غاية البيان في تنزيه الله عن المكان – 2
يقول الشيخ محمد بن علان الصديقي الشافعي ما نصه (1): “فلما ولي صلاح الدين بن أيوب وحمل الناس على اعتقاد مذهب الأشعري أمر المؤذنين أن يعلنوا وقت التسبيح بذكر العقيدة الأشعرية التي تُعرف بالمرشدية فواظبوا على ذكرها كل ليلة” اهـ.
ولما كان للسلطان المذكور هذا الاهتمام بعقيدة الأشعري ألف الشيخ الفقيه النحوي محمد بن هبة الله رسالة في العقيدة وأسماها “حدائق الفصول وجواهر الأصول ” وأهداها للسلطان فأقبل عليها وأمر بتعليمها حتى للصبيان في المكاتب، ” وصارت تسمى فيما بعد “بالعقيدة الصلاحية”.
ومما جاء في هذه الرسالة (2):
و (صانـع الـعـالـم لا يحويه قـطر ) تعالى الله عن تشبيه قد كـان مـوجـودا. ولا مكـانـا وحكمه الان على ما كانا سبحانه جـل عن المكان وعز عن تغيرِ الزمان فـقـد غـلا وزاد فـي الغلو من خصه بجهة العلو وحصر الصانع فـي السماء مبدعها والعرش فوق الماء وأثـبـتـوا لذاته التحيزا قد ضل ذو التشبيه فيما جوزا
(1) الفتوحات الربانية (2/ 113).
(2) أنظر حدائق الفصول (ص/ 15).
ولا يستغرب هذا الاهتمام البالغ من السلطان صلاح الدين الأيوبي رحمه الله تعالى فإنه كان قد نشأ على هذا الاعتقاد منذ كان في خدمة السلطان الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بدمشق، فحفظ صلاح الدين في صباه عقيدة ألفها له قطب الدين أبو المعالي مسعود بن محمد بن مسعود النيسابوري وصار يحفّظها صغار أولاده، فلذلك عقد جميع سلاطين بني أيوب الخناصر وشدوا البنان على مذهب الأشعري واستمر الحال جميع أيامهم وانتقل إلى أيام السلاطين المماليك ثم إلى سلاطين بني عثمان رحمهم الله تعالى إلى وقتنا هذا.
ولما كان أهل السنة والجماعة هم حرَّاس العقيدة الحقة والمدافعين عنها والداحضين لشبه المشبهة والمجسمة الذين انكسروا أمام الحجج القاطعة التي يوردها أهل الحق، ولمّا كان الوهابية أتباع محمد بن عبد الوهاب الذي خرج من نجد من الفِرق التي تدعو إلى عقيدة تشبيه الخالق بالمخلوق كوصف الله بالجلوس والاستقرار على العرش ونسبة الجهة والمكان والأعضاء والجوارح لله عزَّ وجل والعياذ بالله من الكفر، عمدوا إلى التضليل والطعن بعلماء أهل السنة والجماعة وبالأخص علماء التوحيد، حتى وصل الأمر بالوهابية إلى تعليم الناس أن هؤلاء العلماء كفار عند أهل السنة، فقالوا بعد أن ذكروا أن الجهمية ينفون أسماء الله ما نصه (1): “وتبعهم على ذلك طوائف من المعتزلة والأشاعرة وغيرهم، فلهذا كفّرهم كثيرون من أهل السنة” انتهى بحروفه. وهذا الكلام
(1) أنظر كتابهم المسمى “فتح المجيد”: باب من جحد شيئا من الأسماء والصفات: (ص/ 353)، مكتبة دار السلام- الر ياض، ط أولى 13 4 1 ص- 992 1 ر.
لعبد الرحمن بن حسن حفيد محمد بن عبد الوهاب مؤسس بدعة المذهب الوهابي، ذكره في كتابه المسمى “فتح المجيد”، وهذا دليل على أن الوهابية يضللون علماء المسلمين من الأشاعرة وغيرهم منذ مائتي سنة تقريبا، وزعمه أن أهل السنة كفروا الأشاعرة كذب وزور وبهتان فإن أكثر علماء الحديث والفقه والتفسير والتجويد واللغة وغيرهم من الأشاعرة. ودعاة الوهابية على هذا الانحراف في سب علماء الأمة، فهذا صالح ابن فوزان الفوزان أحد أبرز دعاتهـم يقول ما نصه (1): “والأشاعرة والماتريدية خالفوا الصحابة والتابعين والأئمة الأربعة في كثير من المسائل الاعتقادية وأصول الدين فلم يستحقوا أن يلقبوا بأهل السنة والجماعة” انتهى بحروفه.
وقال زميله محمد بن صالح العثيمين وهو من أبرز دعاة الوهابية أيضا عندما قيل له: “- سؤال: النووي وابن حجر نجعلهما من غير أهل السنة والجماعة؟- قال! العثيمين: فيما يذهبان إليه في الأسماء والصفات ليسا من أهل السنة والجماعة- سؤال: بالإطلاق ليسوا من أهل السنة والجماعة؟- قال العثيمين: لا نطلق ” انتهى بحروفه (2).
قلنا: علماء أهل السنة من الاشاعرة والماتريدية الذين انتشروا في أنحاء الأرض لتعليم الناس عقيدة أهل الحق منذ ألف ومائة سنة تقريبا لا
(1) أنظر كتابه المسمى”من مشاهير المجددين في الإسلام ابن تيمية ومحمد بن عبد الوهاب” على زعمه :(ص/ 32) طبع و نشر الرئاسة العامة لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد- السعودية (طبع عام 1408 هـ) وهذا يعني أن مجلس الافتاء عندهم يتبنى الطعن وذم علماء الأمة.
(2) أنظر كتاب “لقاء الباب المفترح”: (ص/ 42) دار الوطن- الرياض، ط أولى 1414هـ.
يعلم عددهم على الحقيقة إلا الله تبارك وتعالى، واذا أردنا أن نجمع أسماءهم فقط مع تعدد فنونهم إن كان في العقيدة أو الحديث أو الفقه أو التفسير أو غير ذلك لجاء ذلك في مجلدات كثيرة. ولو عُمل بقول الوهابية بتضليل كل ماتريدي وأشعري في عقيدته لانقطع سند العدالة بيننا وبين السلف الصالح الذي يزعم الوهابية أنهم ينتسبون إليه.
فان كان هؤلاء يقولون عن النووي وابن حجر وغيرهما من الأشاعرة والماتريدية إنهم على البدعة والضلالا والكفر، فلا عجب بعد ذلك إذا وَصفوا الشيخ العلامة المحدث الفقيه الشيخ عبد الله الهرري المعروف بالحبشي بما وصفوا به علماء المسلمين لكونه على منهج هؤلاء العلماء في نشر عقيده أهل الحق. وعلى مقتضى كلام الوهابية فالمجاهد صلاح الدين الأيوبي الذي دافع عن بلاد المسلمين ونصر المظلومين يكون من المبتدعة الضالين لأنه أشعري المعتقد، فلم تسلم من ألسنتهم الأموات ولا الأحياء، وإلى الله المشتكى واليه المصير.
