كيف أعرف من على الحق؟

السؤال:
لقد كثر الكلام في العقيدة وصفات الله، فمنهم من يأخذ الآيات المتشابهة على الظاهر ومنهم من يؤول.. هل للأئمة الأربعة خلاف في العقيدة؟ هل الحنابلة والحنفية مختلفون في معنى الاستواء مثلاً؟ وكيف أعرف من هم على حق؟

الجواب:

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد،

السبيل لمعرفة الحق ومن على الحق التمسك بما عليه الجمهور أي جمهور الأمة الاسلامية. فعليك باتباع المذاهب الأربعة واياك والفرقة كالوهابية المجسمة وحزب الاخوان وحزب التحرير وزنادقة التصوف الحلولية.. تمسك بما عليه الجمهور، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وءاله وصحبه وسلم: “المتمسك بسنتي عند فساد أمتي له أجر شهيد” وقال عليه الصلاة والسلام: “عليكم بالجماعة، وإياكم والفرقة فإن الشيطان مع الواحد، وهو من الاثنين أبعد، من أراد بحبوحة الجنة، فليلزم الجماعة”.
وقال تعالى: (وَلاَ تَكُونُواْ كَالَّذِينَ تَفَرَّقُواْ وَاخْتَلَفُواْ مِن بَعْدِ مَا جَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُوْلَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ) لهذا دعوتنا للتمسك بالجماعة وما أجمعت عليه الأمة الاسلامية والحذر الحذر من الفرق المنحرفة وأفكارها الهدامة التي حذرنا منها الشرع الحنيف.

وأئمة المذاهب الأربعة مجمعون باتفاق على العقيدة، كلهم على نفس العقيدة في الله وصفاته، ليس منهم واحد من يزعم أن الله جسم أو يشبه الخلق أو قاعد على العرش أو يسكن السماء أو الجهات، كلهم ينزهون الله عن الحد والمكان والجسم. انما خلافهم كان في الفقه ولكل أدلته الشرعية وخلاف الأئمة رحمة للأمة. أما من خالف في الأصول أي في العقيدة، كمن يعتقد أن الله جسم، أو أن الله يسكن السماء أو الجهات، أو اعتقد أن النبي محمد ليس بشرا، أو أنه خلق من نور، أو أن النبي جزء من الله، أو أنكر نبوة أحد من الأنبياء، فهذا ليس بمسلم لأنه كذب القرءان والحديث والاجماع.

اجماع الأمة في العقيدة

وبالنسبة لعقيدة الأئمة الأربعة، فكلهم متفقون أن المجسم كافر.
 
قال الإمام الشافعي رضي الله عنه فيما نقل ابن المعلم القرشي عنه في كتاب “نجم المهتدي” ص ]551 [عن “كفاية النبيه في شرح التنبيه” ما نصه : ” وكذا من يعتقد أن الله جالس على العرش كافر” كما حكاه القاضي حسين هنا عن نص الشافعي رضي الله عنه” انتهى كلام ابن المعلم القرشي. والقَاضِي حُسَين مِن كِبَار الشّافِعيّة كَان يُلَقَّبُ حَبْرَ الأُمّةِ كَما كانَ عَبدُ اللهِ بنُ عَبّاس رضيَ اللهُ عَنهُمَا،وهوَ مِن الطّبقَةِ التي تَلِي الإمامَ الشّافِعيَّ وهُمُ الذينَ يُقَالُ لهُم أَصحَابُ الوُجُوه . وذكر ابن المعلم القرشي أيضافي ص ]588[ما نَصُّه :”عن عَليّ رضيَ اللهُ عنهُ قَالَ سَيَرجِعُ قَومٌ مِنْ هَذِهِ الأُمّةِ عِندَ اقتِرَابِ السّاعَةِ كُفّارًا قَالَرَجُلٌ يَا أَمِيرَ المؤمنينَ كُفرُهُم بماذَا أَبِالإحْدَاثِ أَمبِالإنْكَارِفَقالَبل بالإنكَارِ يُنْكِرُونَ خَالِقَهُم فيَصِفُونَه بالجِسمِ والأَعضَاء.”

وقال الإمام الشافعي رضي الله عنه أيضا: “المجُسّم كافر” ذكره الحافظ السيوطي في “الأشباه والنظائر” ص ]488[ والمشبهة مجسمة فالشافعيّ كفرهم.

