍ يبدأون باللفظ الصحيح ثم يتماسكون بأيديهم وقوفًا، يعملون حلقة فيرقصون ويغيرون لفظ الذكر بدل أن يقولوا الله الله يقولون ءاه، ويكون في وسط الحلقة واحد يرتب لهم الحركات والنغمات. مرة حكى لنا واحد كان من هؤلاء فقال: مرة جاءت جالية فرنسية فقالوا: ما هذا، فقال: استحينا أن نقول لهم هذا ذكر فقلنا لهم: هذا دنس عربي. إذا واحد ذكر أمامهم ذكرًا صحيحًا يقولون له: وحّد الله كأنه عمل غلطًا. إنا لله وإنا اليه راجعون.
يقول اللّه تعالى في كتابه العزيز: {يا أيها الناس اتقوا ربّكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها، وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد}.
وأذكركم بأن الله تعالى أمركم بأمر عظيم أمركم بالصلاة والسلام على نبيه المصطفى الكريم فقال ربنا وهو أصدق القائلين {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} اللهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات إنّك سميع مجيب، عباد الله “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون” أذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه يزدكم، واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجًا.
الصبر
الحمد لله رب العالمين، نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلوات الله وسلامه عليه وعلى كل رسول أرسله. أما بعد عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله العظيم.
يقول الله تبارك وتعالى: {ولنبلونكم بشىء من الخوف والجوع ونقص من الأموال والأنفس والثمرات وبشر الصابرين، الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون} (سورة البقرة 155 – 156 – 157)
إخوة الايمان: إن المؤمنين الذين يتصفون بهذه الصفة التي ذكرها الله تعالى وهي أنهم راضون عن الله أي لا يتسخطون عليه ولا يتضجرون من قضائه وإن كانت المصائب تقلقهم وتحزنهم وتؤذيهم في أجسادهم، لكن قلوبهم راضية عن الله عز وجل، هؤلاء بشرهم الله سبحانه وتعالى بأنهم تنالهم صلوات من الله أي تنالهم الرحمات الخاصة المقرونة بالتعظيم التي تكون للمسلمين الذين قالوا “إنا لله” أي عرفوا واعتقدوا وجزموا بأنهم ملك لله تعالى له أن يفعل بهم ما يشاء {وإنا إليه راجعون} أي أن مآلهم إلى الجزاء إلى الله تبارك وتعالى الذي يجازي الذين اتقوا وصبروا بالحسنى.
والصبر ثلاثة أنواع، أحدهما: الصبر على أداء الفرائض لأن الطاعات تصادف أحيانًا وقت البرد فمن صبر في ذلك الوقت وأدى الفرض كما أمر الله فهو من الصابرين، كذلك من صبر على العطش والجوع في رمضان فحافظ على الصيام، هذا نوع من الصبر.
والنوع الثاني: هو الصبر عما حرم الله أي كف النفس عمّا حرم الله، فمن ابتعد عن المعاصي امتثالاً لأمر الله عز وجل فإن الله يجزل له الثواب ويعظم له الأجر.
وكثير من الناس خصوصًا في أيام الصيف أيام الحر يفعلون المنكرات بذريعة أنهم يرفهون أجسامهم فيكشفون عوراتهم أمام الناس، وءاخرون يقعون في معصية النظر المحرّم، ناهيكم عن الذين يرتادون أماكن الفسق والمجون. هؤلاء لا يفكرون في الآخرة كما ينبغي، هذا الجسم مهما رفه ومهما خدم بعد موته بثلاثة أيام ينتفخ ويخرج منه القيح، رائحته لا تطاق تكون أشد من رائحة الغائط نتنًا، مهما خدم هذا الجسم هذه نهايته إلا الأنبياء وشهداء المعركة وبعض الأولياء. فهل يستحق هذا الجسم أن يعصى الإله لأجله، لا والله، فإنه لا خير في لذة محرمة فانية تعقبها نار عظيمة حاميةٌ.
ثم النوع الثالث: الصبر على المصائب والبلايا والشدائد، وهو مطلوب لا سيما عند مفاجأة المصيبة، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على امرأة تبكي على قبر فقال: “اتقي الله واصبري”. – ولم تكن هذه المرأة تعلم أن من يحدثها هو النبي صلى الله عليه وسلم – فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمصيبتي. فقيل لها إنه النبي صلى الله عليه وسلم. فأتت باب النبي صلى الله عليه وسلم فلم تجد عنده بوابين فقالت: لم أعرفك فقال: “إنما الصبر عند الصدمة الأولى”. رواه البخاري ومسلم.