87- قال الإمام الحافظ المفسر عبد الرحمن بن علي المعروف بابن الجوزي الحنبلي (597 هـ) ما نصه (1): ” الواجب علينا أن نعتقد أن ذات الله تعالى لا يحويه مكان ولا يوصف بالتغير والانتقال” اه.
88- وقال أيضا (2): أفترى اقواما يسمعون أخبار الصفات فيحملونها على ما يقتضيه الحس، كقول قائلهم: ينزل بذاته إلى السماء وينتقل، وهذا فهم
(1) دفع شبه التشبيه (ص/58). (2) صيد الخاطر (ص/ 476).
ردىء، لأن المنتقل يكون من مكان إلى مكان، ويوجب ذلك كون المكان أكبر منه، ويلزم منه الحركة، وكل ذلك محال على الحق عز وجل ” اهـ.
وابن الجوزي من أساطين الحنابلة وصاحب كتاب أدفع شبه التشبيه ” الذي رد فيه على المجسمة الذين ينسبون أنفسهم إلى مذهب الامام أحمد والإمام أحمد بريء مما يعتقدون. وقد بين ابن الجوزي في هذا الكتاب أن عقيدة السلف وعقيدة الإمام أحمد تنزيه الله عن الجهة والمكان والحد والجسمية والقيام والجلوس والاستقرار وغيرها من صفات الحوادث وا لأجسام.
89- ومما قاله في هذا الكتاب (1): ” كل من هو في جهة يكون مقدرا محدودا وهو يتعالى عن ذلك، وإنما الجهات للجواهر والأجسام لأنها أجرام تحتاج إلى جهة، وإذا ثبت بطلان الجهة ثبت بطلان المكان” اهـ.
90- وقال أيضا ما نصه (2): ” فإن قيل: نفي الجهات يحيل وجوده، قلنا: إن كان الموجود يقبل الاتصال والانفصال فقد صدقتَ، فأما إذا لم يقبلهما فليس خلوه من طرق النقيض بمحال ” اهـ.
91- وقال الشيخ تاج الدين محمد بن هبة الله المكي الحموي المصري (599 هـ) (3) في تنزيه الله عن المكان ما نصه (4):
(1) الباز الأشهب (ص/ 57).
(2) المصدر السابق (ص/ 59).
(3) قال تاج الدين السبكي في طبقاته: “كان فقيها فرضيا نحويا متكلما، أشعري العقيدة، إماما من أئمة المسلمين، إليه مرجع أهل الديار المصرية في فتاويهم. وله نظم كثير منه ارجوزة سماها “حدائق الفصول وجواهر الأصول ” صنفها للسلطان صلاح الدين، وهي حسنة جدا نافعة، عذبة النظم) اهـ. (7/23- 25).
(4) منظومته “حدائق الفصول وجواهر الأصول” في التوحيد، التي كان أمر بتدريسها السلطان المجاهد صلاح الدين الأيوبي (ص/ 10).
“وصـانـع الـعـالـم لا يـحـويـه قـطـر تـعـالـى الله عـن تـشـبـيـه قـد كـان مـوجـودا ولا مكـانـا وحـكـمـه الان عـلـى مـا كـانـا سبحـانـه جل عن الـمكـان وعـز عـن تـغـيـر الـزمـان” اهـ
92- وقال المبارك بن محمد المعروف بابن الأثير (606 ص) ما نصه (1): “المراد بقرب العبد من الله تعالى القرب بالذكر والعمل الصالح، لا قرب الذات والمكان لأن ذلك من صفات الأجسام، والله يتعالى عن ذلك ويتقدس ” اه.
93- وقال المفسر فخرالدين الرازي (6 0 6 هـ) ما نصه (2): “واعلم أن المشبهة احتجوا على إثبات المكان لله تعالى “أَأَمنتم من في السماء “(16)اهـ
أي أن اعتقاد أن الله في مكان فوق العرش أو غير ذلك من الأماكن هو اعتقاد المشبهة الذين قاسوا الخالق على المخلوق وهو قياس فاسد منشؤه الجهل واتباع الوهم “اهـ.
94- وقال أيضا (3): ” قوله تعالى” وهو العلي العظيم ” (4) لا يجوز أن يكون المراد بكونه عليا العلو في الجهة والمكان لما ثبتت الدلالة على فساده، ولا يجوز أن يكون المراد من العظيم العظمة بالجثة وكبر الجسم، لأن ذلك يقتضي كونه مؤلفا من الأجزاء والأبعاض، وذلك ضد قوله” قل هو الله أَحد”(1),
فوجب أن يكون المراد من العلي
(1) النهاية في غريب الحديث (مادة ق ر ب، 4/ 32).
(2) تفسير الرازي المسمى بالتفسير الكبير (سورة الملك/ ءاية 16- 30/ 69).
(3) المصدر السابق (سورة الشورى/ ءاية 4- 27/ 144).
المتعالي عن مشابهة الممكنات ومناسبة المحدثات، ومن العظيم العظمة بالقدرة والقهر بالاستعلاء وكمال الإلهية، اهـ.
95- وقال الشيخ أبو منصور-فخر الدين عبد الرحمن بن محمد المعروف بابن عساكر (620 هـ) عن الله تعالى ما نصه (1): “موجود قبل الخلق ليس له قبل ولا بعد، ولا فوق ولا تحت، ولا يمين ولا شمال، ولا أمام ولا خلف، ولا كل ولا بعض، ولا يقال متى كان، ولا أين كـان ولا كيف، كان ولا مكان، كون الأكوان، ودبر الزمان، لا يتقيد بالزمان، ولا يتخصص بالمكان ” اهـ.
96- وقال الشيخ إسماعيل بن إبراهيم الشيباني الحنفي (629 ص) ما نصه (2): “مسألة: قال أهل الحق: إن “الله تعالى متعال عن المكان، غير متمكن في مكان، ولا متحيز إلى جهة خلافا للكرامية والمجسمة… والذي يدل عليه قوله تعالى “ليس كمثله شيء وهو السميع البصير ” (11) سورة الشورى
فالله سبحانه وتعالى نفى أن يكون له مثل من الأشياء، والمكان والمتمكن متساويان قدرا متماثلا لاستوائهما في العدد، فكان القول بالمكان والتمكن ردا لهذا النص المحكم الذي لا احتمال فيه، ورد مثله يكون كفرا. ومن حيث المعقول: ان الله تعالى كان ولا مكان، لأن المكان حادث بالإجماع، فعلم يقينا أنه لم يكن متمكنا في الأزل في مكان، فلو صار متمكنا بعد وجود المكان لصار متمكنا بعد أن لم يكن متمكنا، ولا شك أن هذا المعنى حادث وحدوث المعنى في
(1) طبقات الشافعية (8/ 186).
