كيف خالف ابن تيمية الحراني السلف الصالح

كيف خالف ابن تيمية الحراني السلف الصالح
 
ليعلم أن كثيرا من الناس ظنوا أن القول بأن نوع العالم أزلي ليس مخلوقا لله وإثبات الحدّ لله والجسمية وتحريم التوسل بالأنبياء والأولياء بعد موتهم والتبرك بزيارة قبورهم هو عقيدة السلف وهذا غير صحيح ومخالف للسلف والخلف. لهذا دعت الضرورة إلى بيان حال ابن تيمية الحراني الذي كان سببا في إيهام بعض الناس ذلك وبذلك يظهر أن الأمر على خلاف هذا أي أن السلف كانوا على تنزيه الله عن الحد أي الحجمية بمعنى أن الله ليس له حجم أصلا أي ليس له حد في علم الله ولا فيما وصل إليه علم الخلق , وأن التوسل بالأنبياء والأولياء بعد موتهم والتبرك بزيارة قبورهم رجاء إجابة الدعاء عند قبورهم هو ما كان عليه السلف .

والإمام أحمد كان على خلاف ما أحدثه ابن تيمية وأتباعه , ومن الواجب كشف هذا التلبيس لبيان أن الإجماع انعقد على جواز التوسل بالأنبياء والأولياء بعد وفاتهم  وأن قصد قبورهم للتبرك ليس شركا ولا معصية وأن مس قبر الصالح للتبرك جائز ليس في ذلك شئ من الشرك ولا المعصية.

واعلم أن أحمد بن تيمية الذي هو حفيد الفقيه المجد بن تيمية الحنبلي المشهور ولد بحران ببيت علم من الحنابلة  , وقد أتى به والده الشيخ عبد الحليم مع ذويه من هناك إلى الشام خوفا من المغول وكان أبوه رجلا هادئا أكرمه علماء الشام ورجال الحكومة حتى ولوه عدة وظائف علمية مساعدة له وبعد أن مات والده ولّوْا ابن تيمية هذه الوظائف بل حضروا درسه تشجيعا له على المضي في وظائف والده وأثنوا عليه خيرا كما هو شأنهم مع كل ناشئ حقيقٍ بالرعاية ,وعطفهم هذا كان ناشئا من مهاجرة ذويه من وجه المغول , وكان من جملة المثنين عليه التاج الفزاري المعروف بالفركاح وابنه البرهان والجلال القزوني والكمال الزملكاني ومحمد بن الحريري الأنصاري والعلاء القونوي وغيرهم لكن ثناء هؤلاء غرّ ابن تيمية ولم ينتبه إلى الباعث على ثنائهم فبدأ يذيع بدعا بين حين وءاخر وأهل العلم يتسامحون معه في الأوائل باعتبار أن تلك الكلمات ربما تكون فلتات لا ينطوي هو عليها , لكن خاب ظنهم وعلموا أنه فاتن بالمعنى الصحيح فتخلوا عنه واحدا إثر واحد على توالي فتنه .

ثم إن ابن تيمية وإن كان ذاع سيطه وكثرت مؤلفاته وأتباعه هو كما قال فيه المحدث الحافظ الفقيه ولي الدين العراقي ابن شيخ الحفاظ زين الدين العراقي في كتابه الأجوبة المرضية على الأسئلة المكية: (علمه أكبر من عقله). وقال أيضا إنه خرق الإجماع في مسائل كثيرة قيل تبلغ ستين مسئلة بعضها في الأصول وبعضها في الفروع خالف فيها بعد انعقاد الإجماع عليها .ا.هـ