بعض الجاهلين إذا مات لهم قريب أو حصل لهم مكروه لا يصبرون، ينفتنون، يعترضون على الله فيكفرون والعياذ بالله وصنف من الخلق يقعون في المعصية بتركهم الصبر على الشدائد فهؤلاء لو أنهم صبروا لكان خيرًا لهم بدل كفرهم وعصيانهم.
لأن الذي يصبر على ما أصابه من البلاء فصبره هذا يفيده رفع درجات أو تكفير سيئات. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب – أي مرض – ولا هم ولا حزن، ولا أذى ولا غم حتى الشوكة يشاكها، إلا كفَّر الله بها من خطاياه”. رواه البخاري ومسلم. ومن جملة الصبر على المصيبة الصبر على إيذاء الناس والصبر على الأمراض والأوجاع، والصبر على الفقر، فالذي لا يمد يده إلى الحرام من أجل الفقر بل يصبر فله ثواب عظيم، أو كان في متعة وغنى ثم افتقر فصبر له أجر كبير أيضًا.
اخوة الإيمان: إن من الجهل الشديد الفظيع أن بعض الناس إذا أقبلوا على الطاعة ثم أصابتهم المصائب يتشاءمون فيقولون: كنا في راحةٍ ونعيم لكن منذ بدأنا بالطاعة نزل علينا البلاء، يغرهم الشيطان فيعرضون عن الطاعات ويعودون إلى ما كانوا عليه من الفساد والانغماس في المعاصي.
أما من عرف دين الله كما يجب لا تزيده كثرة المصائب والشدائد عليه إلا صبرًا والتزامًا بالعبادة، بل يصل إلى حد أنه يكون فرحه بالبلاء أكبر من فرحه بالبسط والرخاء وهؤلاء هم الأولياء، حتى قال بعض الصوفية الصادقين: “ورود الفاقات أعياد المريدين”. معناه ورود المصائب عيد لطلاب الآخرة المقبلين عليها، يعتبرونه عيدًا فيزيدون في الطاعة بدل أن ينقلبوا أو يخففوا.
يقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “من يرد الله به خيرًا يصب منه” رواه البخاري. فمن أراد الله به خيرًا كثيرًا يبتليه ويعينه على الصبر وتحمل البلاء. فقد حكي أن رجلاً من الصالحين كان مقطوع اليدين، مقطوع الرجلين، مصابًا بالعمى، وفوق ذلك أصيب بمرض بشع شنيع يسمى الآكلة يصيب الأطراف فيسود العضو المصاب ويتهرى ثم يتساقط – وهذا المرض يعرف اليوم باسم “الغرغرينا” – وبالإضافة إلى هذا كله رماه الناس على الطريق فجاءت الدبابير وصارت تأكل من رأسه، وليس له يدان ليبعدها عنه ولا رجلان ليغير مكانه وكان أعمى، فمرّ من أمامه بعض الأشخاص فلما رأوه قالوا: سبحان الله كم يتحمل هذا الرجل. فسمعهم، فقال: الحمد لله الذي جعل قلبي خاشعًا ولساني ذاكرًا وبدني على البلاء صابرًا، الهي لو صببت علي البلاء صبًا ما ازددت فيك إلا حبًا.
نسأل الله تعالى أن يجعلنا من الصابرين المحتسبين.
يقول الله تعالى في كتابه العزيز: {يا أيها الناس اتقوا ربكم إن زلزلة الساعة شىء عظيم، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد} (سورة الحج الآيات 1 –2)
إخوة الإيمان: إن من جملة الصبر على أداء الطاعات أن يصبر الشخص على تعلم علم الدين ويقهر نفسه على حضور مجالس العلم وحفظ المعلومات الشرعية، فإن علم الدين حياة الإسلام من أغفله ضائع تائه يميل مع كل ريح ويتبع كل ناعق .
واسمعوا ما سنخبركم به واعتبروا يا عباد الله، وهذه القصة حصلت من نحو شهر، وهي أن بنتًا حضرها الموت ولها من العمر ثلاث عشرة سنة، ثم وهي على فراش الموت تعاني من ألم سكرات الموت طلبت والدها لتوصيه بأمر، فبم أوصته يا ترى؟ هل قالت له انتبه للبيت أو للسيارة أو للمتاع كما يفعل كثير من الذين تعلقت قلوبهم بالدنيا؟، لا، بل أوصته بشىء ءاخر أهم من ذلك كله لأنها تحب لوالدها النجاة يوم القيامة، أوصته أن يتعلم علم الدين، أن يدرس كتاب بغية الطالب للشيخ عبد الله الهرري رضي الله عنه. ثم ماتت.