(2) أنظر شرحه على العقيدة الطحاوية المسمى بيان اعتقاد أهل السنة (ص/ 45).
الذات أمارة الحدث، وذات القديم يستحيل أن يكون محل الحوادث على ما مر، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا” اهـ.
حتى إن أحد هؤلاء المخذولين ألَّف رسالة في هذه العقيدة الكفرية بكل وقاحة سمّاها “القول المختار لبيان فناء النار” (ط ا عام 412 هـ/ مطبعة سفير- الرياض) ايَّد فيها القول بفناء النار وانتهاء عذاب المشركين
والكافرين الذين حاربوا الله ورسله، بل تمادى في غيّه وضلاله إلى الكذب على الله تعالى، فقال إن في القرءان ءايات تدل على أن النار تنطفىء وتفنى وينتهي عذاب الكفار والمشركين، أي على مقتضى كلامه .عذاب أبي لهب وأبي جهل ومسيلمة الكذاب الذي ادعى النبوة في زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ,وفرعون الذي ادعى الألوهية وحارب نبي الله موسى عليه السلام، واليهود قتلة الأنبياء ينتهي ويزول على زعمه والعياذ بالله من مثل هذا الكفر القبيح الشنيع، ويكفي أن نذكر ءاية واحدة من أكثر من ستين ءاية في القرءان تدل على بقاء النار وعذابها الأبدي السَّرمدي للكفار وهي قوله تعالى :” وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لَا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلَا يُخَفَّفُ عَنْهُم مِّنْ عَذَابِهَا”(36) سورة فاطر ومما تبجّح به هذا الوهابي قوله (1): “القول بفناء النار لا شك فيه لورود الأدلة بذلك من الكتاب والسنة” اه. وهذا كذب على الكتاب والسنة، وقال أيضا (2): ” والحق والصواب معهما- يقصد ابن تيمية وتلميذه ابن القيم- في ذلك، وقد تكلما فيه دفاعا عن الإسلام ” اهـ. وأي دفاع عن الإسلام هذا الذي زعمه هذا المفتري على الإسلام بل هو دفاع عن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم اللذين عارضا القرءان برأيهما!! وقال أيضا (3): “أما مصير أهل النارَ بعد فنائها بتحول عذابها فهو كما قال ابن عباس: يأمر الله النارَ فتأكلهم، يعني أبدانهم وأرواحهم) اهـ. ألم يقرأ هذا المفتري قول الله تعالى عن الكافر”الَّذِي يَصْلَى النَّارَ الْكُبْرَى”(12) ثُمَّ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا يَحْيَى” (13) سورة الأعلى
(1) راجع الكتاب (ص/ 7).
(2) راجع الكتاب (ص/ 14).
(3) راجع الكتاب (ص/ 28).
ونسبة هذا القول الباطل إلى ابن عباس فِرية بلا مِرية. هذه نبذة من فضائح الوهابية فإنهم يهدمون عقيدة أهل السنة متسترين بشعار السلفية والسلف منهم براء.
135- وكذا الحافظ صلاح الدين أبو سعيد خليل بن كيكلدي العلائي (1) (761 هـ) كان على عقيدة أهل الحق في تنزيه الله عن المكان والجهة، فقد وقف على رسالة في العقيدة ألَّفها الشيخ أبو منصور فخر الدين بن عساكر وأثنى عليها بقوله (2): “وهذه “العقيدةُ المرشدةُ” جرى قائلها على المنهاج القويم، والعَقْد المستقيم، وأصاب فيما نزَّه به العليَّ العظيم ” ا.هـ.
136- وقال الشيخ عبد الله بن أسعد اليافعي اليمني (768 هـ) بعد أن ذكر عقيدة الصوفية في تنزيه الله عن الجهة والمكان ما نصه (3): “فأنا أذكر الآن عقيدتي معهم على جهة الاختصار فأقول وبالله التوفيق: الذي نعتقده أنه سبحانه وتغالى استوى على العرش على الوجه الذي قاله، وبالمعنى الذي أراده، استواء منزها عن الحلول والاستقرار والحركة والانتقال، لا يحمله العرش بل العرش وحملته محمولون بلطف قدرته، لا يقال أين كان ولا كيف كان، ولا متى، كان ولا مكان ولا زمان، وهو الآن على ما عليه كان، تعالى عن الجهات والأقطار والحدود والمقدار” اهـ.
(1) قال تاج الدين السبكي: (كان حافظا ثبتا ثقة عارفا بأسماء الرجال والعلل والمتون، فقيها متكلما أديبا شاعرا ناظما ناثرا أشعريا صحيح العقيدة سنيا، لم يخلف بعده في الحديث مثله) اه، طبقات. ا لشافعية (10/ 36)
(2) طبقات الشافعية الكبرى: ترجمة عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله (8/ 185).
(3) روض الرياحبن (ص/ 498).
137- وكذا الشيخ تاج الدين أبو نصر عبد الوهاب بن علي بن عبد الكافي السبكي الشافعي الأشعري (771 هـ) كان ينزه الله عن المكان والجهة، فقد أورد في طبقاته رسالة فخر الدين بن عساكر في العقيدة وأثنى عليها وذكر فيءاخر هذه العقيدة ما نصه (1): “هذاءاخر العقيدة، وليس فيها ما يُنكره سنُي ” ا.هـ.
138- وقال أيضا (2) عن الله:
“حيٌّ عـليـمٌ قـادرٌ مـتكـلـمٌ عـال ولا نـعـنـي عُـلُـوَّ مـكـان “
139- ثم قال (3):
“وإلُهنا لاشـىءَيُشبُههُ ولـيس بمشبه شـيئامن الـحِـدْثـِانِ
قد كـان ما معه قـديما قـطُّ من شـىء ولـم يَـبْـرح بـلا أعـوان
خلق الجهات مع الزمان مع المكان الكـل مخـلوق على الإمكـان
ما إن تحُـلُّ به الحـوادثُ لا ولا كلا وليس يحُلُّ في الجسمان ” اهـ
140- وقال أبو إسحاق إبراهيم بن موسى الشاطبي الأندلسي (790 هـ) مانصه (4):”سألني الشيخ الاستاذ الكبير الشهير أبو سعيد فرج بن قاسم ابن لُب التغلبي (5) (782 هـ) أدام الله أيامه عن قول ابن مالك في “تسهيل الفوائد” في باب اسم الإشارة: “وقد يغني ذو البعد عن ذي القرب لعظمة
(1) طبقات الشافعية الكبرى (8/ 186).
(2)المصدر السابق: ترجمة أبي الحسن علي بن إسماعيل الأشعري (3/381).
(3)المصدر السابق (3/ 382).