وتبعه على ذلك خلق من العوام وغيرهم فأسرع علماء عصره في الرد عليه وتبديعه منهم الإمام الحافظ تقي الدين علي بن عبد الكافي السبكي فقد قال في الدرة المضية ما نصه :[ أما بعد فإنه لما أحدث ابن تيمية ما أحدث في أصول العقائد ونقض من دعائم الإسلام الأركان والمعاقد بعد أن كان مستترا بتبعية الكتاب والسنة مظهرا أنه داع إلى الحق هاد إلى الجنة فخرج عن الاتباع إلى الابتداع وشذ عن جماعة المسلمين بمخالفة الإجماع وقال بما يقتضي الجسمية والتركيب في الذات المقدس , وأن الافتقار إلى الجزء _أي افتقار الله إلى الجزء_ ليس بمحال وقال بحلول الحوادث بذات الله تعالى وأن القرءان محدث تكلم الله به بعد أن لم يكن وأنه يتكلم ويسكت ويحدث في ذاته الإرادات بحسب المخلوقات وتعدى في ذلك إلى استلزام قدم العالم والتزامه بالقول بأنه لا أول للمخلوقات فقال بحوادث لا أول لها فأثبت الصفة القديمة حادثة والمخلوق الحادث قديما ولم يجمع أحد هذين القولين في ملة من الملل ولا نحلة من النحل فلم يدخل في فرقة من الفرق الثلاثة والسبعين التي افترقت عليها الأمة ولا وقفت به مع أمة من الأمم همة , وكل ذلك وإن كان كفرا شنيعا مما تقل جملته بالنسبة لما أحدث في الفروع ا.هـ كلام الحافظ السبكي

قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: إنّ النّاسَ إذَا رَأَوا المنكَرَ فَلَم يُغَيّرُوه أَوشَكَ أَن يَعُمَّهُمُ اللهُ بعِقَابٍ “رواه الإمام أحمد. كلُّ مَا حَرَّمَ اللهُ يُقَالُ لَهُ مُنكَرٌ ،وأَكبَرُ المنكَرِ الكُفرُ ، مَعنى الحديثِ أنّ النّاسَ إذَا رَأوُا المنكَرَ فَلَم يُغَيّرُوهُ أي فلَم يمنَعُوه أوشكَ أَن يَعُمَّهُمُ اللهُ بعِقَابٍ في الدُّنيا قَبلَ الآخِرةِ ثم في الآخرةِ أَيضًا لهم عُقُوبةٌ، أَوشَكَ مَعناه قَريبٌ،لأنّه فَرضٌ إنكَارُ المنكَر على مَن استَطاعَ

وبما ورد عنه  صلى الله عليه وسلم : (( حتى متى ترعونَ عن ذكر ِ الفاجِر ِ اذكروهُ بما فيه حتى يحذرهُ الناس )):

 رواهُ البيهقيُّ ,  وفي قوله عليه السلام

(( اذكروه بما فيه )): دليلٌ على جواز ِ ذِكْر ِ المُحَذر ِ منه بعينِه ِ والعلّة ُ في ذلك بيّنها رسولُ الله صلى الله عليه وسلم بقولهِ 🙁 حتى يحذَرهُ الناس ))

 اي ليخفَّ ضررُهُ . ومِنَ الغلط ِ الشنيع ِ قول بعض الجهّال عن التحذير من أهل ِ الضلال ِ بذكر اسمائهم هذا تفرقة ٌ للاٌمّة ِ إنما يكون هذا التحذير لمصلحة الامة  فإما أن ينكفَّ هذا الانسان عن فسادِه ِ وإِما أنْ يكُفَّ الناسُ عن الاصغاءِ اليه ِ.

قال ذو النون المصري
ما من كاتب الا سيبلى و يبقي الدهر ما كتبت يداه
فلا تكتبن بكف غير شيء يسرك في القيامة ان تراه

 
قد أورد كثيرا من المسائل التي خرج فيها أحمد بن تيمية الحراني عن إجماع الأمة الحافظ أبو سعيد العلائي شيخ الحافظ العراقي كما نقل ذلك المحدث الحافظ المؤرخ شمس الدين بن طولون في ذخائر القصر في صحيف69ـة من المخطوط قال ما نصه :

ذكر المسائل التي خالف فيها ابن تيمية الناس في الأصول والفروع فمنها ما خالف فيها الإجماع ومنها ما خالف فيها الراجح من المذاهب فمن ذلك : يمين الطلاق قال بأنه لا يقع عند وقوع المحلوف عليه  بل عليه فيها كفارة يمين ولم يقل قبله بالكفارة أحد من المسلمين ألبتة ودام افتاؤه بذلك زمانا طويلا وعظم الخطب ووقع في تقليده جم غفير من العوام وعم البلاء .

وأن طلاق الحائض لا يقع وكذلك الطلاق في طهر جامع فيه زوجته .

