Search or ask ابحث او اسأل

غاية البيان في تنزيه الله عن المكان – 3

قال المتكلم سيف الدين الآمدي (631 هـ) ما نصه (1): “وما يروى عن السلف من ألفاظ يوهم ظاهرها إثبات الجهة والمكان فهو محمول على هذا الذي ذكرنا من امتناعهم عن إجرائها على ظواهرها والإيمان بتنزيلها وتلاوة كلءاية على ما ذكرنا عنهم، وبين السلف إلاختلاف في الألفاظ التي يطلقون فيها، كل ذلك اختلاف منهم في العبارة، مع اتفاقهم جميعا في المعنى أنه تعالى ليس بمتمكن في مكان ولا متحيز بجهة، ومن اشتغل منهم بتأويل يليق بدلائل التوحيد قالوا في قوله :” وهو الذي في السماء إِله وفي الأرضِ إِله”(84) سورة الزخرف أراد به ثبوت الألوهية في السماء لا ثبوت ذاته، وكذي في هذا قوله :” وهو اللّه في السماوات وفي الأَرضِ ” (3) سورة الأنعام أى ألوهيته فيهمالاذاته، وكذي في (هذا) قوله :” أَأَمنتم من في السماء”(16) سورة الملك ألوهيته إلا أن ألوهيته أضمرت بدلالة ما سيق من الايات، وقوله :” ما يكون من نجوى ثلاثة إِلا هو رابعهم “(7) سورة المجادلة أي يعلم ذلك ولا يخفى عليه شىء، وقوله :” ونحن أَقرب إِليه من حبلِ الورِيد ” (16) سورة ق أي بالسلطان والقدرة، وكذي القول بأنه فوق كل شىء أي بالقهر على ما قال تعالى:” وهو القاهر فوق عباده” (18) سورة الأنعام وقالو في قوله :” إِليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه (10)

سورة فاطـر، إن الله تعالى جعل ديوان أعمال العباد في السماء والحفظة من الملائكة فيها

(1) أبكار الأفكار (ص/ 194- 195)، مخطوط.

فيكون ما رفع الى هناك رفعّا اليه، وهذا كما في قوله :” ونحن أقرب إِليه منكم ولكن لا تبصرون “(85/ سورة الواقعة)، وقوله :” وأنتم حينئذ تنظرون “(84/ سورة الواقعة) قالوا ملك الموت وأعوانه، والمجسمة لا يمكنهم أن يقولوا: إنه بالذات عند كل محتضر، ولا أن يقولوا: إنه بالذات في السماء لما يلزمهم القول بجعله تحت العرش وتحت عدد من السموات، فوقعوا بهواهم في مثل هذه المناقضات الفاحشة فيكون معنى قوله :” إِليه يصعد الكلم الطيب”(10/ سورة فاطر) كما في قوله تعالى خبرا عن إبراهيم صلوات الله عليه :” وقال إِني ذاهب إِلى ربي سيهدين “(99/ سورة الصافات) أي إلى الموضع الذي أمرني ربي أن أذهب إليه، وقالوا في في قوله :” إِن الذين عند ربك ” (206/سورةالأعراف)، يعني الملائكة، أن المراد منه قرب المنزلة لا قرب المكان كما قال موسى:” وكان عند اللَّه وجيها”(69) سورة الأحزاب وقال تعالى :” واذكر عبادنا إبراهيم وإِسحق ويعقوب أولي الأَيدي والأبصارِ “(45/ سورة ص) قال المفسرون وأئمة الهدى: أي أولو القوة في الدين والبصارة في الأمر، ولم يفهم أحد من السلف والخلف منه الأيدي الجارحة مع كونهم موصوفين حقيقة بالأبصار الجارحة والأيدي الجارحة: فكيف فهمت المشبهة من قوله :” خلقت بيدي “(75) سورة ص اليدين الجارحتين، ومن قوله:” ولتصنع على عيني”(39/ سورة طه) العين الجارحة، ومن الخبر المروي: ” إن الصدقة تقع في كف الرحمن ” (1) الكف الجارحة مع قوله تعالى :” ليس كمثله شيء”(11/ سورة الشورى) وقوله :” ولم يكن له كفوا أَحد “(4) سورة الأخلاص

(1) أخرجه مسلم في صحيحه بنحوه: كتاب الزكاة: باب قبول الصدقة من الكسب الطيب وتر بيتها.

وقوله :” سبحان اللّه عما يصفون”(91) سورة المؤمنون وقوله :” إِن الله لغني عن العالمين”(6) سورة العنكبوت فـما فهموا من تلك المتشابهات إثبات الجسم والجوارح ” الصورة إلا لخبث عقيدتهم وسوء سريرتهم. وبالله العصمة من الخذلان ” اهـ.

98- وقال الشيخ جمال الدين محمود بن أحمد الحصيري شيخ الحنفية في زمانه (636 ص) بعد أن قرأ فتوى ابن عبد السلام في تنزيه الله عن المكان والحروف والصوت ما نصه (1): “هذا اعتقاد المسلمين، وشعار الصالحين، ويقين المؤمنين، وكل ما فيهما صحيح، ومن خالف ما فيهما وذهب إلى ما قاله الخصم من إثبات الحرف والصوت فهو حمار” ا.هـ

99- وقال الشيخ جمال الدين أبو عمرو عثمان بن عمر المعروف بابن الحاجب المالكي (646 ص) مثنيا على العقيدة التي كتبها الشيخ عبد العزيز ابن عبد السلام ومما جاء في هذه العقيدة قول ابن عبد السلام: “كان – الله- قبل أن كون المكان ودبر الزمان، وهو الآن على ما عليه كان ” اهـ. ومن جملة ما ذكره في ثنائه قوله (2): “ما قاله ابن عبد السلام هو مذهب أهل الحق، وأن جمهور السلف والخلف على ذلك، ولم يخالفهم إلا طائفة مخذولة، يخفون مذهبهم ويدسونه على تخوف إلى من يستضعفون علمه وعقله ” ا.هـ

قلنا: منذ مائتي سنة تقريبا إلى زماننا هذا والوهاببة يتجاسرون على إظهار ونشر عقيدة المشبهة والمجسمة وبكل وقاحة , فقد زعم عبد الرحمن بن

(1) و (2) طبقات الشافعية الكبرى: ترجمة عبد العزيزبن عبد السلام (8/ 237).

حسن وهو حفيد محمد بن عبد الوهاب (مؤسس بدعة المذهب الوهابي) أن بعض الناس إذا سمعوا صفات الله ينكرونها، ويعني هذا المجسم- الذي أخذ عقيدة التجسيم من مدرسة جدّه محمد بن عبد الوهاب- بصفات الله: الجلوس على الكرسي والعياذ بالله تعالى، فقال ما نصه: “فإذا سمعوا شيئا من أحاديث الصفات انتفضوا كالمنكرين له، فلم يحصل منهم الإيمان الواجب الذي أوجبه الله تعالى على عباده المؤمنين. قال الذهبي: حدث وكيع عن إسرائيل بحديث: “إذا جلس الرب على الكرسي ” فاقشعر رجل عند وكيع، فغضب وكيع وقال: “أدركنا الأعمش وسفيان يحدثون بهذه الأحاديث ولا ينكرونها” انتهى كلامه من كتابه المسمى “فتح المجيد شرح كتاب التوحيد” (1) الذي يعتبره الوهابية من أهم كتب العقيدة عندهم، فانظر أيها القارىء كيف يصفون الله تعالى بالجلوس الذي هو من صفات البشر والبهائم، ويموهون على الناس بنسبة هذا القول إلى علماء المسلمين ليسهل عليهم نشر هذا الاعتقاد الفاسد.

واعلم أنه لم يصح عن عالم من علماء السلف المعتبرين نسبة القول بالجلوس، بل عقيدة السلف كما قال الإمام الحافظ الفقيه أبو جعفر الطحاوي (توفي سنة 321 ص) وهو أحد أئمة السلف:، ومن وصف الله بمعنى من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر” ا.هـ

فتمسك أخي المسلم بعقيدة أهل السنة ولا تلتفت إلى ما تمويه أهل البدع.

(1) صحيفة 356، مكتبة دار السلام: (الرياض، ط 1 عام 1413هـ ر1992).

100- وقال نجم الدين مَنكُوبَرس (652 هـ) شارح العقيدة الطحاوية ما نصه (1): “ولأن من لم يَرُضْ عقله في التفكر والتدبر والنظر في الدلائل يظن أن صانعه بجهة منه لمِا لا يعرفُ أن التحيز بجهة من أمارات الحدث وأنها منفيِّة عن القديم “ا هـ.

101- وقال الشيخ عبد العزيز بن عبد السلام الأشعري الملقب بسلطان العلماء (660 ص) ما نصه (2): “ليس- أي الله- بجسم مصوَّر، ولا جوهر محدود مُقدَّر، ولا يشبه شيئا، ولا يُشبهه شىءٌ، ولا تحيط به الجهات، ولا تكتنفه الأرضون ولا السموات، كان قبل أن كوَّن المكان ودبَّر الزمان، وهو الآن على ما عليه كان” ا.هـ

2 0 1- وقال محمد بن أحمد القرشي الهاشمي (669 هـ) ما نصه (3): (كان الله ولا مكان، وهو الان على ما عليه كان “ا.هـ.

103- وقال المفسّر محمد بن أحمد الأنصاري القرطبي المالكي (671 هـ) ما نصه (4): “و”العليّ” يراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان، لأن الله منزه عن التحيز” ا.هـ.

104- وقال أيضا (5): ” ومعنى”فَوْقَ عِبَادِهِ”(18/ سورة الأنعام) فوقية الاستعلاء بالقهر والغلبة عليهم، أي هم تحت تسخيره لا فوقية مكان ا.هـ.