(4)الإفادات والإنشادات رقم 11-إفادة: الإشارة للبعيد باسم الإشارة الموضوع للقريب (ص/93- 94).
(5) هو نحوي وخطيب بجامع غرناطة ومدرس به.
المشير أو المشار إليه ” فقال: إن المؤلف مثل عظمة المشير في الشرح بقوله تعالى :” وَمَا تِلْكَ بِيَمِينِكَ يَا مُوسَى (17) سورة طه
ولم يبين ما وجه ذلك، فما وجهه؟ ففكرت فلم أجد جوابا. فقال: وجهه أن الإشارة بذي القرب ههنا قد يُتوهم فيها القرب بالمكان، والله تعالى يتقدس عن ذلك، فلما أشار بذي البعد أعطى بمعناه أن المشير مباين للأمكنة، وبعيد عن أن يُوصف بالقرب المكاني، فأتى البعدُ في الإشارة منبها على بعد نسبة المكان عن الذات العلي وأنه يبعد أن يحلَّ في مكان أو يدانيه ” اهـ.
141- وقال الشيخ محمد بن يوسف المعروف بالكرماني البغدادي (786 هـ) وهو أحد.شرَّاح صحيح البخاري ما نصه: “قوله “في السماء” ظاهره غير مراد، إذ الله منزه عن الحلول في المكان ” اهـ، نقله عنه الحافظ ابن حجر (1).
142- وقال العلامة الشيخ مسعود بن عمر التفتازاني (791هـ) في تنزيه الله عن المكان والحيز والجهة ما نصه (2): “وأما الدليل على عدم التحيز فهو أنه لو تحيز فإما في الأزل فيلزم قدم الحيز، أو لا فيكون محلاًّ للحوادث، وأيضّا إمّا أن يساوي الحيز أو ينقص عنه فيكون متناهيا، أو يزيد عليه فيكون متجزئا، وإذا لم يكن في مكان لم يكن في جهة. لا علو ولا سفل ولا غيرهما” ا.هـ.
143- وقال اللغوي مجد الدين محمد بن يعقوب الفيروزابادى(817 هـ)
(1) فتح الباري (13/ 412).
(2) أنظر شرحه على العقيدة النسفية (ص/ 72).
ما نصه (1):وقرب الله تعالى من العبد هو الإفضال عليه والفيض لا بالمكان”ا.هـ.
144- وقال الحافظ المحدث ولي الدين أبو زرعة أحمد بن عبد الرحيم العراقي (826 هـ) ما نصه (2): “وقوله أي النبي- “فهو عنده فوق العرش “لا بد من تأويل ظاهر لفظة”عنده ” لأن معناها حضرة الشىء والله تعالى منزه عن الاستقرار والتحيز والجهة، فالعندية ليست من حضرة المكان بل من حضرة الشرف، أي وضع ذلك الكتاب في محل مُعظّم عنده ” ا.هـ. وهذا يدل على أن عقيدة أهل الحديث تنزيه الله عن المكان والجهة، ومن نسب إليهم خلاف ذلك فقد افترى عليهم.
145- وقد ذكر الفقيه الشيخ تقي الدين الحصني الشافعي الدمشقي (829هـ) أن الله منزه عن الجهة والمكان في أكثر من موضع في كتابه دفع شُبَه من شَبَّه وتمرد ونسب ذلك إلى السيد الجليل الإمام أحمد، ورد على القائلين بذلك
146- وقال الحافظ ابن حجر العسقلاني الشافعي الأشعري (852 هـ) ما نصه (3):”ولا يلزم من كون جهتي العلو والسفل محالا على الله أن لا يوصف بالعلو، لأن وصفه بالعلو من جهة المعنى، والمستحيل كون ذلك من جهة الحس، ولذلك ورد في صفته العالي والعلي والمتعالي، ولم يرد ضد ذلك وإن كان قد أحاط بكل شىء علما جلّ وعز”ا.ه.
(1) بصائر ذوى”التمييز (مادة: ق رب، 4/ 254). (2) طرح التثريب (8/،84).
(3) فتح الباري(6/ 136).
147- وأيضا عند شرح حديث النزول ما نصه (1). “استدل به من أثبت الجهة وقال هي جهة العلو، وأنكر ذلك الجمهور (2) لأن القول بذلك يفضي إلى التحيز، تعالى الله عن ذلك” ا.هـ.
148- وقال أيضا (3): “فمعتمد سلف الأئمة وعلماء السنة من الخلف أن الله منزه عن الحركة والتحول والحلول، ليس كمثله شىء” ا.هـ.
149- وقال أيضا عند شرح قول البخاري: “بابٌ:تحاجَّءادمُ وموسى عند الله “ما نصه (4):”فإن العندية عندية اختصاص وتشريف لا عندية مكان “ا.هـ.
150- وقال الشيخ بدر الدين محمود بن أحمد العَيْني الحنفي (855 هـ) في شرحه على صحيح البخاري ما نصه (5):”ولا يدل قوله تعالى :” وكان عرشه على الماء ” (7) سورة طه على، أنه- تعالى- حالّ عليه، وإنما أخبر عن العرش خاصة بأنه على الماء، ولم يخبر عن نفسه بأنه حال عليه، تعالى الله عن ذلك، لأنه لم يكن له حاجة إليه ” ا.هـ.
151- وقال أيضا ما نصه (6): “تقرر أن الله ليسى بجسم، فلا يحتاج إلى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان ” اه.
(1) فتح الباري (3/ 30).
(2) أي أهل السنة والجماعة المنزهين لله عن مشابهته للمخلوقين، وأما المشبهة فيقولون إن الله يسكن في جهة فوق العرش ثم يموّهون على الناس بقولهم: بلا كيف، فلا تغترّ بكلامهم.
(3) فتح الباري 7/ 124).
(4) فتح الباري (11/ 505).
(5) عمدة القاري (مجلد 12/ 25/ 111).
(6)عمدة القاري (مجلد 12/ 25/ 117).
152- وقال الشيخ جلال الدين محمد بن أحمد المحلي الشافعي (864 هـ) عند شرح قول تاج الدين السبكي: “ليس- الله- بجسم ولا جوهر ولا عَرَض لم يزل وحده ولا مكان ولا زمان” ما نصه (1): “أي هو موجود وحده قبل المكان والزمان فهو منزه عنهما” ا.ها.
153- وقال الشيخ محمد بن محمد الحنفي المعروف. بابن أمير الحاج الحنفي (879 هـ) ما نصه (2): “ولترجيح الأقوى دلالة لزم نفي التشبيه عن البارىءجل وعز في “عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى”(5) ونحوه مما ظاهره يوهم المكان بقوله تعالى “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ”(11)لأنه يقتضي نفي المماثلة بينه وبين شىء ما، والمكان والمتمكن فيه يتماثلان من حيث القدر، إذ حقيقة المكان قدر ما يتمكن فيه المتمكن لا ما فضل عنه، وقدم العمل بهذه الآية لأنها محكمة لا تحتمل تأويلا” ا.ه.
