قال تعالى: (أَطِيعُواْ
اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن
تَنَازَعْتُمْ فِي شَىْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ).
إن الحمد لله
نحمده ونستغفره ونستعينه ونستهديه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات
أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له ومن يضلل فلن تجد له وليًا مرشدا وأشهد أن لا
إله إلا الله وحده لا شريك له، كان ولا مكان كون الأكوان ودبر الزمان، سبحانه
وتعالى ليس كمثله شىء وهو السميع البصير.
وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله أرسله الله بالهدى ودين الحق هاديًا ومبشرًا
ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرا، اللهم صل عليه وعلى ءاله
وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وبعد عباد الله أوصي نفسي وإياكم
بتقوى الله اتقوا الله حق تقاته فهو خير لكم وأذكركم بقوله عز وجل {واتقوا
يومًا ترجعون فيه إلى الله ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون} البقرة.
أما بعد،
{قال الله تبارك وتعالى { يرفع الله الذين
ءامنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات). ويقول
(قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون)
أي لا يستويان.
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
"من خرج في طلب العلم ، فهو في سبيل الله حتى يرجع" وقال صلى الله عليه وسلم
أيضا: "من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهل الله له طريقاً إلى الجنة، وإن
الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من
في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء ، وفضل العالم على العابد كفضل
القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء وإن الأنبياء لم يورثوا
ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم ، فمن أخذه أخذ بحظ وافرٍ".
وقد قال رسو الله صلى الله عليه وسلم:
"ان العبد ليتكلم بالكلمة لا يرى بها بأساً يهوي بها في النار سبعين خريفاً".
أي قعر جهنم، وهو مسافة سبعين سنة.
واعلم يا أخي المسلم أن الكفر هو أكبر ذنب يقترفه العبد وهو الذنب الذي لا
يغفره الله تعالى لمن مات عليه وهو يحبط جميع الحسنات. وهو ثلاثة أقسام كما
قسمها النووي وغيره من شافعيةٍ وحنفيةٍ وغيرهم: اعتقادات وأفعال وأقوال وكل
يتشعب شعب كثيرة:
1. الكفر القولي ومكانه اللسان كمن يشتم
الله تعالى أو الأنبياء أو الملائكة أو القرءان أو الكعبة أو دين الاسلام.
2. الكفر الفعلي كمن يُلقي المصحف أو
أوراق العلوم الشرعية أو أي ورقة عليها اسم الله تعالى عامداً في القاذورات.
3. الكفر الاعتقادي ومكانه القلب كمن
اعتقد ان الله تعالى يشبه شيئاً من مخلوقاته أو يعتقد أنه نور بمعنى الضوء أو
أنه روح أو أنه ملأ السموات أو الأرض أو أنه جسم ساكن في السماء أو قاعد فوق
العرش. فيجب على من وقعت منه ردة (أي كفر) العود فوراً إلى الإسلام بالنطق
بالشهادتين والإقلاع عمَّا وقعت به الردة، ويجب عليه الندم على ما صدر منه
والعزم على أن لا يعود لمثله. أجارنا الله وإياكم من الكفر ونسأل الله أن
يحفظنا ويرحمنا بجاه سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم.
فائدة: اعلم أنه يجوز التوسل برسول الله
في حياته وبعد مماته. والدليل ما رواه الطبراني وصححه من حديث عثمان ابن حنيف
أنه توسل الصحابة برسول الله في حياته وبعد مماته والحديث يسمى بحديث الأعمى
وهو دعاء الحاجة: "اللهم إني أسألكَ وأتوجَّهُ إليك بنبيّكَ محمَّدٍ نبيّ
الرّحمةِ يا محمَّدُ إنّي أتوجَّهُ بكَ إلى ربّي في حاجتي لِتُقضَى لي". وَيُسَمّـِى حَاجَتَهُ. اهـ.
نسأل الله أن يلهمنا
الصبر ويوفقنا لما يحبه ويرضاه.
"اللَّهُمَّ إِنّـِى أَسْتَخِيرُكَ
بِعِلْمِكَ وَأَسْتَقْدِرُكَ بِقُدْرَتِكَ وَأَسْأَلُكَ مِنْ فَضْلِكَ
فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلاَ أَقْدِرُ وَتَعْلَمُ وَلاَ أَعْلَمُ وَأَنْتَ
عَلاَّمُ الغُيُوبِ. اللَّهُمَّ إِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ
خَيْرٌ لِى فِى دِينِى وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى (أَوْ قَالَ: عَاجِلِ
أَمْرِى وَءَاجِلِهِ) فَاقْدُرْهُ لِى وَيَسّـِرْهُ لِى ثُمَّ بَارِكْ لِى
فِيهِ وَإِنْ كُنْتَ تَعْلَمُ أَنَّ هَذَا الأَمْرَ شَرٌّ لِى فِى دِينِى
وَمَعَاشِى وَعَاقِبَةِ أَمْرِى (أَوْ قَالَ: عَاجِلِ أَمْرِى
وَءَاجِلِهِ) فَاصْرِفْهُ عَنّـِى وَاقْدُرْ لِى الخَيْرَ حَيْثُ كَانَ ثُمَّ
رَضّـِنِى بِهِ".
والحمد لله رب العالمين.