فلنأخذ إخوة الايمان من هذه القصة عبرة وليكن ذلك لنا حافزًا على الثبات على عقيدة أهل الحق.
واعلموا أيها الأحبة المؤمنون أن الله قد أمركم بأمر عظيم أمركم بالصلاة على نبيه الكريم فقال: {إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين ءامنوا صلوا عليه وسلموا تسليما} (سورة الأحزاب 56).
اللهم صل على محمد وعلى ءال محمد كما صليت على إبراهيم وعلى ءال إبراهيم وبارك على محمد وعلى ءال محمد كما باركت على ابراهيم وعلى ءال إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم إنا دعوناك فاستجب لنا دعاءنا فاغفر اللهم لنا ذنوبنا وإسرافنا في أمرنا، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم اجعلنا هداة مهديين غير ضالين ولا مضلين، اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمنا وقنا شر ما نتخوف اللهم ءات كلاً منا سؤله من الخير، اللهم انصر إخواننا في فلسطين على اليهود المجرمين، وارزقهم الصبر على ما ابتليتهم، اللهم انصرنا على من عادانا
هذا شعر من البحر الطويل، ومعنى اخالك أظنك، فلذلك كان عثمان رضي الله عنه إذا أتى القبور بكى حتى يبل لحيته بالدموع فقيل له في ذلك، فقال هذا البيت وذكر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: “القبر أول منزلة من منازل الآخرة فمن نجا منه كان أنجى مما بعده ومن لم ينج منه كان ما بعده أشد عليه”. المعنى إنّ من نجا في قبره من النكد والعذاب كان ناجيا في الآخرة من العذاب ومن عذب فيه كان عذابه الذي أخر له إلى الآخرة أشد. والله أعلم.
فالعاقل الذي بلغه هذا الحديث لا يتهاون بهذا الفضل العظيم.
ومما ينفع للنجاة من عذاب القبر أن يكون موت الشخص بمرض بطنه لقوله صلى الله عليه وسلم: “من قتله بطنه لم يعذب في قبره” وذلك كالإسهال والقولنج، والقولنج أي احتباس الخروج والريح وهو ضد الإسهال الذي هو كثرة الخروج والقولنج مرض صعب فظيع.
ومن الأمراض المنجية لصاحبها إذا مات بها مرض ذات الجنب وهو روم يحصل في الأضلاع ثم ينفتح إلى الجلد فهذا أيضا من مات فيه فهو شهيد ما عليه عذاب قط.
كذلك يسلم من عذاب القبر ومن عذاب الآخرة من مات بالطاعون وهو نوع من الورم يحدث في مراق البطن أي المواضع اللينة أو تحت الإبط مع خفقان وإسهال وقيء وسخونة فيموت صاحبه ولا يبرأ غالبا.
وأفضل من هذا كله بمآل الشخص في قبره وفي ءاخرته أن يكون عند وفاته بحالة كمال الإيمان وهو أن يكون مؤديا لجميع فرائض الله تعالى التي منها تعلم ما افترض الله على عباده تعلمه والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومجتنبا للكبائر، فإنّ من وافاه الموت وهو بهذه الحال يكون أحسن حالا في قبره وفي ءاخرته. فإنه مع نجاته من عذاب القبر وعذاب الآخرة يكون منعما في قبره وفي ءاخرته.
أما في القبر فبأن يفتح له باب من قبره إلى الجنة وينور له قبره بنور كنور القمر ليلة البدر ويملأ عليه قبره خضرة أي بالنبات الأخضر وغير ذلك حتى يكون قبره روضة من رياض الجنة فلا يجد خوفا ولا وحشة ولا ضيقا ولا هما أو غما وأما في الآخرة فله عند الله تعالى ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر زيادة على ما يكون لسائر من دخل الجنة من المؤمنين من أنواع النعيم الذي هو مشترك بين جميع من دخل الجنة وهو أن لا يبأس وأن يحيا حياة لا نهاية لها وأن يشب شبابا لا هرم بعده وأن يكون صحيحا لا يمرض أبدا فهذه الأنواع من النعيم لا بد أن تكون لكل واحد ممن دخل الجنة، أما التفاضل فهو فيما بعد ذلك فيمتماز المؤمن الكامل وهو التقي بأشياء لا يعلمه إلا الله.
فكلما سمع المؤمن شيئا يخوفه مما يحدث في الآخرة أو في القبر أو في هذه الدنيا فليقل حسبنا الله ونعم الوكيل لمعنى حسبي الله ونعم الوكيل
الدعوة الإسلامية
.