154- وقال الشيخ برهان الدين إبراهيم بن عمر البقاعي الشافعي (885 هـ) صاحب تفسير “نظم الدُّرر” ما نصه (3): “ثبت بالدليل القطعي على أنه سبحانه ليس بمتحيِّزفي جهة” ا.هـ.
155- وقال الشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف السنوسي عند ذكر ما يستحيل في حقه تعالى (895 هـ) ما نصه (4): “والمماثلة للحوادث بأن يكونَ جرما أي يأخُذُ ذاتُه العلي قدرا من الفراغ، أو أن يكون عَرضا يقوم
(1) أنظر شرحه على متن جمع الجوامع (مطبوع مع حاشة البناني) (2/ 405).
(2) التقرير والتحبير (3/ 18).
(3) نظم الدرر (20/ 248).
(4) أم البراهين في العقائد (متن السنوسية)، المطبوع ضمن مجموع مهمات المتون (ص/ 4).
بالجرم، أو يكون في جهة للجرم، أو له هو جهة، أو يتقيد بمكان أو زمان ” ا.هـ.
156- قال الشيخ محمد بن منصور الهدهدي المصري شارحا لكلام السنوسي ما نصه (1): “وكذا يستحيل عليه ما يستلزم مماثلته للحوادث بأن يكون في جهة للجرم بأن يكون فوق الجرم أو تحت الجرم أو يمين الجرم أو شمال الجرم أو أمامه أو خلفه، لأنه لو كان في جهات الجرم لزم أن يكون متحيزا، وكذا يستحيل عليه أن يكونا له جهة لأن الجهة من لوازم الجرم ” ا.هـ.
157- وقال القاضي مصطفى بن محمد الكستلي الحنفي الرومي (901 هـ) في حاشيته على شرح التفتازاني على النسفية عند شرح قول التفتازاني في تنزيه الله عن الجهة والحيز ما نصه (2): ” (قوله: فيلزم قدم الحيز) إذ المتحيز لا يوجد بدون الحيز فقدمه يستلزم قدمه ” ا.هـ.
158- وقال الحافظ محمد بن عبد الرحمن السخاوي (902 هـ )ما نصه (3): “قال شيخنا- يعني الحافظ ابن حجر-: إن علم الله يشمل جميع الأقطار، والله سبحانه وتعالى منزه عن الحلول في الأماكن، فإنه سبحانه وتعالى كان قبل أن تحدث الأماكن ” ا.هـ.
159- وقال الحافظ جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي
(1) شرح الهدهدي على أم البراهين (ص/ 88).
(2) حاشية الكستلي على شرح العقائد (ص/ 72).
(3) المقاصد الحسنة (رقم 886، ص/ 342).
الشافعي الأشعري (911 هـ) عند شرح حديث: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد) ما نصه (1): ” قال القرطبي: هذا أقرب بالرتبة والكرامة لا بالمسافة، لأنه منزه عن المكان والمساحة والزمان. وقال البدر بن الصاحب في تذكرته: في الحديث إشارة إلى نفي الجهة عن الله تعالى”ا.هـ.
160- وقال الشيخ أبو العباس شهاب الدين أحمد بن محمد القسطلاني المصري(933هـ)في شرحه على صحيح البخاري ما نصه (2):”ذات الله منزه عن المكان والجهة” ا.هـ.
161- وقال أيضا ما نصه (3):”قول الله تعالى “وُجُوُهٌ”(22) هي وجوه المؤمنين “يَوْمَئًذٍ”(22) يوم القيامة “نَّاضِرَةٌ(22)حسنة ناعمة “إلى رَبِّهَانَاظِرَةٌ”(23)بلاكيفية ولاجهة ولا ثبوت مسافة. ا.هـ.
162- وقال الشيخ القاضي زكريا الأنصاري الشافعي الأشعري (926 هـ) في شرحه على”الرسالة القشيرية” ما نصه (4): “إن الله ليس بجسم ولا عَرَض ولا في مكان ولا زمان) ا.هـ.
163- وقال أيضا عن الله ما نصه (5): “لا مكان له كما لا زمان له لأنه الخالق لكل مكان وزمان) ا.هـ.
(1) شرح السيوطي لسنن النساني (1/ 576).
(2) إرشاد الساري (15/ 451).
(3) إرشاد الساري (15/ 462).
(4) حاشية الرسالة القشيرية (ص/ 2).
(5) حاشية الرسالة القشيرية (ص/ 5).
164- وقال في تفسيره ما نصه (1): “هو تعالى منزه عن كل مكان)ا.هـ.
165- وقال الشيخ أبو علي محمد بن علي بن عبد الرحمن الصوفي الزاهد المعروف بابن عِراق الكناني الدمشقي نزيل بيروت (933 )ها (2) ما نصه (3):”كان الله ولا مكان وهو الآن على ما عليه كان، جَلَّ عن التشبيه والتقدير، والتكييف والتغيير، والتأليف والتصوير” اهـ.
166- وقال أيضا ما نصه (4): “ذات الله ليس بجسم، فالجسم بالجهات محفوف، هو الله الذي لا إله إلا هو الملك القدوس، على العرش استوى من غير تمكن ولا جلوس”أ هـ.
فهو رحمه الله تعالى في زاويته التي بناها في وسط بيروت كان يدرس تلامذته هذه العقيدة، وعلى هذه العقيدة السُّنية كان مشايخ ومفاتي بيروت وغيرها، وشذ عن هذه العقيدة الوهابيةُ لذلك تجد النكير الشديد من علماء أهل الحق على هذه الشِّرذمة لمخالفتها للمعقول والمنقول ورفضها كلام الأئمة الأعلام من السلف والخلف، فكم من مؤلَّفات ألّفت في تزييف العقيدة التي ابتدعها هؤلاء في مختلف الأقطار كعلماء لبنان
(1) فتح الرحمن: تفسير سورة الملك (ص/ 595).
(2) ولد بدمشق ورحل إلى مصر والتقى بعدد من العلماء منهم القاضي زكريا وجلال الدين السيوطي، ورجع إلى الشام ثم انتقل إلى بيروت وقعد لتربية المريدين وبنى بها دارا لعياله ورباطا للفقراء، وهو صاحـب الزاوية المشهورة بزاوية ابن عِراق في وسط بيروت، وحج وتردد بين الحرمين مرارا، وتوفي رحمه الله تعالى بمكة المكرمة، وهو والد علي بن محمد صاحب كتاب (تنزيه الشريعة المرفوعة عن الأخبار الشنيعة الموضوعة”. أنظر ترجمته :تاريخ النور السافر (ص/ 174)، شذرات الذهب (8/ 196)، وغيرها من المصادر.
(3) تاريخ النور السافر (ص/ 175).