وأن الطلاق الثلاث يرد إلى واحدة وكان قبل ذلك قد نقل إجماع المسلمين في هذه المسئلة على خلاف ذلك وأن من خالفه فقد كفر ثم إنه أفتى بخلافه وأوقع خلقا كثيرا من الناس فيه وأن الحائض تطوف بالبيت من غير كفارة وهو مباح لها . وأن المكوس حلال لمن أقطعها وإذا أخذت من التجار أجزأتهم عن الزكاة وإن لم تكن باسم الزكاة ولا على رسمها .

وأن المائعات لا تنجس بموت الفأرة ونحوها وأن الصلاة إذا تركت عمدا لا يشرع قضاؤها وأن الجنب يصلي تطوعه بالليل بالتيمم ولا يؤخره إلى أن يغتسل عند الفجر وإن كان بالبلد وقد رأيت من يفعل ذلك ممن قلده فمنعته منه , وسئل عن رجل قدم فراشا لأمير فتجنب بالليل في السفر ويخاف إن اغتسل عند الفجر أن يتهمه أستاذه بغلمانه فأفتاه بصلاة الصبح بالتيمم وهو قادر على الغسل .وسئل عن شرط الواقف فقال غير معتبر بالكلية بل الوقف على الشافعية يصرف إلى الحنفية وعلى الفقهاء يصرف إلى الصوفية وبالعكس وكان يفعل هكذا في مدرسته فيعطي منها الجند والعوام ولا يحضر درسا على اصطلاح الفقهاء وشرط الواقف بل يحضر فيه ميعادا يوم الثلاثاء ويحضره العوام ويستغني بذلك عن الدرس وسئل عن جواز بيع أمهات الأولاد فرجحه وأفتى به .

ومن المسائل المنفرد بها في الأصول مسئلة الحسن والقبح التي يقول بها المعتزلة فقال بها ونصرها وصنف فيها وجعلها دين الله بل ألزم كل ما يبنى عليه كالموازنة في الأعمال .

وأما مقالاته في أصول الدين فمنها قوله : إن الله سبحانه محل الحوادث تعالى الله عما يقول علوا كبيرا , وإنه مركب مفتقر إلى ذاته افتقار الكل إلى الجزء وإن القرءان محدث في ذاته تعالى , وإن العالم قديم بالنوع ولم يزل مع الله مخلوق دائما , فجعله موجبا بالذات لا فاعلا بالاختيار سبحانه ما أحلمه ومنها قوله بالجسمية والجهة والانتقال وهو مردود .

وصرح في بعض تصانيفه بأن الله تعالى بقدر العرش لا أكبر منه ولا أصغر , تعالى الله عن ذلك وصنف جزأ في أن علم الله لا يتعلق بما لا يتناهى كنعيم اهل الجنة وأنه لا يحيط بالمتناهي وهي التي زلق فيها بعضهم ومنها أن الأنبياء غير معصومين وأن نبينا عليه وعليهم الصلاة والسلام ليس له جاه ولا يتوسل به أحد إلا ويكون مخطئا , وصنف في ذلك عدة أوراق , وأن إنشاء السفر لزيارة نبينا صلى الله عليه وسلم معصية لا يقصر فيها الصلاة وبالغ في ذلك ولم يقل بها أحد من المسلمين قبله , وأن عذاب أهل النار ينقطع ولا يتأبد حكاه بعض الفقهاء عن تصانيفه . ومن أفراده أيضا أن التوراة والإنجيل لم تبدل ألفاظهما بل هي باقية على ما أنزلت وإنما وقع التحريف في تأويلها , وله فيه مصنف ءاخر ما رأيت , وأستغفر الله من كتابة مثل هذا فضلا عن اعتقاده.ا.هـ

بعد هذا كيف يستجيز إنسان يدعي الإسلام تسمية ابن تيمية شيخ الإسلام؟؟  اللهم احفظنا..¸.•*

 
الله يلطف بنا ويغفر لنا والله أعلم.
Prev Post

Free Downloads 2 برامج مجانية

Next Post

Innovations of Guidance in Islam

post-bars
Mail Icon

Newsletter

Get Every Weekly Update & Insights

Leave a Comment