الحمد لله رب الكائنات، المنزّه عن الحدود والغايات والأركان والأعضاء والأدوات، ولا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات ومن وصف الله بمعنىً من معاني البشر فقد كفر.
والصلاة والسلام على خير الكائنات سيدنا محمد وعلى سائر اخوانه النبيين المؤيّدين بالمعجزات الباهرات فبعصا موسى انفلق البحر وبدعاء نوح نزل المطر ولمحمد شهد الشجر والحجر وانشق القمر.
الحمد لله رب العالمين الذي جعل الدعوة إلى الهدى والدلالة على الخير والنصيحة للمسلمين من أفضل القربات وأرفع الدرجات وأهم المهمات في الدين وذلك سبيل أنبياء الله المرسلين وأوليائه الصالحين والعلماء العاملين الراسخين في العلم واليقين وصلى الله وسلم على سيدنا ومولانا محمد الرسول الأمين والحبيب المكين، خاتم النبيين وإمام المتقين وسيد السابقين واللاحقين وعلى ءاله وصحبه المخلصين الصادقين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، عباد الله اتقوا الله حق تقاته وهو القائل عزّ من قائل: {واتقوا يوما ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} ويقول سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم: “أوصيكم بأصحابي ثمّ الذين يلونهم ثمّ الذين يلونهم” هذا الحديث حدّث به عمر بن الخطاب قائمًا في الجابية وهي أرض من برّ الشام اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم الذي حدثهم بهذا الحديث قائمًا وذلك لأهميته وأهمية ما فيه من نصح كريم يعم الأمّة بأسرها وينفعها إلى يوم القيامة …
يقول الحبيب صلى الله عليه وسلم: “أوصيكم بأصحابي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم” ذكر هؤلاء الثلاث عليه السلام لأن هؤلاء خير هذه الأمة، أفضل أمّة محمد وهم على قول بعض المحدثين أهل الثلاث مائة سنة الأولى ويقال لهم السلف، لأن التمكن في تقوى الله تبارك وتعالى كان فيهم أقوى وأظهر، حيث كان فيهم طائفة السابقين الأولين الذين فيهم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “لا تسبوا أصحابي فوالذي نفس محمد بيده لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبًا ما بلغ مدَّ أحدهم ولا نصيفه” فأحد أولئك إذا تصدق بمقدار مدٍّ من الطعام القمح أو الشعير أو نحو ذلك الله تبارك وتعالى يجعل ثواب هذا المدّ أفضل من ثواب من أنفق مثل جبل أحد – الذي هو جبل كبير في المدينة المنورة – ذهبًا، فهؤلاء القرون الثلاثة الأول كلهم كانوا على عقيدة واحدة، كل فرد من أفرادهم كان يعتقد أن الله موجود من غير أن يشبه بشىء، ثم الرسول صلى الله عليه وسلم يقول: “ثمّ يفشوا الكذب فيحلف الرجل ولا يستحلف ويشهد الشاهد ولا يستشهد”.
الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم أيها الأحبة يقول: “ثم يفشوا الكذب” الكذب الذي بتنا نراه مصداقًا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ينتشر انتشار النار في الهشيم، فترى الوعود في موسم الانتخابات صارت كاذبة تروج رواج الزائف بين الألسن والأفواه وفيها ما فيها من أكاذيب، صارت تجري على ألسنة البعض بسهولة فائقة وكأنهم قد تمرسوا في دراسة الكذب حتى صاروا يكتبون عند اللّه كذّابين وكادوا أن يصدقوا الأكذوبة التي يطرحونها، أيها الأحبة والإخوة تعودنا أن نخاطبكم من على منابرنا مخاطبة الحبيب لحبيبه وأن نكون معكم اخوة متناصحين متصارحين يجمعنا الحب في الله وتجمعنا النصيحة ومحبة الخير للناس كل الناس، لسنا نتكلم معكم لأننا من طلاب الكراسي، نحن، من عشاق الخدمة الصادقة التي لا مأرب فيها للنفس لأن من ثوابتنا التعاون التام مع كل مخلص يحب الخير، ونحن ما سمينا في بيروت الدكتور عدنان طرابلسي والدكتور بدر الطبش للترشيح للمجلس النيابي إلا ليكونوا رجالاً حاضرين لخدمتكم، أبوابهم مشرعة ليل نهار للقاصدين والدفاع عن قضاياكم ولأننا بتنا نسمع صراخ البيروتيين الذين يئنون تحت وطأة المرحلة الصعبة، وصار وعيهم أكبر لمعرفة ظروف الزمن الذي نعيش، فلذلك كلّه لم نجد لنا بداً من العودة إلى تذكيركم بانتخاب الشرفاء الذين يخافون الله ويشفقون على الناس ولا يتخذونهم سلالم للصعود إلى أعلى الدرجات من أجل الترفع والتكبر عليهم، صوّب أيها الأخ الحبيب بوصِلَتكَ نحو المخلصين حقًا، صوب وجهتك نحو أهل الخير حقًا ، صوب صوتك وانتخب الأصلح لك في دينك ودنياك يقول سيدنا محمد صلىالله عليه وسلم: “أوصيكم بأصحابي ثمّ الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ثم يفشوا الكذب، إلى أن يقول وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد ومن الاثنين أبعد فمن أراد بحبوحة الجنة فليلزم الجماعة”.
اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات ربنا ءاتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار اللهم اجعلنا هداةً مهتدين غير ضالين ولا مضلين اللهم استر عوراتنا وءامن روعاتنا واكفنا ما أهمنا وقنا شر ما نتخوف.
عباد الله “إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون”
أذكروا الله العظيم يذكركم واشكروه يزدكم، واستغفروه يغفر لكم واتقوه يجعل لكم من أمركم مخرجًا.
شرح قوله تعالى: (النار يعرضون عليها غدواً وعشيا)
وفضل سورة تبارك
الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على سيدنا محمد أشرف المرسلين وعلى ءاله وصحبه الطيبين الطاهرين.
أما بعد، فقد قال الله تبارك وتعالى: {النّار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا ءال فرعون أشدّ العذاب}.
عذاب القبر ثابت بنص القرءان والحديث وأما هذه الآية فقد وردت في عذاب القبر للكفار وأما عصاة المسلمين فهم صنفان صنف يعفيهم الله من عذاب القبر وصنف يعذبهم ثم ينقطع عنهم ويؤخر لهم بقية عذابهم إلى الآخرة.
ومما يكون سببا للنجاة من عذاب القبر سورة الملك فقد ورد بالإسناد المتصل في صحيح الإمام ابن حبان من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: “إنّ في القرءان ثلاثين ءاية تستغفر لصاحبها حتى يغفر له تبارك الذي بيده الملك” وفي أمالي الحافظ العسقلاني بإسناد صحيح من حديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: “وددت أنها في جوف كل إنسان من أمتي” أي تبارك الذي بيده الملك فمن حافظ على قراءتها كل يوم كان داخلا في هذا الحديث.
وورد عن ابن عباس رضي الله عنهما أيضا أنه أي صاحب هذه السورة لا يعذب في قبره لأنها تجادل عن صاحبها يوم القيامة فتنجيه من النار أي أنها تمنعه من دخول النار فينبغي حفظها وتلاوتها مع تصحيح اللفظ.
فمن سمع بهذا الفضل العظيم ولم يهتم لحفظها وتلاوتها على الوجه الصحيح الذي أنزلت عليه فإنه متهاون بالخير العظيم وذلك دليل على ضعف همته لآخرته فإنّ من نجا في القبر من العذاب نجا فيما بعد ذلك فقد جاء عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال شعرا:
فإن تنج منها تنج من ذي عظيمة وإلا فإني لا اخالك ناجياً
الحمد لله مالك الملك رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين وإمام المتقين الذي جاء بالحق المبين، المبعوث رحمة للعالمين وعلى آله وصحبه الذين فتحوا الفتوحات وأقاموا قواعد الدين.
كان للإسلام سلف صالح من العلماء الأجلاّء الذين اختصوا بحمل الدين الإسلامي وتبليغه إلى الناس وقد تولوا القيام بالمهمة على أكمل وجه فخلّفوا لنا ثروة عظيمة من كنوز الفكر في جميع فنون العلوم النافعة للمجتمع الإسلامي. ومنهم….
الإمام مالك رضي الله عنه
اسمه ونسبه ومولده:
هو أبو عبد الله مالك بن أنس بن مالك بن أنس بن الحارث وينتهي نسبه إلى يعرب بن يشجب بن قحطان، جده مالك بن أنس من كبار التابعين وأحد الذين حملوا الخليفة عثمان إلى قبره، ووالد جده أنس بن مالك أبو عامر صحابي جليل شهد المغازي كلها مع الرسول صلى الله عليه وسلم ما خلا بدار، وأمه العالية بنت شريك الاسدية، أبناؤه: يحيى ومحمد وحماد. والإمام مالك أحد أصحاب المذاهب المدونة المعروفة والمشهورة في جميع بلاد المسلمين. ولد الإمام في المدينة المنورة سنة 95 هجرية وفيها كانت وفاته.
