الرد على نفاة التوسل بالنبي من كلام من يحبون
قال ابن كثير في تاريخه (ج/ص:6/357) : أنه في يوم اليمامة قاتلت بنو حنيفة أصحاب مسليمة قتالاً لم يعهد مثله، واستشهد عدد من الصحابة حتى نادى خالد بن الوليد بشعار المسلمين، قال ابن كثير: وكان شعارهم يومئذ: يا محمَّداه، إلى أن قال : فكان جملة من قتلوا في الحديقة وفي المعركة – أي من العدو – قريبًا من عشرة آلاف مقاتل، وقيل: أحد وعشرون ألفًا، وقتل من المسلمين ستُّمائة، وقيل: خمسمائة”اهـ.
وقال ابن كثير الدمشقي في البداية والنهاية (ج/ص: 7/ 104) : ” وقد روينا: أن عمر عس المدينة ذات ليلة عام الرمادة فلم يجد أحداً يضحك، ولا يتحدث الناس في منازلهم على العادة، ولم ير سائلاً يسأل، فسأل عن سبب ذلك فقيل له: يا أمير المؤمنين إن السؤّال سألوا فلم يعطوا فقطعوا السؤال، والناس في همٍّ وضيق، فهم لا يتحدثون ولا يضحكون.
فكتب عمر إلى أبي موسى بالبصرة: أن يا غوثاه لأمة محمد.
وكتب إلى عمرو بن العاص بمصر: أن يا غوثاه لأمة محمد.
فبعث إليه كل واحد منهما بقافلة عظيمة تحمل البر وسائر الأطعمات، ووصلت ميرة عمرو في البحر إلى جدة، ومن جدة إلى مكة، وهذا الأثر جيد الإسناد” اهـ
ثم قال ابن كثير : روى سيف، عن مبشر بن الفضيل، عن جبير بن صخر، عن عاصم بن عمر بن الخطاب: أن رجلاً من مزينة عام الرمادة سأله أهله أن يذبح لهم شاة فقال: ليس فيهن شيء. فألحوا عليه فذبح شاة فإذا عظامها حمر فقال: يا محمداه. فلما أمسى أري في المنام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول له: أبشر بالحياة”اهـ
وقال ابن كثير في تاريخه (ج/ص: 8/210) : فلما مروا- أهل الحسين ونساؤه- بمكان المعركة ورأوا الحسين وأصحابه مطرحين هنالك بكته النساء، وصرخن، وندبت زينب أخاها الحسين وأهلها. فقالت وهي تبكي: يا محمداه، يا محمداه، صلى عليك الله، مليك السماه، هذا حسين بالعراه، مزمل بالدماه، مقطع الأعضاء يا محمداه، وبناتك سبايا، وذريتك مقتلة، تسفي عليها الصبا. قال: فأبكت والله كل عدوٍ وصديق”اهـ.
فكيف يقول بعض من لا حظ له من العلم أن الذي يتوسّل بالنبي صلى الله عليه وسلم صار مُشركاً لأنه عبد غير الله، وقد بيّنا أن العبادة هي غاية الخضوع والخشوع، ولا نعتقد بأحد مِنَ المسلمين الذين يتوسّلون بالنبيّ صلى الله عليه وسلم أنهم يعبدونه أو يعتقدون أنه يضر وينفع على الحقيقة، بل الذي نعتقده فيهم أنهم يدينون لله بأنه هو الضّار والنافع على الحقيقة وإنما يتوسّلون بالنبي صلى الله عليه وسلم لمقامه عند الله عز وجل، وهذا هو الذي فهمه الصحابة والسلف الصالح من التوسل لذلك كانوا يتوسلون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأخذ علماء الخلف منهم جواز التوسّل.
فالذي يدعو الله بجاه محمد فهذا القول جائز ليس شركاً، فلا تلتفت أخي المسلم لمن يرمون الناس بالشرك لأنهم يدعون الله بجاه محمد، وإليك الأدلة على ما نقول:
الدليل على جواز التوسل:
والدليل على جواز التوسل بالنبي عليه الصلاة والسلام ما رواه الطبراني في معجميه الكبير والصغير عن الصحابي عثمان بن حُنيف: أن رجلاً كان يختلف إلى عثمان بن عفان، فكان عثمان لا يلتفت إليه ولا ينظر في حاجته، فلقي عثمانَ بن حنيف، فشكى إليه ذلك، فقال: “ائت الميضأة فتوضأ ثم صلّ ركعتين ثم قل: (((اللّهم إني أسألك وأتوجّه إليك بنبيك محمد نبي الرحمة، يا محمد إني أتوجه بك إلى ربي في حاجتي لتقضى لي))) ثم رُحْ حتى أروح معك”.
قال الطبراني: “والحديث صحيح” ففيه دليل على أن الأعمى توسّل بالنبي صلى اللّه عليه وسلم في غير حضرته، بل ذهب إلى الميضأة فتوضأ وصلى ودعا باللفظ الذي علّمه رسول اللّه، ثم دخل على النبي صلى اللّه عليه وسلم والنبي لم يفارق مجلسه لقول راوي الحديث عثمان بن حُنيف: “فواللّه ما تفرقنا ولا طال بنا المجلس حتى دخل علينا وقد أبصر”.