(1) النور اللامع والبرهان الساطع في شرح عقائد الإسلام (ص/ 108 من المخطوط).

(2) طبقات الشافعية الكبرى: ترجمة عبد العزيز بن عبد السلام (8/ 219).

(3) روض الرياحين (ص/ 496).

(4) الجامع لأحكام القرءان سورة البقرة، ءاية/ 55 2 (3/ 278).

(5) المصدر السابق سورة الأنعام، ءاية/ 18 (6/ 399).

105- وقال أيضا (1)”والقاعدة تنزيهه- سبحانه وتعالى- عن الحركة والانتقال وشغل الأمكنة ” ا.هـ.

106- وقال أيضّا عند تفسير”ءاية “أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ “(158) سورة الأنعام

مانصه (2): “وليس مجيئه تعالى حركة ولا انتقالا ولا زوالا لأن ذلك إنما يكون إذا كان الجائي جسما أو جوهرا” اهـ.

107- وقال أيضّا (3): “وقال أبو المعالي: قوله صلى الله عليه وسلم “لا تفضلوني على يونس بن متّى ” المعنى فإني لم أكن وأنا في سدرة المنتهى بأقرب إلى الله منه وهو في قعر البحر في بطن الحوت. وهذا يدل على أن البارىء سبحانه وتعالى ليس في جهة” ا.هـ.

108- وقال أيضا (4) في تفسيرءاية:” وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا”(22) سورة الفجر ما نصه: “والله جل ثناؤه لا يوصف بالتحول من مكان إلى مكان، وأنَّى له التحول والانتقال ولا مكان له ولا أوان، ولا يجري عليه وقت ولا زمان، لأن في جريان الوقت على الشىء فوت الأوقات، ومن فاته شىء فهو عاجز” ا.هـ.

109- وقال أيضا عند تفسير قوله تعالى:” أَأَمِنتُم مَّن فِي السَّمَاء أَن يَخْسِفَ بِكُمُ الأَرْضَ”(16) سورة الملك ما نصه (5): والمراد بها توقيره (6)

(1) المصدر السابق سورة الأنعام ، ءاية/ 3 (6/ 390).

(2 المصدر السابق سورة الأنعام ءاية/158 (7/ 145).

(3) المصدر السابق سورة، الأنبياء، ءاية/ 87 (1 1/333-334).

(4) المصدر السابق سورة الفجر، ءاية/ 22 (20/ 55).

(5) المصدر السابق سورة الملك، ءاية/ 16 (18/ 216).

(6) مرا ده: تعظيمه.

وتنزيهه عن السفل والتحت، ووصفه بالعلوِّ والعظمة لا بالأماكن والجهات والحدود لأنها صفات الأجسام. وإنما ترفع الأيدي بالدعاء إلى السماء لأن السماء مهبط الوحي ومنزل القطر ومحل القُدس ومعدن المطهرين من الملائكة، واليها ترفع أعمال العباد، وفوقها عرشه وجنته، كما جعل الله الكعبة قِبلة للدعاء والصلاة، ولأنه خلق الأمكنة وهو غير محتاج إليها، وكان في أزله قبل خلق المكان والزمان ولا مكان له ولا زمان، وهو الآن على ما عليه كان ” ا.هـ.

110- وقال الشيخ ضياء الدين أبو العباس أحمد بن محمد بن عمرابن يوسف بن عمر بن عبد المنعم القرطبي (672 هـ) في الرد على المبتدعة المجسمة مُبيِّنّا عقيدة أهل السنة ما نصه (1):

“هو الله لا أيـن ولا كـيـف عنـده ولا حَدَّ يحويه ولا حصرَ ذي حَدِّ ولا القُرْبُ في الأدنى ولا البعدُ والنَّوى يخالف حالا منه في القُرب والبُعْدِ” ا.ه

111- وقال ابو الحافظ أبو زكريا محيي الدين بن شرف النووي الشافعي الأشعري (676) ما نصه (2) إن الله تعالى ليس كمثله شىء , منزه عن التجسيم والانتقال والتحيز في جهة وعن سائر صفات المخلوق “ا.هـ.

112- وقال زكريا بن محمد الأنصاري القزويني (82ه هـ) وهو مؤرخ جغرافي من القضاة رحل إلى الشام والعراق وولي قضاء واسط أيام

(1) طبقات الشافعية: ترجمة أبي الحسن الأشعري (3/ 428)

(2) شرح صحيح مسلم (19/3).

المعتصم العباسي، وهو صاحب كتاب (عجائب المخلوقات ” ما نصه (1): “التوحيد: أن يعلم أن الله واحد قديم، لم يزل ولا يزال، كان ولا مكان وهو الآن على ما عليه، كان عالم بعلم أزلي، قادر بقدرة أزلية” ا.هـ.

113- وقال العلامة الأصولي الشيخ أحمد بن إدريس القَرَافي المالكي المصري (684 هـ) أحد فقهاء المالكية ما نصه (2): “وهو- أي الله- ليس في جهة، ونراه نحن وهو ليس في جهة” ا.هـ.

114- وقال الشيخ البيضاوي (685 هـ) ما نصه (3): “ولما ثبت بالقواطع أنه سبحانه منزه عن الجسمية والتحيز امتنع عليه النزول على معنى الانتقال من موضع إلى موضع أخفض منه ” ا.ه

115- وقال الشيخ زين الدين علي بن محمد بن منصور المعروف بابن المنَيِّر (695 هـ) ما نصه (4): “جميع الأحاديث في هذه الترجمة مطابقة لها إلا حديث ابن عباس فليس فيه إلا قوله “رب العرش ” ومطابقته والله أعلم من جهة أنه نبه على بطلان قول من أثبت الجهة أخذا من قوله:” ذِي الْمَعَارِجِ”(3) ففهم أن العلو الفوقي مضاف إلى الله تعالى، فبيَّن المصنف- يعني البخاري- أن الجهة التي يصدق عليها أنها سماء والجهة التي يصدق عليها أنها عرش، كل منهما مخلوق مربوب مُحْدَث، وقد كان الله قبل ذلك وغيره، فحدثت هذه الأمكنة، وقِدَمه يحيل وصفه

(1) مفيد العلوم (ص/ 24).

(2) الأجوبة الفاخرة (ص/ 93).

(3) فتح الباري (3/ 31).

(4) فتح الباري (13/ 418- 419).

بالتحيز فيها” اهـ، نقله عنه الحافظ ابن حجر في شرح البخاري.

116- وقال الشيخ الصوفي الصالح عبد الله بن سعد 10 لمعروف بابن أبي جمرة (699 هـ) ما نصه (1): “فمحمد عليه السلام فوق السبع الطباق ويونس علبه السلام في قعر البحار، وهما بالنسبة إلى القرب من الله سبحانه على حد سواء، ولو كان عز وجل مقيدا بالمكان أو الزمان لكان النبي (صلى الله عليه و سلم) أقرب إليه، فثبت بهذا نفي الاستقرار والجهة في حقه جل جلاله ” اهـ.

117- وقد أثنى الفقيه الحافظ الشيخ تقي الدين أبو الفتح محمد بن بن وهب القشيري المعروف بابن دقيق العيد الأشعري (752 هـ) على الرسالة التي صنفها ضياء الدين أبو العباس أحمد بن محمد القرطبي يرد بها على ما وقع في عصره من بعض المبتدعة من هجو الإمام أبي الحسن الأشعري، ومن جملة ما جاء في هذه الرسالة (2):

هو الله لا أين ولا كيف عنده ولا حد يحويه ولا حصر ذي حد

ولا القزب في الأدنى ولا البعد والنوى يخالف حالا منه في القرب والبعد

وبذلك يعلم أن ابن دقيق العيد كان ينزه الله عن الجهة والمكان والحد خلافا لابن تيمية المجسم الذي يقول بالجهة والمكان والجلوس والحد والعياذ بالله تعالى.

!118- وقال الشيخ المتكلم على لسان الصوفية في زمانه أحمد بن عطاء الله الإسكندراني الشاذلي (709 هـ) في حكمه ما نصه (3): “وصولك إلى

(1) بهجة النفوس (3/ 176).

2) طبقات الشافعية الكبرى: ترجمة أبي الحسن الأشعري (3/ 128) .

(3) نقله عنه الشيخ مصطفى نجا مفتي بيروت في كتابه كشف الأسرار لتنوير الافكار ( ص/ 90).

الله وصولك إلى العلم به والا فجل ربنا أن يتصل به شىء أو يتصل هو بشى”اهـ.

119- وقال المفسر عبد الله بن أحمد النسفي (710 هـ، وقيل 701 هـ) ما نصه (1): (إنه تعالى كان ولا مكان فهو على ما كان قبل خلق المكان، لم يتغير عما كان” اهـ.

120- وقال العلامة اللغوي محمد بن مكرّم الإفريقي المصري المعروف بابن منظور (711 هـ) ما نصه (2): “وفي الحديث: “من تقرب إليّ شبرا تقربت إليه ذراعًا” المراد بقرب العبد من الله عز وجل: القرب بالذكر والعمل الصالح لا قرب الذات والمكان لأن ذلك من صفات الأجسام، والله يتعالى عن ذلك ويتقدس” اهـ.

121- وقال القاضي الشيخ بدر الدين محمد بن إبراهيم المعروف بابن جماعة الشافعي الأشعري (733 ÷ـ) ما نصه (3): “كان الله ولا زمان ولا مكان، وهو الان على ما عليه كان” اهـ.

122- وقال أيضا ما نصه (4): “فإن قيل: نفي الجهة عن الموجود يوجب نفيه لاستحالة موجود في غير جهة.