(4) تاريخ النور السافر (ص/ 175).
وسوريا والأردن وتركيا ومصر والمغرب وأندونيسيا والهند وبلاد افريقيا وغيرها من البلدان. وفي ذلك إشارة واضحة إلى أننا لم ننفرد بتزييف العقيدة الوهابية الباطلة، بل نحن موافقون لهؤلاء العلماء، ونحن على عقيدة مئات الملايين من المسلمين الذين ينزهون الله عن الجسمية والمكان والجهة وكل ما لا يليق بالله عز وجل، فتمسك بذلك أيها المسلم ولا تتبع سبل الشيطان.
167- وقال الحافظ المؤرخ محمد بن علي المعروف بابن طولون الحنفي (953 هـ) ما نصه (1): “قال الحافظ ابن حجر: إن علم الله يشمل جميع الأقطار، والله سبحانه وتعالى تنزه عن الحلول في الأماكن، فالله سبحانه وتعالى كان قبل أن تحدث الأماكن) ا.هـ.
68 1- ويقول الشيخ الشعراني المصري (973 هـ). في لطائف المتن والأخلاق (2): ومما مَنَّ الله تبارك وتعالى به علي عدم قولي بالجهة في !الحق تبارك وتعالى من حين كنت صغير السن عناية من الله سبحانه وتعالى بي “.
169- وقال الشيخ شهاب الدين أحمد بن محمد المعروف بابن حجر الهيتمي الأشعري (974 )ها ما نصه (3): “عقيدة إمام السُّنة أحمد بن حنبل رضي الله عنه موافقة لعقيدة أهل السنة والجماعة من المبالغة التامّة في تنزيه الله تعالى عما يقول الظالمون والجاحدون علوّا كبيرا من الجهة
(1) الشذرة في الأحاديث المشتهرة (2/ 72، رقم 758)
(2) لطائف المنن والأخلاق (ص/ 275).
(3) الفتاوى الحديثية (ص/ 144).
والجسمية وغيرهما من سائر سمات النقص، بل وعن كل وصف ليس فيه كمال مطلق، وما اشتهر بين جهلة المنسوبين إلى هذا الإمام الأعظم المجتهد من أنه قائل بشىء من الجهة أو نحوها فكذب وبهتان وافتراء عليه”ا.هـ.
170- وقال الشيخ محمد الخطيب الشربيني المصري (977 هـ)مانصه(1)”ثبت بالدليل القطعي أنه- تعالى- ليس بمتحيز لئلا يلزم التجسيم ” ا.هـ.
171- وقال أيضا (2): “قال القرطبي- المفسّر-: ووصْفه- تعالى- بالعلوّ والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام، ولأنه تعالى خلَق الأمكنة وهو غير متحيز، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان ولا مكان له ولا زمان، وهو الآن على ما عليه كان ” ا.هاأي موجود بلا جهة ولا مكان.
172- وقال الشيخ مُلاّ علي القاري الحنفي (1014هـ) ما نصه(3):وأما علوّه تعالى على خلقه المُستفاد من نحوقوله تعالى :” وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِأسورء”(18) سورة الأنعام فعلومكانة ومرتبة لا علومكان كما هو مقرر عند أهل السنة والجماعة بل وسائر طوائف الإسلام من المعتزلة والخوارج وسائر أهل، البدعة إلا طائفة من المجسمة وجهلة من الحنابلة القائلين بالجهة، تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا” ا.هـ.
(1) و (2) تفسير القرءان الكريم (سورة الملك/ ءاية 16- 4/ 344- 345).
(3) شرح الفقه الأكبر: بعد أن انتهى من شرح رسائله الإمام أبي حنيفة (ص/196-197).
.173 – وقال ما نصه (1):”إنه سبحانه ليس في مكان من الأمكنة ولا في زمان من الأزمنة، لأن المكان والزمان من جملة المخلوقات وهو سبحانه كان موجودا في الأزل ولم يكن معه شىء من الموجودات”ا.هـ.
174- وقال الشيخ برهان الدين إبراهيم بن إبراهيم بن حسن اللقاني المصري المالكي (1041)ها صاحب منظومة “جوهرة التوحيد” في العقائد ما نصه (2):.
“ويستحيل ضِدُّ ذي الصفات في حقه كـالكون في الجـهات)
175- وقال الشيخ المؤرخ أحمد بن محمد المقري التلمساني المالكي الأشعري (1041هـ) في تنزيه الله عن المكان ما نصه (3):
أو بارْتسَام. في خيال يُعْتَبَرْ أو بزمان أو مكـان أو كِـبَرْ) اهـ
أي أن الله عزَّ وجلّ لا يتخصَص بالذهن، ولا يتمثل في النفس، ولا يتصور في الوهم، ولا يتكيف في العقل، لا تلحقه الأوهام والأفكار، ولا يتقيد بالزمان ولا يحويه مكان، ولا يوصف بكِبَر الحجم لأن الله ليس جسما، لا حجم له ولا كمية، ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.
176- وقال منزها الله عن الجهة ما نصه (4): جَلَّ عن الجهات”ا.هـ.
177- وقال المحدِث الشيخ محمد بن علي المعروف بابن علاّن
(1) شرح الفقه الأكبر: عند شرح قول أبي حنيفة: “وهوشىء لا كالأشياء”(ص/64).
(2) جوهرة التوحيد (ضمن مجموع مهمات المتون) (رقم البيت 43/ ص 13).
(3) إضاءة الدُّجْنَة في عقاند أهل السنة (ص/48).
(4) المصدر السابق (ص/ 49).
الصّديقي الشافعي (1057هـ) ما نصه(1):”إن الله فوق كل موجود مكانة واستيلاء لا مكانا وجهة” ا.هـ.
178- وقال الشيخ عبد السلام بن إبراهيم اللقاني المصري المالكي (1078ها) عند ذكر ما يستحيل عليه تعالى ما نصه (2): “أو يكون في جهة للجرم، أو له هو جهة، أو يتقيد بمكان أو زمان ” ا.هـ.
179- وقال العلامة الشيخ كمال الدين البياضي الحنفي (1098هـ) ما نصه (3): “وقال في الفقه الأبسط: (كان الله تعالى ولا مكان، كان قبل أن يخلق الخلق، كان ولم يكن أين) أي مكان، ” (ولا خلق ولا شىء، وهو خالق كل شىء) مُوجد له بعد العدم، فلا يكون شىء من المكان والجهة قديما ” ا.هـ.
180- وقال أيضا في كتابه “إشارات المرام” ممزوجا بالمتن ما نصه (4):”ولقاء الله تعالى لأهل الجنة حق بلا كيفيّة ولا تشبيه له تعالى بشىء من المخلوقات ولا جهة له ولا تحيّز في شىء من الجهات، وفيه إشارات:
الأولى: أنه تعالى يُرى بلا تشبيه لعباده في الجنة بخلق قوة الإدزاك في الباصرة من غير تحيّز ومقابلة ولا مواجهة ولا مسـامته”ا.هـ.