مشايخه:
روى الإمام مالك رضي الله عنه عن عدد كبير من التابعين وتابعيهم يعدون بالمئات نذكر منهم: نافع مولى بن عمر، وابن شهاب الزهري، وأبو الزناد، وعائشة بنت سعد بن أبي وقاص، ويحيى بن سعيد الأنصاري.
تلاميذه ومن روى عنه:
وقد روى عنه كثير من شيوخه فيما بعد كالزهري ويحيى بن سعيد الأنصاري وعدد كثير من الرواة حتى أن القاضي عياض رحمه الله ألفّ كتابا عدّ فيه ألفا وثلاثمائة اسم ممن روى عن الإمام نذكر منهم سفيان الثوري والإمام الجليل محمد بن إدريس الشافعي وعبد الله بن المبارك.
في مناقبه:
قال الإمام ابن حبّان في “الثقات” كان مالك أول من انتقى الرجال من الفقهاء بالمدينة، وأعرض عمن ليس بثقة في الحديث، ولم يرو إلا ما صحّ ولا يحدث إلا عن ثقة مع الفقه والدين والفضل والنسك. وأقوال الكثيرين من علماء عصره جعلنا نتبين مدى حرصه على دين الله فقد قال الشافعي عنه: إذا ذكر العلماء فمالك النجم، وقال ابن معين: مالك من حجج الله على خلقه، وقال يحيى بن سعيد القطان: مالك أمير المؤمنين في الحديث، وقال ابن سعيد كان مالك ثقة مأمونا ثبتا ورعا فقيها عالما حجة.
مصنفاته:
الموطأ أول كتاب حمل هذا الاسم، ومعناه الممهد وهو أول الكتب التي وضعت فيها الأحاديث مصنفة ومبوبة، كما أنه أول كتاب ألفّ في الحديث والفقه معا. ألفه مالك في أربعين سنة فقد قال الشافعي في الموطأ: ما ظهر على الأرض كتاب بعد كتاب الله أصح من كتاب مالك وقد اشتمل الموطأ على الكثير من الأسانيد التي حكم المحدثون بأنها أصح الأسانيد ومنها: الزهري عن سالم عن ابن عمر، ومالك عن نافع عن ابن عمر.
وفاته:
توفي الإمام مالك رضي الله عنه في ربيع الأول سنة 179 هجرية ودفن في البقيع وقد عاش 84 سنة في عصر ردد فيه: “أيُفتى ومالك في المدينة”.
الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه
اسمه، نسبه ومولده:
أبو حنيفة النعمان بن ثابت مولى بني تيم الله بن ثعلبة ولد سنة 80 هجرية بالكوفة وكان ذلك في زمن دولة بني أمية كان أبوه ثابت من أهل التقوى والصلاح اشتغل بتجارة القماش أدّب ابنه وسار به مسار العلماء بتعليمه.
مشايخه:
التقى أبو حنيفة بستة من الصحابة وروى عنهم وهم: أنس بن مالك، وعبد الله بن أنس، وواثلة ابن الأسقع، وعبد الله بن أوفى، وعبد الله بن جزء الزبيدي، ومعقل بن يسار. وأما مشايخه من التابعين فهم حوالي المائتين نذكر منهم: أبو جعفر محمد بن علي بن الحسين بن علي ابن أبي طالب رضي الله عنه، وأبو الحسين زيد بن الحسين رضي الله عنه، وعطاء بن أبي رباح، وحماد ابن سليمان، وأبو بكر محمد بن مسلم بن عبيد الله بن شهاب الزهري.
تلاميذه:
وهم كثر نذكر منهم محمد بن الحسن الشيباني وأبا يوسف القاضي.
مناقبه:
كان من أذكياء بني آدم جمع الفقه والعبادة والورع والسخاء وكان لا يقبل جوائز الدولة بل ينفق ويؤثر من كسبه له دار كبيرة لعمل الخز وعند صناع وأجراء رحمه الله تعالى وقد قال الشافعي الناس في الفقه عيال على أبي حنيفة وقال يزيد بن هارون ما رأيت أورع ولا أعقل من أبي حنيفة.
9:30:24ارتحل إلى البصرة نيفا وعشرين مرة فخصم المعتزلة الدهريين بالكلام وناظرهم وفضح أمرهم وأقام عليهم الحجة حتى أصبح أشهر متكلمي أهل السنة في زمانه، ومع هذا كله كان يختم القرءان في شهر رمضان ستين ختمة، وروى أنه داوم على قراءة القرءان في ركعة من الصلاة ثلاثين سنة وكان يصلي في كل ليلة 400 ركعة.