” قلنا: الموجود قسمان: موجود لا يتصرف فيه الوهم والحس والخيال

(1) تفسير النسفي سورة طه/ ءاية ه (مجلد 2/2،48).

(2) لسان العرب- مادة: ق رب (1/ 663- 664).

(3) إيضاح الدليل (ص/ 103- 4. 1).

(4) إيضاح الدليل (ص/ 104- 105).

والانفصال، وموجود يتصرف ذلك فيه ويقبله. فالأول ممنوع لاستحالته، والرب لا يتصرف فيه ذلك، إذ ليس بجسم ولا عرض ولا جوهر، فصح وجوده عقلا من غير جهة ولا حيز كما دل الدليل العقلي فيه، فوجب تضديقه عقلا، وكما دل الدليل العقلي على وجوده مع نفي الجسمية والعرضية مع بُعد الفهم الحسي له، فكذلك دلّ على نفي الجهة والحيز مع بُعد فهم الحسّ له ” اهـ.

123- وقد ألَّف الشيخ شهاب الدين أحمد بن يحيى بن إسماكيل الكِلابي الحلبي الأصل المعروف بابن جَهْبَل (733 هـ) رسالة في الرد على بعض مجسمة عصره وهو ابن تيمية، قال تاج الدين السبكي ما نصه (1): “ووقفتُ له- أي لابن جهبل- على تصنيف صنّفَه في نفي الجهة ردَّا على ابن تيمية لا بأس به، وهو هذا” اهـ ثم ذكر هذه الرسالة بكاملها. وذَكر ابنُ جَهْبَل أنه ضَمَّنَ رسالته هذه عقيدة أهل السنة والرد على المشبهة المجسمة والحشوية والمتسترين بالسلف، ومما قاله (2): “ومذهب السلف إنما هو التوحيد والتنزيه دون التجسيم والتشبيه، والمبتدعة تزعم أنها على مذهب السلف ” اهـ.

124- وقال (3): “وها نحن نذكر عقيدة أهل السنة فنقول: عقيدتنا أن الله قديم أزليٌّ، لا يُشْبِهُ شيئا ولا يشبهه شىء، ليس له جهة ولا مكان، ولا يجري عليه وقتٌ ولا زمان، ولا يقال له أين ولا حيث، يُرَى لا عن

(1) طبقات الشافعية الكبرى (9/ 35).

(2) المصدر السابق (9/ 36).

(3) المصدر السابق (9/ 41).

مقابلة ولا على مقابلة، كان ولا مكان، كوَّن المكان، ودبَّرَ الزمان، وهو الآن على ما عليه كان، هذا مذهب أهل السنة، وعقيدة مشايخ الطريق رضي الله عنهم ” ا.هـ.

125- وقال الشيخ أبو عبد الله محمد بن محمد العبدري المعروف بابن الحاج المغربي المالكي (737 هـ) وكان من أصحاب العلاّمة الولي العارف بالله الزاهد المقريء ابن أبي جمرة نفعنا الله به ما نصه (1): “لا يقال في حقه- تعالى- أين ولا كيف ” ا.هـ.

126- وقال أيضا ما نصه (2): “فلا يقال أين ولا كيف ولا متى، لأنه- تعالى- خالق الزمان والمكان ” ا.هـ.

127- وقال المفسّر علي بن محمد المعروف بالخازن (741 هـ) (3) إن الشيخ فخر الدين الرازى ذكر الدلائل العقلية والسمعية على أنه لا يمكن حمل قوله تعالى :” الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى ” على الجلوس والاستقرار وشغل المكان والحيّز.

128- وقد أصدر الملك الناصر محمد بن قلاون (4) (741 هـ) في سنة خمس وسبعمائة مرسوما يحذر فيه من عقيدة ابن تيمية الزائغة المتضمنة. للتشبيه والتجسيم وأمر بقراءة هذا المرسوم على المنابر في مصر والشام

(1) المدخل (3/ 146).

(2) المدخل (3/ 181).

(3) تفسير الخازن (2/ 238).

(4) قال الحافظ ابن حجر: “كان مطاعا مهيئا عارفا بالأمور يعظم أهل العلم والمناصب الشرعية، لا يقرر فيها إلا من يكون أهلاً لها ويتحرى لذلك ويبحث عنه ويبالغ ” اهـ (الدرر الكامنة 4/ 147).

بعد أن عقد له مجلس شرعي حضره قضاه الإسلام وحكام الأنام وعلماء الدين وفقهاء المسلمين واتفقوا على إنكار ما كان يدعو إليه من إثبات الحيز والمكان والجهة في حق الله تعالى. ومما جاء في هذا المرسوم الذي قُرِأ على مسمع من العلماء ما نصه (1):

“وبلغنا أنه كان استتيب مرارّا فيما تقدم، وأخره الشرع الشريف لما تعرَّض لذلك وأقدم، ثم عاد بعد منعه، ولم تدخل تلك النواهي في سمعه.

وصح ذلك في مجلس الحاكم المالكي حكم الشرع الشريف أن يسجن هذا المذكور وأن يمنع من التصرف والظهور، ويكتب مرسومنا هذا بأن لا يسلك أحد ما سلكه المذكور من هذه المسالك، وينهى عن التشبيه في اعتقاد مثل ذلك، أو يعود له في هذا القول متبعاً، أو لهذه الألفاظ مستمعا، أو يسري في التشبيه مَسْراه، أو يفوه بجهة العلو بما فاه، أو يتحدَّث أحد بحرف أو صوت، أو يفوه بذلك إلى الموت، أو يتفوه بتجسيم، أو ينطق بلفظ في ذلك غير مستقيم، أو يخرج عن رأي الأئمة، أو ينفرد به عن علماء الأمة، أو يُحيِّزَ الله سبحانه وتعالى في جهة أو يتعرض إلى حيث وكيف، فليس لمعتقد هذا إلا السيف ” اهـ.

129- وقال الشيخ حسين بن محمد الطيبي (743 هـ) عند شرح حديث الجارية ما نصه (2): “لم يُرِد- أي الرسول- السؤال عن مكانه- أي الله- فإنه منزه عنه ” اهـ.

(1) هذا المرسوم مأخوذ من كتاب “نجم المهتدي ” لابن المعلم القرشي(مخطوط).

(2) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح (6/ 340)

130- وقال المفسِّر المقرىء النحوي محمد بن يوسف المعروف بأبي حيان الأندلسي (745 هـ) عند تفسير قوله تعالى :” وَلَهُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِندَهُ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِه “(19) ما نصه (1)ِوعند هنا لا يراد بها ظرف المكان لأنه تعالى منزه عن المكان، بل المعنى شرف المكانة وعلو المنزلة” اهـ.

131- وقال أيضا (2): “قام البرهان العقلي على أنه تعالى ليس بمتحيز في جهة” اهـ.

132- وقال أيضا ما نصه (3): “إنه تعالى ليس في جهة” اهـ.

133- قال الإمام المحقق القاضي عضد الدين عبد الرحمن الإيجي (756 هـ) في المواقف في الجزء الثالث صفحة 16 في المرصد الثاني في تنزيهه تعالى ما نصه: ” المقصد الأول أنه تعالى ليس في جهة من الجهات ولا في مكان من الأمكنة وخالف فيه المشبهة وخصصوه بجهة الفوق ” إلى أن قال: “لنا في إثبات هذا المطلوب وجوه (الأول) لو كان الرب تعالى. في مكان أو في جهة لزم قدم المكان أو الجهة وقد برهنّا أن لا قديم سوى الله تعالى وعليه الاتفاق من المتخاصمين (الثاني) المتمكن محتاج إلى مكان بحيث يستحيل وجوده بدونه والمكان مستغن عن المتمكن لجواز الخلاء فيلزم إمكان الواجب ووجوب المكان وكلاهما باطل (الثالث) لو كان في مكان فإما أن يكون في بعض الأحياز أو في

(1) البحر المحيط سورة الأنبياء/ ءاية 19 (6/ 302).

(2) البحر المحيط: (سورة الملك/ ءاية 16- 8/ 302).

(3) البحر المحيط: (سورة فاطر/ ءاية 10- جزء7/ ص 303).

جميعها وكلاهما باطل (أما) الأول فلتساوي الأحياز في أنفسها لأن المكان عند المتكلمين هو الخلاء المتشابه وتساوى نسبته أي نسبة ذات الواجب إليها وحينئذ فيكون اختصاصه ببعضها دون بعضءاخر منها ترجيحا بلا مرجـح إن لم يكن هناك مخصص من خارج، أو يلزم الاحتياج أي احتجاج الواجب في تحيزه الذي لا تنفك ذاته عنه إلى الغير إن كان هناك مخصص خارجي (وأما) الثاني وهو أن يكون في جميع الأحياز فلأنه يلزم تداخل المتحيزين لأن بعض الأحياز مشغول بالأجسام وأنه أي تداخل المتحيزين مطلقا محال بالضرورة، وأيضا فيلزم على التقدير الثاني مخالطته لقاذورات العالم،. تعالى عن ذلك علوا كبيرا (الرابع) لو كان متحيزا لكان جوهرا لاستحالة كون الواجب تعالى عرَضا وإذا كان جوهرا فإما أن لا ينقسم أصلا أو ينقسم وكلاهما باطل (أما) الأول فلأنه يكون حينئذ جزءا لا يتجزأ وهو أحقر الأشياء، تعالى الله عن ذلك (وأما) الثاني فلأنه يكون جسما وكل جسم مركب وقد مرّ أن التركيب الخارجي ينافي الوجوب الذاتي، وأيضا فقد بيَّنا أن كل جسم محدث فيلزم حدوث الواجب ” (1) اهـ.