(1)الفتوحات.الربانية (مجلد 4/ 7/327).
(2) شرح جوهرة التوحيد (ص/ 137). (3) إشارات المرام (ص/ 197).
(4) إشارات المرام (ص/ 201).
181- وقال الشيخ محمد بن عبد الباقي الزُّرقاني المالكي (1122هـ) في شرحه على موطإ الإمام مالك ما نصه (1): “وقال البيضاوي: لما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه”ا.هـ.
182- وقال الشيخ عبد الله بن علوي الحداد الحضرمي الحسيني رضي الله عنه (1132هـ) ما نصه (2): “وأنه تعالى مقدس عن الزمان والمكان وعن مشابهة الأكوان، ولا تحيط به الجهات ا.هـ.
183- وقال الشيخ محمد بن عبد الهادي السِّندي الحنفي شارح سنن النسائي (1138هـ) عند شرح حديث (أقرب ما بكون العبد من ربه وهو ساجد) ما نصه (3): “قال القرطبي: هذا أقرب بالرتبة والكرامة لا بالمسافة والمساحة، لأنه تعالى منزه عن المكان والزمان. وقال البدر بن الصاحب في تذكرته: وفي الحديث إشارة إلى نفي الجهة عن الله تعالى”ا.هـ.
184- قال الصوفي الزاهد العارف الشيخ عبد الغني النابلسي الدمشقي الحنفي (1143هـ) ما نصه (4): فيتنزه سبحانه وتعالى عن جميع الأمكنة العلوية والسفلية وما بينهما”ا.هـ.
185- وقال أيضا (5): “الجهات جمع جهة، وهي ست: فوق وتحت ويمين وشمال وقدام وخلف، والجهة عند المتكلمين هي نفس المكان
(1) شرح الزرقاني على موطأ الإمام مالك (2/ 36).
(2) عقيدة أهل الإسلام (ص/ 12).
(3) حاشية السندي على سنن النساني (576/1).
(4) و (5) رائحة الجنة شرح إضاءة الدُّجنَة (ص/48- 49).
باعتبار إضافة جسم ءاخر إليه. ومعنى كون الجسم في جهة كونه مضافا إلى جسم ءاخر حتى لو انعدمت الأجسام كلها لزم من ذلك انعدام الجهات كلها، لأن الجهات من توابع الأجسام واضافاتها كما قدمناه في المكان والزمان وحيث انتفى عن الله تعالى الزمان والمكان انتفت الجهات كلها عنه تعالى أيضا لأن جميع ذلك من لوازم الجسمية وهي مستحيلة في حقه تعالى”ا.هـ.
186- وقال الشيخ العلامة أبو البركات أحمد بن محمد الدردير المالكي المصري (1201هـ) عن الله تعالى ما نصه (1):
“منزهٌ عن الحـلول والجـهه والاتـصـال الانـفـصـال والسَّفـه”
187- وقال الحافظ اللغوي الفقيه السيد محمد مرتضى الزبيدي الحنفي (1205هـ) ما نصه (2): “إنه سبحانه لا مكان له ولا جهة” ا.هـ.
188- وقال أيضا (3): “إنه تعالى مقدس منزَّه عن التغير من حال إلى حال والانتقال من مكان إلى مكان، وكذا الاتصال والانفصال فإن كلاًّ من ذلك من صفات المخلوقين”ا.هـ.
189- وقال أيضا (4): “تقدس- أي. الله- عن أن يَحويه مكان فيُشار إليه أو تضمه جهة”ا.هـ.
(1) الخريدة البهية (ضمن مجمرع مهمات المتون) (رقم البيت 31/ ص25).
(2) إتحاف السادة المتقين (2/ 24).
(3) المصدر السابق (2/ 25).
(4) المصدر السابق (2/ 25).
190- وقال أيضا (1) ما نصه: ” ذات الله ليس في جهة من الجهات الست ولا في مكان من الأمكنة” ا.هـ.
191- وسأل الأديبَ أحمد اليافي مفتي الشام محمد خليل المرادي (1206 هـ) ما نصه (2): (قلت: ما الدليل على قيامه بنفسه أيها الأجلّ؟ قال: استغناؤه عن المخصِّص والمحل “، وقال: “قلت: ما الدليل على أنه ليس بجسم ولا عرض في زمان؟ قال: عدم افتقاره إلى المحل والمكان ” ا.هـ.
192-وقال العلامة الدسوقي (1230هـ) في حاشيته على شرح أم البراهين عند قول المصنف في المستحيلات: (أو يكون في جهة أو يكون له هو جهة): حاصله أنه يستحيل أن يكون له تعالى جهة بأن يكون له يمين أو شمال أو فوق أو تحت- أو خلف أو أمام لأن الجهات الست من عوارض الجسم ففوق من عوارض الرأس وتحت من عوارض الرجل ويمين وشمال من عوارض الجنب الأيمن والأيسر وأمام وخلف من عوارض البطن والظهر ومن استحال عليه أن يكون جرمّا استحال عليه أن يتصف بهذه الأعضاء ولوازمها (3) اهـ.
193- وقال الشيخ الصوفي الزاهد العلامة مولانا خالد بن أحمد النقشبندي (1242هـ) دفين دمشق ما نصه (4): (أشهد بأن الله ليس بجسم ولا جوهر ولا عرض، وكذلك صفاته، لا يقوم به حادث ولا يحل في شىء ولا يتحد بغيره، مقدس عن التجسم وتوابعه وعن الجهات والأقطار! ا.هـ.
(1) المصدر السابق (2/ 103).
(2) علماء دمشق وأعيانها في القرن الثالث عشر الهجري (1/ 72 1- 73 1).
(3) ذكره محمود خطاب السبكي في كتابه “إتحاف الكائنات” (ص/ 130).
(4) علماء دمشق وأعيانها في القرن الثالث عشر الهجرى (1/ 312).
194- وقال أيضا ما نصه (1): “أشهد بأن الله مقدس عن التجسم وتوابعه وعن الجهات والأقطار”ا.هـ.
195- وقال الشيخ الفقيه محمد أمين بن عمر المعروف بابن عابدين الحنفي الدمشقي صاحب الحاشية المعروفة (1252هـ) ما نصه (2):
“ودنا من الرحمن عز وجل قرب مكانة من غير قرب مكان) اهـ. . قوله “ودنا أ أي النبي صلى الله عليه وسلم.
196- وقال مفتي بيروت المحدث الشيخ عبد اللطيف فتح الله الحنفي (1260هـ) عن قول صاحب بدء الأمالي:
نسمي الله شيئا لا كـالاشيا وذاتا عن جـهات الست خالـي “” فقال ما نصه (3): “قد لم ثبت بالدليلين النقلي، والعقلي مخالفته تعالى للحوادث قوله تعالى :” لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ”(11/ سورة الشورى)
وغير ذلك من الأدلة النقلية والعقلية ذكرها أهل الكلام، والكلام عليها طويل ” ا.هـ.