مصنفاته:
ألفّ الإمام أبو حنيفة رضي الله عنه الكثير من الكتب في عدة أبواب نذكر منها: الفقه الأكبر، والرسالة، وكتاب العالم والمتعلم، وفيه من الحجج والبراهين ما يلجم أهل الإلحاد والبدع.
وفاته:
ذكر ابن الأهدل أن أبا جعفر المنصور نقله إلى بغداد ليوليه القضاء فأبى فحلف عليه ليفعلن فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل، فأمر بحبسه وقيل أنه كان يرسل إليه في الحبس أنك إن أجبت وقبلت ما طلبت منك لأخرجنك من الحبس ولأكرمنك، فأبى، فأمر بأن يخرج كل يوم فيضرب عشرة أسواط فكان يخرج به كل يوم فيضرب فأكثر الدعاء فلم يلبث إلا يسيرا حتى مات في الحبس مبطونا سنة 150 هجرية. فأخرجت جنازته وكثر بكاء الناس عليه وصلى عليه خمسون ألفا ودفن في مقابر الخيزران في بغداد.
هذه لمحة مما كان عليه الإمام الفاضل أبو حنيفة من دأب على نشر العلم وإحقاق الحق وإزهاق الباطل ومحاربة أهله والصبر على قضاء الله واحتمال الجلد والسجن بالصبر خوفا على دينه وحرصا عليه.
دعاء: اللهم اجعل همنا نشر العلم ودأبنا إحقاق الحق وإزهاق الباطل.
3 – الإمام الشافعي رضي الله عنه
اسمه نسبه ومولده:
هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن عثمان بن شافع بن السائب بن عبيد بن عبد يزيد بن هاشم بن المطلب بن عبد مناف يجتمع نسبه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في عبد مناف، لقي جده شافع رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو مترعرع، وأم الشافعي هي فاطمة بنت عبيد الله بن الحسن بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وأما مولده فعن عمرو بن سواد قال: قال لي الشافعي ولدت بعسقلان فما أتت علي سنتان حملتني أمي إلى مكة وكانت رغبتي في شيئين الرمي وطلب العلم فنلت من الرمي حتى أني لأصيب من عشرة عشرة وسكت عن العلم، فقلت أنت والله في العلم أكثر منك في الرمي، وقد ولد سنة 150 هجرية في السنة التي مات بها أبو حنيفة رحمهما الله.
مشايخه:
ذكر أنهم قريب 80 نذكر منهم سفيان بن عيينه، الإمام مالك بن أنس، وفضيل ابن عياض، ومحمد بن الحسن الشيباني، وعبد الله بن المبارك.
تلاميذه:
الإمام أحمد بن حنبل، وأبو ثور وغيرهم من كبار العلماء.
مناقبه:
اجتمع للشافعي رحمه الله من الفضائل ما لم تجتمع لغيره فأول ذلك نسبه ومنصبه وأنه من رهط النبي صلى الله عليه وسلم منها صحة الدين وسلامة الاعتقاد من الأهواء والبدع ومنها سخاوة النفس ومنها معرفته بصحة الحديث وسقمه. قال الشافعي يوما قدمت على مالك بن أنس رضي الله عنه وقد حفظت الموطأ فقال لي احضر من يقرأ لك فقلت أنا قارئ فقرأت عليه الموطأ فقال: إن يك أحد يفلح فهذا الغلام. وقال الحميدي: كنا نريد أن نرد على أصحاب الرأي فلم نحسن كيف نرد عليهم حتى جاءنا الشافعي ففتح لنا. وقال مسلم بن خالد الزنجي للشافعي رضي الله عنهما: أنت يا أبا عبد الله فقد والله آن لك أن تفتي. وهو ابن خمس عشرة سنة، وعن إسحاق بن راهوية قال لي أبي: كلم الشافعي يوما بعض الفقهاء فدقق عليه وحقق وطالب وضيق قلت له يا أبا عبد الله هذا لأهل الكلام لا لأهل الحلال والحرام فقال احكمنا ذاك قبل هذا: أي علم التوحيد قبل فروع الفقه.
وعن عباس بن الحسين قال سمعت بحر بن نصر يقول كنا إذا أردنا أن نبكي قلنا بعضنا لبعض قوموا بنا إلى هذا الفتى المطلبي نقرأ القرءان فإذا أتيناه استفتح القرءان حتى تتساقط الناس بين يديه ويكثر عجيجهم بالبكاء فإذا رأى ذلك أمسك عن القراءة من حسن صوته، وكان الشافعي قد جزأ الليل ثلاثة أثلاث، الثلث الأول يكتب والثاني يصلي والثالث ينام.