134- وكان العلامة الحافظ الفقيه المجتهد الأصولي الشيخ تقي الدين علي ابن عبد الكافي السبكي الشافعي الأشعري (756 هـ) ينزّه الله عن المكان ورد على المجسمة الذين ينسبون المكان والجهة لله تعالى.

ذكر ذلك في رسالته “السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل وهو ابن قيم الجوزية المشهور بفتاويه الشاذة التي اظهرت عَوَاره وقلة فهمه،

(1) ذكره محمود خطاب السبكي في (إتحاف الكائنات (ص130-131)

وتكذيبه لأنبياء الله ورسله والعياذ بالله، كقوله بفناء النار وزعمه الإجماع على أن الله في جهة فوق العرش مستدلا بكلام الفلاسفة وشيخه ابن تيمية.

قال السبكي ما نصه (1):”ونحن نقطع أيضا بإجماعهم- أي رسل الله وأنبيائه- (على التنزيه)، أما يستحي من ينقل إجماع الرسل على إثبات الجهة والفوقية الحسية لله تعالى؟ وعلماء الشريعة ينكرونها. أما تخاف منهم أن يقولوا له إنك كذبتَ على الرسل ” اهـ.

(1) السيف الصقيل في الرد على ابن زفيل (ابن قيم الجوزية): (ص/ 105).

قال الشيخ العلامة المحدث الفقيه أبو المحاسن محمد القاوقجي الطرابلسي اللبناني الحنفي (1305 هـ) ما نصه (2): (فهذه عقيدة في التوحيد خالصة من الحشو والتعقيد، يحتاج إليها كل مريد، نفع الله بها جميع العباد، ءامين “.

210- ثم قال (3): “فإذا قال لك: أين الله؟ فقل: مع كل أحد بعلمه-لا بذاته-، وفوق كل أحد بقدرته، وظاهر بكل شىء باثار صفاته، وباطن بحقيقة ذاته- أي لا يمكن تصويره في النفس-، منزه عن الجهة والجسمية. فلا يقال: له يمين ولا شمال ولا خلف ولا أمام، ولا فوق العرش ولا تحته، ولا عن يمينه ولا عن شماله، ولا داخل في العالم ولا خارج عنه، ولا يقال: لا يعلم مكانه إلا هو. ومن قال: لا أعرف الله في السماء هو أم في الأرض كفر- لأنه جعل أحدهما له مكانا.

فإذا قال لك: ما دليلك على ذلك؟ فقل: لأنه لو كان له جهة أو هو في جهة لكان متحيزا، وكل متحيز حادث، والحدوث عليه محال”اهـ.

(2) انظر كتابه الاعتماد في الاعتقاد (ص/2).
(3) المصدر السابق (ص/5).

211- وقال في كتابه سفينة النجاة ما نصه (1) “ويستحيل عليه المماثلة للحوادث بأن يكون ذاته كالذوات يأخذ مقدارا من الفراغ، او يتصف بالأعراض كالبياض، أو يكون في جهة كالفوق والتحت واليمين والشمال والخلف والأمام، أو يكون جهةًكالأعلى والأسفل، أو يحلّ بمكان أو يُقَيّد بزمان ” اهـ.

212- وقال الشيخ محمد نووي الجاوي الشافعي (1316 هـ) عند ذكر أن الله يستحيل عليه المماثلة لشىء من خلقه ما نصه (2): “أو يكون تعالى في جهة للجرم بأن يكون عن يمينه أو شماله أو فوقه أو تحته أو أمامه أو خلفه، أو يكون له تعالى جهة بأن يكون له يمين أو شمال أو فوق أو تحت أو خلف أو أمام، أو يتقيد بمكان بأن يحل فيه بأن يكون فوق العرش ” اهـ.

213- وقال أيضا ما نصه (3): (وكل ما خطر ببالك من صفات الحوادث لا تصدق أن في الله شيئا من ذلك، وليس له مكان أصلاً فليس داخلاّ في الدنيا ولا خارجا عنها”ا.هـ.

214- وقال الشيخ المتكلم عبد العزيز بن عبد الرحمن السكندري (كان حيّا سنة 1317 هـ) ما نصه (4): (وكذا يستحيل عليه تعالى أن يكون في مكان أو زمان لأن الحلول في المكان من لوازم الجرم والحلول في الزمان من لوازم الجرم والعرض ” اهـ.

(1) سفينة النجاة في معرفة الله وأحكام الصلاة (ص/7).

(2) الثمار اليائعة في الرياض البديعة (ص/ 5).

(3) نور الظلام شرح منظومة عقيدة العوام (ص/37).

(4) الدليل الصادق على وجود الخالق (1/ 94).

215- وقال مفتي ولاية بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري الشافعي (1323 هـ) عن الله مانصه (1): “ليس بجِرم يأخذ قدرا من الفراغ، فلا مكان له، وليس بعرض يقوم بالجرم، وليس في جهة من الجهات، ولا يوصف بالكِبَر ولا بالصغر، وكل ما قام ببالك فالله بخلاف ذلك ” اهـ.

216- وقال أيضا (2): “تنزه- أي الله- عن المكان والزمان ” اهـ ذكر ذلك في افتتاحية كتابه “المجالس السنية”، مما يدل على أنه كان يعطي علم التوحيد اهتمامه، ولذلك كان رحمه الله حريصا على تعليم الصغار والكبار تنزيه الله عن المكان والزمان والجسمية وكل صفات المخلوقين.

217 -وقال أ&##1610;ضا (3):

“لا ينبغي للإله الواحد الصمد أن يحتوى بـمكـان هو خـالـقه

بل كان ربي ولا عرش ولا مَلَكٌ ولا سـمـاء ورب الـعـرش واجـده

وكـل من في مكان فهو مفتقر إلى المكان ويحويه سرادقه”اهـ.

218- وقال أيضا ما نصه (4): “إن الله يُرى في الآخرة- بلا كيف ولا شبهٍ ولا مثالٍ ولا حد ولا ند ولا ضد، ولا مقابلة ولا أمام ولا وراء ولا يمين ولا شمال، ولا محسوس ولا ملموس، ولا طويل ولا قصير ولا كبير ولا صغير ولا عريض “ا.هـ وهذا أيضا فيه ردٌّ على أدعياء العلم المتسترين بالدين الذين يتصدرون

(1) الكفاية لذوي العناية (ص/ 13).

(2) المجالس السنية (ص/ 2).

(3) المصدر السابق (ص/ 119).

(4) المجالس السنية (ص/ 119).

محالس العلم يوهمون الناس انهم على التقوى والصلاح، ملتزمرن بسئة النبي (صلّى الله عليه و سلّم) ثم بنكرون علينا التنزيه التفصيلي كالذي نقلناه هنا عن مفتي بيروت الشيخ عبد الباسط الفاخوري زاعمين زوزا وئهتانا أن هذا منهج منحرف ومخالف للقرءان ولما كان عليه السلف كما زعم حسن قاطرجي اللبناني (1)، فتصدت جمعية المشاريع الخيرية الإسلامية وهي حقيقة كما وصفها بعضهم: نور في زمن خيمت فيه الظلمات للرد على طعنه بمنهج أهل الحق بكتاب سمته “القول الفصل المنجي في الرد على حسن القاطرجي، الذي يظهر للناس تجرؤه على الفتوى بغير علم وانحرافه عن منهج السلف والخلف ودفاعه عن زعيم المتطرفين سيد قطب الذي كفر المسلمين في أنحاء الأرض حكاما ومحكومين، وطعن بالأزهر الشريف بمصر واصفا إياه بقوله (2): “أما أنت أيها الأزهر فقد أضعت الدين وأفسدت الدنيا” وذلك في مقال نشره جماعة سيد قطب في لبنان الذين يسمون أنفسهم الجماعة الإسلامية.

219- وقال الشيخ حسين بن محمد الجسر الطرابلسي (3) (1327 هـ) في كتابه “الحصون الحميدية للمحافظة على العقائد الإسلامية” ما “نصه (4): “إنه تعالى ليس جوهرا ولا جسما، فلا يحتاج إلى مكان يقوم فيه، لأن الاحتياج إلى المكان من خواص الجواهر والأجسام، وثبت هناك أنه تعالى ليس عرضا فلا يحتاج إلى محل يحل فيه”.

(1) وذلك بشريط مسجل بصوته بتاريخ 29/ 3/ 97 ر (وعندنا نسخة منه).

(2) مجلة الأمان: عدد 4 سنة أولى 26 ربغ الأول 1399 كل الموافق 23 شباط 979 1 ر.

(3) ولد وتعلم في طرابلس، ورحل إلى مصر ودخل الأزهر، ثم عاد إلى طرابلس وتوفي فيها.

(4) الحصون الحميدية (ص/ 18).

5 22- وقال الشيخ عبد القادر الأدهمي الطرابلسي (1) (1328 هـ) ما نصه: (ولا يحناج الى مكان ومحل، ولا يغيره زمان) اهـ.

221- قال الشيخ رجب بن محمد جمال الدين البيروتي الشافعي الملقب بشيخ بيروت (1328 هـ) ما نصه (2): ” إنه تعالى ليس مماثلا للحوادث” ، ثم قال: “فليس بجرم يأخذ قذرا من الفراغ فلا مكان له، وليس بعرض يقوم بالجرم فلا يوصف بالصورة ولا بالشكل ولا باللون” اهـ.

222- وقال ما نصه (3): “انه تعالى لا يحتاج إلى محل يقوم به، ولا إلى مخصص أي موجد يوجده أ اهـ.

223- وقال الشيخ إسماعيل حقي الرومي الحنفي (1335 هـ) ما نصه (4): “خصَّ السماء بالذكر ليعلم أن الأصنام التي في الأرض ليست بالهة لا لأنه

تعالى في جهة من الجهات لأن ذلك من صفات الأجسام”اهـ.