197- قال الشيخ محمد عثمان الميرغني المكي الحنفي (1268هـ) ما نصه (4): “مخالفته للحوادث: ومعناها عدم الموافقة لشىء من الحوادث، وليس تعالى بجوهر ولا جسم ولا عرض ولا متحرك ولا ساكن، ولا يوصف تعالى بالصغر ولا بالكبر، ولا بالفوقية ولا بالتحتية، ولا بالحلول.
(1) المصدر السابق (1/ 312).
(2) المصدر السابق (1/ 422).
(3) أنظر ديوان المفتي الشيخ عبد اللطيف فتح الله، طبع بيروت. (4) منظومته مُنجية العبيد (ص/16).
في الأمكنة، و لا بالاتحاد ولا بالاتصال و لا بالانفصال، ولا باليمين ولا بالشمال ولا بالخلف ولا بالأمام، ولا بغير ذلك من صمات الحوادث” ا.ها.
198- وقال الشيخ محدث بيروت محمد بن درويش الحوت الحسيني البيروتي الشافعي الأشعري (1276ها )ما نصه (1): “اعلم أنه تعالى منزه عن الحلول والاتحاد بشىء من الكون “ا.ها.
199- وقال أيضا (2): “ولا يدخل في وجوده- تعالى- زمان ولا مكان، فإنه السابق على الزمان والمكان “ا.ها.
200- وقال أيضا (3) إن الله تعالى: “ليس بنار ولا نور ولا روح ولا ريح ولا جسم ولا عرض ولا يتصف بمكان ولا زمان ولا هيئة ولا حركة ولا سكون ولا قيام ولا قعود ولا جهة ولا بعلو ولا بسفل ولا بكونه فوق العالم أو تحته، ولا يقال كيف هو ولا أين هو” ا.هـ.
201 – وقال أيضا (4): ” نّزِّه الحقَّ سبحانه وتعالى عن كل ما يوهم الجسمية أو المكان أو الحدوث، وفوَّض علم الحقيقة له تعالى في المتشابه نحو قوله تعالى :” الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى “(5) سورة طه
والشيخ الحوت وُلد في بيروت سنة 1209 هـ وحفظ القرءان الكريم اتقانا واستظهارا وترتيلا، وقرأ على مفتي بيروت العالم الفاضل الشيخ
(1) رسائل في بيان عقائد أهل السنة والجماعة (ص/40).
(2) و (3) رسائل في بيان عقائد أهل السنة والجماعة (ص/ 44- 49).
(4) المصدر السابق (ص/ 106).
عبداللطيف فتح الله الشيخ محمد المسيري الإسكندري، ثم رحل إلى دمشق وتلقى العلوم على عدد من العلماء منهم مسند الشام عبد الرحمن الكزبري، وابن عابدين الحنفي صاحب الحاشية المشهورة والشيخ عبد الرحمن الطيبي وغيرهم، ثم عاد إلى بيروت وصار يدرِّس في الجامع العمري الكبير عقيدة أهل السنة والجماعة وغيرها من العلوم الشرعية النافعة فانتفع به الخاص والعام، وقد تخرج على يديه أكثر علماء بيروت ومنهم الشيخ عبد الباسط الفاخوري مفتي ولاية بيروت والأستاذ أبو الحسن قاسم الكستي قاضي بيروت وغيرهما من أهل العلم والفضل. ودفن في تربة الباشورة رحمه الله تعالى وأدخله فسيح جناته.
202- وقال الشيخ إبراهيم البيجوري الشافعي (1277ها) ما نصه (1):
“- إن الله يُرى- بلا تكيف للمرئي بكيفية من. كيفيات الحوادث من مقابلة وجهة وتحيز وغير ذلك” ا.هـ.
203- وقال ما نصه (2):”ويجب في حقه تعالى القيام بالنفس، ومعناه أنه تعالى لا يفتقر إلى محل ولا إلى مخصص “ا.ها.
204- قال الشيخ أحمد مرزوقي المالكي المكي (كان حيا سنة1281ها) ما
نصه (3):
“وبـعـد إسراءٍعُـرُوجٌ لـلسـمـا حتى رأى النبيُّ ربَّا كلَّما
من غير كيف وانحصارٍ وافْترضْ عليه خَمْسا بعد خمسين فَرَضْ “اهـ
(1) تحفة المريد على جوهرة التوحيد (رقم البيت 54/ ص.80).
(2) رسالة في علم التوحيد، أنظر مجموع، أمهات المتون (ص/ 40).
(3) منظومته عقيدة العوام.
ومراده من غير كيف وانحصار: أي من غير أن يكون الله تعالى في جهة أو مكان.
205- وقال الصوفي العارف بالله الزاهد العابد الشيخ بهاء الدين محمد مهدي بن علي الرواس الصيادي الحسيني الشافعي (287 هـ) ما نصه (1): “الوسيلة الأولى صحة الاعتقاد، ولنذكر ذلك بالاختصار على الوجه الكافي، وهو أن يعتقد المرء أن الله واحد لا شريك له، وهو الأول والآخر، والظاهر والباطن ليس كمثله شىء، لا يحده المقدار، ولا تحويه الأقطار، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه السموات” انتهى باختصار.
206- ويقول الشيخ عمر بن محمد الأنسي الشافعي البيروتي (293 اهـ) في ديوانه ما نصه (2):
مـكـانٌ شـادَه شـرفـا وعِـزَا إلـهٌ لا يـحـيـط بـه مـكـانَ
207- قال الشيخ عبد الغني الغنيمي الميداني الحنفي الدمشقي (298 اهـ) ما نصه (3): “والله تعالى ليس بجسم، فليست رؤيته كرؤية الأجسام، فإن الرؤية تابعة للشىء على ما هو عليه، فمن كان في مكان وجهة لا يرى إلا في مكان وجهة كما. هو كذلك، ويرى- أي المخلوق- بمقابلة واتصال شعاع وثبوت مسافة ومن لـم يكن في مكان ولا جهه وليس بجسم فرؤيته كذلك ليس في مكان ولا جهة” اهـ.
(1) بورق الحقائق (ص/420).
(2) المورد العذب (ص/276).
(3) انظر شرحه على العقيدة الطحاوية (ص/69).
208- وقال الشيخ المتكلم عبد الله بن عبد الرحمن الدهلي الحنفي (كان حيا سنة 299 هـ) ما نصه (1): “أقول: إن معنى كلامهم إن المولى سبحانه وتعالى منزه عن الجهات الستة أن المعنى في ذلك أنه لا تحويه جهة من هذه الجهات الستة بل ولا كلها” اهـ.
(1) روض المجال في الرد على أهل الضلال (ص/7).