مصنفاته:
وهي كثيرة نذكر منها: إثبات النبوة والرد على البراهمة، والرسالة في بيان الناسخ والمنسوخ في القرءان والسنة، والفقه الأكبر، وكتاب الأم في الفقه.
وفاته:
توفي في ءاخر يوم رجب سنة 204 هجرية وقد كتب على قبره في مصر: “هذا قبر محمد بن إدريس الشافعي وهو يشهد أن لا ءاله إلا الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا رسول الله وأن الجنّة حق والنّار حق وأنّ الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله يبعث من في القبور وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله ربّ العالمين لا شريك له وبذلك أمر وهو من المسلمين. عليه حيي وعليه مات وعليه يبعث حيا إن شاء الله، وعن ابن حزم المزني قال ناحت الجن ليلة مات الشافعي رضي الله عنه.
4 – الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه
اسمه نسبه ومولده:
هو أبو عبد الله الشيباني أحمد بن محمد بن حنبل من بني شيبان ابن ذهل يجتمع نسبه بالنبيّ صلى الله عليه وسلم في نزار، فأحمد من ولد ربيعه من نزار والرسول صلى الله عليه وسلم من ولد معدّ بن نزار ولد في ربيع الأول سن 164، جاءت أمه حاملة به من مرو في خرسان وولدته في بغداد وكان أبوه عندما توفي شابا وله من العمر ثلاثون سنة وكان أحمد طفلا فرعته أمه.
مشايخه:
أول طلب أحمد للعلم كان سنة 179 هجرية. فسمع أحمد من هشيم، وإبراهيم بن سعد، ويزيد بن هارون، ومحمد بن إدريس الشافعي.
تلاميذه:
وروى عنه عبد الرزاق بن همام، ومحمد بن إدريس الشافعي، والأسود بن عامر وغيرهم من كبار العلماء أمثال البخاري ومسلم وغيرهم.
مناقبه:
وكان الإمام أحمد إماما في الحديث وضروبه إماما في الفقه والورع والزهد وحقائقه وقد قال إبراهيم الحربي أدركت ثلاثة لم ير مثلهم أبدا يعجز النساء أن يلدن مثلهم رأيت أبا عبيد القاسم بن سلام ما أمثله إلا بجبل نفخ فيه روح ورأيت بشر بن الحرث ما شبهته إلا برجل عجن من قرنه إلى قدمه عقلا ورأيت أحمد بن حنبل كأن الله جمع له علم الأولين من كل صنف يقول ما شاء ويمسك ما شاء، وعن الحسن بن العباس قال قلت لأبي مسهر هل تعرف أحدا يحفظ على هذه الأمة أمر دينها قال لا أعلم إلا شابا بالمشرق يعني أحمد بن حنبل، وقال إبراهيم بن شماس خاص الناس فقالوا إن وقع أمر في أمة محمد صلى الله عليه وسلم فمن الحجة على وجه الأرض فاتفقوا كلهم على أحمد بن حنبل حجته وكان الشافعي يأتيه إلى منزله فعوتب في ذلك فأنشد:
قالوا يزورك أحمد وتزوره
قلت الفضائل لا تفارق منزله
إن زارني فبفضله أو زرته
فلفضله فالفضل في الحالين له.
مصنفاته:
وكان له العديد من المصنفات منها المسند، والناسخ والمنسوخ، والرد على الزنادقة فيما ادعت من متشابه القرءان، والتفسير، وفضائل الصحابة، والمناسك والزهد.
وفاته:
مرض أبو عبد الله بالحمى ليلة الأربعاء من شهر ربيع الأول سنة 241 ودام مرضه 9 أيام وتوفى يوم الجمعة 12 من ربيع الأول وهو ابن سبع وسبعين سنة ويروى أنه حضر جنازته ثمانمائة ألف رجل وستين ألفا امرأة وأسلم يوم موته عشرون ألفا من اليهود والنصارى والمجوس وحكى عن إبراهيم الحربي قال رأيت بشر الحافي في النوم كأنه خارج من مسجد الرصافة وفي كمه شىء يتحرك فقلت ما هذا في كمك فقال نثر علينا لقدوم روح أحمد الدر والياقوت فهذا ما التقطته.
دعاء: اللهم اجعلنا من أتباع الأئمة الصادقين العاملين بهذا الدين.
إعداد اللجنة الدينية
في إدارة السنة