224- وقال الشيخ سليم البشري المصري (1335 هـ) شيخ الجامع الأزهر ما نصه (5): “إعلم أيدك الله بتوفيقه وسلك بنا وبك سواء طريقه، أن مذهب الفرقة الناجية وما عليه أجمع السنيون أن الله تعالى منزه عن مشابهة الحوادث مخالف لها في جميع سمات الحدوث، ومن ذلك تنزهه

(1) وسيلة النجاة والإسعاد في معرفة ما بجب من النوحيد والاعتقاد (ص/ 4).

(2) كتاب الأجوبة الجلية في العقاند الدينية (ص/ 4)، طغ في بيروت بالمطبعة الأدبية سنة 1308 هـ، وهذا الكناب كان بدرس في مدارس ولابة بيروت في عهد الدولة العثمانية

ا لإسلامية.

(3) المرجع السابق (ص/ 5).

(4) روح البيان (6/ 385).

(5) فرقان القرءان (مطبوع مع كتاب الأسساء والصفات للبيهقي) (ص/ 74).

عن الجهة والمكان كما دلت على ذلك البراهين القطعية”ا.هـ

225- وقال الشيخ عبد المجيد الشرنوبي الأزهري (1348 هـ) ما نصه (1): “فهو سبحانه لا يحده زمان ولا يقله مكان بل كان ولا مكان ولا زمان وهو الآن على ما عليه كان “ا.هـ.

226- وقال (2): (خلق الله العرش إظهارا لقدرته لا مكاناً لذاته ” ا.هـ.

227- وقال أيضا ما نصه (3): (الحمد لله المنزه في كماله عن الكيفية والأينِيَّة، المقدس في جَلاله عن الضِّديَّة والنِّدِّية، المتعالي بألوهيته عن الفوقية والتحتية”ا.هـ.

228- وقال الشيخ يوسف النبهاني الشافعي البيروتي (1350 هـ) ما نصه (4)فلاجهةٌ تحويه لا جهةٌ له تـنـزَّهَ ربـي عـنـهـا وَعـلاَ قـَدْرَا

229- وقال الشيخ مصطفى نجا الشافعي مفتي بيروت (1351 هـ) ما نصه (5):”ومعنى العلي المتعالي في جلاله وكبريائه إلى غير غاية ولا نهاية، والمراد به علو القدر والمنزلة لا علو المكان لأنه تعالى منزه عن التحيز والجهة “ا.هـ.

(1) شرح تائية- السلوك إلى ملك الملوك (ص/ 60).

(2) المصدر السابق (ص/ 29).

(3) ديوان خطب الشرنوبي: الخُطبة الثالثة لصفر (ص/ 16). (4) الرائية الكبرى (ص/ 3).

(5) كشف الأسرار لتنوير الأفكار (ص/118).

230- وقال أيضا (1) :”فإنها-يعنيءاية الكرسي- دالة على انه تعالى موجود واحد في الألوهية، متصف بالحياة، واجب الوجود لذاته موجد لغيره، منزه عن التحيز والحلول ” اهـ.

231- وقال الشيخ عبد المجيد المغربي الطرابلسي أمين الفتوى في طرابلس الشام (1352 هـ) عن الله تعالى ما نصه (2): “لا يحويه مكان ولا تحصره جهة لا فوق ولا تحت، كان الله تعالى في أزليته ولم يكن شىء من الكائنات والأمكنة والجهات على الإطلاق، ا.هـ.

232- وقال أيضا ما نصه (3): “وليعلم ههنا أن الله صانع الكائنات ومحدثها يجب عقلا أن لا يكون مماثلا لشىء منها من كل وجه، ولا شىء من هذه الكائنات إلا ويحصره المكان وتحده الجهة، وكل مكان محدود، وكل محدود ومحصور حادث، والله عز وجل قديم فلا يجوز عقلا أن يكون في مكان أو تحده جهة” ا.هـ.

233- قال الشيخ محمود بن محمد خطاب السبكي (1352هـ) وهو من مشايخ الأزهر بمصر ما نصه (4): “وأما مذهب السلف والخلف بالنسبة للآيات والأحاديث المتشابهة فقد اتفق الكلّ على أن الله تعالى منزه عن صفات الحوادث، فليس له عز وجل مكان في العرش ولا في السماء ولا في غيرهما، ولا يتصف بالحلول في شىء من الحوادث ولا بالاتصال

(1) المرجع السابق (ص/122).

(2) رسالة علميه في الإسراء والمعراج (ص/ 24).

(3) الكوكب الشرقي في رد نظرية لابلاس ورفقائه (ص/ 57).

(4) إتحاف الكائنات (ص/ 5).

بشىء منها ولا بالتحول والإنتقال ونحوهما من صفات الحوادث “ا.هـ.

234- وذكر الشيخ محمد الخضر الشنقيطي ( 1353هـ) مفتي المدينة المنورة في كتابه (1) “إستحالة المعية بالذات ” تنزيه الله عن المكان والجهة، ومما ورد فيه: “إن الله تعالى ليس بجسم، فلا يحتاج الى مكان يستقر فيه، فقد كان ولا مكان… والبارىء …..سبحانه لا تحويه جهة إذ كان موجودا ولا جهة”ا.هـ.

235- وقال الشيخ عبد الفتاح الزعبي الطرابلسي اللبناني (2) (1354 هـ) ما نصه (3): “كيف يحيط العقل بمن تقدس عن الكميَّة والكيفية والأينيَّة، فنزهوا ربكم وقدسوه عن الخواطر الفكرية” ا.هـ أي أن الله تبارك وتعالى لا يوصف بالكمية أي الحجم والحد، ولا يوصف بالكيفية كالجلوس والاستقرار والصورة والشكل والهيئة، ولا يوصف بالأينيَّنة أي لا يحل في مكان وجهة، ولا يقال: لا يعلم مكانه إلا هو.

236- وقال الشيخ محمد حسنين مخلوف مفتي الديار المصرية (1355 ها ما نصه (4): “- إن الله- منزه عن جميع النقائص، وسمات الحدوث، ومنها الزمان والمكان، فلا يقارنه زمان ولا يحويه مكان إذ هو الخالق لهما فكيف يحتاج إليهما” ا.هـ.

(1) استحالة المعية بالذات: المبحث الثامن في النزول والصعود والعروج (ص/ 277).

(2) قائم مقام نقيب السادة الأشراف والخطيب والمحدث في الجامع الكبير. تتلمذ على الشيخ أبي المحاسن القاوقجي الطرابلسي الحنفي، له كتاب سماه (المواعظ الحميدية في الخطب الجُمعية” وهو عبارة عن مجموعة خطب ألقاها على منابر المساجد يوم الجمعة.

(3) المواعظ الحميدية (ص/ 85).

(4) مختصر شرح عقيدة أهل الاسلام (ص/ 12- 13).

238- وقال أيضا (1)” لا تحيط به الجهات : كقدام وخلف وفوق وتحت، وشمال إذ هي نسب حادثة بحدوث الأشياء، والله تعالى قديم أزلي”ا.هـ.

238- وقال أيضا (2): “ولمّا قام البرهان على تنزهه تعالى عن الحيز والمكان والجهة كسائر لوازم الحدوث، وجب أن يكون استواؤه على عرشه لا بمعنى الاستقرار والتمكن، بل بالمعنى اللائق بجلاله تعالى”ا.هـ.

239- وقال أيضا (3): “فيُرَى سبحانه لا في مكان ولا جهة ولا باتصال شعاع ولا ثبوت مسافة بين الرائين وبينه تعالى بل على الوجه الذي يليق بقدسيته وجلاله سبحانه “ا.هـ.

240- وقال الشيخ محمدبن إبراهيم الحسيني الطرابلسي (1362 هـ) في تفسير قوله تعالى :” وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَن نُّؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنتُمْ تَنظُرُونَ ” (55/ سورة البقرة)

ما نصه (4): “ظنوا أنه سبحانه وتعالى مما يشبه الأجسام وبتعلق به الرؤبة تعلقها بها- أي الأجسام- على طريق المقابلة في الجهات والأحياز، ولا ريب في استحالته ” ا.هـ.

241- وقال الشيخ يوسف الدَّجوي المصري (1365 هـ) في مجلة الأزهر التي تصدرها مشيخة الأزهر بمصر في تفسير قول الله تبارك

(1) و (2) مختصر شرح عقيدة أهل الإسلام (ص/ 12- 13).

(3) المصدر السابق (ص/ 27).

(3) تفسير القرءان الكريم. (ص/101).

وتعالى :” سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأعْلَى (1/سورة الأعلى) ما نصه (1) “والأعلى صفة الرب، والمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار، لا بالمكان والجهة، لتنرهه عن ذلك”ا.هـ.

242- وقال أيضا: “واعلم أن السلف قائلون باستحالة العلو المكاني عليه تعالى، خلافا لبعض الجهلة الذين يخبطون خبط عشواء في هذا المقام، فإن السلف والخلف متفقان على التنزيه “(2) اهـ.

والدجوي أحد أعضاء كبار العلماء في الأزهر بمصر، وانظر مقالة (3) له بعنوان “تنزيه الله عن المكان والجهة “

فلا تغتَرّ بعد ذلك بالذين يسمون أنفسهم السلفية ليوهموا الناس أنهم على عقيدة السلف، والسلف بريء من عقيدة المشبهة الذين يقولون بالجلوس والاستقرار والمكان والحركة والحد في حق الله، والعياذ بالله من الكفر.

243- وقال الشيخ محمد عبد العظيم الزرقاني (1367 هـ) مدرس علوم القرءان والحديث في كلية أصول الدين في جامعة الأزهر بمصر ما نصه (4): “الأدلة القاطعة تنزه الله عن أن يشبه خلقه أو يحتاج إلى شىء منه، سواء أكان مكانا يحل فيه أم غيره ” ا.هـ.