وقال الإمام أحمد رضي الله عنه : “مَن قَالَ اللهُ جِسمٌ لا كالأجسَام كفَر” رواه عن الإمام أحمد أبو محمد البغدادي صاحب الخصال من الحنابلة كما رواه عن أبي محمد الحافظ الفقيه الزركشي في كتابه “تشنيف المسامع” [684/4]


وسُئِلَ الإمامُ أحمدُ بنُ حنبل عن الاستواءِ فقالَ: استَوَى كما أخبرَ لا كَمَا يخطُرُ للبشر.

وقال الإمامُ أبو حنيفةَ في رسالتهِ (الوصيّة) : ونُقِرُّ بأنَّ اللهَ على العرشِ استوَى مِنْ غيرِ أنْ يكونَ لهُ حاجةٌ إليهِ واستقرارٌ عليهِ.

وقال الامام مالك: “الاستواء معلوم والكيف عنه مرفوع”، وفي رواية: “والكيف غير معقول” أي الله منزه عن الكيفية.

وعلى هذا أجمع السلف والخلف، أي على تنزيه الله عن الكيفية “أمروها -أي صفات الله- كما جاءت بـــــلا كيف”. ومن وصف الله بالكيفية ولو قال كيفية مجهولة كالذي يقول: الله جسم ولا ندري كيف، أو الله له جوارح ولا ندري كيف، هذا يكفر لأنه شبّه الله بخلقه. الله منزه عن الجسم والكيفية. والكيفية هي صفات الأجسام، صفات الخلق من جسم وطول وعرض وحجم. والجسم والحجم هو ما كان محدوداً أي ما له حد سواء كان حجما صغيرا كالذرة أو كبيرا كالعرش، أو لطفيا كالنور أو الهواء أو كثيفاً كالحجر والشجر والبشر، الله لا يشبه شىء من هذا كله لأنه قال تعالى: (ليس كمثله شىء وهو السميع البصير).

قال الإمام أبو الحسن الأشعري رضي الله عنه في كتاب النوادر: “من اعتقد أن الله جسم فهو غير عارفٍ بربه وإنّه كافر به”

وقَد نَقَل الحافظُ تقِيّ الدّين السّبكي أنّ الأئِمّةَ الأربعَة قَالُوا بتَكفِيرِ مَن نَسَبَ الجهَةَ إلى اللهِ.

ونَقلَ ابنُ حَجرٍ الهيتَميُّ في كتابِه المنهَاج القَويم عن الأئِمّة تكفِيرَهُم للمُجَسِّم فقَالَ فيص ]144[ما نَصُّه: “واعلَم أنّ القَرافيَّ وغَيرَه حكَوا عن الشّافِعيّ ومَالكٍ وأحمدَ وأبي حَنيفَة رضيَ اللهُ عَنهُم القَولَ بكُفرِ القَائِلينَ بالجِهةِ والتّجسِيم وهُم حَقِيقُونَ بذَلكَ” اهـ

وذكر ملا علي القاري الحنفي في كتابه “شرح المشكاة”[137/2] إجماع الأمة على كفر من اعتقد أن الله تعالى في جهة. وقال محمود الخطاب السبكي في كتابه “إتحاف الكائنات”[2-3] بأن الإمام العراقي صرح بكفر معتقد الجهة وبه قال أبوحنيفة ومالك والشافعي وأبو الحسن الأشعري والباقلاني. ونقله عنهم أيضا القرافي المالكي وابن حجر الهيتمي الشافعي.

وقال الكوثري (1371هـ) وكيل المشيخة الإسلامية في دار الخلافة العثمانية في مقالاته ما نصه [231]: “إن القول بإثبات الجهة له تعالى كفر عند الأئمة الأربعة هداة الأمة كما نقل عنهم العراقي على ما في شرح المشكاة لعلي القاري” اهـ

أما الذي يعتقدُ أنَّ اللهَ جالسٌ أو مُستَقِّرٌ على العرشِ فقد وافَقَ اليهودَ في عقيدتهم الكفريّة. فاعلم يا طالب الحق والهدى أنه لو لم يكن دليل على كفر المشبهة المجسمة الذين يصفون الله بالمكان أو الجهة أو الجلوس أو الاستقرار على العرش أو فوقه والقائلين بالحركة أو السكون فى حق الله تعالى إلا قوله تعالى:ليس كمثله شئ ، لكفى.

Prev Post

تسجيلات القرآن الكريم كاملاً

Next Post

The Prophets and Messengers

post-bars
Mail Icon

Newsletter

Get Every Weekly Update & Insights

Leave a Comment