(1) مجلة الأزهر (تصدرها مشيخة الأزهر بمصر)، المجلد التاسع، الجزء الأول- المحرم سنة 1357 (ص/16).

(2) المصدر السابق (ص/ 17).

(3) مقالات وفتاوى الدجوى (183/- 194و201–211).

(4) مناهل العرفان في علوم القرءان (2/186)، وكُتب على غلاف الكتاب: (طبق ما قرره مجلس الأزهر الأعلى في دراسة تخصص الكليات الأزهرية” اهـ. وهذا يعني أن الأزهر بمصر يعلم المسلمين تنزيه الله عن المكان خلاف ما عليه أدعياء السلفية.

244- وقال أيضا (1) ما نصه “قبل أن يخَلق- الله- الزمان والمكان و قبل أن تكون هناك جهات ست لم يكن له جهة ولا مكان، وهو الآن على ما عليه كان، لا جهة له ولا مكان “ا.هـ.

ثم ردّ المؤلف على المدَّعين بأنهم السلفية وبين فساد اعتقادهم وزيَّف شبههم المتهافتة.

245- وقال وكيل المشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية الشيخ محمد زاهد الكوثري الحنفي (1371 ها) ما نصه(2): “وتنزيه الله سبحانه عن المكان والمكانيات والزمان والزمانيات هو عقيدة أهل الحق رغم اغتياظ المجسمة الصرحاء والممجمجين (3) من ذلك ” ا.هـ.

246- وقال بعد أن ذكر الأدلة على تنزيه الله عن الجهة ما نصه (4): “فظهر بذلك بطلان التمسك بكلمة “فوق ” في الآيات والأحاديث في إثبات الجهة له تعالى، تعالى الله عن مزاعم المجسمة” ا.هـ.

247- وقال أيضا ما نصه (5): “قوله سبحانه لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ” (11/ سورة الشورى) نص في نفي الجهة عنه تعالى، إذ لو لم تنف عنه الجهة لكانت له أمثال لا تحصى، تعالى الله عن ذلك ” ا.هـ.

(1) مناهل العرفان (2/ 190).

(2) مقالات الكوثري: مقال الإسراء والمعراج (ص/ 452).

(3) قال صاحب القاموس:”ومجمج في خبره: لم يبينه، ومجمج بفلان: ذهب في الكلام معه مذهبا غير مسنقيم، فردَّه من حال إلى حال)ا.هـ. (مادة: م ج ج- ص/ 262).

(4) تكملة الرد على نونية ابن القيم (ص/88).

(5) المصدر السابق (ص/ 102).

ذكر ذلك في “تكملة الرد علىنونية ابن القيم ” وهي قصيدة نظمها ابن قيم الجوزية سفَّه فيها اعتقاد أهل السنة والجماعة ووصفهم بالمعطلة والجهمية والعياذ بالله تعالى، وقد ورث هذا الحقد من شيخه ابن تيمية الحرَّاني الذي كان يدعو إلى عقيده الفلاسفة والمجسمة ويناصر الحشوية على أهل السنة من الأشاعرة والماتريدية.

248- وقال الشيخ مصطفى وهيب البارودي الطرابلسي (1372 هـ) ما نصه (1): “إن الله تعالى منزه الذات عن الاختصاص بالأمكنة والجهات، وهذا أصل من أصول العقائد الإيمانية، لأنه لو احتاج إلى المكان لكان حادثا، وقد قام الدليل على وجوب القِدَم- لله- واستحالة العدم- عليه- ولأن هذه الجهات هو الذي خلقها” ا.هـ.

249- وقال الشيخ سلامة القضاعي العزامي الشافعي (1376 هـ) ما نصه (2): “أجمع أهل الحق من علماء السلف والخلف على تنزه الحق- سبحانه- عن الجهة وتقدسه عن المكان “ا.هـ.

250- وقال الحافظ المحدث الشيخ أحمد بن محمد بن الصديق الغُمَاري المغربي (1380 هـ) ما نصه (3): “فإن قيل: إذا كان الحقُّ سبحانه ليس في جهة، فما معنى رفع اليدين بالدعاء نحو السماء؟

فالجوابُ كما نقله في “إتحاف السادة المتقين ” (4) عن الطُّرْطُوشي- المالكي- من وجهين:

(1) أنظر كتابه الفوز الأبدي في الهدي المحمدى (ص/ 73).

(2) فرقان القرءان (مطبوع مع كتاب الأسماء والصفات للبيهقي) (ص/93).

(3) المنَِحُ المطلوبة (ضمن كتاب ثلاث رسائل في استحباب الدعاء) (ص/ 61- 62).

(4) إتحاف السادة المتقين (5/ 34- 35).

احدُهما :أنه محل التعبُّد , كاستقبالِ الكعبة في الصلاة، وإلصاق الجبهة بالأرض في السجود، مع تنزُّهه سبحانه عن محل البيت ومحل السجود، فكأنَّ، السماء قبلةُ الدعاء.

وثانيهما: أنها لما كانَتْ مهبط الرزقِ والوحي وموضعَ الرحمةِ والبركةِ، على معنى أن المطرَ ينزِلُ منها إلى الأرضِ فيخرج نباتا، وهي مَسكَنُ الملاء الأعلى، فإذا قَضَى اللهُ أمرا ألقاه إليهم، فيُلقونه إلى أهلِ الأرض، وكذلك الأعمال تُرفَع، وفيها غيرُ واحد من الأنبياء، وفيها الجنةُ- التي هي غايةُ الأماني، فلما كانت معْدِنّا لهذه الأمور العظام ومَعْرِفةَ القضاءِ والقَدَر، تَصرَّفَت الهِممُ إليها، وتوفَّرَت الدواعي عليها” ا. هـ.

251- وقال المحدث الشيخ محـمد عربي التبان المالكي المدرس بمدرسة الفلاح وبالمسجد المكي (1395 هـ) ما نصه (1): “اتفق العقلاء من أهل السنة الشافعية والحنفية والمالكية وفضلاء الحنابلة وغيرهم على أن الله تبارك وتعالى منزه عن الجهة والجسمية والحد والمكان ومشابهة مخلوقاته ” اهـ.

252-وقال الشيخ محمد الطاهر بن عاشور المالكي (1393 هـ) (2) ما نصه (3):قوله تعالى (مَّن فىِ السَّمَآءِ) في الموضعين من قبيل المتشابه الذي يعطي ظاهره معنى الحلول في مكان، وذلك لا يليق بالله ” ا.ها

(1) براءة الأشعريين (1/ 79).

(2) هو رئيس المفتين المالكيين بتونس وشيخ جامع الزيتونة وفروعه بتونس (الأعلام للزِّركلي 6/ 174).

(3) أنظر تفسيره التحرير والتنوير (29/ 33).

253-وقال الشيخ عبد الكريم الرفاعي الدمشقي (1393هـ) احد خوَّاص تلاميذ الشيخ المحدث بدر الدين الحسني ما نصه (1): “ويستحيل على الله المماثلة للحوادث، والتقيد في الزمان والمكان، وأن يكون في جهة، او تكون له جهة” ا.هـ.

254- وقال أيضا (2): “يستحيل- على الله- التقيد بالمكان لأن المتمكِّن فيه إما ساكن أو متحرك، وقد تقدم استحالة الحركة والسكون على الله تعالى، فإذا استحال على الله تعالى أن يتقيد بالمكان. ويستحيل ان يكون الاله في جهة أو يكون له جهة لأن الجهة التي هي الفوق، والتحت، والأمام، والوراء، واليمين، والشمال لا تتصور ولا تعقل إلا ملازمة للجرم، وقد تقدم استحالة الجرمية عليه، فإذا لا يتصور أن يكون له جهة أو يكون في جهة “ا.هـ.

255- قال محدث الديار المغربية الشيخ عبد الله بن محمد الصديق الغماري (1413هـ) ما نصه (3): “كان الله ولم يكن شىء غيره، فلم يكن زمان ولا مكان ولا قطر ولا أوان، ولا عرش ولا ملك، ولا كوكب ولا فلك، ثم اوجد العالم من غير احتياج إليه، ولو شاء ما أوجده. فهذا العالم كله بما فيه من جواهر وأعراض حادث عن عدم، ليس فيه شائبة من قِدم، حسبما اقتضته قضايا العقول، وأيدته دلائل النقول، وأجمع عليه المِلِّيُّوْن قاطبة إلا شُذاذا من الفلاسفة قالوا بقدم العالم، وهم كفار بلا نزاع” ا.هـ

(1) كتاب المعرفة في بيان عمدة المسلم (ص/ 55 و 57).

(2) كتاب المعرفة في بيان عقيدة المسلم (ص/55 و 57).

(3) قصص الأنبياء: ءادم عليه السلام: (ص/ 11).

256-وقال أيضا ما نصه (1): “قال النيسابوري في “تفسيره””أما قوله : وَرَافِعُكَ إِلَيَّ “(55/ سورة ءال عمران) فالمشبهة تمسكوا بمثله في

إثبات المكان لله وأنه في السماء، لكن الدلائل القاطعة دلّت على أنه متعال عن الحيز والجهة، فوجب حمل هذا الظاهر على التأويل بأن المراد إلي محل كرامتي) ا.هـ.

257- قال الشيخ محمد حمدي الجويجاتي الدمشقي (1411 هـ) ما نصه (2): “ويستحيل على الله احتياجه لغيره، وللزمان والمكان، إذ هو خالق الزمان والمكان “ا.هـ.

258- وقال الشيخ عبد ربه بن سليمان بن محمد بن سليمان الشهير بالقليوبي المصري أحد علماء الأزهر ما نصه (3):”نقول: مما تقرر عقلا ونقلاً أن الله تعالى إله قديم مستغن عن كل ما سواه، وغيره مفتقر إليه، فكيف يحل في السماء والحلول دليل الاحتياج، وأنه تعالى لو كان في مكان لكان متناهي المقدار، وما كان متناهي المقدار فهو حادث، والله تعالى قديم فيستحيل عليه الحلول في مكان أو جهة” ا.هـ.

259- قال الشيخ حسين عبد الرحيم مكي المصري (4) أحد مشايخ الأزهر:”- إن الله تعالى يرى- من غير أن يكون في مكان وجهة، أو

(1) عقيدة أهل الاسلام (ص/ 29).

(2) العقيدة الاسلامية (ص/ 8- 9).

(3) فيض الوهاب (2/ 26- 27).

(4) توضيح العقيدة المفيد في علم التوحيد لشرح الخريدة لسيدي أحمد الدردير (2/ 35)، الطبعة الخامسة 1384 هـ- 1964.

مقابلاً للرائي او محدودً او محصورا وبدون تكيف بأيّ كيفية من كيفيات رؤية الحوادث بعضهم بعضا”اهـ.

265- وقال ايضا في كتابه “توضيع العقيدة “وهو مقرر السنة الرابعة الإعدادية بالمعاهد الأزهرية بمصر، ما نصه (1): “فنراه تعالى منزَّهاً عن الجهة والمقابلة وسائر التكيفات، كما أنّا نؤمن ونعتقد انه تعالى ليس في جهة ولا مقابلاًوليس جسما”اهـ.

261- وفي كتاب “العقيدة الإسلامية”الذي يدرّس في دولة الإمارات العربية ما نصه (2): “وأنه تعالى لا يحل في شىء ولا يحل فيه شىء، تقدس عن أن يحويه مكان، كما تنزه عن أن يحده زمان، بل كان قبل أن يخلق الزمان والمكان وهو الآن على ما عليه كان” ا.هـ.

262- وفيه أيضا ما نصه (3): “وإن عقيدة النجاة المنقذة من أوحال الشرك وضلالات الفرق الزائفة هي اعتقاد رؤيته تعالى في الاخرة للمؤمنين بلا كيف ولا تحديد ولا جهة ولا انحصار” ا.هـ.

263- وجاء في مجلة دعوة الحق تصدرها وزارة الأوقاف والشئون الاسلامية بالمملكة المغربية مانصه (4) : “يتفق الجميع من علماء سلف اهل السنة وخلفهم- وكذا العقلانيون من المتكلمين- على أن ظاهر

(1) المصدر السابق (ص/ 39).

(2) العقيدة الاسلامية: التوحيد في الكتاب والسنة (1/ 167).

(3) العقيدة الإسلامية: التوحيد الكتاب والسنة: (1/ 151).

(4) مجلة دعوة الحق: العددان 305- 306 (ص/ 65 سنة 1415 ها-1994ر).

الاستواء على العرش بمعنىالجلوس على كرسي والمتمكن عليه والتحيز فيه مستحيل،لأن الأدلة القطعية تنزه الله تعالى عن أن يشبه خلقه أو أن يحتاج الى شىء مخلوق، سواء أكان مكانا يحل فيه أو غيره، وكذلك لأنه سبحانه نفى عن نفسه المماثلة لخلقه في أي شىء، فأثبت لذاته الغنى المطلق فقال تعالى:” لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ”ا.هـ.

264- وجاء في مجلة الأزهر وهي مجلة دينية علمية خلقية تاريخية حكمية تصدرها مشيخة الأزهر بمصر، انتدب الأزهر الشريف بمصر لهؤلاء المنحرفين عن منهج أهل السنة وتصدر للرد على تلك الشرذمة التي تسمي نفسها “الوهابية” المتسترين تحت اسم “السلفية” تارة، و”جماعة أنصار السنة” تارة أخرى، فنشر أكثر من مقال (1) لإبطال مزاعمهم تحت عنوان “تنزيه الله عن المكان والجهة”.

ومما جاء فيها: “والأعلى” صفة الرب، والمراد بالعلو العلو بالقهر والاقتدار لا بالمكان والجهة، لتنزهه عن ذلك “ا.هـ.

وهذا المقال صدر عن مشيخة الأزهر منذ أكثر من ستين سنة مما يدل على حِرصه في التصدي والرد على شبهات الزائغين المنحرفين ولا سيما عند الخوف من تَزَلْزُلِ العقيدة حِفظا من التشبيه، فمن عابنا على عقيدة تنزيه الله عن الجهة والمكان. والجسمية فهو عائب على الأزهر وعلى علماء الأمة.

(1) مجلة نور الاسلام= مجلة الأزهر: (مجلد 2/ جزء4/ ص 282 ربيع الثاني سنة 1350هـ)، (ومجلد 2/ جزء9/ ص/63 رمضان سنة 1350هـ). (مجلد 9/ جزء ا/ ص/ 16) المحرم سنة 1357 هـ).

265- ونختم الفصل بما قاله الشيخ العلامه الفقيه المحدث الشيخ عبد الله الهرري المعروف بالحبشي ونصه (1). “وقال اهل الحق: إن الله ليس بمتمكِّن في مكان أي لا يجوز عليه المماسة للمكان والاستقرار عليه، وليس معنى المكان ما يتصل جسم به على أن يكون الجسمان محسوسَيْن فقط، بل الفراغ الذي إذا حل فيه الجرم شغل غيره عن ذلك الفراغ مكان له، كالشمس مكانها. الفراغ الذي تسبح فيه، وعند المشبهة والكرامية والمجسمة الله متمكِّن على العرش وتعلقوا بظاهر قوله تعالى :” الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى “(5/ سورة طه) الاستواء الاستقرار،وقال بعضهم: الجلوس، وهؤلاء المشبهة قسم منهم يعتقدون أن الله مستقر على العرش، ويكتفون بهذا التعبير من غير أن يفسروا هل هذا استقرار اتصال أم استقرار محاذاة من غير مماسة، وقسم منهم صرحوا بالجلوس، والجلوس في لغة العرب معناه تَمَاسُّ جسمين احدهما له نصف أعلى ونصف أسفل، فمن قال: إنه مستو على العرش استواء اتصال أي جلوس أو قال: استواؤه مجرد مماسة من غير صفة الجلوس فهو ضال، والذين قالوا إنه مستو على العرش من دون مماسة أي إنما يحاذيه من فوق أي كما تحاذي أرضنا السماء فهؤلاء أيضا ضالون، فلا يجوزأن يكون قوله تعالى :” الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى”(5/ سورة طه) على احدى هذه الصفات الثلاث، والتفسير الصحيح تفسير من قال: :” الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى “(5/سورة طه) قهر لأن القهر صفة كمال لله تعالى، هو وصف نفسه

به قال تعالى”قُلِ اللّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ”(16/ سورة الرعد)

(1) شرح العقيدة الطحاوية (ص/ 164- 165).

فيصح، تأويل الاستواء بالاستيلاء وإن كانت المعتزلة وافقت أهل السنة في ذلك.

وأقبح هذه الاعتقادات الفاسدة اعتقاد أن الله تعالى جالس على العرش أو واقف عليه، لأن فيه جعل الله تعالى محمولا للعرش والعرش محمول للملائكة، فالملائكة على هذا الاعتقاد قد حملوا الله تعالى، فكيف يليق بالإله الذي أوجد العالم بأسره أن يحمله شىء من خلقه، فعلى قول هؤلاء يلزم أن يكون الله محمول حامل ومحفوظ حافظ، وهذا مما لا يقوله عاقل.

ثم إن من دلائل أهل الحق أن التعري عن المكان ثابت في الأزل لعدم. قدم المكان إذ هو غير المتمكن (1)، ولو تمكن بعد خلق المكان لتغير عما كان عليه، والتغير من أمارات الحدث وذلك يستحيل على القديم، ولو كان تعالى هو والمكان موجودين في الأزل لم يكن الله خالقا للمكان ولا خالقا لشىء من الأشياء، ثم لو كان. كما يعتقدون لم يستطع الله أن يحفظ هذا العالم ولم يستطع أن يحفظ هذه الأرض التي هي مستقرة على غير أعمدة”ا.هـ.

266- وقال أيضا ما نصه (2): (قال أهل الحق نصرهم الله: إن الله سبحانه وتعالى ليس في جهة وليس بذي صورة لاختلاف الصور والجهات، واجتماع الكلّ مستحيل لتنافيها في أنفسها وليس بعض

(1) المشبهة موافقون لنا على عدم قِدَم المكان، الا أن ابن تيمية منهم يقول بقدم جنس المخلوق أي لم يزل مع الله مخلوق، وقد نقل عنه جلال الدين الدَّواني أنه قال بالقدم الجنْسِي للعرش.

(2) إظهار العقيدة السنية (ص/127- 128).

الجهات والصُّور أوْلَى من البعض لاستواء الكلّ في إفادة المَدْحِ والنقص، وتخصيص بعض الصور والجهات لا يكون الا بمخصِّص وذا من امارات الحدث، ورفعُ الأيدي والوجوه الى السماء عند الدعاء تعبُّدٌ مَحْضٌ كالتوجُّه الى الكعبة في الصلاة فالسماء قبلة الدعاء كالبيت الذي هو قبلة الصلاة.

وحكم النبي صلى الله عليه وسلم عند إشارة الجارية السوداء (1) التي أراد صاحبها أن يعرف أنها مؤمنة ليُعتقها إلى السماء بكونها مؤمنة لاعتبار أنه لا يظن بها أنها من عَبَدَةِ الأوثان.

مسألة مهمة: إذا قال قائل: نفيه عن الجهات الست إخبار عن عدمه، إذ لا عدم أشد تحقيقا من نفي المذكور عن الجهات الست. قلنا: النفي عن الجهات الست إنما يكون إخبارا عن عدم ما لو كان لكان في جهة منه، لا نفي ما يستحيل عليه أن يكون في جهة منه، لأن من نفى نفسه عن الجهات الست لا يكون ذلك إخبارا عن عدمه، وكذا تنزيه القديم جل وعلا عن الجهات الست ” ا.هـ.

267- وقال أيضا ما نصه (2): “إن المؤمنين يرون الله في الاخرة، وهذا حق يجب الإيمان- به، يرونه بأبصارهم من غير مسافة بينهم وبين الله لا كما يُرى المخلوق، لا يجوز ذلك لأن الذي يكون بينه وبينك مسافة

(1) أخرجه مسلم في صحيحه: كتاب المساجد: باب تحربم الكلام في الصلاة ونسخ ما كان من إباحته، وأبو داود في سننه: كتاب الأيمان والنذور: باب في الرقبة المؤمنة، والنسائي في سننه: في السهو: باب الكلام في الصلاة، وأحمد في مسنده (2/ 291، وه/ 449)، وأبو عوانة في مسنده (2/ 142- 143).

(2) شرح العقيدة الطحاوية (ص/ 144).

يكون محدودا إما أن يكون اعظم جرما منك او اصغر منك او مثلك، وهذا كله لا يجوز على الله، فلذلك أهل السنة يثبتون رؤية الله في الآخرة من غير تشبيه ولا جهة ولا مسافة، ولا تكون رؤية الله كما يُرى المخلوق، لأن المخلوق إذا رأيته تراه في جهة أمامك، أو في جهة خلفك تلتفت إليه فتنظر إليه، أو في جهة يمينك، أو في جهة يسارك، أو في جهة فوقك، أو في جهة تحتك، أو في جميع الجهات كما إذا كنت ضمن غرفة فإنها محيطة بك، وقد نص على هذا الإمام أبو منصور الماتريدي (1) وغيره ” ا.هـ.

268- وقال أيضا: “وإثبات المكان لله يقتضي إثبات الجهة التي نفاها علماء الإسلام عن الله تعالى سلفهم وخلفهم كما قال أبو جعفر الطحاوي في كتابه المسمى “العقيدة الطحاوية”والذي ذكر فيه أنه بيان عقيدة أهل السنّة والجماعة:. “لا تحويه الجهات الست كسائر المبتدعات “. فتبين أن نفي تحيز الله في جهة هو عقيدة السلف، لأن الطحاوي من السلف وقد بيَّن أن هذا معتقد أبي حنيفة وصاحبيه الذين ماتوا في القرن الثاني خاصة ومعتقد أهل السنّة عامة” ا.هـ.

269- وقال أيضا في الرد على الوهابية المجسمة ما نصه (2): “وأشد شبهة لهم- أي للوهابية- قولهم إنه يلزم من نفي التحيّز في المكان عن الله تعالى كالتحيز في جهة فوق أنه نفي لوجوده تعالى، يقال لهم: ليس من شرط الوجود التحيز في المكان لأن الله تبارك وتعالى كان قبل المكان

(1) كتاب التوحيد (ص/ 76).

(2) صريح الببان (ص/71- 72- 73).

والزمان والجهات والأجرام الكثيفه واللطيفه، وقد قال رسول الله صلىالله عليه وسلم “كان الله ولم يكن شىء غيره “فأفهمنا ان الله تعالى كان قبل المكان والزمان والنور والظلام والجهات، فإذاصح وجوده قبل هؤلاء وقبل كل مخلوق صحَّ وجوده بلا تحيز في جهة ومكان بعد وجود الخلق. وهذا الحديث الذي رواه البخاري وغيره تفسيرٌ. لقول الله تعالى “هُوَ الْأَوَّلُ”(3/ سورة الحديد) فقد

وصف ربنا نفسه بالأوّلية المطلقة فلا أول علي- الاطلاق إلا الله، أما أوّلية بعض المخلوقات بالنسبة لبعض فهي أوّليه نسبيّة. وأنتم أيها المجسمة لما حصرتم الموجود فيما يدرِكه ويتصوره الوهم وهو ما يكون متحيزا في جهة ومكان، فهذا قياس منكم للخالق بالمخلوق، لأن المخلوق لما كان لا يخرج عن كونه جِرما كثيفا أو لطيفـا أو صفة تابعة للجرم كالحركة والسكون قطعتم بعدم صحة ما ليس كذلك، فبهذا التقرير بطلت شبهتهم وتمويههم.

واعلموا أن أصل مصيبتكـم هو أنكم جعلتم الله جِرما فقلتم: لا يصح وجود الله بلا تحيّز في جهة ولم تقبل نفوسكم وجود ما ليس بمتحيز وهو الله تعالى الذي نفى عن نفسه المثل بقوله “لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ” (11/ سورة الشورى) وخرجتم عما توارد عليه السلف والخلف وهو قولهم: “مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك ” قال هذه العبارة الإمام أحمد بن حنبل والإمام الزاهد الناسك ذو النون المصري وهما كانا متعاصرين، وبمعناه عبارة الشافعي المشهورة: “من انتهض لمعرفة مُدبره فانتهى إلى مَوجود ينتهي إليه فِكرُه فهو مشبّه “، وأنتم يا معشر المشبهة معتقدكم أن الله جِرم حتى قال بعضهم إنه جرم بقدر العرش من الجوانب الأربعة، وقال بعضهم إنه يزيد علىالعرش وقال بعضهم هو على بعض العرش وقال بعضهم إنه بصورة إنسان طوله سبعة أشبار بشبر نفسه، وزعيمكم ابن تيمية مرة قال إنه بقدر العرش لا يَفضل منه شىء بل يزيد، ومرة قال إنه جالس على الكرسي وقد أخلى موضعا لمحمد ليُقعدَه فيه، والأول من هذين القولين في كتابه المنهاج (1) والثاني في الفتاوى (2) وكتابه المسمى كتاب العرش الذي اطلع عليه الإمام المفسر النَّحْويّ اللغوى أبو حيان الأندلسي (3)، وقال الحافظ أبو سعيد العلائي أحد مشايخ الحافظ ابن حجر العسقلاني إن ابن تيمية قال إنه بقدر العرش لا أصغر ولا أكبر(4). وقول الوهابية إن الفطرة في كل إنسان تقضي بأن الله متحيز بجهة الفوق أي العرش منقوض بشواهد الوجود لأن من الناس من يعتقدون أن هذه السماء الدنيا التي لونها الخضرة الخفيفة هي الله، ومن الناس من يعتقد أن الله كتلة نورانية حتى إنه ظهر من بعض الناس المنتسبين للإسلام أن الله في مكة والمدينة، وبعض المشبهة قالوا بأنه في إحدى السموات السبع، ومنهم من بلغت به الوقاحة وهو أحد مشبهة الحنابلة ألف كتابا رتبه هكذا: باب اليدين باب العين ثم باب كذا ثم باب كذا إلى أن قال باب الفرج لم يرد فيه شىء، فيقال للوهابية: يا معشر المشبهة أي هؤلاء على الفطرة التي تزعمون أن الإنسان إذا خُلّي وطبعه يعتقد أن الله متحيز في السماء، وما هي الفطرة التي خلق الله عليها البشر التي هي الصواب والحق؟ إنما الفطرة هي ما وافق العقل والدليل العقلي

(1) المنهاج (/260- 261).

(2) الفتاوى (4/ 374).

(3) النهر الماد: تفسيرءاية الكرسي: (جزءا/ ص 254).

(4) ذخائر القصر (ص/ 32- 33) مخطوط.

ووافق التنزيه عن الجِسمية وصفاتها وعوارضهاوهـذا ما فهمه جمهور علماء الطوائف المنتسبة الى الإسلام.

وأما العلو الوارد وصف الله تعالى به فنذكر ما قاله الإمام أبو منصور البغدادي في تفسير الأسماء والصفات (1) ونصه: “والوجه الثالث أن يكون العلو بمعنى الغلبة، قال الله عزّ وجلّ “وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ ” (139/ سورة ءال عمران)، أي الغالبون لأعدائكم، يقال منه:علوت قرني أي غلبته، ومنه قوله عزوجل ” إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ (4) سورة القصص أى غلب وتكبر وطغى، ومنه قوله عز وجل:” وَأَنْ لَّا تَعْلُوا عَلَى اللَّهِ” (19/ سورة الدخان) أي لا تتكبروا، وكذلك قوله:” ألاّ تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِين “(31/َ سورة النمل) أي لا تتكبروا فإذا كان مأخوذا من العلو فمعنى وصف الله عز وجل بأنه عليٌ أنه ليس فوقه أحد، وليس معناه أنه في مكان دون مكان، وإن كان مأخوذا من ارتفاع الشأن فهو سبحانه أرفع شأنا من أن نشبّه به شيئا” انتهى كلام العلامة الهرري وهو نفيس جدا.

(1) تفسير الأسماء والصفات (ق/ 151).

تم بحمد لله، نقل الأدلة من القراءن والسنة وأقوال الصحابة وأقوال علماء الاسلام في تنزيه الله عز وجل عن مشابهة الخلق وأنه موجود بلا مكان لا يسكن السماء ولا يتحيز في مكان او جهة. نسأل الله أن يميتنا على هذه العقيدة ويحشرنا مع النبي وءاله وصحبه في جنات النعيم. والله أعلم واحكم.

كتاب غاية البيان: الجزء الأول | الجزء الثاني
Prev Post

Arabic Alphabets Key with Examples

Next Post

افتراؤهم على الشيخ عبد القادر الجيلاني

post-bars
Mail Icon

Newsletter

Get Every Weekly Update & Insights

Leave a Comment